Home»Régional»دبلوم الدراسات العليا وما يعادله و – تغريبة – الأستاذ المساعد

دبلوم الدراسات العليا وما يعادله و – تغريبة – الأستاذ المساعد

2
Shares
PinterestGoogle+

سعيدي المولودي

الملتقى الوطني الثالث للأساتذة الباحثين

حاملي دبلوم الدراسات العليا وما يعادله

مكناس12 مايو 2007

يهدف هذا العرض إلى محاولة " كتابة" ما يشبه "سيرة ذاتية" للحيف الذي لحق الأستاذ المساعد على المستويين التشريعي والنقابي عبر تاريخه المهني، ومن المفيد لغاية الإحاطة بمراحل ومحطات هذه السيرة الخاصة الدراسات استعادة بعض من تاريخ الجامعة المغربية والمخاضات التي شهدتها منذ نشأتها، والمتغيرات التي تحكمت في توجهاتها وهويتها.

إن صيغة دبلوم الدرسات العليا أو الأستاذ المساعد هي مصطلحات تعود في الواقع إلى السبعينيات من القرن الماضي، وبهذه الصفة أو الصفات السابقة أو اللاحقة ظل الأستاذ المساعد مصنفا دائما في الدرجة الثالثة من سلك رجال التعليم الباحثين، وحافظ على موقعه في هذا الحصن عبر تاريخ الجامعة المغربية، لا يبارحه إلا في حالات التوفر أو امتلاك شهادة أعلى تفسح له طريق العبور إلى مواقع متقدمة أولى.

وقد كان منذ بدايات استقلال بلادنا ضمن هذا الترتيب، ففي الظهير رقم 1.58.390 القاضي بإحداث جامعة الرباط وتنظيمها بتاريخ 24 يوليوز 1959 ، أطلق عليه اسم " مساعد للكلية"، حيث ينص الفصل 12 من الظهير المذكور على ما يلي:" ويساعد الأساتذة وأساتذة المحاضرات في نشاطهم الخاص بالتعليم والبحث مساعدون للكلية، أو الموظفون التقنيون والاختصاصيون عند الاقتضاء" وهو ما يشير إلى دور التابع الذي يحاصر فيه ويعامل عبره.

ويصنف الظهير المذكور الشهادات الوطنية كما يلي: شهادة الدروس العليا، دكتورة الجامعة، دكتورة الآداب ، العلوم ، الشريعة، الحقوق ( دكتورة الدولة).

وبتاريخ 25 شتنبر 1959 صدرت ثلاث مراسيم : مرسوم رقم 2.59.1076، ومرسوم 2.59.1077 ومرسوم رقم 2.59.1078 بمثابة القانون الأساسي لأساتذة التعليم العالي، وللأساتذة المحاضرين، ولمساعدي الكلية على التوالي، وفي الفصل الخامس من المرسوم يتم الحديث عن دبلوم الدراسات العليا، والصيغة التي يتضمنها الفصل تؤشر لوضع الدونية الذي يعامل في سياقه إطار مساعد الكلية، حيث ورد فيه ما يلي:" ينعم على المساعدين الحاملين دبلوم الدراسات العليا بطبقة واحدة، وينعم بطبقتين اثنتين على المساعدين المبرزين المنتمين إلى التعليم الثانوي أو الحاصلين على دكتورة الدولة" وتوظيف لفظة الإنعام لا تخلو من دلالة هنا.فالأمر يتعلق بالعطية والإحسان أو شيئا من هذا القبيل. و لا يتساوى المساعد في هذا القانون مع إطار الأستاذ والأستاذ المحاضر إلا في طريقة ترتيبهم جميعا في خمس طبقات.وطبقا لهذه القوانين فإن المساعدين لا ينتقلون إلى الإطار الأعلى إلا بعد الحصول على شهادة الدراسات العليا أو التبريز في التعليم الثانوي بالنسبة لكليات الآداب والعلوم، ودكتورة الدولة أو شهادة الدراسات العليا بالنسبة لكلية الشريعة.

ويحافظ المرسوم رقم 2.70.250 بتاريخ 18 يونيو 1970 بمثابة النظام الأساسي الخاص برجال التعليم العالي، على الإطارات ذاتها، أستاذ التعليم العالي، أستاذ محاضر، مساعدو الكليات ، وتم تصنيف المساعدين وفق هذا المرسوم في درجة واحدة مرتبة في سلم الأجور رقم 10، ويتم تعيينهم على إثر مباراة تفتح في وجه المرشحين المتوفرين على إحدى شهادات الليسانس والذين يكونون قد قضوا لأجل الحصول على شهادة الدروس العليا سنة واحدة على الأقل، أما المرشحون الحاصلون على شهادة الدروس العليا فيمكن تعيينهم دون مباراة..

وفي المقتضيات الانتقالية التي ينص عليها هذا المرسوم، تم تسمية الأساتذة المحاضرين في مؤسسات كليات الآداب والعلوم الذين زاولوا مهام التعليم في كلياتهم مدة سبع سنوات على الأقل ونشروا مؤلفات علمية وبرهنوا عن كفاءتهم التربوية ، أساتذة التعليم العالي، وفي كليات الحقوق شرط أن يكونوا زاولوا التعليم بصفة أساتذة محاضرين مدة سنتين على الأقل.

أما إعادة ترتيب المساعدين فقد خضع لشروط خاصة مجحفة، إذ أن الإفراغ في السلك الجديد، وإعادة الإدماج فيه لم تشمل غير المساعدين من الطبقة الخامسة، المرسمين والمتمرنين، الذين يدرجون في الرتبة الثانية من السلك الجديد، بينما المساعدون المتوفرون على شهادة أو إجازة الدروس العليا فيستفيدون فقط من زيادة رتبة مع الاحتفاظ بنصف الأقدمية في الطبقة.

وعمليا فإن المساعدين كانوا ضحايا تطبيق هذا المرسوم، ويظهر لي أن مرسوم 19 فبراير 1997 اعتمد صيغة إعادة الإدماج التي كرسها هذا المرسوم كما سنشير إلى ذلك.

وفي سنة 1973 صدر المرسوم رقم 2.73.159 بتاريخ 04 أبريل 1973 بمثابة النظام الأساسي الخاص برجال التعليم العالي الأصيل بجامعة القرويين تم اعتماد التصنيف ذاته والأسماء ذاتها، بنفس المعايير، وصنف الإطار في درجة مساعد المرتبة في سلم الأجور رقم 10، بينما إطار أساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرين يشتمل على خمس طبقات.

وسيحدد المرسوم رقم 2.75.663 بتاريخ 17 أكتوبر 1975 اختصاص المؤسسات الجامعية ولائحة الشهادات التي تتولى تحضيرها وتسليمها والتي تم تصنيفها هكذا: الليسانس، دبلوم الدراسات العليا، الدكتوراه في الآداب، أو الحقوق أو العلوم. كما سيعمد المرسوم رقم 2.75.665 بتاريخ 17 أكتوبر 1975 بمثابة النظام الأساسي الخاص برجال التعليم الباحثين في التعليم العالي، تركيبة جديدة لهذه الهيئة التي وزعها على أسلاك : أستاذ التعليم العالي، أستاذ محاضر، أستاذ مساعد، ثم مساعد، وهو ما يعني أن الإطار الذي كان يصنف في إطار مساعدي الكليات انشطر في ظل هذا المرسوم إلى سلكين سلك الأساتذة المساعدين ، وسلك المساعدين، وهذه هي المرة الأولى التي يوظف فيها تعبير " الأستاذ المساعد" والذي يتموقع دائما في المرتبة الثالثة ، وحدد هذا المرسوم مهامه في تلقين التعليم للطلبة في أشكال أشغال مسيرة تحت إشراف أساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرين، وصنف في درجة أستاذ مساعد المرتبة في سلم الأجور رقم 11، بينما مثلا سلك أساتذة التعليم العالي والأساتذة المحاضرين يشتمل خمس رتب. وغدا تعيينه قائما على أساس التوفر على دبلوم الدراسات العليا أو شهادة تعادله.

وفي المقتضيات الانتقالية لهذا المرسوم يقع المساعدون ضحية إعادة الإدماج من جديد، إذ أن المرسمين منهم أوالمتمرنين الذين يتوفرون على شهادة دبلوم الدراسات العليا هم الذين سيعاد ترتيبهم في الإطار الجديد " أستاذ مساعد" مع تحديد أقدميتهم وفق شروط معينة نصت عليها المادة 13 من المرسوم.

وفي سنة 1982 صدر المرسوم رقم 2.82.540 بتاريخ 27 دجنبر 1982 يتمم ويغير بعض بنود مرسوم 1975، وخاصة الفصل 26 منه، الذي أصبح فيه تعيين الأستاذ المساعد يتم من بين الحاصلين على دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله، أو شهادة الدراسات الجامعية العليا… وكان هذا التغيير ضروريا إثر فتح سلك تكوين المكونين في بداية عقد الثمانينيات، غير أن هذا كان عبئا جديدا على الأستاذ المساعد، إذ أن الذين يتم تعيينهم بناء على شهادة الدراسات الجامعية العليا، لا يمكن ترسيمهم في الإطار إلا بعد الحصول على دبلوم الدراسات العليا ، أو دبلوم التخصص للسلك الثالث،. وهذا عامل ضاعف من قاعدة الأساتذة المساعدين جراء إكراهات الواقع وتطور بنيات الجامعة المغربية في تلك المرحلة، كما ضاعف أيضا أعباء ومعاناة الأستاذ المساعد الذي كان عليه أن يزاول كل المهام والأنشطة المتعلقة بالتعليم العالي، بما فيها المهام المنوطة بأساتذة التعليم العالي والمحاضرين، دون أن يتقاضى أي مقابل ودون أدنى اعتراف له بهذا الدور والعبء المضاف الذي ينهض به في مجال التعليم والبحث. وقد نظمت مراسيم 1983 نظام الدراسات والامتحانات قصد الحصول على شهادة الدراسات الجامعية العليا في مختلف التخصصات.

وقد خلق هذا الوضع إطارا جديدا داخل سلك الأستاذ المساعد، مع وقف التنفيذ، مع أن الشهادة التي حصل عليها تخول له التعيين كأستاذ مساعد، وفي حين أن الترسيم يتم عبر أقدمية سنتين أو ثلاث في أقصى الحالات في الإطار، استثنيت هذه الفئة، وتم رهن مصيرها بالحصول على دبلوم الدراسات العليا. وهكذا انضافت إجراءات حيف وتضييق الخناق على الأستاذ المساعد وتعطيل مسيرته ودوره والسعي وراء خلق فوارق وفجوات في مكوناته.

وسينهض المرسوم رقم 2.85.743 بتاريخ04 أكتوبر 1985 المغير والمتمم لمرسوم 17 أكتوبر 1975 بمهمة تفتيت وتشتيت إطار الأستاذ المساعد، ويتولى تصنيفه عبر ثلاث طبقات أو درجات: أ.و ب. و جـ. وكرس عبر عملية إعادة الترتيب التي اعتمدها حيفا آخر في ما يخص الأساتذة المساعدين، حيث إن الأساتذة المساعدين من الرتبة الأولى إلى الرتبة الخامسة صنفوا في الدرجة.أ. ومن الرتبة السادسة إلى الرتبة الاستثنائية في الدرجة . ب.وخلف تطبيقه ضحايا أيضا جراء اغتصاب الأقدمية العامة لكثير من الفئات.

وسيوسع المرسوم رقم 2.96.793 بتاريخ 19 فبراير 1997 في شأن النظام الأساسي الخاص بهيأة الأساتذة الباحثين بالتعليم العالي، الهوة من جديد، حيث سيعمد إلى تعديل اسم الأستاذ المساعد إلى صيغة أستاذ التعليم العالي مساعد، ويتولى تصنيفه في أربع طبقات أو درجات: أ. و.ب. و.جـ .و .د. وسيكتب شهادة وفاة دبلوم الدراسات العليا وانقراضها، وكذلك دكتوراه الدولة، لتحل محلهما الدكتوراه ، وقد تولى المرسوم في واقع الأمر تدمير حياة وتاريخ الأستاذ المساعد المهني، وخلخل أو زعزع موقعه في أسلاك التعليم العالي بإهدار دوره الفاعل في هذا الباب.

والتشتيت الذي اعتمده سياق إعادة الإدماج في ظل المرسوم كان يستهدف عمليا قاعدة الأساتذة المساعدين، بغاية خلق مسافات توتر وسطها، والإيهام بوجود مصالح متناقضة أو متعارضة بين مكوناتها. علاوة إلى أن دبلوم الدراسات العليا تعرض في ظل هذا المرسوم إلى عملية تبخيس وحط من قيمته العلمية والأكاديمية، ولو أنه كان أساس التصنيف والفوارق المفتعلة، ذلك أن شهادة معادلة له كرست امتيازها حيث منحت حامليها ست سنوات من الأقدمية الجزافية، إضافة إلى الترسيم في الإطار، وهو أمر لم يكن له أي سند تشريعي أو قانوني، غير إرادة إضفاء الامتيازات ومحاولة كسر وحدة الأساتذة المساعدين كقوة مادية وعددية لها ثقلها ودورها الفاعل في التعليم العالي.

و يمكن استنادا إلى هذه المعطيات أن نسجل الملاحظات التالية:

ـ إن الأستاذ المساعد بمختلف ألقابه التي وسم ووصف بها عبر تاريخ الجامعة المغربية، ظل محط نظرة دونية وازدرائية، حيث إن كل العبارات التي تؤطر مهمته تسيجها دائما عبارات: يكلف تحت نظر.. يكلف تحت إشراف، تسند إليه تحت إشراف..، القيام تحت إشراف…، يزاول مهامه تحت مسؤولية..، وهو ما يشير إلى وضعه الدوني، ويبدو أقرب إلى اعتباره قاصرا، لا بد له من وصي أو ولي يرعاه ويتعهده.

ـ إن الأستاذ المساعد عبر تطور الجامعة المغربية والمراحل التي قطعتها التشريعات القانونية والتنظيمية المتعلقة بها، ظل دائما الضحية، والخاسر في كل الأوضاع والتقلبات التي شهدها وضع رجال التعليم العالي الباحثين.

ـ إن صيغة إعادة الإدماج التي اعتمدها مرسوم فبراير 1997 في جوهرها هي عودة أو هي ارتداد إلى مقتضيات مرسوم يونيو 1970، ففي المقتضيات الانتقالية لهذا المرسوم لم تشمل إعادة الإدماج في السلك الجديد إلا المساعدين من الدرجة الخامسة بينما المتوفرون على أقل منها استفادوا فقط من زيادة رتبة مع الاحتفاظ بنصف أقدميتهم في الطبقة، وهذا ما استند إليه روح مرسوم 1997، إذ أن الإفراغ في النظام الجديد لم يشمل إلا الأساتذة المساعدين البالغين الرتبة الخامسة من الدرجة .أ. فما أعلى.

ـ إن مرسوم يونيو 1970 هو نتاج مرحلة خاصة في تطور الجامعة المغربية والمجتمع المغربي أيضا، ففي ديباجته إحالة إلى طبيعة هذه المرحلة، فهو يستند إلى وضعية حالة الاستثناء التي كان المغرب يعيش تحت وطأتها، إذ أن مرجعياته الأساسية هو المرسوم الملكي الخاص بهذه الحالة.. ( تقول الديباجة: نحن عبد الله أمير المؤمنين بن أمير المؤمنين ملك المغرب بناء على المرسوم الملكي رقم136.65 الصادر في 07 يونيو 1965 بإعلان حالة الاستثناء ) وهو أمر له دلالته التاريخية والسياسية والتشريعية أيضا.

ـ يمكن القول إن مرسوم فبراير 1997 يحمل في أبعاده بعض معالم حالة الاستثناء هذه، إذ أنه نتاج مخاض التحولات التي شهدتها بلادنا في هذه الحقبة من أجل بناء أسس النظام السياسي المغربي لمرحلة ما بعد الحسن الثاني.

ـ إن مرسوم فبراير 1997 وما يرتبط به من مقررات لا يضع النهاية المأساوية لدبلوم الدراسات العليا فحسب، وإنما يهبط كذلك بدكتوراه الدولة إلى الحضيض ويفرغها من قيمتها العلمية الحقيقية والرمزية ، حيث إن القرار رقم 1375.99 بتاريخ 06 سبتمبر 1999 المتمم لقرار وزير التعليم العالي رقم 1225.97 بتاريخ 04 يوليوز 1997 الخاص بتحديد إجراءات مباراة توظيف أستذة التعليم العالي المساعدين، يتعامل مع حاملي دكتوراه الدولة والدكتوراه التي أحدثها مرسوم فبراير 1997 على وجه المساواة، وهو أمر يدعو للاستغراب، إذ أن حاملي دكتوراه الدولة كان من الحتمي أن تفتح أمامهم مباراة توظيف أساتذة التعليم العالي، بل تسميتهم في هذا الإطار بدون مباراة، وليس مباراة أساتذة التعليم العالي المساعدين.

وعلى ضوء هذه المقتضيات أيضا ينبغي التأكيد أن دبلوم الدراسات العليا والاشتغال على قضاياه و الحيف الذي طال حامليه سنوات طويلة، ليس وليد تداعيات الشهور أو السنوات القليلة الأخيرة، وليس كذلك وليد الضغينة أو حقد دفين أو طاريء، طارف أو تالد، أو غير هذا مما يسعى البعض إلى ترويجه بشكل غير بريء في سوق الرياء، بل هو وليد التراكمات والانعكاسات السلبية التي استفحلت وتفاقمت مع تطبيق مرسوم 19 فبراير 1997.

فمباشرة بعد دخول هذا المرسوم حيز التطبيق توالت الاحتجاجات والردود الرافضة لمظاهر الحيف التي كرسها، ويمكن في هذا المجال أن نشير مثلا إلى البيان الصادر عن اللجنة الجهوية للأساتذة المساعدين حاملي دبلوم الدراسات العليا بمراكش يوم 11 مارس 1997 الذي عبروا فيه عن تذمرهم وسخطهم ورفضهم المطلق لسياسة تكريس الحيف الذي طال هذه الفئة من الأساتذة، وكذلك بيان اللجنة الجهوية للأساتذة المساعدين بالدار البيضاء التي تشكلت بتاريخ 09 مايو 1997، وحملت على عاتقها مهمة إعداد ملف متكامل حول الموضوع، لإبراز مختلف الخروقات والحيف الذي لحق وسيلحق هذه الفئة جراء تطبيق المرسوم المشؤوم، وفي معظم المؤسسات الجامعية في ذلك الإبان تم توقيع عرائض احتجاج وجهت إلى الأجهزة النقابية…

وقد أدت هذه الحركات فعلا إلى تبني النقابة الوطنية للتعليم العالي لمطلب هذه الفئة، كما تشير إلى ذلك رسالة المكتب الوطني إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي بتاريخ 16 أبريل 1998،والتي تضمنت بعض المطالب المستعجلة ومنها: المشاكل المرتبطة بتطبيق النظام الأساسي الجديد، احترام أقدمية مختلف فئات الأساتذة الباحثين عند تفريغهم من النظام القديم إلى النظام الجديد..

غير أن اتجاهات النقابة الضاغطة كانت تتحرك في اتجاه أولويات مطلب الإصلاح آنذاك وتحسين الوضعية المادية لرجال التعليم الباحثين ، وساهمت ظروف المرحلة السياسية والنقابية في عدم تمثل مطلب الأساتذة المساعدين بالصيغة الإيجابية المطلوبة، الفعالة والناجعة، حيث سنجد أن الوثيقة التي تبنتها اللجنة الإدارية للنقابة الوطنية للتعليم العالي وتحمل عنوان أرضية العمل النقابي، والتي اعتمدت مرجعيات: الأرضية التوافقية بين النقابة والوزارات الثلاثة: التربية الوطنية، الأشغال العمومية، وتكوين الأطر ( يوليوز 1994) ، الندوة المنعقدة ببوزنيقة ( أبريل 1999 )، المؤتمر الوطني السابع ( أبريل 2000 ) اكتفت في معرض عرضها لقضايا الملف المطلبي بالمطالبة برفع الحيف الذي يطال حملة الدكتوراه الفرنسية، وخريجي تكوين المكونين، ومبدأ الاستفادة من الأقدمية العامة للأستاذ الباحث كلما غير الإطار، وفي باب ما سمته إصلاح النظام الأساسي للأساتذة الباحثين وصفت نظام 19 فبراير 1997 بأنه لا يستجيب لطموحات الأستاذ الباحث، وكرس معاناته من الأوضاع المزرية المتعلقة بنظام الأجر، وقد استند المكتب الوطني إلى عناصر هذه الأرضية لصياغة الملف المطلبي الذي شمل مجموعة من القضايا، منها قضايا تتعلق برفع الحيف ومنها مشكلة حملة الدكتوراه الفرنسية، سواء تعلق الأمر بالمعادلة أو الاستفادة من السنوات الست الاعتبارية، ووضعية خريجي سلك تكوين المكونين، والحالات الخاصة الناتجة عن دخول مرسوم فبراير 1997 حيز التطبيق، ومنها أيضا احتساب الأقدمية العامة عند تغيير الإطار ومراجعتها لدى جميع الفئات، وهذا جملة ما تضمنته مذكرة المكتب الوطني حول الملف المطلبي بتاريخ 30 نونبر 2001.

وقد كانت الندوة الوطنية حول إصلاح التعليم العالي التي نظمت أيام 25 ـ 26 يناير 2003 مناسبة للتدقيق أو التنصيص بالملموس على ملف دبلوم الدراسات العليا من خلال تقرير ورشة النظام الأساسي التي تعرضت في محورها الثاني لقضايا الإنصاف ورفع الحيف والقضايا المعلقة، وفي النقطة الأولى من المحور تم النص على ضرورة تصفية كل مخلفات المرحلة السابقة الناتجة عن مراسيم 19 فبراير 1997 وما قبلها في ما يتعلق بحالات الحيف وهي كما تم ترتيبها: حملة الدكتوراه الفرنسية. حملة دكتوراه السلك الثالث. حملة دبلوم الدراسات العليا. خريجي تكوين المكونين. المساعدين. أساتذة السلك الثاني…

وهذه هي الصيغة التي تبناها أو استند إليها المؤتمر الوطني الثامن من خلال تقرير لجنة الملف المطلبي التي بوبت القضايا المطلبية المطروحة إلى قضايا مستعجلة، وقضايا حيف ضاغطة، ومطلبية، تضمنت الأولى التعجيل بمواصلة الحوار من أجل التسوية النهائية لوضعية الأساتذة حاملي الدكتوراه الفرنسية، و تضمنت الثانية تصفية ما تبقى من الحيف الناجم عن تطبيق مرسومي 1975 و 1997، ورفع الضرر عن حملة دكتوراه السلك الثالث وما يعادلها، واسترجاعهم لسنوات الأقدمية عند إفراغهم في نظام 19 فبراير 1997.

هكذا يظهر أن ملف دبلوم الدراسات العليا منذ 1997 ظل يخضع لجدلية الخفاء والتجلي، تبعا للعوامل المباشرة وغير المباشرة التي تحكمت في موازين القوى داخل النقابة، وهي عوامل ترتبط غالبا بحسابات سياسية ظرفية جعلت النقابة تسقط أسيرة رهانات صغيرة تنأى بها عن منحى الإستراتيجية الشمولية في معالجة الملف المطلبي للأساتذة الباحثين، والتعلق بخصوصيات جزئية، وصياغة أو فبركة مصالح فئوية ذات طبيعة توجب الغلو في نزعة التفرد أو الاحتكام إلى منطق الامتيازات، بحيث لا يمكن التعبير عن المطالب إلا في شكل مصالح فئوية، وهذا هو الخطر المحدق بكيان النقابة ويهدد استمراريتها وفعاليتها ووحدتها وتماسكها.

وبالنظر إلى تضاريس هذا التاريخ المديد والعريق لقضية دبلوم الدراسات العليا ومنحنياتها، لا يملك المرء إلا أن يصاب بالدهشة والذهول حين يصطدم بفحوى الخطاب التضليلي الذي يتسلح به وزير التربية الوطنية زاعما أن المطالب المتعلقة بملف حملة د.د.ع، لم تصل لعتبات وزارته إلا أواسط شهر نونبر 2006، وهو أمر لا يعكس في الواقع غير وجه من أوجه سياسة الهروب إلى الأمام التي تنهجها الوزارة، ويجاريها المكتب الوطني بشكل مضمر أو بارز، وهو ما يعني أيضا تسويق إرادة التعتيم على الملف والقضايا المرتبطة به.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سعيدي المولودي

الملتقى الوطني الثالث للأساتذة الباحثين

حاملي دبلوم الدراسات العليا وما يعادله.

مكناس.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. jebli
    20/09/2017 at 18:02

    للتوضيح فان الحصول على دبلوم الدراسات العليا التي تم استبداله باسم الدكتوراه وتم حدف دكتوراه الدولة في إحدى التخصصات، كالفيزياء والكيمياء والرياضيات وعلم البيولوجيا وعلم الزلازل والعلوم الاقتصادية ووو.. لابد من قضاء 10 سنوات على الاقل من الدراسة والبحث ( الماستر 5 سنوات دراسة وتحصيل+ بحث + تداريب) ثم( 5 على الاقل بحث علمي دراسة أحد مواضيع البحث العلمي المطروحة للبحث عالميا ولابد من التوصل إلى نتائج تكون أول من توصل إليها على الصعيد العالمي غير هذا لايمكن الحصول على الدكتوراه والمدة التي يستغرقها البحث لا تقل على 5 سنوات « حسب صعوبة الموضوع ». اما اطروحة الطب فلا تستلزم هذا المعيار ( غير مطلوب الحصول على نتائج مميزة على الصعيد المحلي فبالاحرى العالمي) لأن الطب مهنة تخضع بالخصوص للدرس والتحصيل والتداريب أما الهندسة باك + 5 دراسة وتحصيل ( واطروحة لاتفضي بالضرورة إلى نتائج مميزة)، فرق شاسع بين حامل دكتوراه جامعية والباقي علما ان حاملي الدكتوراه الجامعية في بقاع العالم هم من يسمون بالعلماء.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *