هل يحق للنساء الحداثيات الخوف من حزب العدالة والتنمية؟؟
إذا كانت هناك، بالفعل، تظاهرات نسائية أعقبت إعلان نتائج انتخابات 25 نونبر ، وكان القصد منها التبرم أو الخوف من صعود حزب العدالة والتنمية فهي احتجاجات، ضمنيا، إنما تعبر عن عدم احترامها لخيار الشعب المغربي، وعن اعتبارها له كأنه شعب مغفل وقاصر ولا يعرف ما يصلح له ولا من يصلح ليقود حكومته.
وقبل الشروع في الحديث عن المخاوف المزعومة التي لا تستند على مبرر ولا على قرينة أو دليل، سنذكر بأن الشعب المغربي قد واكب المسار السياسي المغربي طيلة عقود، أي منذ الاستقلال إلى الآن..وهو يعرف جميع الحكومات التي تعاقبت على الحكم كما يعرف جميع الأحزاب القديم منها والحديث التاريخي الأصيل منها والدخيل المفبرك.
كما يعرف حزب العدالة والتنمية ويعرف مناضليه وبرلمانييه، كما يعرف بأن حزب العدالة والتنمية المغربي يملك خصوصيات تختلف عن باقي الأحزاب السياسية ذات المرجعية الإسلامية في كل بلاد الدنيا, فهو حزب نشأ أبناؤه داخل محاضن التربية وتعلم الدين الأصيل الذي يتأسس على القرآن الكريم أولا، وعلى السنة الصحيحة ثانيا. أي لم يتربى أبناؤه لا على أيدي متطرفين دينيين مغالين ولا على أيدي جاهلين بالدين ومقاصده وحسن تنزيله..
وهم يعلمون أن الشريعة الإسلامية هي قبل كل شيء تتأسس على حب الناس وإشاعة الخير بينهم، والتركيز على ما فيهم من خير، وهي تتوخى جلب المصلحة لهم أي الرخاء والتنمية والازدهار وتعالج قضاياهم المعيشية والتعليمية والصحية والاجتماعية..ومن يرى في الشريعة الإسلامية ويختزلها ويحجرها في قطع يد السارق، وجلد الزاني .. فهو جاهل ويريد تجهيل الناس بها.. وما أجمل جواب أحد القياديين الإسلاميين في المغرب العربي عندما قيل له: هل ستقطعون يد السارق؟ أجاب قائلا: مهمتنا هي أن نقطع الأسباب التي تؤدي إلى السرقة. أي بصفة هذا الحزب قد تولى حكم البلاد وتسيير دواليب مؤسساتها فهو يقف أمام تحديات جسيمة تشكل أولى أولوياته مثل البطالة وإطعام الجائع وتوفير الدواء وتبسيط المعيشة وتيسير الإدارة وتحقيق العدل وتوزيع الثروات، وإن الذي أدى إلى تفشي ظاهرة السرقة والفساد عموما هو احتكار مجموعة قليلة لخيرات البلاد وترك الفئة الساحقة تعاني الجوع والحرمان وقلة ذات اليد.
وبما أننا تحدثنا عن السرقة أو غيرها من السلوكات المشينة، فإن الأمة تتعامل مع هؤلاء حسب ما يعمل به من قانون في البلاد.. فالحزب الإسلامي لن يخرق القانون أو يأتي بقانون من عنده. لأن القوانين المعمول بها في البلاد مصادق عليها من طرف نواب الشعب، وهي قوانين في متناول الجميع، فضلا عن وجود محاكم ومؤسسات يخول لها القانون التدخل لمعالجة جميع الخروقات المنصوص عليها في القانون سواء كانت سرقة أو زنى أو رشوة أو ضرب أو قتل.
ومن غرائب الأمور، إذا كانت النساء الحداثيات في المغرب يخشين من اكتساح العدالة والتنمية وهو خوف لا مبرر له، أن نجد بنات حزب العدالة والتنمية في تركيا هن من يعانين من همجية العلمانيين الذين يحجرون على الناس ويستعبدونهم ويمنعونهم من حقهم في لباس ما يشأن. فالمرأة للأسف في تركيا وفي بعض الدول الأوربية مثل فرنسا وبريطانيا وغيرهم محرومة من أن تكون حرة في لباسها وزيها. وهذا الأمر كان ينبغي للنساء الحداثيات في المغرب أن يقفن ضده ويتظاهرن دفاعا عن حرية المرأة هناك. كما أن هذا التدخل الأوربي السافر في الشؤون الشخصية للناس، قد وقف ضده وندد به حزب العدالة والتنمية ودافع بكل استماتة عن حرية المرأة في اللباس والذوق، فكيف يعقل أن تخشى الحداثيات المغربيات من حزب هو أول حزب حفظ للمرأة حقوقها ودافع عنها بكل الوسائل المشروعة. وإذا ظنت الحداثيات المغربيات بأنه سيكون هناك تمييز عنصري بين المتحجة وغيرها فنقول لهن إن حزب العدالة والتنمية يؤمن بأن الكثير من غير المحجبات من هن أحسن أخلاقا وأكثر كفاءة ومقدرة على الدفاع عن قيم الإسلام وقيم المجتمع المغربي من المحجبات. والدين الإسلامي أصلا يتأسس على عدم الإكراه في الدين، وبما أن الحجاب من الدين فلا إكراه في الحجاب، فكيف لحزب، وإن كانت مرجعيته إسلامية أن يكره النساء على اختيارات محددة والناس قد ولدوا أحرارا، وإن كان كل واحد يملك حق الدعوة بالمعروف والتي هي أحسن إرشادا للناس إلى ما ينفعهم في الدنيا والآخرة من موقع حبهم وحب الخير لهم.
إن مسؤولية حزب العدالة والتنمية بعيدة كل البعد عن ممارسة الرقابة على سلوك الناس وتنميط أذواقهم واختياراتهم،الناس فيما يعشقون مذاهب ولن يأتي حزب كيفما كان هذا الحزب ليتطفل على أمور لا علاقة له بها. إن حزب العدالة والتنمية سيواجه تحديات جسام، كالبطالة والصحة والتعليم وإنعاش الاقتصاد، إلى غير ذلك من الأمور التي تحتاج إلى حلول كاملة لا أنصاف حلول، والمتطلع على برنامج الحزب يعلم بأنه برنامج لم يتحدث إطلاقا عما يمكن أن يخيف الناس على رأسهم النساء المغربيات..بل تحدث عن إشكالات عويصة تعوق تقدم البلاد وتحدث عن أرقام تضمنت البطالة والأمية والعجز الحاصل في بعض القطاعات.. كما أن البرنامج خال كلية من أي آية أو حديث شريف، وإن كان حزبا ذا مرجعية إسلامية، حتى يعلم الجميع أننا إزاء التحديات الحقيقية التي تشغل بال الحزب وهذه التحديات هي المدخل الحقيقي نحو تنمية مستدامة وحكامة جيدة ومسار ديموقراطي يحقق للمواطن المغربي ما ينقصه من كرامة وحرية وانعتاق.
هذا ما يمثل الشغل الشاغل لحزب العدالة والتنمية لإنقاذ الوطن، وحتى يستكمل المغرب ربيعه على طريقته والذي بدأ باستحقاقات ديموقراطية ونزيهة.
إن النساء الحداثيات لا يختلفن في شيء عن أولائك النساء غير المحجبات اللائي دخلن لمقرات الحزب وهن ويحملن الدفوف و » التعارج » ورحن يزغردن ويغنين فرحا واستبشارا بفوز حزب العدالة والتنمية ولم يمنعهن أحد, ولعل إحداهن، كما سجلت في شريط قد عرض في جريدة هسبريس وهي امرأة متحجبة دخلت ضمن مجموعة من النساء وسارت تتمايل متحركة تحركا غير مثير تعبيرا عن فرحتها ولم يمنعها أحد، لقد كفت عن رقصها لوحدها عندما لم يسايرها أحد.
وإن مما ينبغي على النساء المغربيات أن يعرفنه هو أن نساء العدالة والتنمية نساء كباقي النساء.. نساء مناضلات في جميع الجبهات وفي كل الواجهات، ولا أحد حجر عليهن أو قمعهن أو قلص من أنشطتهن.
كما أن القانون الأساسي للحزب لا يشترط الحجاب في التحاق النساء بالحزب، فهو حزب كل المغاربة نساء ورجالا، وبه مناضلات غير محجبات ولا يعانين من أي شعور بالغربة أو نوع من النقص أو الدونية فالمعيار في الحزب هو النضال الصادق والاجتهاد في التأطير وتنفيذ المقررات الجاري بها العمل والإسهام في الأنشطة السياسية والاجتماعية والثقافية للحزب. وهذا العمل لا يحتاج إلى اللحية أو الحجاب، بل يحتاج إلى الإيمان بمبادئ الحزب ومشروعه السياسي الذي يحمله للمجتمع المغربي، ومدى التحمس لبدل الجهد في سبيل تحقيق هذا المشروع وانتشاره. وهذا دأب كل الأحزاب على اختلاف مشاربها وتنوع مرجعياتها.
وقد يقول قائل: ولماذا لا توجد في لائحة الحزب الوطنية محجبات؟ والجواب هو أن حزب العدالة والتنمية حزب ديموقراطي، وإذا كانت الديموقراطية قد أفرزت نساء معينات فهذا لا دخل لأحد فيه حتى ولو كان الأمين العام نفسه. كما أن الانتخابات الداخلية لو أفرزت أي امرأة غير متحجبة فلن يزحزحها أحد. لأن الحزب يعتبر الديموقراطية من الثوابت التي يتأسس عليها وجوده وبالتالي لا يمكن التنازل عنها. كما تجدر الإشارة إلى أن داخل حزب العدالة والتنمية الكل سواسية ولا وجود للتمايز بين متحجبة وغيرها، فالأمر طبيعي وعادي، لأنه حزب يولي اهتماما كبيرا لما يطر ح من أفكار ويجري من نقاشات لتطوير آلياته وتجويد خطابه، ولا اعتبار للمظاهر أو الموقع الاجتماعي أو اللباس.
إن حزب العدالة والتنمية يحترم المرأة المغربية احتراما خاصا، كيفما كانت هذه المرأة في ذوقها أو لباسها أو ثقافتها أو انتمائها أو حتى المرجعية التي تؤطرها.. فيكفي أنها مغربية وستحضى بمعاملة عادلة..فتصان حقوقها، ويحترم اختيارها، ولا يقصى رأيها واقتراحاتها..
وختاما نقول: لا مبرر للنساء الحداثيات في تحركاتهن ضد العدالة والتنمية مادام حزب العدالة والتنمية لم يصدر عنه ما يقلق ولا ما يجعلهن في خوف وتربص.
Aucun commentaire