Home»Enseignement»للحديث بقية

للحديث بقية

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمان الرحيم

بسم الذي خلق آدم من تراب وخلق محمدا الأمين ومكن له الأسباب وأنزل عليه الآي آمرا إياه بالقراءة وتعليم الكتاب

عجيب أمر العلم والعلماء في هاته البلاد، وعجيبة هي أحوال الناس والعباد. بالأمس كنا نتنفس العلم ونقبل عليه، فنجد ونثابر ونكد ونغامر حتى يقال فلان مجتهد وفلان طالب علم فيحق على الله عونه وتسخير الأسباب له حتى يبلغ أرقى الدرجات ويتمكن من تسخير علمه واستعماله في أرقى الغايات. ولكن كل هذا كان بالأمس القريب. فتعالوا لنرى لماذا أمسى العلم غريبا حين أضحى بنو آدم يعيثون فيه فسادا وتخريبا

أول شيء سوف أقوم بالحديث عنه في هذا الموضوع الذي يتضمن عدة جوانب هو التمركز السلبي لبعض الحكومات التي صارت تتخذ من العلم بكل مكوناته تجارة وسبيلا للربح عوض التثقيف وتكوين المواطنين الصالحين. ويكفينا في هذا الصدد أن نشير إلى مظاهر ترى بالعين المجردة ولكن العقل لا يلبث أن يحللها على أنها من المسلمات وفي عداد تحصيل الحاصل

إن الوظيفة الأسمى للقائمين على شؤون العباد والبلاد من وزراء وعمال وولاة ومنتخبين موزعين بين نواب ومستشارين في أي إدارة من الإدارات أو مصلحة من المصالح ، هي السهر على توفير أدنى وسائل الراحة والعيش الكريم، وكذا الحرص على أن يتسنى للآباء وولاة الأمورتوفيرالمناخ الملائم للدرس والإستيعاب ولكن ليس على حساب جيوبهم ولا على حساب قدرة عيشهم. الكثير من الآباء يجدون أنفسهم مرغمين على تحميل النفس أكثر من طاقتها كلما حل موسم دراسي جديد, أما المحسوبون على تدبير الشأن العام فلا هم لهم إلا كنز الأموال عبر الزيادة في ثمن المقررات تارة أو من خلال ضخ مجموعات جديدة من المقررات والكتب بدعوى التماشي ومسايرة ركب التوجهات التربوية الجديدة. فنجد مقررا معينا لمادة معينة بأسماء مختلفة وأثمنة تصاعدية، والعجيب في الأمرهو أن هذا المقرر يتم التدريس به في نفس المدينة بل وفي نفس الحي مع اختلاف في اسم الكتاب بين مدرستين أو مؤسستين متجاورتين، وهذا ما يسمى عندنا بتكييف المحتوى، لذا يضطر الآباء إلى التكيف عوض التأفف والتأسف لأن لسان الحال أبلغ من لسان المقال

ثم لا يجب أن ننسى أنه وبالرغم من كل هذه التعثرات التي قد تصيب أي نظام تعليمي كيفما كان، فإن الساهرين عليه لا يلؤون أن يبدلوا أدنى ما في جهدهم لتحسين صورته أمام الرأي العام الدولي على اعتبار أن الرأي العام الوطني لا يمكن أن يمنحهم مساعدات وإعانات لأجل التقويم والإصلاح، فيضطر هؤلاء لجعل أنفسهم رهن إشارة من يدفع، مجندين كل الأطر وما ملكت أيمانهم من أساتذة وتلاميذ ومديرين وأكاديميات ووزارات ليصبحوا فئران تجارب لنظريات وبيداغوجيات فاشلة ولا تلائم لا الزمان ولا المكان الذي نعيش فيه. تراهم مرة يطلون علينا بمقاربة التعليم بالأهداف، وسرعان ما تبحر الحكومة التي سنت سنة الأهداف لتعوضها شقيقتها وخليلتها، فترى أن الخطأ لم يكن في المقاربة في حد ذاتها بقدر ما كان في المدة الزمنية التي لزمت للتطبيق. وهكذا تأتي مقاربة جديدة تتبنى الكفايات كحصان طروادة وتبدع وتتفنن في وضع ميثاق جديد للتربية والتكوين لعله يأتي بخير جديد ويثمن مجهودات الحكومة وتنال ما لم ينل غيرها في العلانية (مع أن ما خفي كان أعظم) ، إنما لا توجد رياح كافية لبعث الروح والحياة في هاته السفينة الخرقاء الراسية فوق بحر أهوج.

المشكل يكمن في أن صورتنا كبلد يتوفر على عدة مقومات بنيوية واقتصادية واجتماعية على عكس العشرات من الدول التي احتلت مراتب متقدمة في التقرير الدولي للتعليم، اهتزت وتزلزلت بل وشحبت ولو كان الأمر بيدها لودت لو لم ترسم بتاتا، وكل هذا والناس نيام يرددون الخبر كلبانة تتجول في الأفواه وقد صارت رائحتها نتنة حتى دفنت ولم يسمع عنها مجددا. فيدق ناقوس الخطر وتنسحب الهيأة المسؤولة بكل فخر وكبرياء وكأن شيئا لم يكن، معللة ومبررة بالقول « هذا ما ألفينا عليه من سبقونا والحالة حرجة، لذا يتوجب نقلها إلى قسم المستعجلات » وبه وجب الإعلام

وتتواصل المعاناة ويتم تقرير العمل بالمخطط الإستعجالي تحت راية بيداغوجيا الإدماج، أي فيما معناه أن المدرسين وكذا التلاميذ سوف يحاولون جاهدين اكتشاف دواء غير معلن عنه لهذا المرض الذي يعاني منه تعليمنا العزيز بدمج كل ما يمكن دمجه من ما سبق وما سيلحق، فإذا فقد الأمل دخل مريضنا غرفة الإنعاش في جناح المستعجلات وجاز التكهن بما سيتعرض له في المستقبل القريب، فإما سكتة دماغية وموت إكلينيكي أو موت مفاجئ غير معلن عنه رسميا ولكن الكل يراه ولا يستطيع معه ربطا ولا حلا، وعندها فقط سوف يطلون علينا ربما بموضة جديدة ملزمة لهم مفروضة عليهم يسمونها « مخطط الوفاة التربوية » حيث التعليم لا يقتصر على ما ينهله المتعلم من المؤسسة التعليمية، بل هو ذلك الشيء الذي يوجد خلف أسوار المؤسسات بعد هدم أسوارها وتمكين كل من هب ودب من اقتحامها وتعكير صفو مجالها، مشهرا برجالها ونسائها وسالبا إياهم حقوقهم في أبسط صورها ومتجاسرا على العلم والعلماء الذين هم ورثة الأنبياء والرسل.

فتحية لكم على صبركم ورباطة جأشكم وعسى الله يعوضكم في دار الآخرة ما عجزتم عن أخذه في هذه الدار وللحديث بقية

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. SOULAYMANI
    17/10/2011 at 20:25

    شكر خاص

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *