نص الكلمة التي تم القاؤها في اليوم الدراسي الذي نظمته فدرالية مكناس لجمعيات الآباء
نص الكلمة التي ألقاها ذ.محمد حومين النائب الأول لرئيس الفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلامذة بالمغرب في اليوم الدراسي الذي نظمته فيدرالية مكناس يزم الأحد 13 مايو,2007 وحضره وفد من مدينة وجدة ضم كل من ذ.محمد أبو رشيد رئيس جمعية آباء وأولياء تلاميذ زينب النفزاوية والأستاذة نعيمة أيوب عن جمعية آباء وأولياء تلاميذ مدرسة العرفان الابتدائية .
بسم الله الرحمن الرحيم
المفتشة العامة لوزارة التربية الوطنية. السيدة المحترمة
– السيد الفاضل, عضو اللجنة المركزية لحقوق الإنسان وقيم المواطنة بوزارة التربية الوطنية.
– السيد مدير الأكاديمية المحترم
– السادة نواب الجهة المحترمين
– الأخ رئيس والإخوة أعضاء المكتب الوطني للفيدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء تلامذة بالمغرب.
– السيدات والسادة رؤساء وأعضاء مكاتب فيدراليات وجمعيات الآباء الأعزاء ,
– أيها الحضور الكرام…..السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد, أود في البداية أن أتقدم بالشكر الجزيل للإخوة أعضاء فيدرالية مكناس على هذه الدعوة الكريمة التي أتاحت لنا فرصة اللقاء بإخواننا في مدينة مكناس الجميلة والعامرة بأهلها الكرام, لنقاسمهم هم هذه المدرسة العمومية التي نعترف لها دائما بالجميل.هذا الهاجس هو الذي دفع بثلة من إخوانكم من طنجة إلى الكويرة ومن فجيج إلى الدار البيضاء إلى التفكير في تأسيس نسيج جمعي وطني يجمع شتات الآباء ويوحد عملهم ويساهم في حل مشاكل المنظومة التربوية ذات البعد الوطني, فرغم المدة القصيرة لميلاد الفيدرالية الوطنية لآباء وأمهات أولياء التلاميذ بالمغرب والتي لا تتعدى السنة, أستطاع هذا النسيج أن يفرض نفسه على الساحة الوطنية بفضل المجهودات المبذولة من طرف الإخوة أعضاء المكتب الوطني والذين يقومون بأعمال جليلة وفي ظروف صعبة واعتمادا على إمكانياتهم الذاتية ,ويجوبون مختلف أنحاء المغرب للتعرف على المشاكل التي تعيشها المؤسسات التعليمية عن قرب. وبالرغم من كل إكراهاتنا الزمكانية وانشغالنا في التهيء لعقد أول اجتماع لمجلسنا الوطني في أواخر هذا الشهر,أصررنا على الحضور لهذا اليوم الدراسي كتعبير منا لإخواننا في جهة مكناس تافيلالت على مدى انخراطنا في جميع القضايا والمواضيع التي تستدعي تدخل الأمهات والآباء.
ولعل موضوعنا لهذا اليوم " دور جمعيات أمهات و آباء و أولياء التلاميذ في تأهيل فضاءات المؤسسات التعليمية" من الموضوعات التي تستحق منا التوقف عندها كل حين,وأتمنى أن لا يفهم من وراء هذا الشعار, العودة بالجمعيات إلى المربع الأول وبالتالي إلى مرحلة التقويم الهيكلي حيث استقالت الوزارة الوصية تنفيذا لتوصيات صندوق النقد والبنك الدوليين سيئي السمعة وعدوا شعوب العالم الثالث, حيث أسند لجمعيات الآباء دور" المقاولة ". فليعلم الجميع أن مسؤولية تأهيل فضاءات المؤسسات التعليمية هو من اختصاص وزارة التربية الوطنية والجماعات المحلية ,ويبقى دور جمعيات الآباء مكملا وليس بديلا أو العكس.
إن الكثير من مؤسساتنا التربوية انتهت مدة صلاحيتها ومعظمها موروث عن الاستعمار وتفتقر لكل شيء ,وبإمكاناتها الحالية لاتستطيع ربح رهان الجودة أو أي رهان آخر .
لقد تحولت مدارسنا إلى كيطوهات تفتقر إلى أبسط الحاجيات, تقدم تعليما رديئا شبيها بالأمية. يجب أن نعترف أن المدرسة العمومية فشلت في تحقيق المصالحة بينها وبين المحيط الذي استمر في الاعتداء على المؤسسات التعليمية وأصبحنا كل يوم نقرأ أونسمع عن أحداث مؤلمة يذهب ضحيتها بناتنا وأبناؤنا وانتشر العنف التلاميذي وتنامت ظاهرة الاعتداءات على الأطر التربوية والإدارية وانعدم الأمن في محيط مؤسساتنا وانتشرت ظاهرة بيع المخدرات ومختلف أنواع المهلوسات .وتحولت مرافق بعض مؤسساتنا إلى مأوى للمشردين والمدمنين ولا أحد يحرك ساكنا كأن هناك مخطط لتصفية المدرسة
العمومية وتخويف الأمهات والآباء من مستقبلها , ورغم ذلك ستبقى مدرستنا العمومية خطا أحمرا مثلها مثل التعميم والمغربة والمجانية.
أيها السيدات أيها السادة
لقد اطلع إخوانكم أعضاء المكتب الوطني, من خلال جولاتهم عبر التراب الوطني, وبعيدا عن الكاميرات على العديد من الإنجازات الرائدة التي حققتها جمعيات الآباء في مختلف أنحاء المغرب.لقد تحول أعضاء مكاتب الجمعيات إلى متسولين يستجدون الناس من أجل إصلاح بعض المرافق الضرورية داخل المؤسسات, وأصبح رؤساء الجمعيات هم الذين يحلون المشاكل الإدارية والتربوية للمؤسسات, في الوقت الذي تغولت الإدارة التربوية علينا, و أمسكت بزمام معالجة مشكل التعليم , وانفردت بتطبيق الإصلاح ,تاركة جمعيات الآباء على قارعة الطريق, وسدت أبواب مكاتبها في وجوهنا ضاربة عرض الحائط بمفهوم الشريك الأول, وغضت الطرف على مظاهر التسيب واللامبالاة, وتحولت هذه الإدارة إلى مصانع للورق والمذكرات التي لم يعد يلتفت لها أحد, مستغلة غموض العلاقة البنيوية بين الأكاديميات والمصالح النيابية والتأخر الحاصل في تفويض الاختصاصات. , ويزداد الوضع شدة وتعسفا كلما اتجهنا نحو الأطراف , فالآباء لا يفهمون هذا التهافت على بناء المكاتب الفاخرة والمكيفة ,وشراء السيارات ذات الدفع الرباعي ومظاهر البهرجة والحفلات واغتنام مختلف المناسبات لهدر المال العام, وتباهي بعض الأكاديميات بتحقيق الفائض في ميزانيتها السنوية والتظاهر بعدم الإكثرات وترويج الخطاب التطميني التفاؤلي في الوقت الذي تعاني المؤسسات التربوية مشاكل بنيوية معقدة ومركبة. لم نعد نفهم المدلول الحقيقي للامركزية وعدم التركيز, وأصبح مدلولهما بالنسبة لنا, يعني :أكاديميات غنية ومؤسسات منكوبة وفقيرة, فإذا كانت هذه هي اللامركزية, فنحن لا نريدها ونفضل العودة إلى المركز.
ولا أحد أظن, أنه سيندم على زوال" الوزراء المحليين". وفي جميع الأحوال, فإن لا تمركز التعليم بالنسبة لنا، هو أحد أوجه ضرب المدرسة العمومية وتفكيكها.
أيها الحضور الكرام
إنني أبدو, كمن يجتر الخطاب الأزموي, في الوقت الذي لم يعد يشكل هذا الخطاب قيمة مضافة, ولكن لا يمكنني كمسؤول جمعي, أن أنقل إلى الآخرين صورة متفائلة, في الوقت الذي يرتب فيه التقرير الأخير لبرنامج جودة التعليم العالي ,الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي, المغرب, في المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا في مواد الرياضيات والعلوم وضمن الرتب الخمس الأخيرة عالميا. فمن المسؤول عن هذا الوضع ؟ إنها السياسات التعليمية الفاشلة التي لا تشرك الآباء إشراكا فعليا في تدبير الشأن التربوي.
لقد أصبح الآباء والأمهات ودون سابق إعلان أو استعداد ,أمام مسؤوليات جديدة ناتجة عن التحول الحضاري الذي عرفته نهاية القرن العشرين وبداية الألفية الثالثة . أصبحوا أمام عولمة متوحشة أتت على الأخضر واليابس اغتصبت الفكر, ومحت الذاتية, وشككت في الخصوصية ,وقطعت صلة الأجيال الجديدة بماضيها وتراثها, ودمرت الحضارات, وأكدت على النجاح الفردي, وهمشت الثقافة الوطنية ,واحتكرت الصناعة الثقافية, وخلقت هوة رقمية بين الأبناء وأولياءهم .في زمن تردت فيه شروط الأداء التربوي داخل معظم المؤسسات التربوية, وتنامت ظواهر سلبية أساءت إلى المدرسة العمومية , كالساعات الإضافية المدفوعة الأجر,وكثرة الإضرابات والاحتجاجات الاجتماعية والانتقالات والتكليفات والانتشار وإعادة الانتشار, وإعادة إعادة الانتشار ; مما أربك الزمن الدراسي, وسادت ثقافة الحق على حساب ثقافة الواجب , وأصبح الغش في الامتحانات حقا, و في ظل غياب التعليم النافع وانسداد الآفاق المستقبلية , أصبح الجميع يتحدث عن فشل الإصلاح, وإصلاح الإصلاح. هذه العوامل دفعت الأمهات والآباء إلى الاستقالة والتشكيك في المنظومة التربوية وفقد الثقة فيها. لقد أصبحنا اليوم أمام مدرسة بسرعتين مدرسة الأغنياء ومدرسة الفقراء , عالم "الخاص " وعالم "العام "و أخشى أن يكون مصير المدرسة العمومية هو مصير المؤسسة العمومية بحيث قد تفاجئنا يوما ما, وزراء التربية الوطنية بالقول" بأن المدرسة العمومية ليس لها مرد ودية, وهي غير منتجة, وغير تنافسية وتكلف الدولة أموالا ضخمة، ولهذا قررنا إغلاقها وتسريح الدارسين بها, وتفويت ما بقي منها إلى الخواص .فاطمئنوا أيها الإخوة والأخوات, فهذا لن يحدث , إننا هنا صامدون.
أيها الحضور الكرام
لقد بلغت جمعيات الآباء نضجها وأدركت جيدا أهمية وجودها داخل المنظومة التربوية، وعبرت على قدرتها على تحقيق الكثير من المنجزات في حالة ما إذا فتح المجال أمامها، وتم تمكينها مما هو منصوص عليه في المذكرات والتوجيهات الرسمية، وعدم التدخل في شؤونها. لقد أدركت الجمعيات أهمية الشراكة، وأصبحت سباقة إلى البحث عن الشركاء إيمانا منها أن التعليم الجيد والنافع هو المدخل الوحيد للتنمية، ولن يتحقق ذلك إلا من خلال المدرسة العمومية.
وفي الأخير, نحن متأكدين من نجاح هذا اليوم الدراسي ونتمنى أن يتوج بتوصيات هامة ومركزة يستأنس بها إخوانكم في الفيدرالية الوطنية وهم يستعدون لعقد أول اجتماع لمجلسهم الوطني. والحالة هذه لا يسعني إلا أن اشكر كل الإخوة الذين منحونا هذه الفرصة للتواصل وتبادل الآراء. والسلام عليكم ورحمة الله..
Aucun commentaire