« الخاوا « فيلم قصير بمضمون كبير
وجدة:ادريس العولة
أسدل الستار مساء يوم السبت 3 مارس على فعاليات المهرجان الأول للفيلم الروائي القصير بوجدة، بتتويج فيلم » مختار »ضمن المسابقة الذهبية لهذه التظاهرة السينمائية ، لمخرجته حليمة الودغيري » المقيمة بالديار الكندية حيث تعذر عليها الحضور لوجدة لتسلم الجائزة.
في حين تم تتويج فيلم » الخاوا « للمخرج خالد سلي ضمن المسابقة الفضية بجائزة المهرجان .
شريط قصير من ناحية الزمن لكنه يحمل في ثناياه مضمونا عميقا ،يجسد واقعا ملموسا يمكننا تفاديه بكثير من التبصر والتمعن فالأمر يحتاج لإرادة سياسية حقيقية وقوية ،وعلى عدة مستويات ، لزرع الروح في اتحاد مغاربي موحد رأى النور في المدينة الحمراء « مراكش » خلال 1989 قبل أن يصاب هذا الاتحاد بالمرض والشلل وتتفرق السبل وتولد المعاناة والمآسي من جديد وبصفة خاصة لساكنة الحدود المغربية الجزائرية أين تلتقي الأعراف والتقاليد ،تلتقي اللغة والدين والثقافة التاريخ الجغرافية وأكثر من هذا تلتقي المصاهرة الأمومة الأبوة والمصلحة أيضا، قبل أن تهب رياح قوية وتريد أن تعصف ببعض القواسم والروابط المشتركة بين الشعبين الجارين التي لا يمكن للقرارات السياسية أن تتحكم فيها بشكل كلي ،ولا يمكنها أن تقف حاجزا وسدا منيعا في وجه عمر ذلك الطفل البطل في شريط « الخاوا » لمخرجه الأستاذ » خالد سلي » فعمر لم يؤمن بقرار سياسي يحد من تحركاته وتنقلاته ولو كان الاتجاه نحو تراب بلد آخر ،فهو اعتاد على زيارة خالته في الضفة الأخرى كما هو الشأن بالنسبة لقريبه ،عمر المسكين لم يكن يتوقع أن تكون آخر زيارة له لخالته ولم يتصور أبدا أن رصاص جندي كان يعرفه حق المعرفة ويكن إليه احتراما كبيرا ويناديه « بعمي » سيخترق جسده النحيف قبل أن يجد العم نفسه مجبرا ومرغما على تنفيذ أمر رئيسه المتهور والقاضي بقتل طفل صغير برئ كان يبادله العم نفس الشعور وكان يفضل مناداته بابنه تردد العم كثيرا قبل تنفيذ الأمر ،اختيار صعب في مثل هذه الحالات ،لكن العم لم يتردد في تنفيذ أمر ضميره في اللحظة ذاتها والانتقام لعمر .
ذلك الطفل الذي لا ذنب له فيما حصل من تنج سياسي بين بلدين جارين أدى إلى إغلاق الحدود البرية بينهما ولمدة قاربت 18 سنة وبالضبط في صيف سنة 1994 على خلفية حادث فندق أطلس « إسني » بمدينة مراكش ،حيث فرضت السلطات المغربية حينها تأشيرة الدخول على الرعايا الجزائريين في خطوة احترازية أمنية وخصوصا أن بعض المتورطين في حادث الفندق المذكور، يحملون الجنسية الجزائرية .
هنيئا لفيلم « الخاوا » لمخرجه خالد سلي بهذا التتويج خلال الطبعة الأولى لمهرجان السينما المتعلقة بالأفلام القصيرة الروائية ،فعرض شريط « الخاوا » عرف استحسانا كبيرا من لدن الجمهور الحاضر الذي تفاعل مع الفلم بشكل عفوي وتلقائي وخصوصا أن الشريط توج في وقت وتحت موضوع آني وشائك ،فالتحركات كثيرة والمبادرات عديدة تسعى كلها في اتجاه التقارب المغاربي وإعادة الدفء والحرارة التي بإمكانها إذابة الثلوج المتراكمة وإحياء فضاء مغاربي متماسك وقوي في جميع مناحي الحياة .
إذن أسدل الستار على الطبعة الأولى وأصبح لزاما على الجهات المعنية أن تفكر من الآن في النسخة الثانية انتقال لا بد له من المرور عبر محطة تقييمية تهم محطة اليوم من أجل الوقوف على الأخطاء والهفوات التي عرفتها مجريات هذا المهرجان مع العمل على تفاديها مستقبلا .
صحيح أن المهرجان قد عرضت خلاله العديد من الأشرطة الجيدة عالجت قضايا اجتماعية متنوعة ومتعددة كان حري بإدارة المهرجان أن تجتهد أكثر في إبراز مضامين هذه الأشرطة التي تحتاج لإيصالها للمتلقي عن طريق وسائل الإعلام من خلال عقد ندوات صحفية مع مخرجين ومنتجين لمعرفة أكثر ما تشمله هذه الأشرطة والرسائل التي تريدها أن تصل للمتلقي فأتمنى من إدارة المهرجان أن تتفادى هذا النقص الذي لا يخدم مصلحة تسويق منتوج سينمائي تربوي يمكنه رد الاعتبار للمجال السينمائي بالمدينة الذي يحتضر إن لم نقل أنه مات في غفلة من الجميع .
Aucun commentaire