من حي الاندلس: يا زمان الوصل بالأندلس
لعل تسمية « حي الاندلس » باسم الأندلس، كان تيمنا بذلك الفردوس المفقود.. و بجمال طبيعته التي افتتن بها الشعراء و برعوا في وصفها و التغني بها … قال ابن خفاجة
يــا أهــل أندلـــس لله دركـــم مــاء وظل وأنهار وأشــــجار
مـا جـنـة الخـلـد إلا في ديـاركــم ولـــو تخـيـرت هذي كنت أختار
و قال آخر:
حـبذا أنـدلسٍ من بـلدٍ لم تـزل تنتج لـي كل سـرورْ
طـائرٌ شادٍ وظـلٌ وارفٌ ومـياهٌ سائحـاتٌ وقـصــور
ونحن إذ نتيمن بالاندلس لا نطمع في ان تكون لنا طبيعة كطبيعة الاندلس..لا أرضا كأرضها و لا سماء كسمائها و لا ماء كمائها..و لكن نطمع ان يحافظ على ما لدينا من طبيعة و لا يعبث بها…
لنا فضاء بحي الاندلس ( المفروض ان يكون حديقة )لا ينتج سرورا ، لا طائر شاد فيه، و لا ظل وارف ولا ماء سائح.. فضاء صغير يفتقر الى أبسط مقومات الحدائق ينتظر منذ سنوات عطف المسؤولين.. فقامت جهة ما تريد ان تحوله الى ملاعب اسمنتية مسيجة.. مما حذا بـ « الساكنة » الى المطالبة بوقف بناء هذه الملاعب و بضرورة تهيئته حديقة . ومن حسن حظ الساكنة انها وجدت لدى السيد الوالي تفهما كبيرا.. لكن جهة ما تصر على بناء ملعب اسمنتي و تدفع في اتجاه ذلك ضدا عن رغبة الساكنة القريبة من مكان الملعب
و نحن سواء كنا قريبين من مكان الملعب أو بعيدين عنه نريد هذا الفضاء حديقة.. نريده مساحة خضراء مهيئة وفق تصاميم الحدائق.. أما لماذا نريده حديقة فإليكم الأسباب.
1. ليس لأن تصميم التهيئة يحدده على انه حديقة ، مساحة خضراء – و إن كان هذا وحده كاف لمنع تفويته او البناء فيها – و إلا ما فائدة وضع تصاميم التهيئة ( Plan d’Aménagement )و تصاميم التنطيق (Plan de zonage )و غيرها إذا لم يكن الحفاظ على التوازن داخل المدينة بين المباني و المساحات الخضراء..
و لأننا نحسن الظن بالجميع لا نقول ما قد تلوكه بعض الألسن من ان جهات ما من مصلحتها ان تغفل عمدا عن العناية بالمساحات الخضراء حتى تجد مستقبلا مبررا لإعادة تهيئتها من جديد و تفويتها الى جهات ما تستفيد منها.. خاصة إذا تحولت هذه المساحات الى اماكن لجمع الازبال و غيرها
2. و ليس لأن كثيرا من ساكنة الأندلس لما اقتنوا أراضيهم شجعهم على ذلك كونها مطلة أو محادية أو قريبة من هذه الحديقة.. و من حقهم ان تبقى كذلك .. وقد اجتهد الكثيرون منهم لما استقروا بالحي في العناية بهذه المساحة، فعمدوا – في غياب دعم الجهات المسؤولة – الى تشجير البقع القريبة من منازلهم.. ولأن كثيرنا يفتقر الى المعرفة العلمية الخاصة بتهييء الحدائق و تصميمها قام بعضنا بغرس اشجار مثمرة ( زيتون – رمان – تين ) و قام آخرون بغرس اشجار غير مثمرة و تركها بعضهم جرداء… مما جعل الحديقة تتميز بالعجوائية في التشجير و في اختيار النباتات.. و إن كان هذا الأمرعلى علته احسن بكثير من تركها مساحة جرداء تجمع الازبال و غيرها…( اللهم يعمش و لا عمى) كما يقول المثل المغربي الدارجي.
ان المسألة عندنا ذات بعد بيئي بالدرجة الأولى.. و التزام بمضامين مشروع الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة الذي دعا إلى اعداده صاحب الجلالة في خطابه بمناسبة عيد العرش ( طنجة 30/07/2009 ) و الذي يهدف إلى خلق وعي بيئي جماعي، وانخراط فاعل لمختلف مكونات المجتمع في الحفاظ على البيئة، أو بتعبير مشروع الميثاق يهدف الى: » خلق دينامية جديدة وإعادة التأكيد على أن المحافظة على البيئة ينبغي أن يشكل الانشغال الدائم لعموم المغاربة في مسلسل التنمية المستدامة للمملكة..«
من هذا المنطلق:
· و من منطلق أن « الرقي الاجتماعي للأمة، الذي هو مكون من مكونات التنمية المستدامة، لا ينفصل عن حماية البيئة »
· و من منطلق أن « لكل شخص الحق في العيش في بيئة سليمة ، تضمن له الأمن والصحة … » .
· و من منطلق ان المساحات الخضراء توفر الراحة النفسية للساكنة و تنمي لديها ذوقها و حسهاالجمالي و تقوي علاقتها بالبيئة
جاء حر ص الساكنة الشديد على ان يظل هذا الفضاء مساحة خضراء وندعو الجهات المسؤولة العمل على اعادة تهيئته و تصميمه وفق المعايير التي تهيأ و تصمم به الحدائق من اختيار الاشجار و تصفيفها و اختيار النباتات و..و..و.. غيرها من الامور التي يعرفها المهندسون تجنبا للعشوائية التي تطبع هندسته..
ان مدينة وجدة – ايها السادة الكرام – تعرف امتدادا عمرانيا أفقيا خطيرا أدى إلى استهلاك المجال واثر سلبا على بيئة المدينة، خاصة غطاءها النباتي إذ استنزفت اراض زراعية خصبة و مناطق خضراء لحساب مكعبات اسمنتية .. و إذا كان هذا الاتساع « حتميا » لاستيعاب العدد المتزايد لسكان المدينة الذي تحكمت فيه عوامل اقتصادية و اجتماعية كنزوح السكان من القرى و البوادي المجاورة أو المدن القريبة.. فإن خطره ما يزال قائما بسبب عدم التحكم فيه و ربما عدم التخطيط له.. فالضغط العمراني المتزايد على المدينة و قد أدى الى ان يندثر الغطاء النباتي بها و في محيطها بشكل مهول و يوما بعد يوم ينبغي ان يحفزمختلف مكونات المجتمع على الانخراط الفاعل في الحفاظ على البيئة …
ان مدينة وجدة ليست بمعزل عما يتهدد المدن المغربية الكبرى من ثلوث بيئي بمفهومه الواسع: تحولات و تغييرات سلبية تطرأ على البيئة عموما (ارض و جو و مياه ) و اختلالات تقلق راحة الانسان مثل الضوضاء والروائح الكريهة في بعض المناطق او تؤذي نظره و تفقده الاحساس بالقيم الجمالية مثل غياب التوازن بين الاسمنت و المساحات الخضراء،و اختلاف ألون الصباغة المستخدمة في طلاء واجهات المباني، وانتشار حاويات القمامة الكبيرة بالأحياء بل و في الشارع العمومي،كثرة العربات الصغيرة التي تجرها الدواب.. و استغلال الملك العمومي في بعض المناطق …و…و…
ان الحاجة ماسة الى الحفاظ على البيئة داخل المدار الحضاري لمدينة وجدة من خلال تهييء الفضاءات المخصصة للمساحات الخضراء، و خارجه من خلال التفكير في إنشاء حزام أخضر يراعى فيه طبيعة المدينة الحدودية… و إلا أصيبت المدينة بـ « سكتة بيئية » لا ينفع معها شيء.
1 Comment
Merci SSi Hamzaoui, les habitants sont solidaires et d’accord avec vous.
Tout en remerciant les autorités d’en tenir compte.