Home»National»جرادة : عندما يصبح المواطن ضحية الصراع بين سيارات الأجرة الصغيرة وشركة الحافلات

جرادة : عندما يصبح المواطن ضحية الصراع بين سيارات الأجرة الصغيرة وشركة الحافلات

0
Shares
PinterestGoogle+

ليلة 30 من شهر يوليوز نفذ سائقو سيارات الأجرة الصغيرة بجرادة وقفة احتجاجية ضد ما وصفوه بعدم التزام  شركة الحافلات الوحيدة الموجودة بالمدينة من احترام أماكن الوقوف وتوقيت العمل  . وقد تزامنت هذه الوقفة بالاحتفال بعيد العرش مما خلف استهجانا لدى البعض من عدم احترام المناسبة لما لها من رمزية عند المغاربة . مما أدى إلى تصدع الوقفة الاحتجاجية وانسحاب البعض منها ، وقد تبين من المشاداة التي نشبت بين السائقين أن عناصر من مستغلي سيارات الأجرة تكون وراء الوقفة الاحتجاجية بهدف مزيد من الربح على حساب المواطن والسائق الذي يوجد في الواجهة ، دون أخذ وجهة نظر جميع السائقين .

السؤال الذي يطرح نفسه هل هذه المطالب كافية للقيام بالوفقة الاحتجاجية أم هناك هدف آخر مبطن وراءها ؟ مما جعل الكثيرين يشككون في أهدافها ومن بينهم جزء من مالكي السيارات .

كانت الحافلات الوسيلة الوحيدة للتنقل بين جرادة وحاسي بلال لفترة طويلة من الزمن  قبل أن تسمح السلطات باستعمال سيارات الأجرة الصغيرة في إطار  توزيع رخص استعمال الطريق لبعض المواطنين وأصبح عددها يتزايد من سنة إلى أخرى مما شكل منافسة حقيقية بين الطرفين حدت من هيمنة الحافلات على النقل بالمدينة وأثرت سلبا على مداخلها . ولا يزال الاقبال على الحافلات رغم المنافسة الشرسة .

 وإذا كان من حق سائقي سيارات الأجرة الاحتجاج من اجل المطالبة بحقوقهم المشروعة وفق ما هو منصوص عليه قانونيا . فان المواطن غالبا ما يكون ضحية ، وهو الذي عليه أن يؤدي الفاتورة حيث يصبح مجال استغلال غير مشروع في غياب الوضوح والتنافسية التي تبرر إجراءات غير مشروعة بين مختلف الوسائل الخدماتية … والخارجة عن إطار القانون المتعامل به في غياب سلطة تنظم هذه العملية وتحدد مجالات واشتغال كل طرف وحقوقه القانونية وتلزم أي طرف باحترامها حتى لا تعم فوضى وتنتهك الحقوق وعلى رأسها حقوق المواطن .

غياب هذا الوضوح هو ما جعل الفوضى والاحتجاجات تصبح سمة تعم العديد من المجالات التي أضرت بحقوق المواطن الجرادي ، وتفتح باب المناورة المشروعة وغير المشروعة ، فتعدُدُ الاحتجاجات ( وسائل النقل البلدية الصحة …) يؤثر كل هذا بشكل سلبي على مصالح المواطن .

وقد يكون دور السلطات الإقليمية  غير الفاعل أحيانا هو ما يساعد على انتشار الفوضى وكثرة الاحتجاجات  … حيث غالبا ما تلجأ الأطراف المتنازعة إلى الاحتكام إليها وفق ما هو منصوص عليه قانونيا ،والتي عليها ( أي السلطات الإقليمية ) أن تحسم من خلال ما يمنحه لها القانون من الحد من النزاعات ونزع فتيل الاحتجاج في اتجاه ما يمكن من قضاء مصالح المواطن ،  وغالبا ما تكون حقوق المواطن المنتهكة هي اكبر غائب رغم أنها الهدف المركزي الذي تصب فيه ادوار جميع المصالح .

حيث يصبح المواطن المتضرر من الاحتجاجات طرفا ، كما حصل خلال احتجاجات البلدية فقد وقعت اصطدامات بين المواطنين والموظفين … أو الموظفين أنفسهم ( الصحة ) …

اختيار توقيت الوقفة الاحتجاجية لم يكن اعتباطيا ،فقد تصبح وسيلة للضغط لتحقيق أهداف معينة ، حيث جاءت بيوم واحد قبل شهر رمضان الكريم ، ومن العادة أن تعمل حافلات النقل على نقل الركاب ليلا مما يعتبره سائقو سيارات الأجرة منافسة تحد من عملهم .  كون ساكنة حاسي بلال تضطر إلى التنقل إلى جرادة  ليلا .

ويربط شركة النقل للحافلات عقد ببلدية جرادة وفق دفتر تحملات  يسمح للشركة  العمل في فترات استثنائية كلما دعت الحاجة إلى ذلك . وكان أن طالب السكان بتمديد فترة عمل شركة الحافلات ليلا مما سيسمح لهم بالتنقل .

 ويمثل شهر رمضان حالة استثنائية حيث يستغل الليل لقضاء الأغراض تفاديا للحرارة المفرطة نهارا ويمثل التنقل الليلي بجميع المدن المغربية حالة خاصة إذ  تنشط الحركة التجارية وتتعدد الأنشطة الثقافية والفنية  والسهرات وتمتلئ المقاهي وتتبادل الأسر الزيارات مما يجعل شركات الحافلات تمدد خدماتها إلى فترات متأخرة من الليل تجاوبا مع حركية تنقل الأفراد .

وتحظى السيارات البيضاء ( سيارات الأجرة الكبيرة ) بأغلب المدن بإقبال كبير من المواطنين حيث تساهم في عملية النقل  إلى العديد  من الأحياء كما هو عليه الحال بوجدة خط لزاري وسيدي يحي وحي السلام … وكان أن تقدم المواطنون بجرادة  سابقا بطلب للاستفادة من خدمات السيارات البيضاء إلا أن هذا الطلب ظل رهن الدراسة بعد أن فتح خط من جرادة إلى المستشفى الإقليمي وكان اقتراح أن تستفيد حاسي بلال من نفس الامتياز كون ساكنة حاسي بلال تجد صعوبة في الوصول إلى المستشفى الإقليمي في بعض الحالات الاستعجالية ،   وفي أوقات معينة من اليوم لأن سيارات الأجرة الصغيرة لا يسمح لها بتجاوز المجال الحضري . ولا يزال هذا الطلب بين أيدي المسؤولين .

بالنسبة لجرادة  تعد ساكنة حاسي بلال  الأكثر استعمالا  واحتياجا لوسائل النقل ، لتمركز اغلب المصالح سواء الخدماتية أو الطبية أو التجارية بجرادة …  وتضطر الأسر بحاسي بلال للتنقل إلى جرادة ليلا لنفس الأهداف السابقة وأهمها  رغبة الآباء في كسوة أبنائهم حيث توجد اغلب الدكاكين بجرادة … ، وللإشارة فان اكبر حي الذي هو حي المسيرة يتوسط حاسي بلال وجرادة ، ليس لساكنته من حل سوى التنقل إلى جرادة لقضاء الأغراض التجارية ، هذا وقد تكون التسعيرة التي يفرضها بعض سائقي سيارات الأجرة لا يتحملها اغلب المواطنين خصوصا عندما يتعدد أفراد الأسرة وهو ما يعطي الحق للاستفادة من خدمات الحافلات .

وتشتغل سيارات الأجرة بجرادة بتسعيرة محددة تتماشى وظروف المدينة حسب ما تم التوافق حوله سابقا مع السلطات الإقليمية ، فغالبا ما يستغل خط وحيد بين حاسي بلال وجرادة ، وقد تم الاتفاق على هذه التسعيرة في إطار توافقي يمكن سيارات الأجرة من العمل وفي نفس الوقت يستفيد المواطنون من خدمات سيارات الأجرة التي أصبح عددها يتزايد إلى حوالي 24 سيارة بالإقليم … ثمن التسعيرة الفردي المتفق عليه والمناسب يشجع المواطنين على الإقبال  على سيارات الأجرة حيث لا تتوقف عن العمل في ساعات الدروة ، فتمثل منافسة شرسة لشركة الحافلات التي تشتكي من تناقص مداخيلها بسبب العدد الكبير لسيارات الأجرة التي تعمل على نفس الخط الذي تستعمله الحافلات .

وجرت العادة أن يتم احترام هذه التسعيرة خلال الفترة الليلية من شهر رمضان إذ تكتفي الشركة باستعمال حافلتين فقط ، إلا أن الإطار التوافقي الذي أبرمته السلطات سابقا مع سائقي سيارات الأجرة ، لا يتم احترامه حيث يعمد بعض سائقي سيارات الأجرة الصغيرة إلى استغلال الظرفية ، والرفع من ثمن تسعيرة التنقل إلى خمس دراهم ،  وهو ما يضر قدرة المواطنين الذين يفضلون التنقل بالحافلة ، والذين يعتبرون ذلك استغلالا غير مشروع كثيرا ما ينتج عنها اصطدامات بين بعض السائقين والمواطنين الذين يرفضون هذه التسعيرة  … ربما من هنا يمكن أن نفهم ظرفية الوقفة الاحتجاجية وأهدافها غير المعلنة !!!

وتعمل سيارات الأجرة وفق زمن محدد بين فترة شتوية وفترة صيفية منظمة على الصعيد الوطني ومن خلالها تحدد الزيادة المضافة المتمثلة في إضافة نسبة مئوية لا تتجاوز 30 في المئة ليلا . إلا أن هذا لا يتم احترامه فيعمد سائقو سيارات الأجرة إلى الزيادة في تسعيرة التنقل بمجرد توقف الحافلات ، دون احترام للتوقيت الليلي المتفق عليه وطنيا ، الذي يحدد شتاءا ابتدءا من الساعة الثامنة ليلا وصيفا من الساعة التاسعة ليلا . ولا يأخذ بعض السائقين الجدد الظرفية الاستثنائية لشهر رمضان والطابع التوافقي الذي حصل بين مسؤولين سابقين وممثلين عن سائقي السيارات  .

اغلب سيارات الأجرة بربوع الوطن تتقيد بقانون يحدد التسعيرة ويُجبَرُ السائقون على وضعه بالسيارة على الجانب الأيمن المقابل للزبون ، إلا أن جرادة تمثل استثناءا رغم المطالبة به لتفادي أي تأويل فيما يخص التسعيرة وزمنها  ضمانا لحقوق السائق والمواطن معا .

 وفي ظل هذا الفراغ يسهُل أن يُصبح المواطن هدفا للاستغلال  في ظل غياب دور محوري للجهات المسؤولة  يضمن حقوق الأطراف الثلاثة سيارات الأجرة والحافلات ، ويضمن للمواطن حقوقه ، ولن يتم هذا إلا من خلال وسائل صريحة معمول بها وطنيا توضح حقوق كل طرف ….
جرادة : محمد . ع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *