فرقة قسنطينة الجزائرية تصدح في سماء وجدة على هامش انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للطرب الغرناطي
فرقة قسنطينة الجزائرية تصدح في سماء وجدة على هامش انطلاق فعاليات المهرجان الدولي للطرب الغرناطي
وجدة:ادريس العولة
أعطيت الانطلاقة الرسمية لفعاليات الدورة 21 للمهرجان الدولي للطرب الغرناطي ليلة الخميس 2 غشت الجاري بحديقة للامريم بوجدة،بحضورجمهور غفير حج بكثافة لمتابعة أطوار هذه المحطة الفنية التي عرفت هذه السنة مشاركة 13 فرقة موسيقية تهتم بفن الطرب الغرناطي 10 منها محلية، وفرقة من العاصمة الرباط ،إضافة إلى مشاركة الجزائر بفرقة الأوركسترا الجهوية لقسنطينة، وكذا المعهد الأندلسي للفلامنكو من إسبانيا.
وعرف اليوم الأول من المهرجان تكريم 3 وجوه فنية ارتبط إسمها ارتباطا وطيدا بهذا الفن الأصيل،إذ تعتبر من عمالقة هذا الصنف من الطرب ،لمرجعيتهم التاريخية لهذا الموروث الفني ،ويتعلق الأمر بفنانين وشيوخ أبلوا البلاء الحسن خدمة لهذا الفن الراقي ،ويتعلق الأمر بالفنانين « أحمد بيرو »من الرباط ،ومحمد ولد ناصر من وجدة،إضافة إلى تكريم الفنانة « ثريا السقاط » التي تنمي لحاضرة المدينة الألفية وهي سابقة في تاريخ المهرجان الذي أبى إلا أن يكرم في دورته 21 العنصر النسوي الذي كان ولا يزال لبنة أساسية في كل الفرق التي تمارس فن الطرب الغرناطي لما يضفيه الصوت النسوي،من طابع خاص على نغمات هذا الطرب الأصيل.
ليتم بعد ذلك فسح المجال لفرقة بلابل الأندلس المنحدرة من العيون الشرقية لتتحف الجمهور الحاضر بمعزوفاتها الغنائية التي تجاوب معها بشكل عفوي وتلقائي واستطاعت البراعم الناشئة أن تنتزع تصفيقات الجماهير التي ضاقت بها جنبات حديقة للامريم بوجدة،ليأتي دور الأشقاء بالجزائر المتمثلة في الأوركسترا الجهوية لمدينة قسنطينة التي أبانت عن كفاءة عالية في عزفها للعديد من النوبات الموسيقية الغرناطية والأندلسية نالت إعجاب واستحسان الجمهور الحاضر الذي لم يكف عن تشجيع الفرقة الجزائرية التي بدأت مندهشة لهذا التجاوب الكبير الذي حصل بينها وبين الجمهور الذي لم تثنيه حرارة الجو التي تجتاح المدينة في هذه الآونة من الحضور وبكثافة إلى فضاء حديقة للامريم،لما لهذا المكان من دلالات عميقة في تاريخ المدينة .
وفي نفس السياق عبر عضو في فرقة قسنطينة الجزائرية عن سعادته العارمة،وافتخاره الكبير بتواجده في المملكة المغربية وبمشاركته في هذا المهرجان الذي يبقى مرجعا أساسيا في مجال فن الطرب الغرناطي باعتبار وجدة مهدا حقيقيا لهذا الموروث الفني والثقافي الذي يحمل هموم الإنسان الموريسكي الذي تم طرده إبان نكبة الأندلس،وأضاف متحدثنا لجريدة الأحداث المغربية كونه تفاجأ كثيرا للتنمية الحضرية والبشرية التي قطعتها المملكة المغربية في جميع مناحي الحياة،الأمر الذي دفعني مباشرة بعد وصولي للمغرب، محو تلك الصورة النمطية التي رسخها في ذهني الإعلام الجزائري الرسمي الذي ما لبت يروج صور غير حقيقية عن المغرب،وأضاف بهذا الخصوص كونه كون باقي أفراد المجموعة البالغ عددهم 14 فردا فمنذ علمهم بالمشاركة في مهرجان وجدة كان في اعتقادهم أن مدينة وجدة عبارة عن قرية نائية وفقيرة تعيش على الهامش وهو نفس التصور الذي يروج في ذهن العديد من الجزائريين خصوصا الذين لم تتاح لهم فرصة زيارة المغرب الذي يبقى ملاذا آمنا وموطنا خصبا لكل الفنون كما أضاف نفس عضو الفرقة الجزائرية،وناشد الجهات العليا في البلدين مراجعة حساباتهما السياسية الضيقة،والعمل على إذابة الجليد والخلاف من أجل بناء كيان مغاربي موحد بوسع هذا الاتحاد المغاربي أن يعطي دفعة قوية لتنمية شعوب المنطقة التي تلتقي في عبق التاريخ،وتترابط في الجغرافيا وتتوحد في اللغة والدين ثم العادات والتقاليد.
وهو نفس الشعور التي عبرت عنه فرقة الأوركسترا الجهوية لقسنطينة الجزائرية التي رأت النور في سنة 2005 وتسعى بكل ما تملك من قوة للحفاظ على موروث الطرب الغرناطي القاسم المشترك بين جميع الدول المغاربية.
ولم يفوت الجمهورالوجدي الفرصة لتتبع وبكثافة أيضا، العرض الفني التي تقدمت به فرقة المعهد الأندلسي للفلامنكو،هذا المعهد الذي تجمعه عقدة شراكة وتعاون مع المندوبية الجهوية للثقافة بمدينة وجدة يقوم بموجبها المعهد في إعطاء دروس موسيقية وفنية الغاية منها تكوين فرقة متمرسة على مستوى كل تراب المنطقة الشرقية باعتبارها المنبع الذي لا ينبض من المواهب الصاعدة في مجال الطرب الغرناطي.
وفي لقاء خص به المدير الجهوي للثقافة بوجدة جريدة الأحداث المغربية، أكد كون هذه الطبعة ستكون مميزة عن سابقاتها من خلال الحرص على إعطاء المهرجان بعدا إشعاعيا يليق بمكانة هذا الفن الراقي التي تزخر به مدينة وجدة، التي تبقى على عهدتها المحافظة على هذا التراث من الانقراض أمام موجة العصرنة التي بدأت في الإجهاز على الموروث الثقافي،وأضاف قائلا أن المديرية الجهوية للثقافة بمدينة وجدة تسعى بأن تتحول مدينة وجدة لعاصمة لهذا النوع من الطرب ،من خلال الانفتاح على جميع مكونات المجتمع من سلطات محلية ومنتخبة،وجمعيات المجتمع المدني،إضافة إلى العديد من الشركاء على مستوى القطاع الخاص من أجل الرفع من مستوى هذا المهرجان الذي يعتبر من أعرق وأقدم المحطات الفنية والثقافية بالمغرب إذ يبلغ عمره أكثر من ربع قرن من الزمن،وأكد أيضا أن مثل هذه المهرجانات لا نسعى من خلالها « الشعبوية » والبهرجة فهذا النوع من الطرب له عشاقه ومحبوه،فالغاية منه العمل على الحفاظ عليه من الانقراض،وتشجيع المواهب والناشئة التي مالبتت تنخرط بشكل جلي وواضح في الجمعيات الكثيرة التي تنشط في هذا المجال على مستوى المدينة،حيث تسعى المديرية إلى تعميمه في باقي مدن الجهة الشرقية التي تتواجد بها النواة الأولى فقط تحتاج للدعم والتشجيع من أجل أن تحمل مشعل هذا الفن الراقي دون إغفال جانب التنمية البشرية التي تبقى من أولويات هذا المهرجان .
ومن جهة ثانية اعتبر الميزانية المالية المخصصة لهذا المهرجان بالضئيلة جدا مقارنة مع مهرجانات أخرى،نظرا للأهداف النبيلة التي يحملها هذا الملتقى الفني بين ثناياه،إذ لم تتجاوز الكلفة المالية المرصودة لهذه المحطة 60 ألف درهم كمنح للفرق المشاركة التي لم تتجاوز 15ألف درهم لكل فرقة مشاركة على سبيل الدعم والتشجيع إضافة إلى مصاريف التنقل والتغذية والإقامة أيضا، دون أن يترك المدير الجهوي للثقافة الفرصة تمرليتوجه بأحر تشكراته لكافة الجهات التي ساهمت سواء من قريب أو من بعيد في إنجاح هذا العرس الفني الكبير.
Aucun commentaire