العدالة والتنمية :عفوا العملية نجحت لكن المريض مات ؟
ـ العوامل الموضوعية الممهدة للإستثناء المغربي:
بعد الحراك الذي شهده الوطن العربي، والذي أفرز إلى الواجهة عودة الإسلام السياسي وسيطرته على كل الإستحقاقات الإنتخابية التي جرت لحد الأن في الدول العربية، هدا المعطى أربك كل المخططات الإستراتجية التي كانت تبني عليها القوى الدولية سياستها بعد الأزمة الإقتصادية التي التي هزت عرش أكبر الإقتصاديات في العالم، وبالتالي لجأالمجتمع الدولي إلى بدائل وخيارات تكتيكية ظرفية للإنحاء لعاصفة المد الكبير لحركية الشارع العربي، وتعاملت الدول الغربية بنوع من البراغماتية السياسية، وتخلت عن أنظمة حليفة واستراتجية وانحازت كتنازل مؤلم لصفوف الجماهير العربية،إلى حين تغير المعطيات وبالتالي إفرازمواقف تنسجم مع الواقع الجديد.
إن انحياز الدول العظمى إلى خيارات الشعوب العربية كنوع من الشعبوية الدنيئة ونوع للإلتفاف على القضايا الجوهرية في بؤر التوتر في العالم وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتي عملت أمريكا كل مافي جهدها لتمويه حركية الشارع من مطالب قومية ودينية إلى مطالب قطرية، وهو فخ من فخاخ كثيرة لم يتطرق لها النقاش العمومي ولم ينتبه إليها الساسة ورموز حراكات الشارع العربي.
ولهدا لم نرى من ينادي في مصر بفسخ اتفاقية كامب ديفد، ولم نرى في أجندة الثوار في ليبا مايؤشر على أن مطلب إسقاط النظام اليبي ستليه لامحالة مرحلة التفرغ للقضايا الحيوية للأمة العربية، ونفس الأمر في تونس وفي اليمن وسوريا…
فحرب العراق أنهكت القدرة التفاوضية الإستعلائية لأمريكا والأزمة الإقتصادية القوية التي صفعت القوى اللبرالية في العالم، وفرضت على المحافظين الجدد التواري ولو بعد حين.
كل هدا وداك جعل أمريكا مجرد دولة في شخص محلل سياسي تحلل الأحداث يوما بعد يوم وشعارها المثل المغربي الشعبي « الله ينصر لي صبح » فتجدها تصفق وتهلل كلما سقط أحد زعماء الدول العربية في حركة تستخف بذكاء الشعوب العربية ،وماهي إلا سنوات حتى تستجمع أمريكا قواها بعد أن تهدأ حركة الشارع العربي، وبعد أن تتلاشى هاته النزوة وبعد أن تبح حناجرشباب الشارع العربي ستعود أمريكا لمواصلة مشروعها الإمبريالي، وخلق وتدجين أنظمة على مقاسها لكن بأنماط وصيغ مختلفة لكن يبقى الهدف واحد هو عدم التفريط في حلم الإمبراطورية الأمريكية الصهيونية.
