البلاغ في الرد على غلاة تفناغ
البلاغ في الرد على غلاة تفناغ
بقلم : رمضان مصباح
حينما « مزغت « بعض فصول مشروع الدستور المغربي الجديد ؛ووطأت لها بتساؤلات مشروعة من طرف مغربي أمازيغي يرى أمازيغيته تداس بأقدام غلاة تامزغا ؛ويستمع إلى تساؤلات أبناء قبيلته الحيارى: ألا تكفي أمازيغيتنا حتى يعلم أبناؤنا أمازيغية أخرى ؟ ويقف على رد فعلهم المفارق:
الحرص – وهم الأمازيغ- على ألا يكلموا أبناءهم الا باللغة العربية ,باعتبار أن لغة الأم لن تفيدهم في شيء ؛خصوصا بعد أن عاينوا حروفها ⴽⵊⵀⴳⴳⴼⴷⵙ (mad in tamzgha ).( الحروف رصت كما اتفق ؛فان كان لها مدلول فهو غير مقصود)
حينما أقدمت على هذا العمل السريع لم يكن في نيتي ترجمة المتن الدستوري إلى الأمازيغية
لأنه وثيقة رسمية ,وعلى الجهات الرسمية أن تفعل هذا ؛كما فعلت اذ ترجمته الى الفرنسية.
إني أعرف أصول الترجمة ,وأغلب القراء يعرفونني مترجما ,عن الفرنسية,لسنين عديدة .
ولم يكن في نيتي أن أدخل في سجال أكاديمي حول هذه الأبجدية التي يسيج بها غلاة تامزغا
لغة الأجداد ,حتى يخلقوا لنا مرة أخرى أميين أمازيغ ؛علينا أن نحارب أميتهم الأبجدية ؛وكأننا لم
نسأم من أمية مستفحلة ,فيما يخص اللغة الرسمية ,وباقي لغات العالم الحية.( آش خصك آ الجاهل,تفناغ آل العاقل).
قصدت فقط تقديم نوع من التفسير المقتضب لبعض الفصول ,بلهجة قبيلتي ,التي تقدم نموذجا
لغويا فريدا من نوعه ؛فهي قبيلة عربية ( أولاد سيدي زكري:الزكارة),وجدنا هو الشريف الادريسي سيدي زكري بن علي بن ناصر وصولا الى أعلى شجرة هذا النسب الشريف؛ لكنها بفعل الجوار ضمن الكتلة الزناتية تمزغت لقرون ,وها هي ذي اليوم ,بفعل تقهقر الأمازيغية
كنتيجة للتفاعل والحضور القوي للعربية في وسائل الإعلام تتعرب تدريجيا.
هذا ما انتبه اليه أحد المعلقين على مقالي ,اذ قال بأن أمازيغيتي ناقصة جدا. لا ياسيدي انها أمازيغية القبيلة كلها ؛وقد تآكلت رويدا رويدا ,وما تبقى ستجهزون عليه أنتم بالتعصب لتفناغ ,كما أسلفت.
هذه الحالة تؤكد ما ذهب اليه ابن خلدون من كون بعض القبائل العربية – في المغرب-تمزغت ,وبعض القبائل الأمازيغية تعربت.
قبيلتي تمزغت وها هي ذي تتعرب و لا ضرر ؛ولن تكون في يوم من الأيام من المواطنين الافتراضيين لتامزغا.
إن من يقول اليوم بدولة تامزغا في شمال إفريقيا ,الخالصة للعرق الأمازيغي, ويواصل دون خجل ,أو رهبة :ورحيل الجنس العربي الى الجزيرة العربية,فتان خطير تجب محاربته وليس محاورته.
ان من يرفع علم تامزغا المزعومة – كما صممه الكونغرس الأمازيغي, الملتبس والغامض-
ويسير به في شوارع دولة ,لها علمها الرسمي, يبرهن على أن هذه الدولة بلغت من الديمقراطية والتسامح ما لم تبلغه حتى الدول العريقة فيهما.
حينما ينتقد دعاة الإصلاح السياسة التدبيرية للدولة ,ويطالبون بمحاربة الفساد ,وتظهرون أنتم بعلمكم ,في الشاشات العالمية,لا أحد يصدقهم بأن في المملكة ما يحتاج إلى إصلاح.
ألا ترون أن أميركا تزمجر حينما ترى أعداءها يحرقون علمها ؛بله مواطنيها ,والذين لن يفعلوا؟ هل رأيتم أعداء الصهيونية,من اليهود ,في اسرائيل ,يرفعون علما غير علم دولتهم.
هل يستطيع الفرنسيون رفع غير علمهم المشهور والسير في الشوارع محتجين؟
قد يتسامح المغاربة – العرمزيغ- مع لا فتة أو شارة تميزكم ؛لكن يجب أن يرفع معها علم الوطن.
لماذا لم يظهر علم الكونغرس الأمازيغي في الجبل الغربي بليبيا ,حيث لعلعة الرصاص, وأشداء الأمازيغ الزنتان – ومنهم الزكارة الليبيون-يقارعون الأهوال؟ لماذا لم تساندوهم ولو بحليب الأطفال؟
ما رأيناهم يرفعون غير علم ليبيا الحرة ,أسوة بباقي الثوار, وما استمعت الى أحدهم يوجه النداء إلى الكونغرس الأمازيغي؛ كما فعل المهلهل ذات رثاء مر:
دعوتك يا كليب فلم تجبني وهل يجيبني البلد القفار
أتغدو ياكليب معي اذا ما رؤوس القوم تشحذها الشفار
بل على العكس سكت أمازيغ تيزي وزو عن نظامهم – وهم العمود الفقري للكونغرس- وهو يدعم نظام الديكتاتور القاراقوشي القذافي. هذا اذا لم يكونوا يقاتلون إلى جانبه.
وكان من ضمن أهدافي أيضا أن أعطي مدلولا للنص الدستوري, المتعلق باللغات عموما ؛خصوصا والقراء ليسوا من المغاربة فقط .إن من إخواننا العرب من لم يسمع الأمازيغية قط ؛ولو قدمناها له بتفناغ لحمد الله على جهله بها.
واستحضرت أيضا أن يعرف الجميع أن أمازيغ المغرب لا تعبر عنهم جهة فقط ؛هي الرافضة للدستور؛ باعتباره أعلى العربية ,وخفض من قدر الأمازيغية ,حتى وهو يدسترها.
أي عدد الزوجات لكنه لم يعدل. لا يا سادة ان الدستور يربط ,هنا , العدل بالإنجاب. لم تنجب الأمازيغية ,بعد, ما يجعل المشرع يسارع إلى حرق المراحل.
قصة تفناغ:
أعتقد أنه من العيب أن نسكت – عمدا- عن الدلالة الحقيقية لهذا المصطلح الأبجدي ,كما حددها علماء أجانب متخصصون ,ونقول بأنها تعني : لقيانا , notre trouvaille . باعتبار أن: فعل
( نوفا) الأمازيغي يعني (وجدنا) اذن ف: توفانغ- بالنطق الزناتي- هي ( لقيانا).
لا يستقيم هذا, ولا أعتقد أن شعبا من الشعوب يسمي لغته بهذه الكيفية. ولا أعتقد أن اللغات مما يعثر عليه الشعوب. الا اذا تعلق الأمر بالحفريات الأركيولوجية ؛وهذا موضوع آخر.
ان تفناغ – كما ترد في موسوعات محترمة- هي جمع لكلمة ( ثفنقث = ثفناق= تفناغ)
أي الفنيقية. وهذا ما يؤكده تاريخ الأبجديات القديمة.
تطورت الهيروغلوفية لتصبح ,في بابل ,فنيقية ؛ومنها تفرعت باقي الأبجديات القديمة المعروفة ,بما فيها حتى الآرامية ,ومنها العربية والعبرية.
ان الحرف العربي ,الذي أغضب الغلاة اعتمادي له,في عمل محدود ,حتى عبر عنه أحدهم ,في تدخله, بقطع اللحم المنتن ,متأخر عن تفناغ ,أي أكثر نحتا وصقلا ؛فلماذا تعادونه إلى هذه الدرجة ,والأصل بينهما واحد؟
لماذا تفضلون عليه حرفا أقرب الى العبرية؟
وما قيمة الحرف أصلا ما دام مجرد وعاء للغة؟ لو لا أنكم ترتبون مقدمات لمطالب أخطر.
لقد أدلى أحد المعارضين لكم بمثال ايران – ومعها باكستان وأفغانستان و..- التي اعتمدت الحرف العربي ,في وجدود حضارة فارسية قديمة ,بقضها وقضيضها ؛وقد قال فيها البحتري
ذات مغاضبة لقومه, وهو ينظر إلى معمار إيوان كسرى الخرب:
حلل لم تكن كأطلال سعدى في قفار من البسابس ملس
ومساع لولا المحاباة مني لم تطقها مسعاة عنس وعبس
وما حجم الخسارة اذا كان المكسب جليلا ونبيلا: الحفاظ على اللحمة ( العرمزيغية)
لقد دعيت,من طرف بعضكم, إلى تعلم تفناغ ليرتفع المشكل ,في ساعات؛وهل المسألة فردية الى هذه الدرجة؟
لا يا سادة ان الأمر أخطر من هذا .أنتم تدلون بالحرف وقصدكم الجرف: جرف الأمة إلى قاع
القتنة. فلا كان لكم هذا؛ ولو وقفت في وجهكم قبيلتي فقط: نموذج الانصهار العربي الأمازيغي.
الدستور احتاط من الغلو:
نعم لقد اعتبرت الأمازيغية أيضا لغة رسمية للدولة ,باعتبارها رصيدا مشتركا لجميع المغاربة ,بدون استثناء. ( الفصل الخامس)
لم يرضكم هذا ,واحتار الناس في أمركم :ماذا يريد القوم؟(مان يوغن ايعزرين؟) هل يريدون ,ابتداء من غد الاستفتاء ,استصدار جوازات سفر بالأمازيغية لمفاخرة تيزي وزو, أو طوارق الجزائر؟
وفي اعتقادي أن موقفكم أذكى من هذا ,فأنتم انتبهتم إلى أن جعل الأمازيغية رصيدا مشتركا لجميع المغاربة , حبك فقيه دستوري محنك.
فعلا ان فهمكم – ان صدق ظني- سليم. فقد وضع المشروع حدا لاحتكاركم للشأن الأمازيغي- لغة وثقافة وتدبيرا- بل لطموحكم في تطبيق حلم تا مزغا الكبرى( على غرار اشرائل الكبرى,القائمة هي أيضا على العرق اليهودي: مجرد توارد الخواطر بينكم وبينهم).
لقد أصبحت الأمازيغية شأنا مغربيا , أي ( عرمزيغيا).
وما دام الأمر هكذا فمن حق كل واحد أن يدلي برأيه في تنمية هذه اللغة ,وكسر الحواجز بينها وبين العربية ؛ولا سيما الحاجز الأبجدي المفتعل.
نحمد الله أن الدستور لم ينص على تفناغ حرفا للأمازيغية ؛لأن أعضاء لجنة التعديل حكماء بما يكفي ؛لا يغرر بهم حتى الكونغرس الأميركي.
لا تطور للأمازيغية إلا بأبجدية متداولة ,ولا أفضل من الأبجدية العربية ,حينما يتعلق الأمر بالشعب المغربي المسلم الأشعري المالكي .
أتحدى الغلاة أن يأتوني بإنتاج فكري أما زيغي قديم ,مكتوب بتفناغ؛ عدا النقوش الصخرية
وفي الحلي والمفروشات ,وفي أجساد النساء ,وصولا إلى جداتنا, لا وجود لهذا الحرف
الذي صانته الأحجار فقط , و الطوارق,باعتبارهم – كغيرهم من الأمازيغ – أصحاب مشافهة.
حتى » أسنوس اوورغ » ( الجحش الذهبي) لأبيلي ,مكتوب أصلا باللاتينية ,ولم يثبت أن له أصلا بتيفناغ؛ رغم كون هذا الرجل – كافكا العصر القديم- ينسب الى الأمازيغية.
