Home»Régional»مهرجان فاس للثقافة الصوفية : الارتقاء بالروح بحثا عن الحب الإلهي

مهرجان فاس للثقافة الصوفية : الارتقاء بالروح بحثا عن الحب الإلهي

0
Shares
PinterestGoogle+

المغرب/ فاس

" مهرجان فاس للثقافة الصوفية " في نسخته الأولى

الارتقاء بالروح بحثا عن الحب الإلهي

إدريس الواغيش

لم يكن اختيار مدينة فاس لاحتضان هذا النوع من المهرجانات من قبيل الصدفة ، لكن تنوعها الثقافي والمعماري وغناها الروحي، واحتضانها لأشهر الزوايا في العالم الإسلامي، كان له الدور الحاسم في ذلك. حتى أنه يقال : "إذا كان المشرق بلد الأنبياء، فإن المغرب بلد الأولياء". وما اختيارها عاصمة للثقافة الإسلامية إلا تأكيدا لهذه المكانة التي تبوأتها عبر التاريخ ، منذ تأسيس القرويين كأقدم جامعة في العالم، وما قامت به من أدوار جليلة من خلال الإشعاع الثقافي والعلمي والديني الذي تميزت به، وامتد من السنغال جنوبا إلى حدود أندونيسيا شرقا، والأندلس شمالا. وتتويجا لهذا التشريف شهدت مدينة فاس غليانا ثقافيا في المدة الأخيرة أعاد الدفء إلى قاعاتها ومركباتها ودورها الثقافية، من خلال العروض والندوات والملتقيات الأدبية والفنية. ولعل أهم ما ميز نهاية شهر أبريل وبداية شهر ماي احتضانها للمهرجان الأول للثقافة الصوفية ، حضرته أسماء وازنة من مختلف أنحاء العالم من رسامين ومنشدين ومبدعين سينمائيين ومهتمين بالشأن الصوفي، ومحاضرين وخطاطين من سوريا ،السينغال ، فرنسا ،إيطاليا ،المغرب ،المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية . أعتذر لتغييب بعض الأسماء ، وأذكر أخرى على الخصوص كمحمد عبد الرحمان التازي (مخرج سينمائي مغربي) عبد الفتاح بنيس (منشد مغربي)، حسن حفار (سوريا) ، نهال تجدد (إيران) ، المجموعة الصوتية العالمية الشهيرة (طيبة) ، فريديريك كالمي (تعلم الرقص)، ناصر الخمير ( سينمائي من أصل تونسي) ، لويزا كارا (الرسامة الفرنسية الشهيرة) ، عبد المالك ذو الأصل الكونغولي المزداد بباريس والمشتهر بأصناف موسيقية متعددة كالراب والجاز وموسيقى النصوص. محاضرون من عيار ثقيل كفوزي الصقلي ، أستاذ جامعي أنتروبولوجي متخصص في التصوف ، ورئيس المهرجان، ملال نداي ( السينغال)، عبد السلام باولو( إيطاليا)، كاترين مارشال (فرنسا)، لحسن السباعي (المغرب)،هيرفيه دو شاريط (فرنسا) ، فاطمة المرنيسي عالمة الاجتماع المغربية، غالب بن الشيخ رئيس المؤتمر العالمي للديانات، حسين سيسي رئيس المعهد الإسلامي الإفريقي الأمريكي، بيير لوي أستاذ محاضر في التصوف الإسلامي، خالد الإدريسي ميارة دكتور في العلوم السياسية وعلم اللاهوت، مختص في التصوف، إيريك جوفروى مختص في علم الإسلام ، صلاح ستيتييه سفير لبنان السابق بالمغرب، إليزابيت بينا بيلاسكو (أستاذة جامعية من المكسيك )، زيبه رحمان رئيسة معهد الموسيقى العالمية في نيويورك (الولايات المتحدة الأمريكية) ، رشيد بلمختار رئيس جامعة الأخوين (المغرب) زكية زوانات أبرز المتخصصات في التصوف المغربي.

تمركزت المداخلات والفقرات والرسومات المقدمة كلها حول التصوف والصوفية ، كممارسة روحية جوانية أبعد ما تكون عن الإدراك العقلي . و يستعمل المتصوفة لغة رمزية و مجازية باعتبارها سبيلا للتربية والتعليم الروحيين ، وقلبا نابضا للتقاليد الإسلامية. وقد أشار بعض المتدخلين إلى أنه كان للزوايا في المغرب الفضل الكبير في الحفاظ على هذا الإرث الروحي ، كالزاوية التيجانية ، والقادرية والبوتشيشية على الخصوص. ومن بين أهداف التصوف ، التعريف برسالة السلام والقيم الكونية الروحية الكامنة في صلب الإسلام والرسالات السماوية والأديان. كما أن الصوفية من وجهة نظر الصوفيين تبقى الطريقة المثلى والأقرب إلى الحب والسلم ومصدر إلهام للشعراء والمريدين ، من خلالها يبحثون عن الحب الإلهي .

ظهر فرعان أساسيان من فروع التصوف في المغرب كما يقول المتتبعون ، ابتداء من القرن الثالث :

– الطريقة القادرية (نسبة إلى الشيخ مولاي عبد القادر الجيلالي ولي بغداد).

– الطريقة الشادلية ( التي أسسها الشيخ الشادلي ، تلميذ مولاي عبد السلام بن مشيش)

وخلال منتصف القرن الثامن عشر، ظهرت الطريقة التيجانية ( التي أسسها الشيخ سيدي أحمد التيجاني ) .

وتتمظهر الصوفية في الإبداع والرسم والغناء والرقص، كأشكال متعددة للتأمل ، تختلف هنا وتتشابه هناك. والتصوف عموما كما يقول المختصون ، موقف ديني متميز، يعتبر كل ما هو محسوس بمثابة تمظهرات للوجود الرباني الخفي. يتم التعبير عن هذه المواقف بالشعر والأغاني ومشاعر العشق والميل إلى الحب. وحينما يصل المتصوف إلى ذروة النشوة الروحية ، ينسى ذاته ويذوب في (الذات) الإلهية. كما أن فن الخط والرسم أيضا يدخل في صميم التصوف ، لذلك أبدع الخطاطون المسلمون فرسا وعربا وتركا في زخرفة السجاد وكتابة الآيات القرآنية ، وخصوصا السور القصيرة ، أو الفاتحة باعتبارها نصوصا مقدسة ورموزا تهدي النفوس وتهذبها. أما هندسيا ، فتم التركيز على الأقواس والقباب والصوامع. فالصومعة تعتبر من الناحية الصوفية ، جسرا يربط بين الأرض والسماء. والسماء مشكاة مقدسة ، حافلة برمزية كونية ، كما يؤكد القرآن الكريم بشكل ضمني. والمنبر بدرجاته يرمز إلى المكانة الروحية للأستاذ أو الشيخ. ومن خلال الابتهال يتولد الوعي ، وينجلي في الإبداع الفني. الصوفية بمعناها العام ، رسالة كونية تدعو إلى السلم والحب والتعريف بكل فضاء مقدس ، حيث ينعكس نفوذ الفن على الروح ويسيطر عليها. فجوهر الدين من منظور صوفي ، هو تزكية النفس وتطهيرها من الأنانية والحقد والتعصب ، والتسامي عن الشهوات المذلة للقلب والروح ، ابتغاء للاكتمال الروحي. كما أن التصوف من جهة أخرى يلعب دورا مهما في التنمية البشرية، من خلال السياحة الروحية التي تستقطب أعدادا غفيرة من السياح ، سواء في المغرب (السينغاليين نموذجا)، أو إيران وسوريا وتركيا ، من خلال تواجد أضرحة الكثير من الأنبياء والصحابة . كما أنه يقوم بأدوار لا تقل أهمية ، كالتلاقح الثقافي والديني بين الشعوب . ويعطي أهمية بالغة للرسم والفن ، باعتبارهما وسيطا روحيا ، يفضي إلى المقدس.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *