من جديد.. زعطوط ينزل إلى الشارع
وأخيرا عاد زعطوط ليجوب شوارع المدينة، ويقوم بتفقد المزاليط، الذين وثقوا فيه قبل خمس سنوات ، ومنحوه أصواتهم بسخاء، على أساس أن يروا قنينة الغاز قد حدد سعرها في عشرين درهما، وقنينة الزيت في أربعين درهما..وأن أسماكنا التي تسبح في بحرينا تدنى ثمنها وصرنا نقتنيها بأبخس الأثمان.. وأن أبناء الأغنياء صاروا مثلهم مثل جميع أبناء الشعب يخضعون لنفس القوانين ويدرسون بنفس الجامعات، لأن جامعات الشعب صارت تُجلب لها الكفاءات العالية المقتدرة، ولذلك ماعاد يحتاج أبناء الأبهة للذهاب لجامعات أمريكا وكندا. كما منحوه أصواتهم حتى لا يحتاج أبناء الشعب لدفع رشوة للحصول على وظيفة أو رخصة، وحتى تصير المستشفيات شبيهة بنزل من فئة خمسة نجوم يملأه الأطباء من كل الاختصاصات وعلى الدوام هم في ديمومة دائمة خدمة للمواطن الجريح والمرأة الحامل والطفل المصاب..
عاد زعطوط ليمشي في الأسواق ويطرق الأبواب ويصافح الأيدي أيدي من يعرف ومن لا يعرف..عاد ليحافظ على الصلاة في كل مسجد وبيده سبحة يحصي بها عدد المناصرين وعدد الذين وثقوا فيه من جديد ووعدوه بأن يقوموا بالتشطيب على اسمه بخطين متعامدين يوم الاقتراع.
لقد عاد زعطوط هذه المرة وعلى محياه ابتسامة عريضة، لعلمه بأن التقسيم الانتخابي سيكون في صالحه، حيث يشمل مئات الصناديق مما سيسهل عليه النجاح بمؤازرة المقدمين والأعوان في القرى النائية حيث لا منتدبين للأحزاب يحرسون الصناديق ويتسلموا المحاضر كي تفيد أحزابهم في الطعون لا قدر الله، كما وقع في مكاتب عين الصفاء التي عرفت ارتفاعا صاروخيا في الأصوات في غضون آخر ساعة فرجحت كفة مرشح الحمامة التي تقود الجرار في هذه الانتخابات.
لقد نسي زعطوط بأن هذه الانتخابات ليست كغيرها من الانتخابات، كما نسي بأن الربيع العربي لازال أخضر يانعا وفي أوج اخضراره، هذا الربيع الذي يعد أكبر ضامن لنزاهة هذه الانتخابات وبالتالي لن تنفع زعطوط لا كثرة الصناديق ولا تشتيتها في الأرياف والقرى والجبال.
كما لن ينفعه سخاؤه وتبذيره لما جمع من أموال اليتامى والضعفاء والربا والحانات، فالشعب المغربي صار يعرف قواعد اللعبة وقد لدغ مرات ومرات وما عاد ذاك الشعب الذي يبيع مستقبل أبنائه بلقمة خبز أو قنينة خمر، ما عاد ذاك الشعب الذي تستهويه موائد اللئام وسهرات النفاق والكذب والوجوه الشاحبة صاحبة الابتسامات الصفراء. إن الشعب المغربي هو جزء لا يتجزأ من الشعوب العربية التي تتوق للحرية والكرامة والانعتاق. إلا أنه شعب اختار ربيعه بطريقة تخالف كل ربيع..فربيعه هو هذه الانتخابات النزيهة وإنها لتمثل آخر ورقة بأيدي صناع القرار في البلاد..ولذلك لا خيار ينوب عن النزاهة واحترام اختيار الشعب لمن ينوب عنه ويتسلم مفاتيح الحكم من أجل الخلاص والقطيعة مع الفقر والبطالة والذل والفساد. إن صناع القرار في البلاد أذكى من أن يتماهوا مع الزعاطيط أو ينسابوا مع التزوير فيدخلوا البلاد في مسلسل من الدمار الشامل، أو سفك الدماء.
وليت زعطوط يعلم بأن أي تزوير في الانتخابات سيكون وقودا إضافيا لهؤلاء المطالبين بالمقاطعة والمحرضين على العزوف وعدم الخروج يوم الجمعة، إن هؤلاء المقاطعين والداعين إلى المقاطعة ستكون نزاهة الانتخابات نهاية ثورتهم وكاتمة أصواتهم. ومن المؤكد أن الشعب هذه المرة لن يسمح بأن يتلاعب بأصواته وحقه في اختيار من يريد. مع العلم أن الفبراريين غاضبون والعدل والإحسان مقاطعون وحزب الطليعة الديموقراطية الاشتراكية يترافع في المحاكم مع الداخلية والمغاربة في الخارج يحتجون…
فضلا عن كل هذا نجد نزاهة الانتخابات تلوح من تونس الشقيقة مما طمأن الشعب التونسي لاحترام إرادته وطمأن المنتظم الدولي فبادر بالتبريك والتهنيء. ولن تكون تونس أفضل من المغرب سواء نجح الإسلاميون أم نجح غيرهم فالأهم هو أن تنجح الديموقراطية في البلاد وبالتالي معها يندحر كل الزعاطيط سماسرة الانتخابات.
Aucun commentaire