إلى وزير الصحة الوردي:المستشفى الإقليمي بجرادة و الظروف الغير الوردية !!!!!
استبشرت ساكنة إقليم جرادة خيرا إبان إحداث المستشفى الإقليمى، نظرا للخدمات التي سيقدمها، و التي كانت ستعفيهم من التنقل إلى المستشفى الجهوي بوجدة،و ما يصاحبها من مصاريف إضافية، تثقل كاهل المرضى المنحدرين في غالبيتهم من وسط فقير،و المنتمين إلى إقليم يعرف مستوى متدنيا من الدخل بعد إغلاق مناجم الفحم،و غياب البدائل السوسيواقتصادية.
هذه المتمنيات النبيلة لم تسعف ساكنة جرادة، بل زادت الطين بلة،على اعتبار أن المستشفى لم يتجاوب – في مجمله – مع انتظارات الساكنة،ولهذا اسرد لكم قصة حقيقية ، عشت – وبدون ذاتية – كل حيثياتها،و أكيد أن كثيرا عايشوا مثلها، و إليكم التفاصيل، تابعوا !!!!!
اليوم هو الإثنين 23 يوليوز 2012، الساعة الثانية بعد الزوال و عشرة دقائق،المدينة جرادة، أحست زوجتي،المقبلة على الولادة،بآلام المخاض، وهبوط سائل لزج من رحمها،استنفرنا طاقتنا، وأخذنا الوجهة المعلومة: المستشفى المعلوم،عسانا نتجاوز المحنة،بعد عشر دقائق، وصلنا دار الولادة !!!!
لم نجد من يستقبلنا، و لا حتى من يوجهنا أو يشفي غليل تساؤلاتنا، اللهم امرأة هرمة، قد تكون في عقدها السادس،تجاعيد الزمن بادية على تقاسيم وجهها أمام باب أرادته مسدودا،قد تكون منظفة، ،هذه الأخيرة المفوضة ب »الإستقبال » تقوم بمجهودات كبيرة من أجل إقناعك بالإنتظار !!!!!. لا تحس أنك أمام مؤسسة أجتماعية وخدماتية، بل ينتابك جانب من الإحساس الغريب المفعم بالمقاربة الأمنية. لم أتمالك صبري، و مارست نوعا من الضغط المعنوي على المكلفة ب »الإستقبال » لكي ترسل لي مخاطبا، و أخيرا أتتنا ممرضة، لتدخل زوجتي إلى إحدى القاعات، و تخبرنا بأن الطبيب المختص في التوليد قد غادر المستشفى و توجه إلى مدينة وجدة !!!!!
أخبرتني زوجتي بعد أيام،بأنها تركت وحيدة، رغم نداءاتها المتكررة للكشف عنها،و القيام باللازم.أمام خطورة هذه الوضعية ، فقدت توازني، و ألححت على الممرضة عن مسوغات غياب الطبيب، ، خاصة أن فقدان السائل قد يعرض الجنين إلى الخطر. في هذه الأثناء،اتصلت بالمندوب الإقليمي لوزارة الصحة عبر الهاتف الذي تعرفت عليه في لقاءات جمعوية، أجابني بنبرة ثقيلة،أنه في اجتماع،وقطع الإتصال.بعثت له رسالة قصيرة أخبره فيها بأن الوضعية خطيرة.
بعد حوالي ساعة أتى الطبيب،و بسرعة جنونية،من وجدة،و دعاني إلى مكتبه،موجهها إلى السؤال » واش راك عارف واش عند المرا ديالك؟؟؟؟ » ، رددت عليه »لا »، أجابني » زوجتك والجنين في خطر،وعليك أن توقع على الإلتزام كي أقوم لها عملية « ِCesarienne »، وأن الممرض المخدر في إجازة ».رفضت بشكل قطعي التوقيع على أية وثيقة،طالبا إرسال زوجتي إلى وجدة،إن لم يشكل هذا خطرا عليها. طلب الطبيب إعطاءه مهلة عشر دقائق.تألمت كثيرا عن اسلوب التواصل الممزوج بالجفاء الذي تعامل به الطبيب معي. في هذه الأثناء،تساءلت مع نفسي، لماذا تداس كرامة المواطن؟لماذا لا يتواجد الطبيب في مركز الولادة بشكل دائم؟ من المسؤول عن هذا الإختلال؟ مع العلم أن الوزارة تخصص السكن الوظيفي في هذه الحالات، و التوقيت يسمى « Résidentiel »،أو الحالة الثانية التي يسمى فيها التوقيت »Astreint ».و أود اشير في هذا السياق، إلى عقيدة يتبناها أغلبية الأطباء في إقليم جرادة، أسها أن مدينة وجدة هي المركز، و أن جرادة ماهي إلا مرحلة انتقالية و أنهم « قبائل رحل » بها، فأغلبيتهم مستقرون بمدينة وجدة.
بعد خمسة عشر دقيقة، خرجت الممرضة، و أخبرتني بأن الزوجة قد أنجبت.لكن الجنين في حالة « souffrant »،و هي تستدعي نقله إلى مركز « Néonatologie » بالمستشفى الجهوي بوجدة من أجل العناية. جلبت لنا سيارة الإسعاف، التي لا تختلف في داخلها مع سيارات نقل الدواب و الخضر، من ضجيج و غياب أجهزة العناية،خاصة مع هذا المولود في وضعية هشة.
بعد يومين، فقدت فلذة كبدي، وحصلت على شهادة الوفاة، مفادها أن ابني توفي وفاة طبيعية.و هنا أتساءل: هل الغياب الميداني للطبيب المولد إبان دخولها مركز الولادة بالمستشفى الإقليمي بجرادة له تأثير على وفاة ابني؟؟ لماذا لا يتوفر مركز الولادة على ممرض مخدر؟ لماذا التلاعب بحياة المواطن؟لماذا لا تعطي وزارة الصحة المسوغ الحقيقي للوفاة، غير التعميم و الحديث عن هكذا وفاة طبيعية؟؟؟؟ نتمنى أن لا نقول يوما ، كما تقول الأغنية الشعبية » آ الصحة تبقاي على خير، أنا و الله ما ننساك ». ولكم واسع النظر.
.
4 Comments
السلام عليكم
أقدم لك أخي ولزوجتك أحر التعازي على فقدان ابنك اسال الله أن يعوضكما خيرا فلله ما أعطى ولله ما أخذ .
معاناتك أخي مع المستشفى تقاسمها ومازال العديد من المواطنين في حالات مرضية مختلفة وخاصة في حالة الولادة الشيء الذي تؤكده مؤشرات نسب وفيات الأمهات والأطفال أثناء الولادة والتي تجعل المغرب في مستويات متدنية من التنمية .
. والجدير بالذكر أن إجراءات تفاديها بسيطة وممكنة تتمحور في ما قلت (وجود طبيب في عين المكان ،الاستقبال الجيد ، المعاملة الطيبة ، توفير بعض التجهيزات…) وباختصار شديد احترام كرامة المواطن .
في الوقت الذي نرى فيه ونعايش كيف تستقبل المستشفيات الغربية مواليدها الجدد ولو من اسر مهاجرة وتحفهم بالعناية قبل ولادتهم وبالاهتمام البالغ أثناءها وبالرعاية بعدها نلمس بجلاء أن هؤلاء الشعوب على مختلف معتقداتها يعطون قيمة للذات البشرية و يحترمون تلك الروح التي أودعها الله في هذا المخلوق الجديد حتى ينمو في ظروف جيدة في أحشاء أمه كما بعد خروجه لهذه الحياة
فلا مجال للمقارنة بتاتا مع ما نلقاه في مستشفياتنا أعزك الله
الشيء الغريب هو أن سي حمزاوي طفله حي يرزق و يبلغ من العمر حوالي 7 أشهر، ما الشيء الدي يجعل المرء يدعي وفاة ابنه؟
عندما كان مرضى السيليكوز يحتجون على الوضع المأساوي بهذا المستشفى عبر الوقفات الاحتجاجية كنت تنتقد هذه الوقفات وعلى نفس المنبر وتعتبرها مجرد حركات سياسية لأطراف معينة . وشاء القدر أن تشرب من نفس الكأس الذي شرب منه مرضى كثر ، وشاء القدر أن يجعلك تقف على الحقيقة الصادمة التي دفعت ساكنة جرادة للاحتجاج . ونقول لك أن الانتخابات مرت ولا زالت ساكنة جرادة مستمرة في الاحتجاج على الوضع المأساوي بهذا » المستشفى » و لا زالت المآسي تتكرر ويذهب ضحيتها مواطنون أبرياء ليس لهم من ذنب سوى أنهم وضعوا ثقتهم في وزارة ومؤسسات استشفائية لم تضمن لهم حقا دستوريا وإنسانيا يليق بكرامة المواطن المغربي ، وها أنت الآن تصبح واحدا من طابور المحتجين من خلال رسالتك المؤلمة إلى السيد وزير الصحة ، فنتمنى أن يسمعها إلى جانب رسائل كثيرة طواها النسيان وجهت إلى سابقيه . وأخيرا نعزيك في ابنك ونواسيك في مصيبتك ونتضامن معك ونتمنى أن يرفع كابوس المعاناة عن إقليم جرادة .
مشكلة جرادة مع الوضع المأساوي بمستشفى جرادة ليست مشكلة مع الطاقم العامل به بل الأمر يتعلق بوضع مركب يجعل الخدمات بهذا المستشفى دون المستوى ، وسلوكات بعض الأطراف العاملة بالمستشفى والتي هي لا أخلاقية ولا إنسانية لا يمكن تعميمها على الجميع . هناك أطراف من داخل المستشفى تتخفى وتتوارى موهمة بان المشكل مع الطاقم الإداري محاولة مصادرة المواطنين من حقوقهم في الاعتراض على وضع مأساوي يتعلق بصحة المواطنين . ونحمد الله أن السيد الوردي وقف على المأساة التي عليها المستشفيات التي زارها واتخذ في حق أطرها قرارات تأديبية حسب ما تناولته وسائل الإعلام .
يمكن أن يكون لأطر وزارة الصحة مطالبهم المتنوعة ومنها توفير الظروف المناسبة للعمل ولقد لقي هذا الأمر تفهما من المواطنين ، غير انه ليس من حقهم مصادرة المواطنين من الاحتجاج ومحاولة تعويم المشكل نحو وجهات أخرى ، التي في الأصل لا يمكن إلا أن يكون هدفه هو توفير الخدمات المناسبة للمواطنين والضامنة للحد المعقول من العلاج حسب ما هو متعارف عليه ، أما ما يتعلق بالسلوك فهو أمر شخصي يرتبط بصاحبه وهو يتحمل مسؤوليته خصوصا إذا كان ذلك يؤثر على حياة مواطن والحال أن أطر وزارة الصحة ملزمون بأداء الخدمات التي من اجلها هم مرتبطون بالوزارة ويتلقوا أجورهم منها غير محترمين أوقات عملهم الذي تحدده لهم الوزارة تهافتا نحو كسب مزيد من المال عن طريق المتاجرة في صحة المواطنين داخل المصحات الخصوصية ، وتعريض حياة المواطنين للخطر والموت في المستشفيات العمومية ، وهنا تتحمل الوزارة وإدارة المستشفى جزءا من المسؤولية .