هل فشل أو نجاح المنظومة التربوية…….. مؤشر على فشل أو نجاح منظومة المجتمع ؟
لا يختلف اثنان ان الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمغرب وتصنيفه في خانة بلدان « العالم الثالث « ، حتم عليه طوعا اوكرها الانفتاح على القارات الخمسة بدءا من القطاعات الاقتصادية والثقافية والرياضة وصولا الى اخطر قطاع الا وهو التربية والتكوين، والمعول عليه في انتاج العنصر البشري القادر على رفع التحديات المستقبلية بكل تناقضاتها الداخلية والخارجية، ففي غياب استراتيجية وطنية منبثقة من مشروع مجتمع واضح المعالم والاهداف اصبح التدخل في هذا القطاع صارخا باسم هذا الانفتاح سواء من الجهات التي اتخذت لنفسها الصفة الرسمية او تلك التي اتخذت لنفسها الصفة الأخرى كجمعيات المجتمع المدني والمنظمات الغير الحكومية…..، مما خلق ارتباكا واضحا في الرؤية والتوجه معا، وما بضاعة كزافيي في ميدان التربية والتكوين وبضاعة كريس في ميدان الرياضة اللتان اسيل حولهما ولا زال الحبر الكثير ، الا الشجرة التي تغطي الغابة وما خفي اعظم.
فاذا اخذنا هاذين المثالين على سبيل الاستئناس، فلا احد يجادل ان هاذين الشخصين لهما من التكوين والممارسة ما يؤهلهما لتصدير بضاعتهما بالمنطق الاقتصادي المبني اساسا على اقناع الزبون بقيمة المنتوج سواء من حيث الجودة او المردودية، وقد ينطبق هذا المثل على كل القطاعات الاخرى، وبالتالي لا يمكن توجيه اللوم لصاحب البضاعة بقدر ما يجب توجيه اللوم لمقتني البضاعة او المستهلك وما دمنا نتعامل بالمنطق الاقتصادي فيمكن تشبيه هذا المثالين بالزبون الذي اشترى جهازا اليكترونيا دون ان يطلع على ورقة المواصفات المرفوقة به ولا عن طريقة تشغيله، لان الحاجة تبرر الوسيلة كما يقول المثل.
والسؤال الذي يفرض نفسه بالحاح لماذا كل هذه الجعجعة حول منتوج « مدرب تربوي » أو منتوج « مدرب رياضي » الذي اخذ منا الجهد والوقت اكثر من جهد ووقت انتاج صاحبه؟ ولم يتوقف الامر عند هذا الحد بل تعاداه الى مواضيع فرعية خلافية حول المنتوجين، ليس بين ابسط المواطنين بل حتى لدى اصحاب الشأن نفسه، فمنهم من رفض البضاعة المستوردة جملة وتفصيلا وله مبرراته، ومنهم من استمات في الدفاع عنها وله مبرراته، ومنهم من اخذ العصى من الوسط مقترحا الإحتفاظ بها مع ادخال تعديلات عليها، ناهيك عن الجدل حول تكاليف البضاعة، والامر لم ولن يتوقف ابدا سواء في مجال التربية او الرياضة او غيرهما والسبب في اعتقادي هو اننا نحاول علاج اعضاء جسم المجتمع مجزئة، حسب ما تقتضيه ظروف المرحلة وحدة ألم العضو المشتكي، وخير دليل على هذا لم تمض الا اشهر قليلة على تنصيب الحكومة الجديدة المنبثقة من رحم الدستور الجديد، وكما نقول في الرياضة لم تزل في مرحلة التسخين للدخول الى المقابلة حتى انهالت عليها الانتقادات من كل حدب وصوب، ربما اكثر بكثير من الحكومات التي سبقتها، وهو امر طبيعي لأنها جاءت في ظروف غير طبيعية، واعني بها الحراك العربي بصفة عامة والحراك المغربي بصفة خاصة، والاخطر ما في الامر انها مطالبة بتلبية طلبات المجتمع المغربي الذي انتخبها « فئويا » وليس وطنيا، وبسرعة الشعار المرفوع « الشعب يريد » والاصل غير ذلك بل « الفئة تريد » وكل فئة متفرعة الى « فئات تريد » وما حصل للسيد وزير التربية الوطنية او وزير النقل الا دليلا على ذلك وقد اخالف راي من يقولون ان رئيس الحكومة كان عليه اختيار الوزير الفلاني من الحزب الفلاني في الوزارة الفلانية، لان الامر اعقد مما نتصور، وحتى لو اتينا بوزراء يابانيين ليس باستطاعتهم حل هذه التناقضات، في غياب الرؤية الشاملة .
في ظل هذا الوضع وتسارع الاحداث، وطنيا ودوليا هل بإمكان المغاربة رفع هذا التحدي؟ هل يملك المغاربة كل المقومات البشرية والمادية لانتاج مشروع مجتمع مغربي خالص ينخرط فيه الجميع ؟
حسب رايي المتواضع كمواطن مغربي، يمكننا ذلك، فكل المقومات الضرورية متوفرة، كل ما ينقصنا هو تغيير شعار « الفئة تريد » ب » الوطن يريد » واعني به التنازل ولو جزئيا عن انانيتنا وتجاوز خلافاتنا، لان ما يجمعنا اكبر بكثير بما قد يفرقنا، وليكن قطاع التربية والتكوين هو القاطرة التي تجر كل العربات، وما سر تقدم الشعوب الا بتقدم تعليم بلدانها، اما البحث عن البديل لذلك فهو درب من الخيال، وعليه فالمسؤولية الوطنية ملقاة على عاتق رجال ونساء التعليم بكل فئاتهم بدءا من روض الاطفال الى الجامعة، ولن تضطلع هذه الفئة بهذه المسؤولية الوطنية الا بإعادة الاعتبار لها، وتمكينها للوسائل الضرورية قصد دخولها في حوار وطني شامل ينطلق من القاعدة، يروم انتاج منظومة تربوية مغربية خالصة متخلصة من كل الشوائب العالقة بها، قادرة على التفاعل مع تغيرات المجتمع المغربي الانية والمستقبلية، وهو امر ليس بالهين لكن ليس بالمستحيل لان من يحمل هما مهما كان هو في صراع دائم لا يجاد الحل المناسب له، وما بالك بمن يحمل هم الاجيال؟
فهل صحيح نجاح او فشل المنظومة التربوية هو المؤشر الحقيقي على نجاح او فشل منظومة المجتمع؟
Aucun commentaire