ورغم رتب عالية احتلها بعض الأمازيغ ,في الكنيسة ؛كانت تفرض عليهم كتابة نصوص انجيلية لذويهم على الأقل في اطار التبشير ,فانه – حسب علمي المتواضع- لم يعثر على شيء من هذا.
وفي المقابل يوجد الكثير من الفقه الإسلامي ,مكتوبا بالأمازيغية المعربة الحرف.
حتى كتاب المهدي بن تومرت الذي يتحدث عنه المؤرخون لم أعثر على من يقول بأنه كتب بتفناغ.
قرأت « أسنوس » بالفرنسية ,ولا أعلم هل ترجمه أحدكم الى الأمازيغية.
ابحثوا عن المحتوى , احرصوا على الإنتاج, اشتغلوا بالعلوم الحقة واقنعوا العالم, وليس المغاربة فقط , بأن هناك قيمة مضافة تأتي بها الأمازيغية.
إن موحى ولحسين( صناجة المغرب) أكثر بلاء منكم في هذا الجانب اذ عرف العالم برقصة أحيدوس؛دون أن يكون له أدنى معرفة بتيفناغ ولا بالأيديولوجية التامزغية.
لقد أكد لي زميل أمازيغي صنهاجي ,من سكان واحة فكيك, بأن كتابة الأمازيغية ,بالحرف العربي, أمر شائع عندهم منذ القديم. ولعل أهل سوس العالمة لهم السبق الكبير في هذا الجانب.
وعلينا أن ننتظر أيضا رأي الناطقين بغير العربية ؛الذين يرغبون في تعلم الأمازيغية ؛أي حرف يفضلون.
لقد وقفت ,من خلال الردود , على مواقف لأساتذة عقلاء ,انضموا الى رأيي ؛بل منهم من التزم ألا يكتب الأمازيغية الا بالحرف العربي.
لم يكن قصدي أبدا تشكيل تيار ( عرمزيغي) ؛ها هو يتشكل ,بفضل غلوكم .
لا علاقة لي اطلاقا بما يقوله بن كيران ,لست من حزبه.وقد سبق لي أن ناقشت الأمر مع عضو من الأعضاء المنسحبين من المعهد الأمازيغي ,حتى قبل أن يتأسس . دعوته الى عمل ديداكتيكي مشترك نمهد به لتدريس الأمازيغية ,باعتبارنا مفتشين تربويين أمازيغيين,فلمست منه عدم التحمس للحرف العربي. بل طالبني – وهو زميلي- بأن اجري معه حوارا صحفيا ؛مما أغضبني .ثم تفرقت السبل بيننا إلى أن وجدته ضمن قائمة المستقيلين من المعهد. المسألة بالنسبة لي ليست طارئة ,دعائية للدستور. وحينما ظهر الميثاق الوطني للتربية والتكوين كنت من ضمن من انتقدوا
– كتابة- تعامله مع الأمازيغية.
– وقتها لم تكونوا في الساحة أصلا يا أمازيغ 20فبراير.
للمملكة المغربية خصوصياتها ,منذ المولى ادريس الأكبر؛منها عشق الحرية ,وقد بزت الخلافة المركزية في بغداد ,وأقامت دولتها العربية الأمازيغية ؛ولم يضرها أن تنعت في بلاط الرشيد بأنها ذنب العالم ,ولم يصل خراجها إلى الخلفاء أبدا ؛فكيف تلغون كل هذا التميز والتفرد وترسمون خريطة تامزغا في أحلامكم ,وترددون كلام فئة لا هم لها الا معاداة المغرب ,وتخريب
استقراره.؟
1 Comment
لا يجب العودة الى الوراء ذلك لأن إشكالية الحرف حسمت من طرف لجنة علمية طرح عليها الإختيار بين تيفيناغ ,العربية ,الفرنسية فاختارت اللجنة الأكاديمية بعد استشارات علمية واسعة داخل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حرف تيفيناغ والان بعد دسترة الأمازيغية كلغة وطنية واسعة يجب في تقديري أن ينصب النقاش حول الآليات التنظيمية لتفعيلها في مجال التربية و التكوين و في مختلف مرافق حيات الإنسان المغربي