Home»Régional»الخوف و الخصاصة

الخوف و الخصاصة

0
Shares
PinterestGoogle+

الخوف و الخصاصة

لما عدنا نكتب عن مرض الخوف فهو بحد ذاته يبعث على الأمل و الترجي ذلك انه إذا عرف الداء وجد الدواء- و بذلك قرأت مؤخرا مقالا عن الخوف أثار خفيضتي و شغفي- و رحت اتامل في المسالة كعرض و كظاهرة- اذ ان علماء النفس يعرفونه بالعدو اللذوذ للإنسان بل حتى انه العامل الذي بفعله يتوقف التفكير بالمرة-
لكن ما لفت انتباهي في المقال انه ما دامت حلقة لخوف مفرغة- أي أنا أخاف منك او عليك و أنت كذلك تخاف منه و هكذا دواليك- لكي لا يخاف ذلك الأخر من لاشيء- هذا نفسه يدعونا للخوف و التخوف-
إن الخوف في الأخير- إما أن يكون بفعل مادي و اما ان يكون بفعل وازع أخلاقي و مبادئ و ربما الدين- و على أي حال إذا لم تخف فافعل ما شئت –
عجبت لاصدقائى ذات يوم هنا في بلاد الفرار والنسيان –فر نسا- أو بالأحرى أصبحت اليوم مع الرئيس الجديد –بلاد الصبر والسلوان- عجبت أنهم ينتظرون بشغف شديد لحظة العبور إما من طنجة او من معبري سبتة و مليلية التي تبكي عليهما كمنجات زرياب- فقلت منتفضا يا هؤلاء – بالله عليكم من توحش البلاد فليمشي دورة واحدة في قنصليتنا هنا تكفيه لشم رائحة البلاد- إنني أقول ذلك لا لشيء و إنما لخلق جو نكسر به حاجز الخوف و ربما لتوفير أعباء السفر و ثمنه و حتى هذا الوقت الذي نمضيه من على فوق البابور لم يمضيه حتى فاسكودكاما ربما-
عملت أنا الآخر بتوجيهي هذا و رحت ذات يوم إلى البلاد فكان أن أشار علي بعض أصدقائي بالدخول إلى مكتب السيد القنصل العام الذي كان من مدينتنا في الحدود الشرقية بالمغرب- الحمد لله هذه أمارة على الأقل تدل على التحول الديمقراطي و التنمية الاقتصادية في بلادنا- عنوان أطروحة صديق كنت اعرفه فيما مضى كان يقول دوما لمن يناقشه فى الموضوع = اذهب تخدم على راسك باش تتهلا في بلادك المغرب- اجل مسلمة ربما لا تناقش غير ان المرفوض هو لماذا كان يرفض الأستاذ مناقشتنا- فلو انه تحرر من الخوف معنا لانطلق لسانه على الأقل يوم المناقشة- دخلت اذن فقلت للسيد القنصل أريد أن اعمل ثم نظر في منهج سيرتي ليقول لي يا ولدي أنا متأسف لا استطيع ان اعمل شيئا- فكرت في كلامه المحترم و تعجبت كيف انه هو الآخر لا يستطيع بدوره ان يعمل- فان كنت أنا لا اعمل و هو الآخر لا يعمل فمن يعمل إذن- و قلت لا علينا ربما ان هذا الموظف لم يحصل له شرف العمل بستة عشر مدينة ببلاد الأنوار- لكن الذي بهمنا هو المنطق العملي فكيف لإدارة في وزن هذه موظفوها هم الآخرون لا يستطيعون أن يعملوا- فتذكرت حينئذ المثال الفرنسي الذي يقول = اذا لم تجد ما تحب عليك ان تفرح بما عندك-
اجل ذلك ما قالت لي السفارة في باريز و خمس قنصليات أخرى احتفظ دائما بجوابهم المكتوب و الذي يتشابه في مضمونه و حتى كلماته- غير انه لفت انتباهي قولهم ما مفاده انه لا يوجد لدينا منصب في مستواكم في الوقت الراهن- يا لبلاغة الاحترام – لذلك احتفظ بجوابهم مكتوبة كي ادرس من خلالها المبادئ العامة للأخلاق لأولادي-
استغربت لذلك رغم اني مغربي و قلت كيف يقولون ذلك هل هم جمعهم دون المستوى ام ماذا- لم افهم غير اني اعرف بان رواتبهم قد يكفي الواحد منها ان يغطي منح دراسة أربع أو خمس دكاترة كنا نأمل أن يشغلوا تلك المناصب-
شكرت القنصل و خرجت برفقة صديقي الذي يشتغل هناك سائقا لهذا الآخر- خرجنا إذن من ارض الوطن هناك- ليقول لي بصراحة إنهم يأتون كلهم من ارض الوطن عندنا- و فهمت ان القضية مرتبطة بالطريقة المغربية فقلت حينئذ هذا ما جناه علي ابي- كيف له لم يعلمني هذه الطريقة- ثم لماذا لم يتسرب الخوف لهذه الطريقة- انا لا ادري
المهم ان أمثال هؤلاء لا يخافون و لذلك هناك خوف من خوف- اذكر ذات مرة قال لي نائب القنصل وهو مكلف بالملف الاجتماعي لا تبكي يا ولدي فدموع الخوف ستمضي مع منصب العمل في الفجر- و أضاف كأنه سيشرح شيئا مهما = لقد كان المغرب في السبعينات يشغل على اعتبار اتركه يعيش و لكن مع الأزمة لم يعد ذلك ميسر- لقد كان يبدو لي و هو يجتهد في حديثه كانه الناصرى- ثم استخلصت أن هناك الخوف من العيش كما ان هناك العيش لأجل الخوف-
أمضيت الليلة رفقة صديقي السائق على الاقل بأرض الوطن في الخارج- و أنا نائم جاءني رجل ابيض في صورة القنصل العام و هو يقول لي سيحصل لك أمر جلل تفرح به في عام كذا و لكن يجب ألا تخاف إن أباك صاحبي وصاني عليك-
ثم ذهب فإذا بي استفيق على وجودي بارض الوطن حيث خرجنا على مثن سيارة الوطن- كل شيء هو منكم و إليكم— غير أنني في الأخير تأملت في خوف عمر بن عبد العزيز كيف كان يطفئ شمعة بيت المال ليشتغل باموره الخاصة-
صحيح ان هناك خوف من خوف- و لكن اذا لم تخف فافعل ما شئت

سمير عزو
من فرنسا
باريكو

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. محمد الزعماري
    04/06/2007 at 11:29

    حادثة تعبر عن ثقافة التخلف المتمثلة في التملص من الواجب وان كان صاحبها مسؤولا في بلاد الانوار وما وراء الحادث يقول ان الامور تسند لغير اهلها وانما لفلان بن فلان لذلك يتقنون ترديد كلمة :دون المستوى.
    كان الله في عون الجالية المغربية ان ابتليت بالموظفين لاالمواطنين بالسفارات والقنصليات.

  2. الفجيجي
    04/06/2007 at 11:29

    ماهي الاصلاحات او التعديلات الواجب ادخالها على القانون الجنائي المغربي. الى اي مدى يقترب القضاء الفرنسي من العدالة في القضايا الجنائية.لماذا يبحث دكتور في القانون الجنائي عن عمل في السفارة. لماذا يلوم دكتورنا والده. لمادا ينتقد الطريقة و قد لجئ الى تقنياتها. و شكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *