مراجعات: حوار مفتوح مع الإسلاميين حول نظرة الإسلام إلى المرأة
مراجعات
" حوار مفتوح مع الإسلاميين حول نظرة الإسلام إلى المرأة"
ذ. أحمد الجبلي
لعل الكثير من أبناء الحركة الإسلامية لا يستسيغ ما جاء به الشيخ عبد الحليم أبو شقة، رحمه الله، رغم أن هذا الأخير لم يعتمد في كتابه " تحرير المرأة في عصر الرسالة" إلا على الأحاديث التي اتفقت الأمة على صحتها أي التي وردت في صحيحي البخاري ومسلم. وقد عالجها بمنهج علمي رصين، وبتحليل لا تعوزه الحجة والبرهان. وقد أشار الشيخ الجليل محمد الغزالي رحمه الله في مقدمة الكتاب إلى هذا بقوله: وددت لو أن هذا الكتاب قد خرج إلى الوجود منذ عشرين سنة" وهي إشارة إلى المواقف الرجعية التي كان يتبناها الإسلاميون في مصر والتي عانى منها الشيخ الغزالي الشيء الكثير. وبما أن الحركة الإسلامية في مصر تعد أم الحركات الإسلامية في العالم فلا غرابة إذن إذا وقع نوع من التأثر بالمواقف التي لا تعتمد على سند صحيح بما فيها الموقف من الكثير من القضايا المتعلقة بالمرأة. ولم يخفى عن "أبو شقة" نفسه المواقف المتردية والمتخلفة للكثير من الإسلاميين من خلال نظرتهم للمرأة. ولذلك لم يفته أن يشير في مقدمته إلى هذا حيث قال وهو يتحدث عن قصة تأليف الكتاب: " كنت أعزم منذ سنوات على عمل دراسة معمقة في السيرة النبوية ولكنني أثناء استعراض الأحاديث وتصنيفها فوجئت بأحاديث عملية تتصل بالمرأة وبأسلوب التعامل بين الرجال والنساء في مجالات الحياة المختلفة، وكان سبب المفاجأة أن هذه الأحاديث تغاير تماما ما كنت أفهمه وأطبقه بل تفهمه وتطبقه جماعة من المتدينين، ولم يقف الأمر عند المفاجأة بل شدتني تلك الأحاديث لخطورتها إلى تصحيح تصوراتنا عن شخصية المرأة المسلمة ومدى مشاركتها في عصر الرسالة"([1])
والقارئ للنصوص التي جمعها أبو شقة وهي نصوص صحيحة، يزيد إيمانا وقناعة من أن المرأة كالرجل مسؤولة عن واجب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأنه بدونها يستحيل التغيير والحركة، وإذا كانت تحمل في شخصيتها بعض الضعف الناتج عن سيطرة الجانب العاطفي في المشاعر فلا شيء يمنع من أن يتبلور هذا الضعف وينقلب إلى قوة عن طريق الترويد الفكري والممارسة العقلية، وإن كان ضعفا جسديا فالواقع يثبت ما وصلت إليه بعض النساء وحققنه من صلابة وقوة وبنيان جسمي متماسك يفوق صلابة وقوة أجسام الكثير من الرجال.
إن الضعف في الإنسان طبيعة ( وخلق الإنسان ضعيفا)([2] ) ولهذا نجده في كل من المرأة والرجل، ليبقى المجال مفتوحا لكل منهما أن يطور ذاته وفكره ويوسع من رقعة تجاربه في اتزان وموضوعية.
إن المرأة عندما تتمرد على نوازع الضعف فيها وتتجاوزها وتحولها إلى قوة، تعتبر مثلا إنسانيا أعلى للرجال والنساء معا. والقرآن يزخر بمثل هذه النماذج الحية في القوة والصلابة، ويسجل وقفات جريئة إرادة وموقفا وحركة، وهي أمثلة نسائية يضربها للرجل والمرأة معا، فهو يصور لنا أن فرعون بكل استكباره وجبروته وبطشه وسطوه استطاعت المرأة / الزوجة أن تقف في وجهه موقف الرافض والمتمرد على سلطانه وظلمه (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اِمْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ)([3])
ويضرب الله مثلا آخر بمريم بنت عمران كنموذج نسوي آخر في القوة الإيمانية والصلابة الأخلاقية، والقنوت الخاشع، والإخبات والانقياد لله تعالى(وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ) ([4])، ونلاحظ أن الله تعالى قال: ( من القانتين) ولم يقل من القانتات، أي القانتين من الرجال والنساء. وفي ظروفنا الراهنة، وعبر تحولات العالم نجد قوة المرأة بارزة بشكل مثير، وما حققته في ميادين الإقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة والإعلام يعجز عن تحقيقه الكثير من الرجال، فأكدت المرأة وجودها، وفرضت ذاتها في واقع القوة الإنسانية إبداعا واختراعا.
ومن الأمور التي يترتب عليها حق المرأة المسلمة في الاقتحام والتدافع من إنقاذ المجتمع، وتحقيق العدالة والكرامة بالعمل على مستوى كل الواجهات نذكر منها ما يلي:
1- إن أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تشمل المرأة فضلا عن الرجل، وبالتالي فهي معنية بحدود معينة بالحركة الفكرية والسياسية والسلوكية في المجتمع.
2- آيات الاستخلاف في الأرض عامة، باعتبار أن لسانها يحظ الإنسان من دون تخصيص للرجل أو المرأة، وبالتالي فإن وظيفة الاستخلاف من إقامة الدين وعبادة الخالق والارتباط به تعالى…كلها مسائل عامة تشمل الجنسين معا.
3- إن إقامة دولة العدل أو دولة الظلم لها انعكاسات مباشرة على المرأة كما على الرجل تماما من حيث تأثيرها على فكر ومعتقد وسلوك، وبشكل عام على المناخ الذي تعيش في ظله المرأة.
4- الأمر بإقامة حكم الله على الأرض وتطبيق شريعته متعلق بكل المكلفين ذكورا وإناثا.
ومن مجموع هذه المقدمات يمكن القول بعدم الفصل بين الرجل والمرأة في مسألة أي عمل إسلامي يروم إقامة الدين والدفاع عنه وإصلاح العباد والبلاد لكن بشروط محددة في الشرع الحنيف كالجد والوقار في الحديث والحركة، عدم الخلوة، والاقتصار على الضروري وعدم الميوعة والحديث الزائد…وما هذه الضوابط التي حددها الشرع إلا لتلتقي بالرجال وتعمل معهم وتشاركهم هموم الدين والدعوة تماما كما فعلت المرأة في عصر النبوة.
إلا أن المرأة لم تأخذ دورها كاملا حتى الآن في العمل الإسلامي المعاصر، وهي للأسف ما تزال في كل بلاد المسلمين وفي جل الحركات الإسلامية ذات دور هامشي، وهذا ناتج عن مجموعة من المعوقات، أهمها المفاهيم المغلوطة التي تركت أثرا سيئا عند الرجال والنساء معا، وهي مفاهيم تحتاج إلى أن نقف عندها من أجل التصحيح وإزالة اللبس، وهي مفاهيم تستند أحيانا إلى نصوص صحيحة لكن عندما يتم التفسير بما يلائم الأهواء والعادات غالبا ما يؤدي إلى نتائج معكوسة.
ولهذا سنجعل هذا المقال ضمن جريدتنا الإلكترونية الغراء وجدة سيتي من أجل تصحيح الكثير من المفاهيم المغلوطة تجاه نظرة الإسلام إلى المرأة، والتي يقع فيها الكثير من أبناء الحركة الإسلامية الذين يعتبرون أنفسهم أوصياء على تصحيح فهم العامة للإسلام. وقد كان أحرى بالإسلاميين أنفسهم القيام بكثير من المراجعات قبل مخاطبة الناس بما لا علاقة له بالإسلام. ولعل هذا كان كافيا لتسمية هذا المقال ب " حوار مفتوح مع الإسلاميين حول نظرة الإسلام إلى المرأة" وهو لا يروم إقصاء أي أحد من التوجهات الأخرى ولو كانت علمانية، بل لكوننا نرى أن الحركة الإسلامية تشتغل أكثر في الحقل الديني وتتعامل أكثر مع أصول التشريع والفقه الإسلاميين، ولأنها – في رأينا – تحتاج بشكل كبير إلى نظرات في الداخل، كما أنها مطالبة بتلبية نداء عالمين جليلين، لم يلتفت إليهما من قبل بالشكل المطلوب، وهما نداء الدكتور فهد عبد الله النفيسي من خلال كتابه القيم: أوراق في النقد الذاتي، والدكتور خالص جلبي من خلال كتابه النفيس: الحركة الإسلامية وضرورة النقد الذاتي.([5])
ومن الأمور التي سنتعرض لها بالمناقشة والتحليل قوامة الرجل في بيته، حديث وقرن في بيوتكن، وحديث إن المرأة خلقت من ضلع أعوج، ونقصان الدين والعقل عند المرأة…وسيبقى المجال مفتوحا لمزيد من المطارحات إن شاء لله.
