صبايا العرب النصف الأعلى إقرأ ، والنصف الاسفل روتان1ا
الأصالة والمعاصرة في الثقافة والفن والفكر العربي ، أسالت وما تزال مدادا لن يجف قبل قرون و طالما هناك حياة ، لكن ، حينما يتعلق الأمر بهذه الازدواجية على مستوى اللباس، في ارتباطه الملتبس بالدين ، و بالجسد الأنثوي كامل الإغراء ، بما يحمله من فتنة وسحر وجاذبية ، وبما يكتنفه ،من غموض والتباس في علاقته بالمقدس الأمر سيختلف بالتأكيد .
الموضة تربك ، وتجنن في تواتر إيقاعها، في تفاعلها مع أوساط محدودة الثقافة ،محدودة الاطلاع في أمور الدين والسياسة ، فتتناسل الأسئلة وتتخضب ، وبواقعية ملزمة ،تطرح نفسها بإلحاح : كيف تختار المتحجبات ملابسهن، وكيف ينتقين ماكياجاهن، ومادتهن الغنائية ؟ وما علاقة الموضة بذلك؟ ماراي الدين ؟ وما موقف الحداثة من ذلك؟
يقول " م ك" باحث سوسيولوجي :
لقد باتت أذواق وملابس جيل من الشباب والشابات المغاربة وعرب ، تحديدا في العشر سنوات الأخيرة ، ضمن دائرة الفتوى الدينية الضيقة ، حيث لم تبارح منطقة التحليل والتحريم ، لكن بشكل جبري وغير مسبوق ، مما جعل الوضع أحيانا خارج نطاق السيطرة او تصنيف بعينه ،لقد غدا الأمر واقعا صارخا ، وواقعا جاذبا لا يرتفع ولا يعلى عليه.
ويرى " ج ل" فاعل جمعوي :
إن الحجاب المدوجن ، والأناشيد الدينية ، المصحوبة بالارك ، تقليعة عولمية جديدة بقدر ما تستفز البعض ، فهي لم تعد تقلق البعض الآخر ، اليوم ، لكن ، لماذا نحن العرب فقط من نتحول 180 درجة كلما هب نسيم شرقي او غربي ؟ لماذا نحن العرب فقط من نفتتن ونسحر هكذا خارج إرادتنا ، ولا نتحكم في تصريف رغباتنا وشبقنا كبشر ، والى متى تظل الأنثى بالنسبة لذاكرتنا ، مجرد فخد ، وقبلة ،ولذة ، وتسريحة شعر تدخل الجنة أوالنار ، والى متى تظل شهواتنا خارج الجدل العلمي ،والتفسير الديني الرصين ؟
وبين التأييد والمعارضة ، لا حياد ، فقط ، وجهتنا ،الزمن العام ، حيث تنغل شوارعه ومقاهيه ، ردهات معامله ، ومكاتبه الإدارية والخدماتية ، مؤسساته التعليمية بمختل الأسلاك . هدفنا ، ظاهرة المتحجبات المتدجنات ، نتقصى واقعها كتقليعة مغربية عربية بامتياز ، سنتحدث بنفس طويل ، سنلتقط رجع صدى الظاهرة في الشارع العام ،كما في مكاتب الزملاء والمهتمين ، لن نختلق تفاصيلها ، كما لن نختزلها ، ولن نستثني رأي الفقهاء ورجال الفكر ، سنتحرى موقف الإسلام من ذلك ، ليس لترف ما ، وإنما لكون الظاهرة أضحت موضوعا يستأثر باهتمام الناس ،فبينما يرى البعض أن الأمر : جريمة لم يرد بها نص ،وتدخل في باب من أبواب العقوبات اسمه " التعزير" وهو أمر متروك لتقدير القاضي الشرعي حسب فصول الواقعة والظروف المحيطة بها والدوافع نحو ارتكابها، يرى البعض الآخر في التحجب المدجن ، مجرد ستار لحجب ممارسات غير أخلاقية ، فيما يميل البعض الآخر الى الاعتقاد بان الموضة تفتن وتسحر ..ويتساءل في حيرة : عن أي حجاب نتحدث؟ الأفغاني أم الإيراني السعودي أم البوسني المغربي أم اليمني ؟؟؟
وبين التطرف والمغالاة ، والاعتدال المتنور ، تتعشى الموضة وتتعرش ، لكن عندما يقحم الإسلام كطرف ، يجيز البعض ، ويقلق راحة البعض الآخر إسهال الفتاوى التي تقطع ، والتي تجيز ، التي تعتدل والتي ترفع السيف ،من وجهة نظرنا ، الظاهرة ما تزال في حاجة ماسة الى تأمل ناضج والى مقاربة متخصصة . بعيدا عن المقاربة الوصفية ذات البعد الواحد ، التي نحن بصددها الآن.
طيب…لنتأمل المشهد التالي :
شابة محتجبة أي تضع فوق شعرها غطاء رأس، وماكياج مثير ، وترتدي تيشورت لاصق مع بنطال جينز ، تدلت سفا سفه بفوضى على كعب عال .
شابة محتجبة ببوذا اصفر نصف كم ، تطل من نافذة مقهى تتصفح مجلة مهترئة ، وبين الفينة والأخرى تمتص لفافة تبغ بإغراء .
محتجبة في الثلاثينات ترتدي سروالا ابيض لاصقا ، مفاتنها تظهر ، وتضع فوق شعرها غطاء تنزعه من موسليم شفاف بمجرد ركوب الحافلة ، والابتعاد عن محل سكناها .وترتد ي لونا آخر بعد الظهيرة ،تبعا لانسجام الألوان.
