المدير الجهوي للمياه والغابات بوجدة ضد البحث العلمي

      أستميح قراء هذا المنبر الإعلامي الأغر عذرا في نقل وقائع ما تعرضت له من إهانة داخل مكتب المدير الجهوي للمياه والغابات ومحاربة التصحر بوجدة. ففي إطار البحث الذي أقوم به لتحضير دكتوراه في التاريخ موضوعها دراسة تاريخية إثنوغرافية لقبائل ملوية السفلى، تخص القبائل التي تسكن قفر كرط، كنت في حاجة لمعطيات طبيعية وجغرافية، منها الغطاء النباتي والحيواني، فقمت بزيارة لمديرية المياه والغابات بوجدة ومعي ترخيص من الجامعة لتسهيل عملية التواصل مع الإدارات والمصالحة المعنية، ضمن مجموعة من المصالح سبق وزرتها. كان ذلك صبيحة يوم الإثنين 17 شتنبر 2012، فاستأذنت لمقابلة السيد المدير، وبعد طول انتظار استقبلني، وإليكم ما حصل لي والله على ما أقول شهيد:

          دخلت مكتب السيد المدير وأديت التحية، فقلت السلام عليكم، لكن الرجل خاطبني قائلا آش كاين؟ فأوضحت له من أكون وما هو مطلبي، فقال لي: « ما لقيت ما تدير راهوم سبقوك وكتبوا على كرت شوف ليك شي موضوع آخر …. ». فأجبته بكل هدوء أن الأمر يتعلق بدراسة تاريخية خلال العصر الوسيط  والمعطيات الطبيعية ضرورية لتأطير المنطقة المدروسة… فأرعد وأزبد ورغا حتى خلت أن الرجل سينقض علي… وجدت نفسي في موقف لا أحسد عليه. لم يكن أمامي سوى الرد عليه بالمثل أو التحلي بالصبر والحكمة، واعتبار الواقعة ضريبة البحث العلمي. لهذا اخترت مجاراته لأن الرجل لم يكن في حالة بشرية، فلو أني جاريته بنفس سلوكه لكنت الآن بين سين وجيم بتهمة الاعتداء على موظف داخل مكتبه وهو يزاول عمله… قلت له كلامكم صحيح (لتهدئة الوضع)، فقال لي « ما دمت كتعرف علاش جاي هذاك راه الضومين ديالنا حنا للي كنفهموا ليه …أنت بعدا واش كتعرف شحال كانت الحرارة في كرت واش تبدلت.. » والكثير من الكلام الذي يدخل في باب اللغو… وأمام ردة فعلي الهادئة قال لي « اذهب واكتب طلبا مع رخصة البحث وحدد المواضيع وغادي نشوف آش نعطيك »…..

     هكذا عشت لحظات لم اكن أحسب أنني سوف أضطر لملاقاتها في حياتي خاصة في هذا الزمن، زمن التحول والتغيير والانفتاح. لكن يبدو أن بعض عقليات الدينصورات لا تزال قابعة بين دواليب إدارتنا المغربية من شأنها عرقلة عجلة النمو والتقدم. لقد هاضني الكثير من الأسى والشجن مادام مثل هؤلاء يتحكمون في قطاعات حيوية كالمياه والغابات …

استغفرت الله واستحضرت قوله تعالى:

 { وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما } (الفرقان: 62/63)   

 { وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ}. (القصص:55) صدق الله العظيم

محمد حماس

zyache@yahoo.fr