الســــلوك الــــى ســـبـــأ
السلوك إلى سبأ
ربما يكون السلوك عاملا من عوامل التقدم أو التخلف عند الأقوام و الحضارات- كما لا يكون هذا السلوك سويا بفعل اعتبار واحد من الاعتبارات- غير أن الذي نلحظه عند مقارنتنا لأنظمة اجتماعية
مختلفة هو تباين الوسائل و الآليات المعتمدة-
لكن الذي يعنينا هنا بالدرجة الأولى هو معرفة سبب تردي و فوضوية السلوك عند الإنسان العربي و المغربي بالخصوص- لماذا لا نفكر و لا نفعل و لماذا غلبت علينا شقوتنا و تفرق عقلنا في اتجاهات انحرفت بنا ربما عن التاريخ- أسئلة كلها مشحونة بشجون طويل- وجدت إشارة لجوابها في خطبة الدكتور المصري الذي اعتلى منبر الجمعة خطيبا على المغاربة- الذين يشكلون الأغلبية الساحقة بهذا الحي في المهجر- فقلت على الأقل هذه تحولات جذرية ساقها واقع هذا الزمان و الظروف- لكن بيد أن هؤلاء قد قبلوا جنسية أخرى بينهم فهذا نفسه لسبب من الأسباب- ذلك أنهم لم يجدوا من الدكاترة المغاربة بينهم من يعطي لهذا المنبر حقه- أو لنقل بعبارة أخرى شواهدهم فارغة مثل فراغ من أطرها و كان مفروضا أن يوجهها-
على كل نعود و العود احمد لنقول انه لا اعتبار لجنسية و لون و اسم الخطيب غير مستواه و أن ليست دكتوراه هي العبرة إنما العبرة بالجوهر و المعاني كما يقال- ثم إن أكرمكم عند الله اتقاكم-
مضيت إذن أفكر في التصوير الذي قدمه لنا الخطيب و هو يحكي قصة هلاك قوم سبا- كيف أنهم بنوا السد العظيم الذي يقال انه سد مأرب بين الجبلين لتتحول ضفتيه إلى جنان و بساتين- فكانت قريتهم محطة يمر بها المسافرون كما أن أهلها كان يكفيهم المرور بالسلال من تحت الأشجار لتمتلئ هذه الأخرى بأطيب الثمار دون جني أو عناء- لكن كان أن دعوا الله بان يباعد بينهم و بين القرى الأخرى حتى يتنعموا لوحدهم و لا يشاركهم احد في تلك الخيرات- فانتهى كل شيء في الأخير إلى سدر قليل- يقول تعالى في سورة سبا = و جعلنا بينهم و بين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة و قدرنا فيها ليالي و أياما امنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا و ظلموا أنفسهم فجعلناهم أحاديث و مزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآية لكل صبار شكور-
لقد ساقني هذا التصوير التاريخي لهلاك قوم سبا إلى التفكير مليا في أمر إنسان اليوم عندنا- كيف يحسب انه صنديد و انه في الحقيقة غلبت عليه أنانيته- كيف أن الواحد منا إذا ما مر من باب أغلقه ورائه و دعا الله بإخلاص أن لا يدخله احد من بعده-
لقد نظرنا للرشوة و قلنا إنها مجرد هدية- و نبرر سلوكيات الانبطاحية و الأنانية و نقول انه الاستعانة بالسر و الكتمان- و نحجب الخير و لا نروم إشاعته ثم نقول إن العين حق- كل ذلك مركبات في العقل و لا يوجد دوائها إلا في فهم و انطلاقا من بيئتها-
أظن انه في مثل هده الأعراض إما أن نكون أو لا نكون- أي أن الذي يحتكم لاعتبارات الدين و يقول السر و الكتمان و العين مثلا من المفروض أن يكون سلوكه وفق هذا الدين بالأحرى- أما الفوضوي الذي تبرئ منه الدين و هو يتكلم عن مادية أقوام آخرين فعلى الأقل ينضبط بشكل من أشكال النظم المادية- لكن المشكلة كل المشكلة أننا بين بين و لذلك كما قال احمد مطر = رآنا امة وسطا فما ابقي لنا دنيا و لا دينا- انه ذلك الخبث و ذاك الجشع الذي يسكننا و لذلك فلا حاجة أظن للبس الألوان الزاهية للأخلاق و الدين لان المؤمن كيس فطن و لان التاريخ لا يرحم فهو يتجاوز الأمم و يمزقها كل ممزق إذا غابت أو انعدمت سلوكياتها-
رجعت إلى نفسي و سالت ما الشيء الذي يجعل الواحد منا يتكتم إلى درجة الخبث ربما- و كيف انه قد يسافر ولا يقول حتى إني مغادر- انه الخوف بل الرعب الذي بموجبه يتوقف العقل عن التفكير و التمييز- و لقد وصل بنا الحال و نحن مغتربين في بلاد الناس إلى أننا قد نشارك في انتخاباتهم حتى ندفع مع الدافعين عجلة إيقاف الزحف و الهجرة- و لو كان يسمعنا رئيس الجمهورية هنا لقلنا له بكل إخلاص وفقك الله في غلق الأبواب من ورائنا نهائيا و ربما حتى غيابيا كي لا يعود من ذهب عطلة الى ارض الوطن-
لماذا كل هذا إذن و إلى أين يا ترى –
إنها ليست الأخلاق كما قد نتوهم- ولا هي المثل بالأحرى- إنما هي أزمة العقل صنيعة العقود و القرون- أخرجت الإنسان في قواليب من الخبث و الأنانية- و لكن ما دام الله لا يظلم مثقال ذرة فان الغربة تلد غربة أخرى و قارة ترمي لأخرى ابعد منها و هكذا دواليك يولد المهاجرون من مهاجرين-
فيقول بسيط التفكير انه العيش و الخبز كما قد يقول الفوضوي هذا زمان العولمة بلا حدود- طيب فلماذا إذن لا تذوب أنانيتنا هذه في الاعتبارات التي قد تؤثر في أمم و أقوام دوننا- انه العقل
لقد فهمت حينئذ كيف يمزق الأفراد كل ممزق و ما ظلمناهم و لكن أنفسهم كانوا يظلمون-
وقالوا لنغير سلوكنا – فرجعت بتفكيري إلى يوم التقينا في استراسبورغ بأطر من كل العالم بالدكتور أمين الميداني في إحدى تربصات تدريس حقوق الإنسان- حيث طلب منا كتذكار التوقيع على دفتر يحتفظ بأسماء شخصيات مرت كما قال من ههنا لتشغل حاليا مراكز هامة في الوطن العربي بل و حتى رئاسة الحكومة- فاستدرك و قال مستغربا لا ادري كيف أن هؤلاء يتشبعون هنا بهذه النظريات و لكن بعودتهم إلى الوطن لا يفعلون شيئا- فسئلت صديقي الدكتور عن السبب ليقول لي بكل بساطة إنهم لا يستطيعون و لا يتركونهم- غريب كأننا نتحارب في دواخلنا أو أننا لا نريد حلا لأنفسنا- قلت بل لا يا دكتور لو كان لهؤلاء سلوك ما- أي سلوك لكان فعله قد تسرب بأي حال من الأحوال- و لكن من لا سلوك له أولى به أن لا يحدثنا عن السلوك- فإذا كان و لا بد فليكن علينا كلنا لأنه –حرام على قوم أهلكناهم أنهم لا يرجعون-
سمير عزو من فرنسا
3 Comments
( و لو كان يسمعنا رئيس الجمهورية هنا لقلنا له بكل إخلاص وفقك الله في غلق الأبواب من ورائنا نهائيا و ربما حتى غيابيا كي لا يعود من ذهب عطلة الى ارض الوطن)- ! غريب يا دكتور!
(فلماذا إذن لا تذوب أنانيتنا هذه في الاعتبارات التي قد تؤثر في أمم و أقوام دوننا- انه العقل) مادا تقصد سيدي, بصراحة اجد كتاباتك غامضة. اذا كان الامر يتعلق بمحاولات ادبية, فاسالتي ملغية اما ادا كان تشخيصا لواقع فالامر يحتاج الى بعض التوضيح.
ويمكن ان تجيب حتى بالانجليزية. او بالشلحة.
سلام الله عليكم و على الفجيجي و اهل فجيج أجمعين و بعد
كنت أروم إيضاح ما قصدت به –العقل- للسيد الفجيجي بالفجيجية التي لم تحظى بمكان في التلفة المغربية- لكن لتعميم الفائدة أجدني ملزما للإفصاح بلغة الضاد التي تجمعنا- غير انه يقول عنها الأموات أنها ميتة- ذلك أيضا هو العقل-
فلا علاقة إذن يا سيدي بالأمية- إنما الذي اقصده ههنا هو تلك التراكمات كما قلت صنيعة العقود و القرون أنضجت إنسانا
أقول على العموم لا يفكر و لا يستطيع لذلك سبيلا بطريقة و شكل يفعله أقوام آخرون-
و للإيضاح أكثر مثلا يقولون بالفيجيجية = وي زدمن افر تسكيت- أي أن الذي يقطع العشب مثلا يخفي السكين المخصص لذلك- و لقد أوضحت أيضا و قلت انه الخبث و الأنانية- فلا علينا إذن مسألة العقل ربما ترتبط حتى بالذاكرة-
و لربما أكون قد أتكلم من بيئة ومحيط مغاير لما نعيشه في الضفة الأخرى- غير أن العبرة تبقى بالجوهر و المعاني-
Adresse messagerie : samir.azzou@caramail.com
En réponse à votre remarque monsieur, dans mon propos là je voulais dire par Al-aql ou la pensée – l’isprit : ce qui concerne l’ensemble des comportements, et j’ai cité par exemple : l’égoisme, si vous voulez bien chez les gens de Figuige existe un petit proverbe berber qui dit : « wi zadman iffar tasakkite »; donc c’est là le problème chez les arabo musulman compris les berbers puisqu’ils sont..! et c’est enfin une sorte de crise de pensée