عن عقوبة الإعدام ـ 3 ـ
عن عقوبة الإعدام الحلقة الثالثة رأينا كيف أن درجة تحظر المجتمعات٬ تتجلى من خلال القانون الجنائي و كيفية التعامل مع المجرم و الإجرام٬ ثم تطرقنا للون الديني للعقوبة٬ ثم المبررات المعتمدة من طرف التيارات المتجاذبة حول عقوبة الإعدام- إلى أن طرحنا السؤال حول الاعتبارات الدينية٬ التي قد تختلط علينا و نحن نريد فهم الأصل الشرعي لهذه العقوبة يعتقد الكثيرون أن في تطبيق عقوبة الإعدام تطبيق للشريعة!!- و يوردون مثال الردة أو الخروج عن الدين و هذا كله هراء و خلط!!، ذلك أن الإسلام يحمي الكليات الخمس، و منها الحياة- فلا يعقل أن يلوم بني إسرائيل على قتل النفس التي حرم الله لكي يحلل ذلك داخله، و قوله تعالى ״ إلا بالحق״، كان للأسف بابا كثيرا ما استعمل في التاريخ إلى الآن- و باختصار شديد لا توجد و لا آية واحدة من الذكر الحكيم تقول بقتل من غير دينه، غير أن هناك حديث واحد يقول ״من غير دينه فاقتلوه״٬ و هو حديث آحاد ٬ العلماء الأصوليون لا يأخذون في مادة الحدود بالآحاد٬ أما قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين فهو لمنعهم الزكاة و ليس شيئا آخر٬ ثم يضيف المفكرون المعاصرون أن حقيقة الدين مع حرية الاعتقاد٬ إنما حمل السلاح ضد الدين فهو الذي يستوجب القتال و القتل- طرح ادعمه للنهاية خصوصا إذا ما رجعنا لسورة الكهف حيث ״و قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن و من شاء فليكفر״ أضف إلى ذلك ما قاله سيد قطب رحمه الله، أن رب العزة لا يحتاج لان يتواضع إلى مستوى البشر كي يؤمنوا!!- إن فكرة الإعدام و ربطها بالخروج عن الدين إنما هي للحفاظ على النظام العام الإسلامي٬ و الدولة الفتية التي بدأت في المدينة المنورة٬ لكي تبقى فيما بعد للأسف حصان طروادة يستغلها كل من شاء تصفية الطرف الآخر- تارة يقال انه خروج عن الدين٬ و تارة خروج عن الطاعة او فتنة٬ و لا ادري إلى ما؟٬ بل الخارجون عن كل فهم و منطق يصفقون لأسيادهم ضنا منهم انه تطبيق للشريعة و لكن في الاخير كل فيها- قد يقو٬ل قائل انه زمن التخصص٬ هذه مادة لا دخل لعلم العقوبات فيها٬ و لكن أقول كان سيكون مفيدا و جميلا لو أثار علماؤنا الأفاضل هذه الإشكالات بدل الانشغال بملاحقات كل محاولات التفكير غير المألوفة و المعروفة- ثم بعد٬ فان العقوبات في الشريعة أو ما نسميه الإعدام مثلا يطبق في النظام الإسلامي على الحرابة و البغي٬ كما يرجم المحصن الزاني حتى الموت٬ بل يلقى مرتكب اللواط من اعلي مكان ليسقط فيموت٬ أضف إلى ذلك قتل الساحر لتكييف السحر بالشرك- كل هذا للردع من ارتكاب جرائم معينة تنخر في المجتمع إلى نخاعه٬ إنما لا يسوغ إسقاط مقاربات مادية علمانية على ما هو وحي منزل٬ و كما يقول أستاذي الفاضل محمد الملياني ״من الصعب بمكان محاولة فهم ما هو ديني باستعمال الفلسفة أو منهج المقارنة- في الولايات المتحدة الأمريكية تطبق عقوبة الإعدام على أربعة أوجه عن طريق حقن سائل قاتل في الدم، و الكرسي الكهربائي، و الحجرة الملئى بالغاز السام، و أخيرا حبل المشنقة- رجوعا إلى تفاعل النخب المغربية مع ما أسموه الزخم الدولي لوقف تطبيق هذه العقوبة، فإننا نلاحظ من الأصل الهوة التي ما بين مجتمعنا و القانون الذي يحكمه، يعني إذا كانت الأقوام الأخرى تناضل من اجل تحيين قوانينها، فنحن لا زلنا ننادي بتطبيق ما وجدنا عليه آبائنا الأولين من قوانين- و يأتينا أجيال المثقفين من خارج الوطن، كل يغني على ليلاه!٬ و لكن للأسف نحن في حقيقة الأمر نقفز على المراحل٬ و نريد اللحوق بالركب و لكن!! يجب الانطلاق من الأرضية الصلبة و من الذات أولا٬ صحيح أن القضية هي إنسانية و عالمية إنما لا يسوغ أن نختفي كذلك وراء الخصوصية و الشريعة أو الدول التي مازالت تطبق هذه العقوبة- في فرنسا بعد الثورة عمل مفكرو الأنوار على التأثير في الرأي العام٬ من اجل وقف الإعدام ٬فلم يصلوا إلى ذلك إلا بعد قرنين من الزمن- أما عندنا فيبدو البحث عن رأي عام أولى و أحرى- لا أقول هذا من موقع المستلب أو لمقارنة اللامقارن و لكن لان الموت واحد و الإعدامات تختلف- ؟ يتبع في الحلقة الرابعة رسالة فرنسا عزو سمير
Aucun commentaire