Home»Régional»المقامة المطّهرية

المقامة المطّهرية

0
Shares
PinterestGoogle+

المقامة المطّهرية*

أعذروني أن أخبركم قبل أن أنسى يا أهل العقد والحل عن عين ليست ككل العيون، لاتدرف دمعا، ولاترف رموشها حين ينهمر الغيث، انصهر الجليد ولبست حلة عنفوان الشباب. لاتأبه للرّمد وإن اشتد عزمه قابلته بفسحة الصدر فيستحي وينجلي.
حكايتي مع هذه العين، حكاية عشق أزلي نظمت تحت شرفتها مقطوعات المحب المتيم. لم تبخل علي بابتسامة المحيّى، تحضنني، تضمني وتعفو عني زلاتي. بعد عسر مخاض أنجبت عيونا سحرية، أغفو لحظة في سكونها، ألملم قواي كي أسقها دمي الذي هو دمها. تعشق سمر الليل، ليلها تذوب فيه الأحزان، يعزّي المقهور ويطعم الجائع ويوثر عابر السبيل. تتمازج أحلام الكل ينسجون سعادة حتى وإن دامت لبرهة ففيها رد الجميل للوجه المليح عين بني مطهر.
ترشف معي شايا منعنعا تفوح رائحته وأنت بعد في ضيافة أولاد سيدي الطاهر. تحدثني عما فعل بها الوباء، تنهدت حتى ارتد صدى نَفسِها جبال " الكارة":
– بسطتُ يدي لكل من حلّ وطرق بابي، لم أعاتب أحدا عن جراح اللسان وقسوة الفؤاد.
– بالله عليك، من همست له نفسه خدش عذريتك؟
– إنها عوامل التعرية التي مست الكائن ونحتت وصقلت كل الخصال على هواها حتى الوادي" الشارف" حزين لاأحد يصله ولايهب له قربانا.
– قد أدعو مناديا يصيح في الخلق كي يهموا طاعة للنداء.
– دعوة مثل هذه لن تفي، الطير الحرّ لاينتظر بوقا في السوق ولاسوطا في يد جلاد.
– هل أدعو أبناءك كي يتبرعوا بالدم.
– حتى وإن أبعدوا وأطالوا الفراق، فأنا أفطن أن الشوق إلي ينحر شرايينهم عند كل ثانية، إن عزّ الخيل مرابطها!

أخرج من محيطها وتثقلني الكلمات بعبىء المهمة التي أوكلتها. زارها الحكيم والطبيب، مكث فيها المعلم والفارس قذفوها بسهام وطعنوها في الظهر، جعلوا منها دعابات المجالس.

حدثنا الحاج سليمان على لسان ما سرده الشيخ بوسدرة عن أرض الأولياء الذين بصموا الخليقة بطيب العطر وأعبق الكلمات. إنها أرض لبست جيناتها أولاد سيدي علي وبني يعقل وأولاد سيدي عبدالحاكم وأهل فكيك وسوس مع بني مطهر والمهاية وأولاد اعمر(أمازيغ) وبني ازناسن والشرفاء.
في زنقة فاس أعتق أوردتها، يشع بالحياة ورائحة أعلاف الدواب. حيثما حللت فأنت مدعو لارتشاف أكواب الشاي ، ونسمة من نفح التبغ المعد للمدغ . إن أطال المطر الغياب وجف النبع وقل العيش وتعذر الكلأ يصلّون للباري الساقي الذي لا يبخل ودائعه.
أهيم في أطلال زنقة إسلي وإلى النافورة التي اجتثُّوها من عروق العين التي انهمرت حينها بالنواح، لم يُعرها الأهالي تضميد الجرح الذي يضلّ كابوسا يحل عليهم، يتأمل فيهم فإذا بالعين تصيح " لن أسامحكم ، وستتبعكم الخطيئة، لم تأبهوا للقلم والقرطاس، حرمتموني حقي في الخلود."

كانت وصيتها لي ذات مرة، " من دخل جناني، وأكل ثماري وحرث أخاديدي فهو آمن"
*المطّهرية: نسبة إلى عين بني مطهر- بلدة شرق المغرب

عبدالقادر الفلالي

دولة الكويت

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. jilali..elaouissi......
    23/05/2007 at 19:00

    ainbenimatharetroiantanamolesmemelegronbonjouratoiettafami

  2. عزيز البركمي
    24/05/2007 at 12:48

    شكرا لك على هدا المقامة الشيقة

  3. الجيلالي العويسي
    19/11/2013 at 20:10

    من ساكنة عين بني مطهر الحبيبة الجميلة الغالية الطيبة المطهرية الغالية من زمان المحبة والجورة يا ابن خالي العزيز على قلبي احبك في دكرى خالي العزيز الطيب فلالي واجمل الدكريات لم تعد عين بني مطهر او بركم كما كانت وعرفناها تبدل الزمان والوقت وتبدل كل شى حتى المعرفة والقرابة والصداقة فيها

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *