جيل السبعينات : عندما يستخف الأستاذ بقيم التلاميذ
جيل السبعينات : عندما يستخف الأستاذ بقيم التلاميذ
كان Monsieur Roland أستاذ التاريخ والجغرافية في عقده الثالث تقريبا ، ممتلئ الجسم متوسط الطول ، قوي البنية ،
تظهر عيناه كبيرتان وراء زجاج نظارته ، أشقر الشعر ، ومن النوع الذي يعمل بجد وإخلاص .
لم تمنعنا جنسيته الفرنسية ولا لغته الأجنبية ونحن في الرابعة إعدادي من فهم الدروس والتفاهم معه إلى حد الانسجام بحيث كانت الفرنسية لغة المواد العلمية والتاريخ والجغرافية .
في ذلك اليوم المشؤوم هدمت جسور التواصل التربوي جميعها ، وحلت العصبية والتوتر محل التفاهم والأسلوب التلقائي والسلس في المعاملة الذي كان عادة يسود القسم ، وتخطينا حدود اللياقة والاحترام الواجب للأستاذ وحرمة القسم .كنا كلما توجه الأستاذ نحو السبورة قذفنا ما طالته أيدينا من أدوات خاصة الطباشير نحو ظهره .
كان ذلك بسبب كلمة خطتها يده على السبورة وطلبنا منه إزالتها بكل احترام في البداية ، وقابلنا إصراره على تركها وكل محاولاته لشرح الأسباب خاصة أنهذه الكلمة أصبحت واقعا في نظره ، بالتجاهل والإعراض ، ولم يقف الأمر عند هذا الحد ، بل قفز أحد أصدقائنا واسمه العائلي » أمهراش » على أحد الطاولات الموجودة في الصفوف الأمامية ، حتى يضمن سيطرته الكاملة على جسم Monsieur Roland ، وصوب رأسه بقوة نحو رأسه مما جعله يفقد توازنه ويسقط على الأرض ، وأمام نظرات الكل ويقظتهم وقف بصعوبة متجها نحو الإدارة مهددا برفع تقرير بصديقنا أمهراش .
لم يكن الحدث عنصرية ، أو متعلقا بجنسية الأستاذ ، بل كنا سنقدم على نفس الممارسة أو أكثر مع مدرس عربي أو حتى مغربي ، توجهنا نحو الإدارة مطالبين بعدم تعريض صديقنا لأية عقوبة حتى لو كانت بسيطة .
كانت الكلمة هي Israel إسرائيل خطتها يد الأستاذ على خريطة فلسطين أحسسنا حينها بالإهانة والمس بقيمنا ، ووقعت هذه الكلمة وهي مرسومة موقع الزلزال في أعماقنا ، ولقنا أستاذنا درسا لن ينساه طيلة حياته .
تحملنا Monsieur Roland بصعوبة فائقة خلال ما تبقى من الأيام القليلة من السنة الدراسية نظرا لما حدث ، ومن المؤكد أنه لم يكن يطيقنا .
هذا الحدث الذي أبيت إلا أن أتقاسمه معكم ، وقع سنة 1972 ويعود إلى ذاكرتي باستمرار هذه السنة كلما وقع بصري على أحد تلاميذي الذي يحمل نفس الإسم العائلي لصديقنا الذي أدب الأستاذ » ‘أمهراش’ طه «
بونيف محمد
مع تحياتي
Aucun commentaire