الشرعة المهجورة
الشرعة المهجورة
و أنا أتذاكر إحدى الإشكاليات القانونية مع رجل لا يربطه بنا غير ذاك التخصص و الاهتمام بالموضوع- رحت أتساءل و أقول لربما أهل مكة أدرى بشعابها- غير أني فطنت إلى أن الحكمة ضالة المؤمن-
و مضيت أفكر في الذاكرة كيف أن الفاروق عمر بن الخطاب أوقف تطبيق حد السارق في فترة ما عرفت بالجذب و القحط- كان ذلك طبعا لحكمته و عدله- لكنني لم أجد جوابا أفصح به للسيد فرانسوا الذي تساءل باستغراب و هو يقول = كيف تعطون المرأة نصف الرجل و في المقابل لا تقطعون يد السارق- ثم أضاف متأكدا من نفسه قائلا = إما أن تأخذوا كل شيء و إما أن تقبلوا بلا شيء-
فقلت سبحان الله ربما تكون الشريعة في حالة استثنائية- و أن الساهرين عليها أوقفوها في يومنا بتهمة العصر و قذفوها بالسوء و الخذلان- ليس كل ذلك بل قزموها في الزواج و الطلاق و الميراث-
على كل ربما تكون حكمة هؤلاء اقتضت هذا- لكن ما موقعنا في التاريخ- هل نحن معنيون بهذه الشريعة-
غير أنني الآخر أتساءل دوما لما فقط الزواج و الطلاق- لربما يكون طبعا الانحصار الذي وقع في عقولنا كما يعرف في التاريخ بأزمة العقل-
لكن في البدء لابد بعد هذه التوطاة من نقطتين توضيحيتين- أولهما أن الشريعة كقانون و سياسة و كذا نظام حياة هي لا تحتاج إلى من يدافع عنها أو يقرر في حصرها و عدم تطبيقها-
أما ثانيها فان التطبيق هو في البدء ليس قطع يد السارق إنما قطع السبل التي تؤدي إلى السرقة-
إن الشريعة بأية حال هي جامعة مانعة- و كما أنها لا تحتاج لمن يقزم فعلها فهي بالأحرى لا تحتاج لمن يلبسها بالمقابل- لكن حتى نقرب المعنى لفرانسوا و معه بعض الذين يلبسون العلم و يقولون أنهم علميون-
نقول يكفي من تحميل الشريعة ما هي براء منه- و إذا كان و لا بد من وزر في التاريخ فليتحمله أولئك الذين أقصوا و عذبوا حتى الأئمة الأربعة أنفسهم- من هناك إذن أتت الأزمة التي نعيشها و نتنفسها و نورثها لأبنائنا- لا ادري كيف سمحنا لأنفسنا بالتجرؤ على شريعة غراء بل و أننا نقارن أنفسنا بمن هو ابعد منا و نقول حينئذ بفلسفة الفصل و المعاصرة- ربما نقول الماضي فات و مات- بل مات في الذاكرة إخوة يوسف ليبقى الذيب بريئا من دم لم يقترفه-
لا ادري كيف شاب شبابنا من تكرار و إعادة تجارب ونظم نهجناها فلم تسمن و لم تغني من جوع- غير أنها أورثت الذلة و المسكنة و الهوان عند العالمين-
حقيق أننا لا نعرف من نكون من الأصل- و لا حتى ما نريد- ذلك أننا قلنا إن الذاكرة و الماضي رجعية و أن الوقت تغير – فلا تقدمنا ولا هم يحزنون- ثم رحنا نهوي صرعا على رؤوسنا نروم الهروب إلى أمام و لا ندري- نريد الأصالة و المعاصرة و ألفنا نظريات عن الخصوصية ربما غابت حتى على ابن خلدون-
لكن علينا أن نختار إما لهؤلاء و إما لهؤلاء – لان التاريخ لا يرحم ولان المنافقين في الدرك الأسفل من النار-
ثم سالت لم فقط الزواج والطلاق- هو الحيز و البوتقة التي بقيت تترجم بشكل من الأشكال انتسابنا لهذه الشريعة- حتى انه غلب على فقهنا في مقابل الفلسفات العقيمة ما اسماه محمد الغزالي رحمه الله بفقه المسالك البولية- نعم عدنا لا نسال عن الشريعة إلا في هلك و ترك- و طبيعي إذن أن يتبادر إلى الأذهان مجموعة إشكالات بالتوالي- مثل العلمنة و الحداثة و ربما حتى الأمركة لأننا سنسمع في المستقبل القريب الحديث عن إسلام أمريكا-
طبيعي كما قلت ما دمنا قد أعطينا المثل السوء- و نسينا انه في البدء كان المسجد حين كان المعلم الأول قائد الأمة و الجيش و من مسجده انطلقت البعثات و الغزوات و فيه أبرمت المعاهدات و فضت لمنازعات-
قلت كان لأنه من باب العودة للأصل فضيلة و لكن هذا المفروض أن يكون- و لما لم يكن فقد قال كذلك أمين معلوف عن الصوامع أنها الصواريخ التي لا تنطلق- و لكنها بل تنطلق و تنطلق إن نحن تصالحنا مع الشرعة المهجورة-
عزو سمير
من فرنسا
1 Comment
السلام عليكم أخي الكريم إم أعداء الإسلام يعلمون أنا لا نقرأ ومن ثم يجرونا إلى المواضيع التي يمكن لهم أن يسجلوا فيه نقطا علينا أو على الأقل يزرعوا فيما الشك .أخي الكريم بغض النظر عن الحكمة التي وراء توريث الأنثى نصف ما برثه الذكر وهي حالات لا تتعدى الأربعة فإن هناك ثلاثون حالة تتساوى فيها المرأة مع الرجل في الميراث بل هنا حالات يحرم الرجل من الإرث وترث المرأة .بل وأحيانا ترث المرأة أكثر مما يرث الرجل .فأين الحيف ضد المرأة الذي يدعونه ؟ ولماذا لا يثومون بجرد كل الحالات التي ترث فيها المرأة والرجل ثم يقومون بعد ذلك بالمقلرنة…. فدعهم في طيغيانهم يعمهون ولا حول ولا قوة إلا بالله