هل يعيد الإتحاد الإشتراكي ترميم بكارته السياسية بعد خروجه إلى المعارضة؟
الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية حزب سياسي مغربي له رمزيتة و شرعيته النضالية و التاريخية.فقد كان يتشكل إبان الإستعمار من نخب وسطى متعلمة غادرت البادية و ترقت السلم الإجتماعي نتيجة التغيرات في البنيات الإقتصادية و الإجتماعية التي خلقها المستعمر الفرنسي،و تبنت الفكر الإشتراكي و انخرطت في تيار ينتمي إلى حزب الإستقلال مقابل الجناح البورجوازي المديني المحافظ المتعاطي للتجارة و المتمركز في المدن الكبرى كفاس و مراكش.لذا فغياب رؤية واضحة حول شكل الدولة و طبيعة النظام السياسي الذي سيتشكل بعد الإستقلال،خلق أرضية للصراع بين التيارين الهامين داخل حزب الأستقلال،و انتهى هذا التطاحن بخروج الإتحاد الوطني من رحم حزب الأستقلال سنة 1959.و إثر ذلك سيدخل في صراع مرير مع النظام السياسي،و دفع الحزب فاتورة غالية حيث تعرض مناضلوه للتنكيل و الإعتقال التعسفي و المحاكمات.وفي سنة 1975 ،وبعد المؤتمر الإستثنائي ،سيحمل الحزب اسم الإتحاد الإشتراكي و يتبى خيار بناء الدولة الوطنية و نهج المسلسل الديمقراطي.وقد اعتبر الحزب مشتلا لإنتاج النخب،و قوة اقتراحية لا محيد عنها،و تجلت قوة الحزب في ما يمكن أن أسميه في « تعدد الجبهات » التي تبناها و المتكونة من:
1- الجناح القومي الذي كان يتزعمه الفقيه البصري،و شيخ العرب ….و كان يمتح من الإيديولوجيا القومية،و تمكن من نسج علاقات مع الأنظمة القومية كحزب البعث في كل من سوريا و العراق….
2- الجناح النقابي المتمثل في الكونفدرالية الديمقراطية للشغل،التي شكلت تنظيما موازيا يمكن استعماله للضغط.
3- الجناح الحداثي الذي تصالح مع رأس المال،و جزء منه أسس جريدة الأحداث المغربية.
4- الجناح القريب من الدولة،و المفاوض معها و المتدخل إبان الأزمات.
5- الشبيبة الإتحادية ،الحاملة لأفكار راديكالية،المواكبة لعنفوان الشباب.
6- اختراق التنظيمات المدنية كاتحاد كتاب المغرب ،و اتحادات المهنيين ،كالأطباء و المحامين ….إلخ.
هكذا استعمل الإتحاد الإشتراكي هذه الجبهات في سياق الصراع مع الحكم،او التقارب معه حسب السياقات و الأجندات الزمنية.
بعد التغييرات التي عرفها العالم في تسعينات القرن الماضي،لم يخرج المغرب من هذا الإستثناء.مما دفع بالتقاء المؤسسة الملكية و الأحزاب المعارضة بقيادة الإتحاد الإشتراكي من المشاركة في الحكم،في إطار التناوب التوافقي.و يمكن أن نقول أن القناعة التي كان يمتلكها الإتحاد الإشتراكي في تسييره الحكومي تجلت في عدة مستويات:
1- خلق أجواء الثقة بين أحزاب المعارضة و النظام السياسي،بعد سنوات من الصراع فوت على المغرب فرصا كثيرة من أجل بناء المغرب الحديث.و ما التصويت الإيجابي على الدستور سنة 1996 إلا جزء من بناء أواصر الثقة.
2- مقاربة الإصلاح الإجتماعي و الاقتصادي و تأجيل ورش الإصلاح السياسي الدستوري،و اعتبار التحالف مع المؤسسة الملكية استراتيجيا لإعادة ميزان القوى لصالح قوى التغيير،ضدا على مصالح القوى المحافظة و الما فوق دولاتية.
3- تجاوز السكتة القلبية التي أعلنها الراحل الحسن الثاني،و تحمل المسؤولية من موقع الحس الوطني.
لكن هذه الأهداف النبيلة ستتبخر بعد تعيين ادريس جطو وزيرا أولا،و هذا ما أكده البيان الشهير للمكتب السياسي لحزب الوردة مؤكدا الخروج عن » المنهجية الديمقراطية »،و ما أعلنه عبد الرحمان اليوسفي في بلجيكا عن وجود جيوب المقاومة.غير أن البيان الناري لم يدفع الحزب إلى الخروج إلى المعارضة بل تشبث بالمشاركة في الحكومة و هذا يمكن رده إلى انسلاخ قشدة الحزب عن القواعد،و قرب مصالحها من مصالح البورجوارية العليا.و حري التذكير هنا،إلى أن مشاركة الإتحاد الاشتراكي في الحكومة،تزامنت مع تغيرات تنظيمية عرفها الحزب من قبيل اجتثاث مراكز قوته و هي الجبهات المتعددة،و انفتاحه على الأعيان و على طبقات وسطى لم تترق في سلاليم النضال الاتحادي ،و الولاءات من طرف مكاتب الفروع…..كل هذا دفع بالحزب إلى القهقرى،و تم تحميله مسؤولية فشل تجربة التناوب التوافقي،حيث عوقب في انتخابات 2007،و تبوأ المرتبة الرابعة،والبورجوازية الصغرى في مدن الساحل الأطلسي التي كانت تعتبر الإتحاد الإشتراكي حاملا لطموحاتها هجرته و صوتت لحزب العدالة و التنمية.