قوامة الرجل في بيته
إن الكثير من الإسلاميين يفهم القوامة نوعا من السلطة المطلقة التي تعتمد على الأمر والنهي وفرض الوصاية على المرأة لتكون عبدا تحت أقدام الرجل، أو خادمة مغلوب على أمرها لا تحسن إل الاستجابة والخضوع لما تمليه رغباته دون أن يكون لها الحق في إبداء الرأي، أو المساهمة في اتخاذ القرار.
لا يوجد مسلم فوق الأرض ينكر أن الله تعالى أعطى حق القوامة للرجل لقدرته على تحمل أعباء الحياة، لكن ليكون في بيته بما أمر الله ورسوله، وبهذا فهي رحمة من لله على لمرأة، وليست قيةدا تصنع منها خادمة للرجل ومربية لأطفاله، ولم يخلق الرجل لإطعام النسوة وكسوتهن بل كما قال الله تعالى: ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)([6])
إن القوامة تكليف للرجل بالقيادة في مؤسسة البيت. والقرآن يطرح على هذه المؤسسة أن تقيم بناءها التنظيمي على ما يقام عليه كل مجتمع إسلامي، ألا وهو مبدأ الشورى وإبداء الرأي والمشاركة الإيجابية من جانب كل لأعضاء، وهكذا تشارك المرأة الرجل أعباء مسؤولية الحياة الأسرية. وقد جاء ذلك صريحا في القرآن الكريم في مجال الرجل في إبداء الرأي بشأن رضاع الأبناء وفطامهم فليس من حق لرجل منفردا أو المرأة منفردة حق الاستئثار باتخاذ القرار دون الرجوع للطرف الآخر يقول الله تعالى: (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لاَ تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلاَّ وُسْعَهَا لاَ تُضَآرَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلاَ مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالاً عَن تراض منهما وَتَشَاوُرٍ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا)([7])
في هذا الإطار المفاهيمي والتصوري العام تتنزل قوامة الزوج في البيت الزواجي على أنها شكل تنظيمي للجماعة الأسرية مطبوع بالشورى وليس مطبوعا بالاستبداد، مطبوعا بالتكامل بين أعضائها وليس بالتنافي والإلغاء والإقصاء…فالجماعة الأسرية هي بالتالي مؤسسة مهيكلة يحتكم فيها أعضاؤها إلى ما يؤمنون به كسلطة مرجعية عقدية وتشريعية تضبط العلاقات بينهم بالعدل ويلتزمون هم بها على أساس المودة والرحمة أي على أساس الإحسان الذي يتجاوز الاعتبار الحقوقي.([8])
وقرن في بيوتكن
لا زال الكثير من الناس، بما فيهم بعض الإسلاميين، يعتقد أن المرأة لا تخرج إلا لضرورة قصوى، ويستدلون على ذلك بقوله تعالى: ( وقرن في بيوتكن) وينسون تتمة الآية ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) وقد اختلف العلماء في تفسير الآية فذهب البعض إلى أنها من الوقار، وذهب البعض الآخر إلى أنها من القرار، كما اختلفوا هل هي خاصة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم كما في سياق الآية أم هي عامة للنساء؟ وحتى لو افترضنا عموميتها فهي لا تمنع المرأة من الخروج لقضاء حاجاتها من عمل وتعلم وجهاد ودعوة.([9])
هذه الآية تؤكد على الواجب الطبيعي المنسجم مع الفطرة التي خلقها الله في المرأة وهو الاستقرار في البيت أي الدور التربوي للمرأة ([10]) باعتبار أن الجزء الأكبر من العملية التربوية يقع على عاتق الأم، كما تدل الآية على نهي المرأة عن التبرج. وإننا نتساءل هل تبرج المرأة المسلمة في بيتها ممنوع، أم هو من حسن التبعل؟
إن التبرج المحرم هو بلا شك تبرج المرأة خارج بيتها، فيكون معنى الآية أن على المرأة المسلمة أت تقر في بيتها لتقوم بواجبها، فإن خرجت لمبرر شرعي فعليها ألا تتبرج في خروجها تبرج الجاهلية الأولى، وكما قال الشيخ راشد الغنوشي: " إن خروج المرأة من بيتها لأداء واجب شرعي يكون واجبا، وإن خروجها لأمر مستحب يكون مندوبا، وإن خروجها من أجل أمر مباح يكون مباحا، وإن خروجها من أجل ارتكاب مكروه أو حرام يكون حراما أو مكروها، وبالتالي فإن خروج المرأة من بيتها للمشاركة في العمل الإسلامي يأخذ حكمه من الحكم الشرعي."([11])
وإن الآية في حقيقتها موجهة لنساء النبي صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ ابن حجر: قوله تعالى: ( وقرن في بيوتكن) فإنه أمر حقيقي خوطب به أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا كانت أم سلمة تقول: " لا يحركني ظهر بعير حتى ألقى النبي صلى الله عليه وسلم". ومما يؤكد أن أمر القرار في البيوت خاص بنساء النبي صلى الله عليه وسلم أن عمر بن الخطاب ظل يمنعهن من الحج ولم يأذن لهن إلا في آخر حجة حجها، قال الحافظ ابن حجر: "وكأن عمر رضي الله عنه كان متوقفا في ذلك ثم ظهر له قوة دليلها فأذن لهن في آخر خلافته" ([12])
ولو كانت الآية موجهة لعامة نساء المسلمين لما وجدنا مجموعة من النصوص التي تبين مشاركة المرأة ولقاءها الرجال، وكيف أن القرار في البيوت لم يمنعهن من المشاركة في النشاط الاجتماعي في عصر الرسالة. وقد ذهب العلامة المغربي عبد الحي الكتاني أبعد من ذلك حيث يعتبر أن الأنصارية التي ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت له: يا رسول الله لقد غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما نتفقه فيه. اعتبر هذا التجمع النسوي عبارة عن جمعية نسوية متحركة في المجتمع. ولا نظن أن الجمعية النسوية ستتحرك في البيوت، وبالتالي أنى لها أن تسمى جمعية إن لم تكن فاعلة داخل أروقة المجتمع بكامله([13])
حديث إن المرأة خلقت من ضلع أعوج
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" استوصوا بالنساء، فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنساء."([14])
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن المرأة خلقت من ضلع لا تستقيم لك على طريقة فإن استمتعت بها استمتعت وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها" ([15])
في الحديث إشارة واضحة إلى أن العوج خلقي وهو في سلوك المرأة مما يضيق به الرجل والعوج يقابل لاستقامة، فإذا كان اتزان الانفعال وضبطه استقامة فإن سرعة لانفعال وشدته عوج، وإذا كان ضبط الإنسان لعواطفه استقامة فغلبة العاطفة عليه عوج، والمرأة قد تغلبها العاطفة فتفوتها الحكمة في اتخاذ قرار أو يكون منها ما لا يجمل من قول وفعل، وقد ينتج من سرعة انفعالها تقلب في المزاج، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن تستقيم لك على طريقة" وهو تقلب يكدر خاطر الرجل ويثير غضبه، ويرجح هذا التفسير – كما قال أبو شقة – ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في عظته للنساء: " تكثرن اللعن وتكفرن العشير".
فهذا سلوك عادة ما يكون سعة غضب أي نتيجة سرعة لانفعال وشدته، أما إذا أراد البعض أن يفسر " العوج" بأن المرأة ذات طبيعة ملتوية والالتواء هنا يعني المكر والخديعة، فإنا نعتقد – يقول أبو شقة – أن في هذا القول بعدا وغلوا وتجريحا لعموم النساء يعارض النصوص المتكاثرة عن حياة الصحابيات التي تدل على براءتهن من المكر ولخديعة والالتواء. ويخالف الواقع المشاهد بين أمهاتنا وأخواتنا وزوجاتنا، وهل يعقل أن نوكل الإشراف على تربية أبنائنا إلى إنسان ذي طبيعة ملتوية؟
وفي لحديث توجيه لرجل إلى الصبر على ما يصدر ن المرأة من سلوك مبعثه ذاك " العوج" وذلك قوله صلى الله عليه وسلم: وإن ذهبت تقيمها كسرتها وكسرها طلاقها"
وعلى لرجل لأن يتذكر أنها لا تتعمد هذا لسلوك لمضايقته وإحراجه فإنما هو نتيجة ما قدره الله على المرأة من طبيعة خاصة تتميز بسرعة الانفعال وشدته، فليصبر، وليكن سمحا كريما، وليعلم أن هذه الخاصية من خصائص لمرأة يمكن أن يكون لها أثر طيب في إقدارها على أداء مهمتها الأساسية من حمل وإرضاع وحضانة إذ تحتاج إلى عاطفة بالغة وحساسية مرهفة، ثم ليعلم الرجل أيضا أنه إذا حاول الوقوف عند كل خطإ من زوجه – نتيجة انفعالها لبالغ – مؤاخذا ومعاتبا فإن هذا لن يسفر عن شيء سوى مزيد من التباعد والشقاق، ثم يقع الفرق والطلاق، وأخيرا يذكر لرجل أن لزوجته من لفضائل والمحاسن ما قد يعوض هذا لعيب وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله الحكيم الذي فيه علاج عندما يبدر من المرأة ما يبدر: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" ([16])
[1] عبد الحليم أبو شقة، تحرير المرأة في عصر الرسالة، ط1، ج1، ص28.
