يحمل ويحتمل تعليمنا الكثير من علامات الفشل, اعدادا وتنفيذا.مذكرات تصدر وقرارات تقبر, أموال تصرف ونتائج لا تعرف.

              لكن….رغم الاحباطات ورغم الفشل وسوء التدبير هنا وهناك, تتواجد مبادرات في هذه المدرسة أو تلك, عن طريقها نفرج بعض همومنا وكربنا, وتبعث فينا روح الأمل , وتبشرنا بتوافر نماذج من جنود الخفاء يكدون ويجدون , ويأملون ولا يتراجعون…

           من هذه النماذج مؤسسة ابن الهيثم بأحفير, التي زرتها مع فريق جهوي في إطار تتبع الدخول المدرسي , يوم الخميس 15 شتنبر 2011. لم أكن أتوقع أن أجد المؤسسة بهذة الأناقة ومديرها بتلك اللياقة, بل وبكل صدق كلما أزور بين الفينة والأخرى مؤسسة من النماذج الجيدة أجد نماذج مبهرة . مؤسسة ابن الهيثم مؤسسة فريدة من نوعها,حتى أنك عندما تزورها ترتبط بها وتعشقها وتتمنى البقاء بها لوقت أطول نظرا لما جمعته من علامات النجاح في كل الميادين التربوية والاجتماعية والتدبيرية .

     مدخل المؤسسة يمثل لوحة فنية رائعة رسمها مديرها بذوق متميز وصاغها بألوان مزركشة براقة.ما أن تلج داخل المؤسسة , حتى تجد ممرا خاصا لا يتواجد مثيل له بأية نيابة ولا حتى بأكاديميتنا ,انها ورود متنوعة مصففة ومرتبة توحي لك بمنظر شاعري قل مثيل له, وساحتها عريضة يتوسطها علم مغربي أصيل , والى جانبها منبت لمختلف الورود,خصصه مدير المؤسسة لمد مؤسسات المدينة بالنقلات المتنوعة,الى جانبها منصة خاصة بالحفلات من صنع محلي بواسطة السبورات المتآكلة,وكراسي أيضا من صنع محلي  بالمقاعد المتلاشية ومخصصة للاستراحة وسط ساحة مريحة .

 وملعبان رياضيان,استقدم مدير المؤسسة أحد الرياضيين القدامى لتدريب فريق المؤسسة..

             عندما تصل الى مكتب المدير يستقبلك السيد حميد آيت بن حمى بابتسامة ووجه مشرق وعلامات التفاؤل على محياه,صراحة تحس بالأمل والاطمئنان وأنت تسمع الى تدخلاته الرزينة الثابتة المتأنية وليس غريب ومكتبه يحتوي على أكثر من 50 شهادة تقدير من مختلف الجهات ,وخلال زمن قياسي أظنه لا يتعدى سبع سنوات. مدير أنيق هنداما ولبق كلاما , يتكلم ببطء ورزانة,ويتحدث بطلاقة وصيانة,جل التلاميذ ينادونه « عمي المدير » فعلا عم الجميع محتضن لهم ومساير لآهاتهم.

          بفضل جهود مدير المؤسسة وطاقمها التربوي ,بهيئون لمشروع حفر بئر بمساهمة بعض الجمعيات كجمعية أماد جمعية العمل التنموي فرع وجدة الذين تكلفوا بالحفر,وجمعية الاباء الذين تكلفوا باقتناء التجهيزات , بالاضافة الى جمعية دعم مدرسة النجاح. ومشروع السقي بالتنقيط ,ومشروع ترشيد استهلاك الكهرباء باستعمال الطاقة الشمسية التي توفر على المؤسسة الاقتصاد في الطاقة بإنارة ثلاثة مصابيح.

    ومن الصدف الجيدة حضور محسن من المدينة يمثل جمعية ما , قدم للمؤسسة 80 محفظة للمساهمة في تقليص الهدر المدرسي ومساعدة المعوزين على تخطي معضلة الدخول المدرسي بكل ثبات.

         في مجال التحصيل الدراسي حققت المؤسسة نسبة نجاح تصل الى 56 من بين 58 , بفضل الدعم الذي قدمه مدير المؤسسة أواخر السنة الماضية ومتطوعة من خارج المؤسسة.

    وتتوفر المؤسسة أيضا على عدة أندية منها نادي الشرطة المدرسية,ونادي الإذاعة ونادي البيئة ونادي الصحة ونادي الحقوق والمواطنة , ونادي القرآن الكريم وجمعية المبادرة لمحاربة الأمية.

       ان العديد من مؤسساتنا التعليمية تتوفر على مؤهلات متميزة بفضل مبادرات فردية ودعم من هنا وهناك.إلا ان هذه المؤسسة تعتبر نموذجا للمدرسة الجيدة التي نطمح أن نرى مثيلا لها في كل نياباتنا. وهو دليل على أن الانتظار والنقد المجاني وحده لن يفيدنا في تخطي مختلف الصعوبات, بل لا بد من أخذ المبادرة وعدم الانتظار والبحث دوما عن البديل. إن المحسنين كثيرون والمجدين بين رجال التعليم متواجدون, فقط علينا تغيير نمط تعاملنا, وفتح أبوابنا لكل المتدخلين من داخل المؤسسة وخارجها. وما هذه المؤسسة إلا نموذج جيد أتمنى بكل صدق أن يكون قدوة حسنة للبذل والعطاء ونكران الذات بالوفاء. والله المعين لمن يريد خيرا في هذا البلد المعطاء …..