Home»Régional»البحث عن حجة للحجاج

البحث عن حجة للحجاج

0
Shares
PinterestGoogle+

البحث عن حجة للحجاج

انه الحجاج بن يوسف الثقفي حاكم بلاد العراق، و ليس غيره- اتخذناه مثالا في التاريخ، نتدارس من خلاله الإشكالات القابعة في العقل العربي المسلم منذ الأزمة- أزمة أسموها كبرى، لكن الأكبر و الأدهى منها، هو تفاعل العقل مع الموروث-
و قلت في الحلقة الرابعة بخصوص عقوبة الإعدام ما يلي :— يحظرني هنا المثال المعروف، الذي نتصادفه كلما حاولنا نقد العقلية العربية المسلمة، و هو مثال ما جرى ما بين العالم سعيد بن جبير و الحجاج-
هو اسم على غير مسمى، أراد الحجاج إعدام العالم الذي استنزفه كل الأدلة و البراهين، فقال وجهوه لقبلة المجوس، كي يجيبه العالم ״أينما تولولون فثم وجه الله״، و قبل إعدامه أمر بإحضار الطبول فبكى العالم ثم قال له ذلك الآخر ما يبكيك؟ فقال تذكرت ״يوم ينقر في الناقور فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير״-

اجل غير يسير، و ما زلت ابحث لي عن بصيص من الحقيقة فيما يقول الكثيرون و معهم الحجاج، الذي كان يقول في آخر أيامه اللهم اغفر لي فإنهم يدعونك أن لا تغفر لي- فلا أجد لي و لا حجة أمام الركن الركين الذي يقول ״ و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزائه جهنم خالدا فيها، و غضب الله عليه، و لعنه، و اعد له عذابا أليما״، هذا هو الزخم الحقيقي عندي!!- ثم يضيف المصطفى عليه الصلاة و السلام في حديث قدسي ״يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي و جعلته بينكم محرما فلا تظالموا״-

طبيعي أن تولي النخبة قبلتها إلى الغرب٬ و تبحث عن الزخم الدولي !- طبيعي أن يعتقد الحجاج أن الوجهة إلى قبلة المجوس تحرم الضحية من الرحمة٬ طبيعي لأننا نعبد القبلة-
لا أجد لي قلت مبررا و لا صيغة للتوبة و الغفران، لذاك الذي يتدخل في الإرادة الالاهية عن طريق القتل، و بظلم حتى، فالأصل ״ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون״، لكي يأتي الحجاج و من مثله، ينظرون ﴿من التنظير﴾ بلا حجة و لا بيان لمسالة التوبة و الغفران، التي كما قلت اتخذنا منها بابا نفتحه على مصراعيه، و كأنه بيت آبائنا لا ادري —!؟ قلت إذن هي مشكلة التفاعل مع الموروث-
و لكن سأتجنب مسالة التوبة و الغفران لأننا نسلم من البدا باختصاص الله بها وحده-
و إذا كان الأمر كذلك فالذي لا يحق هو الاختفاء وراء الفتنة، و الخروج عن الطاعة، و البغي، و الردة، و دواليك دواليك–
لأننا إن فهمنا جليا عدم وجود تأصيل لعقوبة الردة مثلا، سنفهم بالتتابع كيف يتم لباس الشريعة، من اجل المرور إلى الأهواء-
و عليه، فان الذي يتخفى وراء الشريعة أولى أن يفضح أمام الملا يوم لا ظل و لا حجاب-
بل لا أجد لي فهما كيف غاب عن الحجاج أن وجه الله أينما وليت الضحية، و انه و إن كب رأس سعيد في الأرض، فانه ״منها خلقناكم و فيها نعيدكم و منها نخرجكم تارة أخرى״، لا ادري كيف غاب كل هذا عن بال حاكم العراق؟
عراق، حكم على أهله بالشقاق و النفاق، و لربما كان صادقا لأنهم لم يذكروه بما فيه على الأقل، بل مات هو من بعد ما قتل من علماء ورعية، لكي يولد من رحم التاريخ أمثاله، إلى أن شهدنا و إياكم كيف يحرم الرجال شرف القتال، كيف كانوا اسودا على إخوانهم!، لكي يقطف بوش رؤوسهم لما أينعت، و لا ندري الى ما ستصير—؟
ما نعرف فقط٬ أن التاريخ لا يرحم٬ و حتى نكون منصفين نحن بدورنا٬ سنفرض جدلا أن العالم سعيد بن جبير قد أخطا و لم يصب٬ و انه أثار الفتنة كما يقول المفتونون٬ لكن ״الفتنة راقدة ملعون من أيقضها״ و سعيد هذا اعلم بذلك٬ ثم إنها في الحقيقة لا تثار من داخل المدارس٬ بدليل أن الشرطي اخذ المعني من مدرسته ٬ و الذي نعرف في كل التاريخ و الأقطار، أن المدارس لا تنضج فيها إلا الأنوار-
إلا انه و إن أخطا سعيد جدلا، فانه لا يسوغ لحاكم العراق، أن يفقد صوابه عند التقارع معه، فكما أن الشديد ليس بالصرعة فهو أيضا ليس بمن في يده السيف، إنما بمن يملك نفسه عند الغضب، و من يملك الفكر-
لا يسوغ لابن يوسف أن يولي مؤمنا قبلة المجوس، بعدما ولي هو إمارة العراق، كما لا يسوغ له و لمن ولاه أن يكب رأس العلم على الأرض، فلو كان يعلم الحجاج أن قتل العلماء سيخلف له شعب النفاق و الشقاق، لما قتلهم و لنفاهم إلى الهند و السند اللتان فتحهما، و لأرسل معهم ذلك الشعب، كي يبقي و صولجانه يفعل بنفسه ما لا يفعل سعيد به-

رسالة فرنسا
سمير عزو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *