رسالة طبيب من قلب المعاناة 2
ليس من عادتي أن أشكو همِّي للناس لأنه بمجرد أن أجالس أحدهم يبدأ في سرد مشاكله لَعلِّي أجد له حلا و إذا ما شاءت الأقدار و شكوت فغالبا لا أكمل الكلام لأن جوابهم يقاطعني*راك مخِيَّرْ ما خاصك والو* إن الناس قد ترى الجرح على رأسك لكن لن تحس أبدا بآلامك. سأسرد عليكم معانات الأطباء مع ازدواجية المعايير التي يعاملون بها في التعيينات و الانتقالات.
إن تعيينات الأطباء الجدد تتم دائما في المناطق الصعب تزويدها بالموارد البشرية، هاته التعيينات تتم بعد اجتياز مباراة الادماج بالنسبة للأطباء العامون و التوظيف المباشر للأخصائيين لحدود الساعة كل المراحل تمر ظاهريا في جوٍّ من الشفافية، لكن التعيينات لا تأخذ بعين الاعتبار الحالة الاجتماعية في حالة زَوْجٍ من الأطباء فقد يعين الزوج في طنجة و زوجته في الكويرة دون أن يحسّ المسؤولون بأي نوع من أنواع تأنيب الضمير، كما أن هناك تعيينات تتم في المدن الكبرى و المعايير المعمول بها في هاته التعيينات كما لا يخفى على أحد هي: بَّاكْ صاحبي، الزبونية، المحسوبية……. إلخ؛ لن أطيل الحديث في هذا الباب و سأركِّز على الأطباء أولاد الشعب ومعاناتهم مع دوريات الانتقالات؛ إذا ما اطلعنا على الدورية المنظمة للانتقالات والتي يتم تجديدها كل سنة بإضافة بنود جديدة يجتهد في وضعها أناسٌ جالسون بمكاتب مكيفة من قلب العاصمة، سنجد بها الكثير من التناقضات و مخالفات دستورية كما أنها تتعامل مع الموظفين بمَيْزٍ فِئوي حتى لا أقول عنصري، كما أن هاته التعديلات يكون الغرض منها تصحيح أخطاء التعديلات التي سبقتها، فيتم تدارك خطاءٍ بخطاءٍ أفدح منه، وتظل مطالب الأطباء بسن قانون منظم للانتقالات في إطار توافقي مع المصالح المَعنِيَّة عوض دوريات ،التي تخضع لنزوات واضعيها، تقابل بالآذان الصماء، مما يفاقم العزوف المتزايد لدى الأطباء الحديثي التخرج للالتحاق بالوظيفة العمومية و هو ما ينعكس مباشرةً على قطاع يعاني أساساً من نقص حاد في الموارد البشرية و سوء توزيعها؛ وسأسرد عليكم بعض الأمثلة عن الظلم و الاجحاف الذي يطال الأطباء في دوريات الانتقال هاته:
1) يشترط على الأطباء وحدهم دون غيرهم من موظفي قطاع الصحة التعويض حتى يَتَسَنَّى لهم الالتحاق بالمقر الذي انتقلوا إليه، و هذا ما يتنافى مع دستور البلاد الذي ينصّ على المساوات بين جميع المغاربة، فكيف لوزارة الصحة أن تفاضل بين موضّفيها
2)يمنح للطبيبات الإختصاصيات المتزوجات المعينات في المناطق النائية سنتين من الأقدمية فيما يُحْرم من هذا الامتياز المتخصصات العازبات، الأخصَّائيون متزوجون وعزّاب و الأطباء العامّون ذكورا و إناثاً سواءٌ كانوا متزوجين أم عزَّاب؛ و هذا ما يخالف نصّين دستوريين أولهما الدّاعي إلى المساوات بين الرجل و المرأة و الثاني الذي سبق لي ذكره،
3)شرط التعويض المفروض على الأطباء و الذي كنت أحد ضحاياه لا يطبق على كل الأطباء بل تدخل فيه اعتبارات أخرى فمثلا بالإقليم الذي أزاول فيه حرمت من الانتقال بسبب عدم توفر معوض في حين أن طبيبة أخصائية في أمراض العيون انتقلت يومين بعد التحاقها بمقر عملها و في مذكرة انتقالها لم يتم الاشارة إلى هذا الشرط.
هذا جزء من معانات الأطباء من أبناء الشعب، وحينما أذكر لكم هذا الحيف الممارس على الأطباء المُعيَّنُون في المناطق النائية فإني لا أَنْفِي حق سَاكِنَة هاته المناطق المعزولة في التطبيب فهو حق من حقوق الإنسان، والأطباء أبناء الشعب مستعدون للعمل في أعالي الجبال و أقَاصِي البلاد، فَهُم أولا و قبل كل شيء جنودٌ مُجَنَّدون لخدمة هذا الوطن الحبيب، لكن ما لا نقبله هو أن يُعيّن طبيب في تلك المناطق و ينسى هناك، في حين يُعيّنُ المحضوضون قرب ديارهم و أهلهم؛ نحن نريد أن يتساوى الجميع في خدمة وطنهم و أن يتساوى الجميع في خدمة السكان في هاته المناطق فالطب مهنة إنسانية؛ كما أنه من حق العائلات التي جَاعَتْ، كافحت و صرفت من أموالها حتّى تهدي لهذا الوطن طبيب أن تحلم بيوم يعود فيه هذا الطبيب إلى حضنها بعد أن ظل مغتربا عنها 8 سنوات للدراسة و بعد أن يكون اسْتَوْفَى حق هذا الوطن بالعمل في مناطقه النائية، نتمَنَّى أن تأتينا الحكومة الجديدة بوزير كفء يكون قادرا على إصلاح ما أفسده من سبقوه و يرفع الضِّيمَ عن هاته الفئة المهضومة الحقوق و عن باقي الشغيلة الصحية……….. يتبع
اسمحوا لي أن أطلعكم على ردي عن تعليق على مقالي السابق
أود أن أشكركم سيدي على تعليقكم و أعاتبكم في آن واحد على الجمل الأخيرة في ردكم و التي لمست فيها تَهَكُّماً علي؛
و اسمحوا لي سيدي أن أُنِيرَ لكم بَصِيرَتكم إلى بعض النقاط
1) قلتم أن الدكتوراه في الطب لا تعادل دكتوراه الدولة في كل بقاع العالم أنتم محقون فدكتوراه الطب في أمريكا و فرنسا تخول لصاحبها أجر شهري أعلى من دكتوراه في مجال آخر وهو نفس الحال عند جيراننا في تونس و الجزائرونحن كأطباء طالبنا بالمعادلة فقط و مطلب المعادلة هذا يشترك معنا فيه كل حاملي الدكتوراه بالمغرب كدكاترة التعليم مثلاً و أنا شخصيا مساند لهم في مطلبهم لمشروعيته
2)كما هو متعارف عليه سيدي في مناهج الدراسة الجامعية فالتحصيل على الدكتوراه يتطلب على الأقل 8 سنوات من التحصيل على الأقل:3سنوات للإجازة سنتان للماستر و على الأقل ثلاث لتحضير الدكتوراه مع الاستفادة من منحة الدكتوراه و التي على هزالتها لا يستفيد منها الطلبة الأطباء الذين يدرسون كذلك 8 سنوات
3)أتيتم على ذكر دكتوراه علمية و الدكتوراه المهنية في تعليقكم فما هو الفرق بينهما إذا كانا يخضعان لنفس المعايير المنهجية أي باك+8؛ وهنا أود أن أسألكم هل توجد إجازة و ماسترعلميان و أخريان مهنيان طبعا لا فقصة الدكتوراه المهنية باطلٌ أريد به حق فكيف يعقل أن حاصل على دكتوراه باك+8 يخترع لها تسمية مهنية و يتقاضى عنها راتب السلم 11 الذي يمنح لباك+5
4)سيدي أطروحة الدكتوراه في الطب التي شككتم فيها أول شرط لمناقشتها هو أن يكون موضوعها يُثَارُ و يناقش لأول مرة و هي توضع رهن إشارة كليات الطب كمراجع ولا تخضع لحقوق الملكية الفكرية لأنها ملك للإنسانية فهي لا تباع و لا تشترى وهاته الأطروحات كما يدل على ذلك تسميتها لا توصلك بالضرورة إلى نتائج تكون دائما جديدة و صحيحة، و إلا فعلينا تغيير تسمية البحث العلمي إالى الِإِيجَاد العلمي، يا أخي كم من باحث قضى عمره في البحث و لم يصل لنتيجة.
5)قَلَّلْتُم سيدي من قيمة الدكتوراه في الطب و قلتم أنها لا تأتي بجديد، سيدي إسمح لي إن أَسْرُد عليكم بعض الأمثلة، و لا أود من خلال سردها أن أنتقص من قيمة أحد ما أو أشكك في قدراته فهذا ليس هدفي من وراء رسالة طبيب من قلب المعانات. قلتم أن الدكتوراه عليها أن تأتي بجديد و تساهم في تقدم ميدان ما؛ أجيبوني عن أسئلتي هاته؛ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في الموسيقى السولفيج مثلا…… لحن جديد؟ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في التاريخ……تاريخ جديد مغاير للذي نعرفه؟ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في الجغرافيا…..تَضَارِيس جديدة؟ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في الدراسات الإسلامية…….. محرمات و محللات جديدة؟ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في الرياضيات…… معادلة شْرَاوْدِنْغَرْ جديدة؟ ماهو الجديد التي تأتي به دكتوراه في…….؟؟؟؟؟ إن الحصول على الدكتوراه سيدي يعني أن المحصل عليها جدّ و كدّ و هي ليست النهاية بل هي بداية لآفاق جديدة للعمل الجاد و لبناء وطننا الحبيب لذلك وجب على الدولة إنصافهم، سيدي نحن لا نعطي حق لأنفسنا نَنْفِيه على غيرنا نحن نريد أن يكون المغاربة سواء ولسنا بإقصائيين فالعادي و البادي يعرف أن درجة الدكتوراه العلمية التي تحدثتم عليها تمنح بمباراة لحاملي الدكتوراه تخول لهم التدريس في الجامعة.
إن كان من وجهة نظركم سيدي أن اجتياز مباراة من ساعاتان كفيلة للمرور في الدكتوراه من درجة مهنية إلى علمية فاسمحوا لي سيدي فإني لا أوافقكم الرأي. و تقبلوا سيدي مني فائق التقدير و الاحترام
Aucun commentaire