يجب التذكير هنا إلى أن حزب الوردة ربط دائما بين الشق الثقافي و السياسي،و عرف بروز مفكرين كبار من طينة عابد الجابري الذي تبني نقد العقل و التراث العربيين ،و عبد الله العروي الذي تنبى الماركسية التاريخانية كأداة للتحليل من خلال تبني التراث و تجاوزه.زيادة على هذا،ساهم الإتحاد في إنتاج قواميس انضافت إلى الخطاب الإعلامي و السياسي من قبيل » الحياد السلبي » و » الحزب الإداري » و « المنهجية الديمقراطية » و » الوافد الجديد »…..إلخ.
الآن انتقلنا من حكومة التناوب التوافقي إلى حكومة التناوب الديمقراطي التي أتت بحزب المصباح على رأس الحكومة،في ظل سياق ربيع عربي و ما عرفه من تغييرات،و الإتحاد الإشتراكي اختار صف المعارضة،مسوغا ذلك تكريس التمايزات السياسية و القيمية وفرز اقطاب سياسية واضحة ،و الحاجة الوطنية إلى الإتحاد الإتحاد اللإشتراكي،وتوحيد الحزب اليساري الكبير ،مقابل الإتجاه المحافظ الذي يتزعماه العدالة و التنمية و حزب الإستقلال.زيادة على هذا ،فحزب الوردة يتبنى معارضة بعيدة عن حزب الأصالة و المعاصرة الذي ابتعد عنه مؤسسه فؤاد على الهمة،الذي يبدو أنه وصل إلى الأهداف المنشودة و المتمثلة في :
1- حلحلة المياه الراكدة في المشهد السياسي المغربي ،و خلق دينامية، في مسار الأحزاب السياسية،
2- محاصرة المشروع السياسي للإسلاميين،بعد دسترة توصيات الإنصاف و المصالحة،و إنصاف المرأة و دعم مساواتها و مناصفتها ،و بالتالي أصبح هامش مناورة الإسلاميين ضيقا. فالإسلاميون – عكس الحداثيين – في الحكومة الحالية،سيهتمون ب « استقرار الأسرة « المغربية عبر دعمها في مجال الحضانة و غيرها.
هكذا عاد السيد فؤاد إلى دواليب الدولة كمستشار للملك،و اتضحت بصماته في التوليفة النهائية لحكومة بن كيران التي لاقت صعوبات في إخراجها إلى الوجود.
لقد أكد ألإتحاد الإشتراكي ،أن تحندقه في صف المعارضة،يروم من خلالها معارضة البرامج الحكومية ،و ليس الحكم. لكن المتتبع للشأن السياسي يستتنتج المرارة التي يحس بها الحزب،الذي تآكل بفعل مشاركته الحكومية،مع حصيلة جد سلبية،تتمثل في زيادة البطالة،و اصطفاف المغرب في المراتب الأخيرة في سلم التنمية على الصعيد الدولي،و مخزنة نخبه.و يرى أن الفرصة التاريخية مواتية لإسترجاع قواعده،و لعب دور أساسي من أجل العودة بقوة سنة 2016 لقيادة الحكومة. فهل ينجح في ذلك ،و هل ذاكرة المغاربة ضعيفة لكي تنسيهم ذلك؟أم أن المغاربة يتماهون مع خطاب المعارضة؟ و هل يعيد الإتحاد الإشتراكي ترميم بكارته السياسية ؟هذا ما تجيبنا عنه السنوات القليلة القادمة !!!!!!!
.
3 Comments
L’USFP a participé à plusieurs gouvernements et a démontré,malheureusement, qu’il n’était en rien différent des autres partis. Il a perdu toute sa crédibilité pare qu’il a failli à tous ses devoirs envers le peuple. C’est un parti qui a menti , trahi ses engagements pour profiter du confort des fauteuils de ministres. Pire,il a oublié les couches populaires qui formaient sa base éléctorale pour pactiser avec la droite libérale et sans principes.
Pour moi,l’usfp est mort .Mais les peuples ont la mémoire courte et il pourrait se refaire une santé d’ici quelques dizaines d’années.
signé: un ex. usfpiste.
البكارة السياسية للاتحاد الاشتراكي لا يمكن ترميمها إلا بزوال من افتضوها،وهم معروفون ويعدون على رؤوس الأصابع
فوز حزب العدالة لم ياتي وليد الصفة بل لعدة اعتبارات من بينها عدم تجربته في التسيير رغم ان الكل ينظر اليه كما تنظر الاكلة الى اللحم وتبقى هذه الفرصة الوحيدة الى التصالح مع الاحزاب ورد الاعتبار للكل كيفما كان نهجهاوفي حالة اخفاقها سوف تكون الكارثة والعزوف عن الانتخابات واملنا في الله كبير وفي رجال المغرب الشرفاءواذا ثبت العكس اي النجاح فلا شك اننا سوف ندخل في الانتماء السياسي الحق والمنافسة الشريفة ونتمنى ان يكون الرجل المناسب في المكان المناسب