وبعد وصول الإسلام السياسي المعتدل لمطبخ صنع القرار، بطل العجب وعرف السبب من تشجيع أمريكا للأنظمة العربية لفتح الطريق للحركات والأحزاب السياسية االمعتدلة للدخول إلى المؤسسات، لترويضها كلاعب إحتياطي لمرحلة يبدو أن اللوبي الصهيوني كان يتنبأ لها، فكانت هاته الحركات الإسلامية المعتدلة كبديل جاهز لملأ الفراغ السياسي الذي تركه تهاوي الأنظمة الشمولية حتى لايترك المجال للحركات الإسلامية الرادكالية لكي تصل إلى السلطة وتقلب الطاولة على الجميع لأن تصورها لألية التوازنات في العالم هو سحق الأنظمة العربية لكونها صنيعة الغرب كتكتيك أولي وكمرحلة تمهيدية لمواجهة إسرائيل وأمريكا، ولسنين طوال عمل اللوبي الصهيوني العالمي على تخدير الشعوب العربية بمسكن اسمه « الإسلام الحداثي » الذي ما فتأ يبعث برسائل الغزل لأمريكا ودول الغرب أن همه هوالإصلاح القطري والإنكباب على حل المعضلات التي فشلت في فك طلاسمها قوى الحداثة واليسار،وطمأنة الغرب على أنه شريك في الدفع بعجلة »الديموقراطية الإسلامية الأمريكية » وأن الإصلاحات الإجتماعية لن تجهز على التوزنات الماكرو اقتصادية التي تخدم الغرب ومؤسساته الإمبريالية العالمية « البنك العالمي للتجارة وصندوق النقد الدولي… »
فالإسلام السياسي المعتدل لعب دورا أخر وحاسم في تحجيم الإسلام السياسي الجذري، التي ساهمت أمريكا وحلفائها في تقزيمه عبر التعامل بأريحية مع كل الحركات التي اعتلت مراكز السلطة في مصر وتونس وليبيا والمغرب لأعطاء صورة على أنها غير مسكونة بشيء اسمه » الإسلاموفوبيا » من محور(جكارتا طنجة )
العوامل الذاتية في نجاح الإستثناء المغربي:
وإذا تطرقنا لتطورات هدا الحراك في المغرب ، وأخدنا بعين الإعتبار المعطيات الموضوعية التي تطرقنا لها دون إغفال الجانب الذاتي الدي يتمثل في الوضع الداخلي المغربي على كافة مستوياته وعلى مختلف تمظهراته ،تكون المحصلة أن عبقرية الحسن الثاني حضرت بقوة إبان حكمه حيث كان يتمتع يببعد نظره وحصافة استشرافه للمستقبل، فخطط رفقة شركيه ادريس البصري وعبد الكريم الخطيب اللذان ساهما في هندسة حزب العدالة والتنمية ليلعب دور المعارضة الشرسة حتى يلفت أنظار العالم والمغاربة عن أدبيات القوة الإسلامية الأولى في المغرب والتي تكفر بقواعد اللعبة الديموقراطية المغربية.
وهو ماحصل عندما فشلت العدل والإحسان في التهام وبسط سيطرتها على حركة 20فبراير، التي أصبحت معقلا لليسار الجذري الذي ربح معركة الشارع بعدما خسر معركة الجامعة التي خطفت ثمارها العدل والإحسان، والتهمت الإرث النضالي للإتحاد الوطني لطلبة المغرب، الذي أصبح وعاءا لتعبئة الجماهير الطلابية للإلتحاق بركب الجماعة الحالمة.
لكن اليسار المغرب فطن للأمربعدما شرب المقلب وصفع العدل والإحسان بعدما أدرك أن الجماعة تطمح للإستحواذ على حركية الجامعة والشارع معا.
وهو معطى ساهم في إضعاف حركة 20فبراير، وجعل النظام المغربي ينتفض ليبلغنا رسالة مفادها أنه نظام عتيق ورقم يصعب تجاوزه، وأن مقارنته بسجالات الأنظمة العربية مع نبض الشارع أمر يعد بمثابة الخطيئة .
ولهدا عمد المغرب على عدم محاكاة أو تقليد تجادبات الدول العربية الأخرى مع مواطنيها، ولهذا تجد قوى الغرب تبارك الخطوات التي يسلكها المغرب مهما أنه في موقع قوة، ودائما بنفس الحس البرغماتي ولو أن الدستور المغربي أغتصب في أول امتحان حقيقي له بعدما طبخ تشكيلة حكومية على الطريقة المغربية بتوابل العهد الجديد وفواكه حدائق المرحوم الحسن الثاني ، ووفقا للخصوصية المغربية والإستثناء المغربي ……………………………………………………
والراصد للأحداث بالإشارة يفهم …
العوامل الربانية في نسف كل ماهو وضعي:
الله أعلم ……………………………………………..؟؟؟؟؟؟؟؟؟
Aucun commentaire