سيدة متحجبة تبيع السجائر بالتقسيط ، وتمرر بين الفينة والأخرى لفافة مخدرات لإحداهن ، وقد بدت في كامل أناقتها ، بما في ذلك غطاء الرأس .
لقد أضحت الموضة توحد الأجيال من كل الفئات والأعمار ، من تلاميذ الابتدائي وطلبة الإعدادي والثانويات، وكدا المؤسسات الجامعية مرورا بمستخدمي الشركات والمكاتب الإدارية والخدماتية العامة .
الشارع العام أضحى شاشة كبيرة مفتوحة على عروض أزياء في الهواء الطلق ، لكن للمشاهد الانثوية إغراء من نوع خاص ، تغري بالسؤال وترمي بالدهشة على عتبة الكلام . كائنات بشرية مختلفة الأشكال والألوان والأحجام تبدو مدجنة ومعدلة وراثيا ،همها الوحيد ، إغراء الآخر وإثارة الجمال ، و إبراز المفاتن ، حتى أصبح الشارع العام طعم بحجم الغواية ، وتتفاقم الدهشة في رمضان الفضيل .
سواء كنت في محل تجاري، او مررت بجانب مخدع هاتفي ، فان المشهد نفسه يتكرر ، شابات في عمر الزهور شدت سراويل الدجين سيقانهن بفوضى خلاقة ، تظهر مفاتنهن وتكاد تكشف عن عدد شعيرات العانة في الكثير من المشاهدات، لكن الغرابة تأتي كون رؤوسهن مشدودات بفولار شفاف يعصر بقوة أعناقهن الى حد الاختناق أحيانا .
هل تؤيد أيها القارئ ؟ أم تعارض هل تستثني ؟لكن بالتأكيد لديك وجه نظر .؟
عزيز باكوش
4 Comments
بسم الله الرحمان الرحيم وبعد،
الواقع أن الباحث لم يناقش الأسباب الكامنة وراء ظاهرة الإنفصام هذه او التي تبدو كذلك
،فكل ما استرعى اهتمامه انموذج الشابة الفقيرة التي تصارع من اجل البقاء وسط غابة من الوحوش الكاسرة التي لم ترحم ضعفها ،و مجتمع متأسلم منافق و خسيس لم يوفر لها البديل!هذه الفتاة صورة لواقع مجتمعنا العفن المقزز …لا أشك لحظة في حسن نية صاحب المقال أعلاه ،فهو في قرارة نفسه يتحسر على هذا الواقع و يشعر بضعف شديد مثله مثل قارئ المقال و المعلق عليه ،لماذا تسير الأمور هكذا ؟ لماذا افلس مجتمعنا و لم يعد قادرا ان يلد من رحمه الجمال ،لماذا كل هذه البشاعة من حولنا و لا نحرك ساكنا؟طبعا الكل قادر على الإجابة !إنه مشروع عشرة ملايين سائح يجب ان نوفر لهم جوا مفعما بالسحر و الإثارة ؛و الكل لا يمانع في ذلك فالأخ الأكبر يحصل على نصيبه من المال و الوالد يذهب إلى الحج من هذا المال …إذن أيها الباحث الكريم ارحم هذه الفتاة من مقالاتك التي لا تقدم و لا تؤخر.
حجاب العصر و المودة و القهر و العبثية و عدم احترام الشرع و الدين الذي إفترض هذا الحجاب لغاية نبيلة و بأوصاف معينة تحفظ بها المرأة كامل أنوثتها حتى من العيون المتلصصة عليها فهذا خو حجاب العهد الرسالي , و حجاب ما بعد ذلك لسنوات خلت , الى أن صرنا في هذا العصر عصر العولمة و الإنفتاح الزائد على العالم بكل سلبياته و ايجابياته , فتفنن العالم في فن وضع الحجاب و أخضعوه للتغييرات حتى يواكب الوقت و العصر .و التجات الى هذا الحجاب كثير من النساء و حتى الفنانات فلم يكتفين بإظهار وجوههن و أيديهن كما في الخديث الشريف, بل تعدينه و أظهرن كل جمالهن المصنع بأشكال من الماكياجات التي لم يستغنين عنها و هن متبرجات .
و حذت حذوهن بنات الثانويات و طالبات الجامعات فلا تكاد تميز المحتجبة فعلا و قولا من التي سعت لهذا الغطاء لغاية في نفسها الله أعلم بها , و الأدهى و الأمر هذه الملابس الضيقة التي يلبسونها التي تصف و تشف كل شيء و و طلاء الوجه بكل الألوان و أما نتف الحواجب فحدث و لا حرج فحتى بنات الإعداديات اللواتي لم يخرجن من البيضة كما يقال صرن يمارسنه و بكل حرية و عدم رقابة لا من أولياء الأمور و لا من الأساتذة الأجلاء فرفقا بالقوارير يا أصحاب القرار .
الفاضل البشير الاخ الكريم تحية عطرة
اميل سيدي الى اعتبار ملاحظتك قيمة مضافة ، قد تعزز تصوري في انجاز الاجزاء المتبقية من التحقيق
شكرا لك اخي بشير
مودتنا تلزمنا
عزيز باكوش
حالنا كحال الغراب الذي اراد تعلم مشية الحمامة ففقد مشيته وضاع بين المشيتين تائها.فتياتنا ونساؤنا ضحايا ضحالة الفكر المتقوقع الغرق في الحلال والحرام ،ورغبتهن في تحقيق ذواتهن وان يكن انفسهن،في ظل ثقافة اجتماعية منافقة بامتياز،فعبرن عن ذلك بالشعار الذي يرفعنه ولو بصوت خافت ولكن بفعل لافت الا وهو :اقرافي الاعلى وروتانا في الاسفل.وحبذا لو طبق الشعار فعلا لامظهر في شطره الاول …