النفس والعقل ( الحلقة الثانية )
النفس تتبع الهوى وتأمرـ بل هي أمارة ـ بالسوء إلا ما رحم ربي , وما النفس في هذه الحالة إلا العقل الأدنى مستوى ، أي ذلك العقل المسجون في الدماغ المقيد بما تمده به الحواس فقط من معطيات بسيطة وشهوات مهلكة . ومن النفوس نفوس تتمكن بإذن الله السميع العليم من إدراك درجة الاطمئنان والسكينة ، وما النفس في هذه الحالة إلا العقل الذي هو كنه الإنسان والمسمى الفؤاد الذي يستجيب لأوامر الدين ، أداة معرفته " البصيرة التي لا تخطئ " قال تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله )البقرة / 282. إنه المستوى الفطري الصافي غير الخاضع للزمان والمكان القابل لإمكانية تلقي الخطاب المباشر من الحق جل وعلا حين الموت : ( يا أيتها النفس المطمئنة ، ارجعي إلى ربك راضية مرضية ) سورة الفجر / 27 ـ 28 . وإذا كان الجسم يحيى بحياة النفس ـ أي عقل الدماغ ـ فإن عقل الفؤاد أو القلب لا يحيى بنفس حياة الجسم بل أساس حياته الروح . ويقول الله ربي وربّ كل شيء : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) سورة الإسراء / 85 .
وعقل الدماغ منذ أن يولد الإنسان وهو في حالة تصاعدية حتى الموت تماما كما يكبر جسم الإنسان. وهو عقل دوره ليس مرشدا بل هو قوة تسجل معرفة الإنسان في دماغه , و لو كان هذا العقل مرشدا لما عاش الإنسان جهلا و لما اختلفت القوانين عند الشعوب كلها و لما اختلفت الأفكار و العقائد , لأن الإنسان شيء واحد ، ومنذ القديم كان أنسانا و لم يكن يوما ما حيوانا !
إن المرشد هو الدين وهو مصدر العلم الحقيقي . والإنسان إنسان بعقليه معا كما رأينا :
ـ عقل دماغ مصدر معرفته نسبية ومتغيرة بتغير المادة ومما يأتيه من الحواس فقط ، إذ هو سجين الجسد وعليه غشاوة المادة ، تنشطه الغرائز و الشهوات لذلك يطلق عليه مصطلح : النفس !
ـ عقل فلب أو فؤاد ، خلق في أحسن تقويم ويستمر ويتصاعد كلما كان الإيمان والطهارة ، وينقطع عنه حبل العلم ويران عليه متى سقط في ظلمة الجسد وانغمس في الآثام والفواحش .
و الله سبحانه وتعالى أعلم وهو يُعَـلم من يشاء ولا يُشرك في حكمه أحدا .
2 Comments
السلام عليكم أشكرك أخي الكريم على هذا الطرح الموفق الهادف والذ تريد منه وجه الله من دون شك .وأريد أن أن أشاركك بإدلاء رأيي عسى أن أثري الموضوع : أخي الكريم كل مولود لابد له من موت,وكل بداية لا بد لها من نهاية هذا ما يقتضيه ناموس الله ,وقوانينه وسننه .ومن ثم فإني أخالفك الرأي في قولك : (وعقل الدماغ منذ أن يولد الإنسان وهو في حالة تصاعدية حتى الموت ) فربنا عز وجل قضى أن يبدأ النقصان لكل شيئ إذ ما قدر له أن يصل إلى التمام ويشهد على ما أقول قوله تعالى {…ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا …} فبحك التجربة يبدأ النسيان يهاجم الإنسان مباشرة بعد أن يبلغ رشده ويبلغ الأربعين ثم بعد ذلك تأتي سن الستين وما بعدها وبدأ معه سن ما يسى (بالخرف) التي عبر عنها مولانا تعالى بأرذل العمر …واسمح لي إن كنت لم أفهم مرادك وقصدك من قولك الذي رأيت فيه خلاف مارأيت فالموضوع طويل وشائك ولقد سبق لي أن تطرقت في مقالات سابقة تحت عنوان العقل بين الكفر والإيمان إلى بعض جوانب العقل .أشكرك مرة أخرى على الموضوع واهتذر منك إن كنت أسأت الفهم والسلام
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أشكر الأخ الكريم على مساهمته التي يريد منها وجه الله بالتأكيد، غير أن الفكرة غير واضحة تماما أو أنها بسيطة فعقدها الأخ الكريم — النفس هو الدماغ والروح هو القلب — وهذا طرح تبسيطي وشائع يحتاج من المفكرين المسلمين المزيد من البحث والتدقيق.
والله ولي التوفيق