Home»Enseignement»القضية الكبرى

القضية الكبرى

0
Shares
PinterestGoogle+

                       القضية الكبرى

                                               إلى الأخ العزيز الاستاذ الكريم مخمد الشركي الذي اكن له كل التقدير و الاحترام

لا يختلف عاقلان ان قضية التعليم في بلادنا لم تعد اقل الحاحا و حدة من قضايا القوت اليومي و الغلاء و الاسكان و المواصلات , وغيرها مما يشد برقاب التاس الى حد الاختناق.

و اذا كانت  قضايا الناس تاخد اشكالا مختلفة و متنوعة فانها في قضايا التعليم تصل الى حد الهوس في بعض المواسم و شهور السنة , مثل مواسم الامتحانات و .النتائج حيث يهيمن على الاولياء

و الأبناء أنواع من الهلع والذعر المقيم

و من البديهي أن الكثير من هذه المشكلات ، و خاصة مشكلة التعليم ليست مما ينفرد به بلد بعينه ،بل هي قاسم مشترك تتقاسمه معظم البلدان النامية و المتخلفة ، ولعلها تتعداها لتشمل في بعض جوانبها أكثر البلدان تقدما.

ولكن وجه الخطورة أن المشكلة في بلادنا تكتسب أكثر فأكثر طابع الشمول و الحدة،  بعد أن تحولت إلى عبء لا يحتمل على الأعصاب و الأموال تنوء تحت ثقله الطبقات الفقيرة بوجه الخصوص و قسم كبير من الشعب العامل.. هذا على الأقل ، و إذا أغضينا الطرف و أخرجنا من الحساب فئات الأميين و اشباههم في أدنى السلم الإجتماعي ،ممن لا تشملهم خدمة تعليمية أو ثقافية من أي نوع. ومع ذلك تختفي الجذور العميقة و الأبعاد الحقيقية للقضية وراء كم هائل من صور المعاناة، و الظواهر والمشاكل والقضايا التي تبدو جزئية : ابتداء ا من تكدس الفصول ، والعجز الشديد في هيئات التدريس الناتج عن المغادرة الطوعية، والتدهور في مستوى الخدمة التعليمية والثقافية و هبوط التوعية ومستوى الأداء وصولا إلى تفشي ظواهر التسرب والدروس الخصوصية.

و بالرغم من كل مايكتب او ما ينادى به من أجل معالجة قضية التعليم ببلادنا تثبت الإقتراحات و الحلول عدم جدواها في وقف التدهور وتفاقم السوء ، وتبدو الأمور كلها و كأنما بها تسير في طريق مسدود.

ومن الطبيعي أن تحتل القضية الكبرى في مجموعها هذا المكان البارز من اهتمام شعبنا لأنها تتعلق بالخطر المتعاظم الذي يتهدد معنويات هذا الشعب و قيمه ووعيه وتطلعاته نحو المستقبل.

ولكننا نقع في خطأ كبير لو وقفنا بقضية التعليم في بلادنا عند الحدود الضيقة للمشكلات التعليمية، مثل مشكلات النجاح و الرسوب او مشكلات الكم و الكيف ، لأن القضية في بعدها الحقيقي قضية حضارية و إنسانية أكثر شمولا هي الإجابة على السؤال الملح على الجميع : هل ننتمي إلى هذا العصر حقيقة ؟ أم تتقاذفنا رياح النكوص إلى الوراء ؟ وهل نعد بالفعل للمستقبل ، أم أننا نلوي أعناقنا ونتراجع في هذا السباق الكبير الذي يلهب ظهر كوكبنا ، سباق العلم و التكنولوجيا ؟ و الثورات المعرفية والعلمية والإجتماعية ؟ وهل تقديم حلول لمشكلاتنا التعليمية هي من باب المسكنات و الرؤى القصيرة والقاصرة، أم هي جزء من استراتيجية حضارية شاملة ؟ أو بتعبير آخر تصور شامل ومتكامل للمسار الإجتماعي الإقتصادي السياسي والفكري الثقافي ؟ تلك هي القضية الكبرى..

حينها فقط يكون للحلول القصيرة والجزئية مفعولها وجدواها. فالثقافة والتعليم نسيج حضاري متكامل تشد خيوطه و أطرافه بعضها بعضا، و أي خطة جادة للتنمية والتقدم هي مجموعة متكاملة من المفاهيم و التصورات ونظام شامل بالضرورة في الإقتصاد والسياسة والثقافة وإلا كان محكوما عليه بالفشل ، ومن هنا تأتي أهمية التحديد و الوضوح في الأفكار والمفاهيم المتعلقة بالتنمية والتقدم. فما أسهل فقدان الإتجاه، وتبديد الجهد والمال.. وأشد منها خطرا مشاعر الإحباط والعجز أمام المشكلات.

حسن دنيني

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *