أثار مقال الأخ العزيز خالد اسلي حول التسيب الذي يشوب مصحة الضمان الاجتماعي بوجدة والذي كان آخر ضحاياه وليس الأخير منها وفاة الدكتور المرحوم المشمول بعفو الله المسمى قيد حياته السيد عبد الكريم العرابي.مقال كله حزن وألم على أصحاء يدخلون مصحة الضامن الاجتماعي من أجل علاج بسيط ويخرجون داخل نعش.مقال كله حسرة وأسف ليس على قضاء الله وقدره, فكلنا إليها ذاهبون , مصداقا لقوله تعالى  » كل من عليها فان » وقوله تعالى  » وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور » الحياة الدنيا فانية والآخرة باقية.فإن كان كتب للمرحوم يوم وفاته فإنه ذلك اليوم والساعة والدقيقة والثاانية بالذات. ليس هناك مسلم يناقش أو يقنط من قضاء الله وقدره ,كلنا نؤمن بالموت وهولها ونطمح الى الجنة ونعيمها . ولكن……

    أن يلقى بشخص في بيت يدعى قسم الإنعاش وهو في الحقيقة استعداد للنعش,ومكان للاهمال والتسيب والفوضى والوسخ, هو ما يثير الانتباه والاستغراب. وعليه يمكن طرح التساؤلات التالية :

    – هل تتوفر هذه المصحة – التي تعمل بواسطة عرق جبين العمال الذين أفضوا حياتهم للبحث عن لقمة العيش وأداء اقساط أثقلت كاهلهم لأربعين سنة أـو أكثر- على دفتر للتحملات يمكن المسؤولين من الاطلاع على التزامات إدارة هذه المشرحة المفتوحة؟

    – هل هناك مراقبة لتتبع مثل هذه المصحات التي تبتز المرضى وذويهم وتفتري عليهم من خلال فاتورات مزورة مضخمة مخفمة؟

    – كم من مريض دخل المصحة ووافاه الأجل هناك ومع ذلك بقيت ادارة المصحة تبتز عائلته لعدة أيام, لتعلن لهم فيما بعد وفاته؟

    – لكل راغب في معرفة حقيقة هذه المصحة الذهاب في وقت متأخر من الليل ليعلم كيف تعمل المستعجلات؟ وكيف يستقبلون المرضى ؟ ومن يجدون في المداومة ؟

    – هل تملك هذه المصحة وغيرها مجلسا اداريا ومحاسبا يتتبع مداخيلها ونفقاتها ويسهر على مدى صحتها ؟

    –  لماذ تتميز هذه المدينة العريقة بل المنطقة الشرقية عموما بهذا التسيب لدى جل المصحات؟ خلافا لما يتواجد في العاصمة الرباط من حسن استقبال وأدب ومتابعة ومهنية وصدق في المعاملة ؟

     أسئلة كثيرة يمكن طرحها وأجوبة عدة لا جواب لها. بكل بساطة لأن هذه المصحة وغيرها ,كما هو حال التعاضدية العامة للتربية الوطنية المدعاة بوجدة « تعاضدية دندان » والمصحات الخاصة ,جلها تعمل على هواها وتستقبل المرضى وفق هواها وتحدد الفاتورات حسب هواها . فما لهذا الهوى لا هوى له ,أن يخدم مصلحة المريض ويداوي جراحه ويضمد ألمه ويقوى عزائمه ويخفف معاناته؟

    سمعنا وشاهدنا السيد وزير الصحة يتحدث بقرحة عن هذه المصحات التي عجزت وزارته عن مراقبتها ووقف ابتزازها ووضعها على السكة الحقيقية . ولكن لا بد من ايجاد صيغ قانونية لوضع هذه المصحات على النهج الصحيح بما يخدم مصلحة المريض ويحميه من جموحها ,ولابد من وضع حد لهذه الفوضى التي يذهب ضحيتها مرضى أبرياء.عندما تدخل فردا من عائلتك لمعانات بسيطة وتخرجه جثة هامدة .فما الذي سيعوض ألمك؟ إنه الفراق الأبدي , والوداع الذي لا لقاء بعده الى أن تقوم الساعة.نحن لا نحمل المعنيين فوق طاقتهم ولا الأطباء فوق ما يقدمون. لكننا نطالب بوقف العبث والفساد واللعب بأرواح المواطنين. صحيح يصعب تحديد المسؤولية ولكن يمكن تفادي تضخم الأضرار عن طريق المراقبة والمحاسبة والعمل على إيجاد ضمانات تحمى المواطن من عبث هذه المصحات التي طالت يدها خارج الحساب والعقاب.

   اللهم يا مبدل الأحوال بدل أحوالنا بما يحمينا من عصابات الفساد. ويا مقلب القلوب ارحم فقيدنا واجعل قبره روضة من رياض الجنة , وارزق ذويه الصبر والطمأنينة , وإنا لله وإنا إليه راجعون.