[2] سورة النساء، الآية 28.
[3] سورة التحريم، الآية:11
[4] سورة التحريم، الآية:12
[5] هناك كتابات أخرى لم نذكرها لكونها لم تكن مخصصة بشكل صريح في الدعوة إلى معالجة الأمراض المتفشية داخل الصف الإسلامي ككتب الشيخ محمد الغزالي وكتب تلميذه فهمي هويدي من خلال كتابيه: أزمة الوعي لديني، والتدين المنقوص. وما ذهب إليه عماد الدين خليل أثناء دعوته إلى إعادة تشكيل العقل المسلم… وكذا كتب الشيخ راشد الغنوشي وحسن الترابي والمستشار طارق البشري وروجي كوتراني وغيرهم كثير.
[6] – سورة الداريات، الآية56
[7] سورة البقرة: الآية 233
[8] – د. أحمد الأبيض، الاستلاب النسائي، ص 26-27
[9] – فيصل مولوي، دور المرأة في العمل الإسلامي.
[10] – ليس معناه أبدا بأن المرأة وحدها من تقوم بدور التربية بل إن الرجل كذلك يتحمل جزءا من المسؤولية في تربية أبنائه لقوله تعالى: ( وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا)
[11] – راشد الغنوشي، المرأة بين القرآن وواقع المسلمين.
[12] – عبد الحليم أبو شقة، تحرير المرأة في عصر الرسالة.
[13] – عبد الحي الكتاني، التراتيب الإدارية.
[14] – رواه البخاري ومسلم.
[15] – رواه مسلم.
[16] – تحرير المرأة في عصر الرسالة، ج1،ص288 – 289، بقليل من التصرف.
6 Comments
يا اخي عندما قرات عنوان المقال الموجه الي الحركات الاسلامية كنت اظن انك فعلا ستصحح بعض المفاهيم التي يفهمها اعضاء الحركة بشكل غير سليم اما وانك ذكرت مجموعة من الامور التي وقع فيها ابناء الحركة الاسلامية فهذا غير صحيح بل لا اخال نفسي مبالغا اذا قلت ان اكثر الازواج شوري و حوارا مع ازواجهن هم ابناء الحركة الاسلامية فلا مجال للاستبداد اما قضية الامر بالمعروف فكل نساء ابناء الحركة الاسلامية تقريبا يتعاطين لهذا العمل باعتباره واجبا دينيا وهكذا يمكن الحديث عن المفاهيم الاخري التي ذكرتها لذلك يبدو لي ان هذا النوع من الحوار مفتعل ولا يتضمن قيمة جديدة و هو ماكنت انتظره من المقال و لكني لم اجد شيئا من هذا القبيل
ما جاء به الأستاذ أحمد الجبلي فعلا يتعارض مع مواقف الكثير من الإسلاميين. وقد علمت أن الدكتور عبد الحليم أبو شقة عندما جاء إلى المغرب وحاضر حول نظرة الإسلام إلى المرأة انسحب الكثير من الملتحين من القاعة لعدم تحملهم لما سمعوه من تحرر وانفتاح . وانسحابهم وهذي هي المعضلة رغم أن الأستاذ أبو شقة لم يعتمد إلا على الأحاديث الصحيحة وكأنه هؤلاء ينكرون على رسول الله نفسه تعامله مع النساء كأنهم يلومونه لما لم يستنكر اندماج المرأة في المجتمع المكي أو المدني وتعاملها مع الرجال و ومشاركتها للرجل في كل المجالات. إن وجود هؤلاء بيننا في حقيقة الأمر يعد مشكلة خصوصا إذا لم يقتنعوا بما جاء في الصحيحين فعلى ماذا سيقتنعون هل ينتظرون إلى أن تسلم أمريكا وتأخذ تعاليم ديننا حينها فقط قد يراجعون ويعودون إلىالحق والدين.
إلى السيد حسن العمال: إدا اعتبرت هدا المقال وما جاء فيه نوعا من الاستبداد وأنه حوار مفتعل. فأعتقد سيدي أنك بكلامك قمت بالاستبداد والاتهام المجاني بأنه حوار مفتعل ولهدا فمداخلتك هي المفتعلة. كما أنك لا تعرف ولم تعايش مواقف اللكثير من أبناء الحركة الإسلامية من المرأة. ويكفي ما قاله المتدخل قبلي من أن ألكثير من الملتزمين خرجوا من محاضرة للشيخ عبد الحميد أبو شقة استنكارا عليه بما قال. كما أنني أعرف الكثير من أبناء الحركة الإسلامية الدين يدعون نساء العالم إلى الحركة والدعوة في حين أن نسائهم يقبعن في المنازل. كما أن جل الإخوة يمارس الاستبداد برأيه داخل البيت ولا داعي للمغالطات فنحن أبناء الواقع ونعرف جيدا مادا يقع في الكثير من بيوت أبناء الحركة الإسلامية.
المرجو من السيد حسن العمال أن يدكر لنا الأشياء التي ظن أن الاستاد الجبلي سيصححها وهي مما يفهمه أبناء الحركة الإسلامية بشكل غير سليم.هيا أدكرها لنا كي تكون مساهما في تصحيح المفاهيم المغلوطة…
أموجه كلامي للسيد حسن العمال. هل تعرف أن ما كتبه الشيخ محمد الغزالي كان سببا في ضجة وسط الأوساط الإسلامية وهل تعلم موقف الدكتور مصطفى السباعي من المرأة إدا لم تكن تعرفه فسأخبرك به. يقول في مدكراته: » وراء كل جريمة شنعاء امرأة شمطاء تشحد السكين » ومادام أبناء الحركة الإسلامية يقرؤون كتابات مصطفى السباعي رحمه الله فحتما ستنتقل إلى عقولهم الكثير من المواقف غير الصحيحة وهل قرأت كتاب الحجاب للمودودي. وهل قرأت بعض مواقف الشهيد حسن البنا رحمه الله. وهل قرأت كتب سعيد حوى ال>ي تتلمد أبناء الحركة الإسلامية على يديه. فلا بد إدن أن يتأثر أبناء الحركة الإسلامية بمواقف من جراء ما يقرؤون . ثم إن الحديث بالضبط مع أبناء الحركة الإسلامية دليل على أنهم أهم شريحة في المجتمع وأنهم الأكثر نضجا ولهدا فلا أجد مبررا لكلامك بأن طلب الحوار المفتوح من طرف الأستاد الجبلي هو من قبيل الحوار المفتعل. وطرحك يحمل سما خطيرا هو القول بالعام زين ولا داعي للمراجعات لأن أبناء الحركة الإسلامية ولله الحمد على ما يرام شوريون منفتحون ..وهدا تنويم خطير. فاتقي الله وتراجع عن زلتك إن كانت زلة أما إن كانت مقصودة فتب إلى الله تعالى إنه هوالتواب الرحيم.
إن ما جاء به أستاذنا عبد الحليم أبو شقة في مجزئاته القيمة حول المرأة إلا القليل القليل الذي جاء به رسول الأنام محمد عليه أفضل الصلاة و السلام و الذي جاء من الحق عز و جل فحقوق المرأة هبة وهبها الله من عليائه لإمائه وواجبات فرضت عليهن فكانت المرأة في عصر الرسالة تأخذ ما لها و تنفذ ما عليها .
أما في عصورنا هذه فثيارات المد و الجزر كانت أقوى في تغيير المرأة وتعامل الرجل بالذات معها , و ما نحسب المرأة في هذه السنوات الأخيرة إلا أنها تخطو إلىمستقبل زاهر برهنت على قدرتها في العطاء في جميع المجالات حتى الدعوية منها التي كانت حكرا على الرجال فقط و ما أخوات الحركات الإسلامية إلا نموذج مصغر فهناك الأستاذة الداعية و الطبيبة و المهندسة , و هناك من صرنا نراهن تحت قبة البرلمان ’ و الوقت ما نراه إلا يبشر بالخير و ستقول كلمتها الأيام بمشيئة الرحمان .