اذكروا؛ و اذكروا !!!
اذكروا؛ و اذكروا !!!
ساد في الموروث العربي المسلم مجموعة من العموميات تحتاج إلى تحديد و كذا مبادئ كانت ستعطي و تتمر لو أن هذا العقل وظفها أحسن توظيف
و حتى نبتعد عن كل إيحاء خاطئ أو غموض عائر نوضح في البدء أن لفظة الموروث في الإشكال أعلاه انما تجد أصلها في علم الاجتماع و نروم بها هنا ما اجتمع عند الناس من مسموع و معهود و مألوف فتواضعوا فيما بينهم لإعطائه قيمة حضارية
و حيث انه بالمثال يتجلى الفهم لذوي البصائر فإننا ننتقل مباشرة و عبر التاريخ للتعرض إلى مشكلة تتداخل في ثوبها الفلسفات و المفاهيم المتعددة فالأصل عندنا في الشريعة الإسلامية أن الإنسان ضعيف و خطاء لكن الشيطان الذي أخرجه من الجنة هو الآخر كفور و كان كيده ضعيفا و دونما الخوض في إشكال التخيير و التسيير نمر بسلام إلى ما اقره الشارع الحكيم بخصوص الحساب و العقاب
إن خالق الكون و ما ﴿من﴾ فيه هو ارحم بهم عاقلا كان أم غير عاقل و لذلك قال سبحانه׃" و ما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" و هذا هو أصل مبدأ الشرعية في القانون و بالتالي فان الإنسان يلقى جزائه على حسب عمله في الدنيا كما في الآخرة كذلك
المسالة الثانية في هذه التوطئة و هي ثنائية التوبة و الغفران و نسلم طبعا بما لا يتناقش فيه مسلمان اثنان عاقلان بان باب التوبة مفتوح على مصراعيه لا يقدر من كان أن يغلقه لان رحمة الله وسعت كل شيء و كذلك الأمر بالنسبة للغفران فان الله سبحانه يغفر الذنوب جميعا دونما الشرك كما نضيف أن هذين الأصلين قائمين ما دامت ذمة الفرد قد برأت من حقوق العباد-
ثم نعود للتاريخ نبحث عن مثال نبتغيه قد يلتقي بآخر أو آخرين و ليكن مثلا من نفس البقعة و العباد
انه إذن ما دار و جرى بين عالم و طاغية في بلاد العراق فالذي يذكر الحجاج بن يوسف الثقفي مثلا يذكر معه انه فتح بلاد الهند و السند و رد باس المغول و التتار حينها، لكن سفك دماء الناس و قتل من عارضه من العلماء و من أولئك جبل العلم سعيد بن جبير رحمه الله؛ بل و حاصر ذلك الآخر سيدنا الحسين و ضرب الكعبة بالمنجليق حتى تشققت•• و نمضي بموضوعية و اختصار إلى أن الحجاج عمر بضعة أيام بعد إعدام سعيد و توفي هو الآخر متأثرا بما حدث بينه و بين العالم فكان يقول "اللهم اغفر لي فإنهم -أي الرعية- يدعونك ألا تغفر لي"؛ و في العراق دائما مرت القرون و في الموروث نعمل و نفهم فيه ما نريد وقت ما نريد!۰ ثم نقول بغير نية سعيد لما سأله الحجاج عن الفتنة الكبرى قال "هي فتنة حفظ الله منها دمائنا فلنعصم منها ألسنتنا"، أو أننا نبشر بغير علم و لا هدى بواسع رحمة الله متناسين أن حبيبه صلى الله عليه و سلم قال و هو ينظر للكعبة يوما "ما أعظمك غير أن حرمة المؤمن عند الله أعظم منك"ـ
قلت مر الزمان و على نفس البقعة بعث عبد آخر يسمى صدام تبعته الجماهير العربية بصخب و تعاطف يوم أبدى رغبته في زعزعة الكيان الصهيوني في المنطقة- لكن أولا لما نستاسد على شعوبنا لكي نخرج في الأخير من بطن الأرض أحياء قد حرمنا حتى شرف القتال- و التاريخ طبعا لا يرحم!! ثم صدمنا في صدام و نعينا في امة لا حول ولا قوة لها إلا بالله و سيقول قائل اذكروا محاسن موتاكم نعم صحيح جدا و ها قد فعلت لكن إذا كان القصد بذلك إكرام الميت فأهله الأحياء أولى وإذا كان الاتعاظ فكفى بالموت واعظا-
و لكن لما لا نذكر أن هذا قد أجهض نظرية الاقتصاد الإسلامي في مهدها٬ بقتله باقر الصدر في الثمانينات لا ادري ما الذي يمنعنا من ذلك لربما يكون كما قلت سوء التوظيف و الفهم المحصور فعادتنا أن نوظف رؤى و عبر معلبة و جاهزة كأنها علب السردين المغربي الرفيع نفتحها في حالات عجز فهمنا و قصوره عن إحقاق الحق- و الأسهل في تصوري بخصوص تعاملنا هذا مع الموروث أن نقول إنها فتنة أو نقول عند الموت اذكروا محاسن موتاكم و انتهى الأمر أو أننا نتكرم و نجود في مسالة التوبة و الغفران و نفتح الأبواب على مصراعيها و كأنها بيوت إبائنا أو كان الدين بلا رقيب و لا حسيب-
لقد أضاف الحجاج بقعا من الأرض إلى امة قتل علمائها كما أن صدام صدم جماهير امة ساحت طويلا وراء الغوغائية٬ و الضحية دائما هي الأمة لكن الانكى في كل ذلك هو التسامح و السكوت على ما علق بالعقل من غبش و رعونة و عليه لو حسم الفكر الإسلامي و العقل المسلم هذه التداخلات و الإرهاصات بكل إخلاص و تأصيل صحيح لما قبعت الأمة تحت غياهب الظلام الذي خيم و لا زال بقتل العلماء أحيانا و إقصائهم أخرى- ما كان ليوسف أن يتغشم و يضفئ النبراس و ما كان لحسين أن يستاسد و يبقر عين الأمة بقتل باقر و لكن هذا حال الدنيا منذ بدء الإنس في العيش بها ففسدوا و قتلوا مثلهم مثل الجن الكل سواء- إنما نحن هنا لا نلم على الإنسان انه يجرم بل حصرنا مذ البدء إشكالنا في تعامل العقل مع هده الظواهر فيكون منصفا بالتالي أن نشدد على حرمة الإجرام أولا "و من قتل مؤمنا متعمدا فجزائه جهنم خالدا فيها و غضب الله عليه و لعنه و اعد له عذبا أليما" ماذا بعد هذا لمتعلم مثلي أن يناقش!!! و سئل ابن عباس عن الآية الكريمة و قالوا اورايت إن تاب واهتدى فقال رضي الله عنهما و أنى له التوبة و الغفران•/
و بالتالي تكفيه للعنة من أجرم متعمدا بقتل مؤمن و نستدرك لنقول إن أمر الحساب و العقاب /الجنة و النار/ التوبة و الغفران كله عائد لأمر الواحد القهار وحده؛ و أمر الإجرام و القضاء فيه بعدل مطلق يتولاه الله وحده أيضا٬ و لنا بالتالي أن نفكر في نواميس الله و ليس في ذاته عز و جل و هذا التفكير قد يقودنا بلا فلسفة عقيمة إلى كبح بعض الانفلات في تفكير موروثنا فكما نقول مثلا "اذكروا محاسن موتاكم"، يجب إضافة حديث آخر صحيح و مكمل بعد نقطة فاصلة "اذكروا الفاسق بما فيه حتى يحذره الناس"٬ فلا يكون المؤمن بالتالي خبا و لا مجرما بالصمت و المشاركة٬ بل يكون كيسا فطنا يذكر المحاسن بجوارما قد تخفيه المظاهر-
صحيح أننا لا نستطيع أن نفسق أو نزندق أحدا أبدا و لكن الذي لا يملكه احد هو الأخر أن يمنع العقل من التفكير و الإفصاح في شان عوارض و إشكالات ربما قد تفيد في تجنب تكرار نفس التجارب لان العاقل لا يتعثر في نفس الصخرة مرتين- فالحجاج و صدام و غيرهم كثير ربما نحترم فقط ﴿ اربعينيتهم﴾ تعاقبوا في التاريخ و لا زالوا- انما٬ العقل المتأزم ينشغل دونما أن يشعر و بنية قد تكون حسنة ينصرف إلى الخوض في مسائل يتولاها الله وحده أي التوبة و الغفران و الجنة و النار- و ربما يقول إنما فلان مغلوب على امره٬ كان فقط ينفذ و كان عبدا مأمورا و أشياء من ذاك القبيل- إنما الذي نعرف في القانون الجنائي الوضعي حسب ما اختلفت فيه نظريتا الجراب و البندقية فيما يخص المسؤولية الجنائية إنما تقع على الآمر و المنفذ- هذا أقول فقط فيما تواضع عليه البشر و ذلك مبلغهم من العلم- أحرى ما سيحصل يوم العدالة المطلقة "كلما دخلت امة لعنت أختها" و "الملك يومئذ لله"-
سمير عزو
من فرنسا
Samir.azzou@caramail.com
Aucun commentaire