يا ليتها تقرا كل الجرائد من الخلف كي نتقدم

عرفت العرب الاقحاح بسرعة الفهم و بديهة البيان؛ فكان إذا ما أراد الواحد منهم رفع همة من معه، أشار عليهم بالنظر إلى آخر القوم الذين يواجهونه- كما كان وطيس المقارعة بين الأدباء كثيرا ما تنهيه في الغالب أبيات شعرية مؤداها ׃ أن سيأتيكم بالأخبار الأواخر!!-
و انتقلت إلى تفحص ما تحويه الثقافة المغربية من هكذا قصيد٬ فوجدتنا نقول بالامازيغية "لخبار انكارو"٬ لذلك كله فهمت أن الأمور بخواتمها٬ كما أن عبرة الأشياء بجوهرها-
جميل أن ننتقل من ترقب الظلام بعدما صارت "الصباح" مساء- و من سواد النظارات التي تخفي احمرار العيون الباكية على "المواطنين الأيتام"٬ إلى عد و تفقد صفحات الجريدة؛ لكي نكتشف في الأخير أن مائة و ثمانون ألفا من القراء المغاربة فعلا أصبحوا يقرءون مساءهم في الصباح من خلف؛ يعني أن عمود القلم البتار استحوذ عليهم و أن الظاهرة الشوفينية أصبحت بل أمست مادة جاهزة للكتابة و النقد-
و لكن حبذا لو يكون نقدنا بانيا على شكل عمود مكتوب
و عجبت كيف أن جرائد الزوايا السياسية عفوا الأحزاب!٬ كانت منذ خمس عقود تقرا كلها من أولها٬ لكي لا تقنع في الأخير حتى عشرون في المائة من أصحاب الحق في الانتخاب
كانت الجرائد تقرا من أولها٬ ليصير الشعب في آخرها٬ لا يفهم إلا الهجرة و الترحال و لا ينتظر الا الوينستراينيون و المونيغرام
كانت تلهينا الجرائد بسرد جرائم السرقة و الدعارة٬ لنكتشف في الأخير أن هناك بطالة و عطالة
و كانت تتزين في الأكشاك بكل الألوان الزاهية المنمقة٬ كي يصيبها البوار في الأخير و يئول مصيرها إلي بائع الحمص يسترزق بها الله٬ و يعمل بها قراطيس أكثر و ابلغ تعبيرا من تلك الكلمات فيها
إلى ههنا نقف و نسال بموضوعية و إخلاص׃ هل من شيء ابلغ في الكتابة و القراءة إلا الفهم و الاعتبار!؟٬ ألا يكفي في الجرائد أن تقرا من عمودها أو وتدها إلا الأمانة و الصدق!؟؛
و بالتالي٬ يا ليته كانت كل الجرائد تقرا من آخرها٬ كي تحشد الحشود فيستوي عمودها بحب القراءة نتعلم كيف نتقدم-

سمير عزو
من فرنسا
Samir.azzou@caramail.com