"…حسبي الله ونعم الوكيل، حسبي الله ونعم الوكيل ، حسبي الله ونعم الوكيل. أقولها مرات عديدة ، فأنا لا أطمع في أي شيء فقط أطمع في علاج كامل . هذا ما أطلبه من الله سبحانه وتعالى."، كانت عبارات رددها المرحوم الشاعر بنعمارة في آخر حوار خصَّ به جريدة الأحداث المغربية في زيارة له ببيته عشية يوم الأربعاء 25 أبريل الماضي. انطفأ الشاعر الأستاذ محمد بنعمارة عشية يوم السبت 12 ماي الحالي في حدود الساعة الثالثة بعد الزوال ببيته ووري جثمانه التراب بعد ظهر يوم الأحد بمقبرة سيدي يحيى بمدينة وجدة في حفل جنائزي مهيب من المعارف والأصدقاء والأساتذة.

رحل الشاعر الأديب بنعمارة بعد مرض عضال لم يمهله كثيرا وفي قلبه غصة التجاهل والإهمال والتخلي ممن حسبهم أصدقاء وزملاء وشركاء في وقت كان فيه أحوج إلى مساندتهم ودعمهم ولو بكلمة مواساة جميلة عدا الشاعر المغربي محمد بنيس،"… وهنا تظهر قيمة المثقف حتى كأننا في مغرب يوجد مثقفان ، مثقف يهتم بأمره يراعى وتقدم ملفاته للأبواب العليا ، ومثقف آخر يتجاهلونه ويهمشونه ويهمشون ملفاته…" قالها المرحوم بعبارات الحسرة والأسف المملوءة بالإحساس بالحيف والغبن من هؤلاء الذين سيبادرون بعد رحيله بتقديم التعازي لأبنائه الذي تقاسموا ذلك الإحساس وذلك الشعور.

يعتبر الشاعر الراحل من الشعراء القلائل الذي اهتموا بالأدب الصوفي وعلاقته بالكتابة والمعاصرة كما اشتغل طول حياته على مشروع علمي يسعى من خلاله إلى تأصيل التراث في مفهوم الشعر الحديث. ولد الشاعر بتاريخ 7 ماي 1954 بمدينة وجدة وتلقى تعليمه الابتدائي بوجدة ثم أنهى دراسته بمدارس محمد الخامس بالرباط حيث حصل على شهادة الدكتورة قبل أن يلتحق بجامعة محمد بن عبدالله أين حصل على شهادات عليا منها شهادة استكمال الدروس العليا ثم دبلوم الدراسات العليا تحت إشراف الدكتور محمد السرغيني. حصل على دكتورة الدولة في الأدب عن أطروحته "الصوفية في الشعر المغربي المعاصر، مفاهيم والتجليات" وله عدة إبداعات أدبية وعلمية أكاديمية. وله مؤلف لم ينشر بعد وهو جاهز للطبع، كتاب درس فيه آثار الأدب الانجليزي على الأدب العربي الحديث…