إمام المسجد ومباراة « البارصا والريال «
دخل وكعادته إمام المسجد رفقة المأموم لإقامة صلاة العشاء من الباب المحاذي للمحراب،فبعد التحية والسلام على المصلين، توقف الإمام قليلا ،وعيناه تجوب جنبات المسجد وكأنها في صدد البحث عن شيء ما ،ومخيلته تدور فيها مجموعة من الأسئلة المحيرة كان منهمكا في إيجاد حلول وأجوبة لها قبل الشروع في الصلاة ،حيث كان غاصا يفكر في غياب مجموعة من الشباب الذين اعتادوا على الصلاة في هذه المسجد ،فاندهش وتفاجأ لغيابهم الغير المنتظر بعدما كانوا يترددون باستمرار على هذا المسجد وبصفة خاصة منذ حلول شهر رمضان لصلاة العشاء والتراويح هناك
رسالة الإمام التقطها أحد المصلين بسرعة فائقة ،وأدرك ما كان يروج في مخيلته قبل أن يبادره بالجواب على أسئلته المحيرة بشكل مختصر ومبسط فبادره بالقول » راه الماتش ديال البارصا الفقيه » ليستريح الإمام من عناء التفكير،ويجد حلا لفك لغز بات يؤرقه للحظات ،حينها تبسم الإمام وحرك رأسه في إشارة منه لفهم أمر غياب مجموعة كبيرة من الشباب وتخلفهم عن موعد الصلاة في المسجد خلال هذه الليلة ،حيث فضلت هذه الفئة من الشباب متابعة االمباراة القوية بين الغريمين التقليدين النادي الملكي والنادي الكطلاني برسم نهاية الكأس الممتازة مرحلة الذهاب التي عادت نسختها للفريق الكطلاني ،حيث بدأت تتقاطر الجماهير من أنصار الفريقين على مقاهي المدينة مباشرة بعد الإفطار لضمان مكان لها لمتابعة هذه المواجهة القوية ،التي تجلب إليها أنظار جماهير عريضة
تفضل مشاهدة مثل هذه المواجهات الساخنة في المقاهي التي تتحول في أحيان عديدة إلى ملاعب حقيقية ،من خلال التشجيع والتصفيق والهتاف ورفع شعارات الفريقين المتباريين ،وقد لا تخلو هذه الفضاءات أيضا من شغب الذي أصبح عنوانا كبيرا وبارزا في بعض المباريات في بطولتنا الوطنية،حيث تتكبد بعض المقاهي خسائر مادية مهمة من جراء المشادات والملاسنات كما حدث بمدينة الناظور حينما شب نزاع تحول إلى عراك بين أنصار الفريقين خلال مقابلة الذهاب برسم الكأس الإسبانية الممتاز ة بين الغريمين التقليديين والتي انتهت بالتعادل الإيجابي هدفين لمثلهما
3 Comments
فعلا هذه ظاهرة تستوجب التفكير مليا .هل هؤلاء الشباب الذين تخلوا عن الصلاة والمسجد بسبب المقابلة الاسبانية مسلمون حقا أم منفقون يتظاهرون فقط؟؟؟ وما قول الشرع في هذا التلاعب ؟؟؟؟وهل يسمح لهم بالصلاة في المسجد بعد هذا الذي حدث؟؟؟؟ أسئلة محيرة وما شاء الله والسلام.
الشباب المغربي تائه بين « نادي برشلونة » ونادي « ريا ل مدريد » الاسبانيين
ان المتتبع لتطور الشباب المغربي خلال العقدين الاخيرين ،وعلى جميع الاصعدة يكتشف انه اصبح كأوراق الخريف تتطايره الرياح في جميع الاتجاهات ، وحركاته لا تعرف الاستقرار، ومما زاد الطين بلة ،هو استغلاله لوسائل تيكنولوجيا الاتصال والتواصل في الاتجاه السلبي ، مما جعله يتيه اكثر في مستنقعات اديولوجية وحتى عقدية ضربت توازن شخصيته في الصميم ،حتى ترسخت لديه قناعة انه يسير في الاتجاه الصحيح ،والاكثر من ذلك يسعى الى تتبيث افكاره الجديدة المستوردة على المجتمع الذ ي يعيش فيه غير مبال بالتوابث الوطنية التي اجمعت عليها الامة، مستندا في ذلك على الحقوق والمواثيق الدولية ،كحقوق الانسان الفردية اوالجماعية،ناسيا واجباته، يحصل هذا في غياب او استسلام ،المشرفين على توجيهه الوجهة الصحيحة ،وسوف لن اخوض في كل الانشغالات التي تهم الشباب ،لانه من اختصاص علماء النفس والاجتماع ،والباحثين في هذا المجال ،لكن ساركز كملاحظ على نقطة واحدة تشغل الشباب المغربي من مختلف الاعمار، وقد تبدو للوهلة الاولى انها طبيعية لا تستحق الاهتمام، ويتعلق الامر بالاهتمام المبالغ فيه بكرة القدم بصفة عامة ،وكرة القدم الاسبانية ممثلة في نادي « برشلونة »ونادي « ريال مدريد » ولاباس ان اتطفل على الصحفيين الرياضيين لا لانقل مقابلة « برشلونة » و »الريال » التي جرت يوم الاحد 14 يوليوز على الساعة الثامنة مساء ،لكن سانقل اجواء الشباب المغربي الممتبع بشغف لهذه المبارة لتكون مدخلا لهذا المقال.
المكان :مقاهي شارع محمد الخامس المجاورة للبلدية ومسجد عمر بن عبد العزيز
قبل بداية المقابلة بعشرين دقيقة لاحظت استنفارا غير مسبوق لارباب المقاهي ،في تهييئ الكراسي والطاولات صوب شاشات التليفزيون ،على شاكلة قاعات السنيما ،وفي ان واحد استنفار من لدن الشباب للضفر بالمقاعد الاولى ، يخيل اليك انك في حرب الفوزفيها سيكون حليف من استطاع ان يحتل المواقع المتقدمة ليفرض على عدوه التقهقر الى الوراء.
في تمام الساعة الثامنة انطلقت المباراة ،كل الاماكن مملوءة عن اخرها ،والكل مشدوه امام شاشة التلفاز، ولم يتورع الكثير منهم في ارتداء اقمصة البارصا تشهيرا بقوة سلاحه، امام خصمه من ريال مدريد، والغريب ان الامر لم يعد يقتصر على الذكور فقط بل اجتاحت رياحه حتى الاناث,
بين الفينة والاخرى اذا كنت غير متتبع للمقابلة ،تصاب بالذعر والفزع ،جراء الصراخ المفاجئ المصحوب بتصفيقات عصبية، تصم الاذان ،سرعان ما تهدئ كالبركان، لتنفجر من جديد.
في تمام الساعة 8و25د نادى المؤذن لصلاة العشاء ، لا حياة لمن تنادي ،رغم تزامن شهر رمضان الكريم ،الا فئة قليلة محسوبة على رؤوس الاصابع هي التي لبت نداء المؤذن، اما الفئة الكبرى ربما لم تسمع حتى نداء الصلاة او تخاف من احتجاز مكانها ان هي غادرت في هذا الوقت الحاسم من الحرب.
انها فعلا مفارقة عجيبة يعيشها شبابنا ، فهل الاعلان عن اذان الصلاة، ارخص من اعلان مقابلة بخسة؟
انه سؤال يستحق منا جميعا كاولياء ،ومربين،ومجتمع مدني، واعلاميين ،ومفكرين،ومسؤولين في اجهزة الدولة اعادة النظرفي تعاملنا مع شبابنا ،وتوجيهه الوجهة الصحيحة .
هو في الحقيقة نص كتبته السنة الماضية لكن يصلح لأن يكون تعليقا على هذه الحالة
بعد الزوال أطفال ورجال يشدون الرحال ليحجزوا مقعدا بمقهى ينتظرون النّزال. يقضون الوقت في الحديث عن أسباب النصر والإنهزام عند « الإنتير » و »أمستردام ». يعُدّون اللاعبين عدّا ويرددون أسماءهم فردا فردا. وسَرْدُ إنجازاتهم صار لهم وِردا.
يعرفون لون القميص واسم الزوجة والأبناء ووقت التمرين وكُلفة التأمين عن الرّجْل والرّجْلين ورقم النعلين.
في علم الكُرة كلهم يحاضر وفي وهمِ النُّصرة بماله يقامر.يتحدث عن فريقه المفضل بالكلام المفصّل. ولأنه بِه متيّم يستعمل ضمير المتكلم: » جلبنا بعض اللاعبين وسنحوز النصر المبين » « أنا برشلوني أنا رِيالي لا شفشاوْني ولا مَلاّلي ». حدّثْني عن غزوات الأَحَد والإثنين لا عن أُحُد وحُنَين.
حدثني عن قائد الكتيبة ومراوغاته العجيبة وجموع الفيالق وعدد البيارق. حدثني عن الدفاع الخطير حين يعلن النّفير. أخبرني عن الهداف الماهر الذي لعدوه قاهر كيف يخترق خطوط الدفاع ليدك حصون بني قينقاع و عن اللاعب الخطير حين يهزم فلول بني النضير. حدثني عن هدف الزاوية التسعين الذي أفرح المشجعين وأبكى المشركين. حدثني عن المهاجم البارع ودُهنه اللامع وقُرطه الرائع.
وحين تعلن الصفارة نهاية المباراة بالخسارة نلبس السواد إعلانا للحداد على ضياع البلاد وهلاك العباد. وإذا انتصرنا لبسنا الزينة و غزونا المدينة احتفالا بالنصر المكين وعودة فلسطين.
كيف يُنكر الإنسان هويته ويُثبت دنيّته؟ فلو سألت في هذه الفرق أي لاعب عن أرض اسمها المغرب لأجاب توجد في حكايات « ألِيس في بلاد العجائب »ِ