Home»Régional»تتمة السهرة بالعرفة

تتمة السهرة بالعرفة

0
Shares
PinterestGoogle+

حاولت التركيز في الحلقتين الماضيتين عن أوصاف كل عضو من الفرقة , وسأواصل على نفس المنوال حتى يسدل الستار عن هذه السهرة التي أطلب منكم ألا تغمضوا أجفانكم , حتى نسمع الى فاتحة الشيخ أحمد التي يختم بها كل عرس , حينها سنذهب جميعا الى عمي بلو ونأكل * اسفنج* جميعا مع براد شاي على حسابي.
اذن العرس متواصل والعرفة يشتد وطيسهم , فجأة نرى في القاعة أحد المدعويين يمسك بعصى , عرف الجميع أنه بصدد طلب رقصة خاصة به , اذن الأمر يشتد , العرفة جميعهم ماعدا الشيخ ميمون والشيخ اعبيدة يتجهزون للواقعة , كله يضبط بنديره , بينهما هم كذلك الشيخ أحمد يواصل التزمار بمفرده , ها هم اذا اصطفوا لملاقات العدو , فالموجود في القاعة جزار معروف بظبطه للحساب , ولا مجال للخطأ هنا , طلب رقصة * انهارية * , قبل أن يبدأ الرقص قام بمخالفة يديه , أي طالبا التسليم لرجال البلاد , يده اليمنى تلوح بالعصا في السماء , ماذا يجري , الجمهور يصرخ ويصفر , ما الأمر , لقد فهمت الجمهور الواقع في ظهر العرفة يطلب منهم الجلوس بدل الضرب على البنادر واقفين , حتى يسنى لهم مشاهدة الرقصة الرائعة للجزار البارع , رغم أنه غير بارع في مهنته , فقليل من السهو قد يكلفك شراء لحم نعجة أو لحم كله شحم.
المقام هنا لا يتسع لهذا , الجزار يشير الى العرفة بالجلوس وبكل تفهم وبابتسامة عريضة من الشيخ اعبيدة يجلس الجميع , يقوم الراقص بارجاف كتفيه بسرعة جنونية , وفجأة يقوم بالتوقف وكذلك العرفة , انه * بونت* , فالعرفة يعرفون مكره هذا قبل الدخول الى الحساب , يستأنف العرفة – انهارية – يسرعة كبيرة وكأن شيء لم يقع , الجزار يمرر اشارات بيده الى العرفة , انه يعطيهم الحساب الذي يحب الرقص عليه , بأصابعه فقط دون الهمس في آذانهم , يبدأ بحساب صغير , جرتان واعرايشة خمسة وخمايسية , باشارة من رأسه يقوم العرفة يتنفيذ الأوامر , بعد الحساب تسمع تصفيق الجمهور , يدخل أحد أقارب العريس فيضع بعض النقود على قميصه مع الحرص أن تبقى ظاهرة للعيان , يواصل جزارنا الرقص لكن هذه المرة بحساب آخر , لكنه يجب أن يكون هذا على حسن ظن صاحب النقود به , بعد اعطاء العرفة جدول الحساب للعرفة , يقوم الشيخ الحسن ولد عيسى بتمرير الحساب الى ضاربي البندير يمينا ويسارا , الشيخ عبد المجيد ( الجلطي ) على يسار الشيخ الحسن فهم المكلفان بضبط الحساب هذه المرة لأن فيه الضرب والجمع والطرح معا , أما باقي من يضرب على البندير فهم مجرد بنادير لملء الفراغ , انها ( الشيبانية ) وهي رقصة طويلة فيها جميع أنواع الحساب من جرات واعرايشية و سباسة واخمايسة , لكن بعدد مختلف وتنظيم حسب حركة الجسد واشارة الرأس , فمثلا 12 بونت الموجودة في ما قبل الضربة الأخيرة يجب أن يعدها الراقص حتى تكون رقصته منسجمة مع الضرب.
وفعلا ينجح العرفة في اتمام الرقصة بشكل رائع , وبعد ذلك يهبون قائمين معلنين عن انتهاء الرقصة وكأنهم يطلبون من الجزار التوقف واعطاؤهم فرصة لشم الهواء.
يبتسم الشيخ ميمون والشيخ اعبيدة ويطلبان من الجزار الاقتراب منهما حتى يتمكنا من سلخه من النقود كما اعتاد هو سلخ الشاه أو كما اعتاد سلخ عباد الله.
الجزار يطلب من الشيخ ميمون أن يبرح أي يعلن اسم مولاي السلطان وهو عريس الليلة , وذكر اسم أباه واخوته ويقول له : اذا كنت تعرف , فيجيب الشيخ ميمون : الأ نعرف, أي أجيد هذا .وبعد اتبراح بالحاضرين كبار وبصغار وبأولاد أحفير اللي يحشمو للومة , يستدير الشيخ ميمون نحو لمخازنية ويقول : في خاطر المخزن ديال سيدنا اللي راه ساهر على الأمن , لمخازني القريب منه يتململ و ينحنح ماسكا بحزامه الغليظ محاولا رفعه الى الأعلى وستر نصف بطنه المكشوف

الصيف في مدينة أحفير والى حدود التسعينات كان بمثابة مهرجان مفتوح للجميع , مهرجان تتعدد فيه الفرق الفلكلورية ولا يكاد يخلو حي من سهرة أو اثنتين , وفي بعض المرات ثلاث سهرات في الليلة الواحدة وفي الدرب الواحد , وهذا ما شاهدته بأم عيني في زنقة علال بن عبد الله , فلا يكاد يصدق من زار أحفير لأول مرة أن الأمر هو ثلاث حفلات زفاف , فالعرفة من جهة والشيوخ من جهة أخرى ومجموعة البشارة من جهة ثالثة , الجمهور يتنقل بين السهرات باحثا عن الفرجة وباحثا كذلك عن مجموعة من العناصر التي تأثث السهرات , هذه العناصر هي ليست من أهل العريس رولا من أهل العروس , ولا حتى من صنف أبناء خالت مول الباش . والبعض أصبح جزءا من كل السهرات فبروحهم المرحة وبصوتهم المتميز يلتف الجميع من حولهم محاولا سرقة ضحكة والاستماع الى ما جادت به قريحتهم من عبارات التهكم من الراقصات أو من بعض عناصر العرفة الذين لا يظبطون الايقاع . رغم أنهم يخلقون شوشورة قد تزعج صاحب العرس , الا أنها لا تصل الى حد الضجيج الذي يكسر جو الفرحة و السهرة.
في هذه الحلقة سنحاول التركيز على جانب مهم الا وهو الجمهور . فالجمهور قيمة مضافة يجب مراعاتها في كل الأمور ابتداءا من تبريحة الشيخ أعبيدة بهم ( في خاطر أصحاب أحفير اللي يعرفوا يقصروا ) الى توجيه التحايا لهم على شكل سلام عسكري والى كل الجهات الأربعة من الجمهور , أضف الى ذلك استرضاء صاحب العرس للجمهور وطلب ودهم بتوفير الشاي والحلويات والماء البارد والملاحظ أن صاحب العرس يحذف من قاموسه هذه الليلة كل مصطلحات المحاسبة والبخل , فأثاث المنزل وأوانيه يعبث بها الجمهور وأمام عينيه , وهو لا يطلب سوى أن تمر السهرة بنجاح , فمحك أمن السهرة مهم جدا ويجب تخطيه بنجاح , فأمن السهرة من أمن العائلة , وربما تكون العروس ضحية رغم أن لا علاقة لها بالموضوع , فاذا فشل الجميع في ظبط الأمن ( وهذا نادرا ما يقع ) ستتهم العروس بأنها فأل سيء على العائلة وبأن قصتها غير جيدة أي أن كصتها ماشي مليحة. وبهذا يصبح أهل العروسة قابضين على جمرتين , جمرة امتحان عذريتها وجمرة أمن السهرة.
الجمهور الأحفيري وبطبيعته لا يصل الى حد افشال سهرات الزفاف , فهو جزء من هذه السهرة , وأي شوشرة قد تفوت على الجميع فرصة الفرجة , وهذا ما تلاحظه عند نشوب أي خلاف بين اثنين ( شما البوشونات) , فيتدخل الجمهور بسرعة لاحتواء الخلاف وابعاد المتخاصمين حتى لا يثيرا انتباه الجمهور ومعه عائلة العريس. وعلى كل حال فالعرفة غير آبهين بما يجري فبعض المرات تصل الأمور الى حد كبير من الصراخ والصياح , لكنهم يحاولون بطريقة ذكية عدم الانخراط في هذا الأمر ولفت نظر ما تبقى من جمهور وكأن شيء لم يقع . فاذا غادر الجمهور تفقد السهرة كل معنى , وبذلك يفقد العرفة فرصة حصد مزيد من الأموال , فالصيف على أشده وأي سهرة مرت لن يتم استرجاعها , سيما اذا كانت العائلة من محبيى العرفة مثل ادوايزة أو لمحاركة أو لمقاقرة أو ما شابههم من اخرابشة و اقنانبة وأولاد المنكار.
ما يثير انتباهك في الجمهور أن بعض العناصر أصبحت أوتادا فعلية لكل سهرة عرفة , وسأحاول التركيز على بعضهم لأنني أعرفهم جيد المعرفة, سأحاول رصد شخصيتهم لأنهم فعلا جزء من الذاكرة الشعبية الجماعية لمدينة أحفير , فرغم أنهم اجتماعيا من أدنى المراتب الا أنهم في أعلاها من ناحية روحهم المرحة , وملاحظة أريد أ، أشير ليها أن البعض رغم أنه ينتقد معاملة الناس لهم ويتهمهم بأنهم يتهكمون منهم سرعان ما تجد هذا الشخص ينخرط في جوقة الضاحكين .لا أدري لماذا يحرم نفسه من الضحك من هؤلاء الظرفاء والذين ان قرأ عليهم في بيان وتبيين الجاحظ سينظر اليه أنهم أبطال روايات حقيقيين , لكن في أحفير لا.فلماذا يحاول البعض انتزاع الفرحة من هؤلاء , فهم مندمجون مع الجميع ولا يحسون بأي ازعاج , ومن فوض لهؤلاء التحدث باسمهم أجدى له تشكيل جمعية والاهتمام بهم أن أحس بذنب تجاههم من بين هؤلاء الظرفاء شخص غريب الأطوار , متميز في كل شيء فلا تكاد تعرف الفرق بين حضوره أو عدمه فاذا جلس في مكان لا يتحرك منه الا اذا افتظ الجمع , لا أكاد أتذكر سهرت حضرت لها ولم أراه , لا أصف لكم مدى حبه للعرفة وتسمره في مكانه أكبر دليل على هذا الأمر , وكنا اذا رأيناه يرتدي معطفا طويلا في عز الصيف عرفنا بأن هناك سهرة هذه الليلة وبالتحديد بالعرفة , لا يبقى سوى البحث عن شخص آخر يجلس في كاتروت يعلم تاريخ السهرة ومكانها أسبوع قبل تاريخها المحدد ’ وبعض المرات وفي عز الشتاء يعرف بأن هذه العائلة أو تلك بصدد التجهيز لعرس بالعرفة وفي الصيف. هذا الشخص والذي يحمل اسم رئيس جزائري راحل , يتحمل وعكاء التنقل لأماكن بعيدة من أجل سهرة بالعرفة , وله قصة شهيرة في هذا الأمر ,فبينما كان راجعا من سهرة بالعرفة في الرياحة الأولى , اعترض طريقه أحد من يعرفه متنكرا في هيأة غريبة ,ولم يتوقف عن الجري الا عندما وصل الى كاتروت ,وكدنا نفقده من شدة الهلع لولا لطف الله به ,فرغم أن المتنكر فصير القامة وشعره قصير فقد رآه صاحبنا يشعر طويل وبقامة تفوق ثلاثة أمتار , فقد أخذ منه الخوف مآخذ وستقولون أنني أبالغ ان قلت لكم بأن في أحد سهرات ادوايزة في زنقة الدرفوفي بالضبط , رأيت صاحبنا نائما وهو واقف ,ولولا الشهود لكذبني عندا أفقته طالبا منه متابعة -كانت جاية والتي كان يحب مشاهدتها , ففيها ينزل العرفة كل الأسلحة المتوفرة ويقومون بالرقص تابعا وكل عريف يرقص رقصته المفضلة , وهذا ما أكده لي أ؛د الأصدقاء في فرنسا فقد قال لي بأن هذا الأمر موثق في سهرة أخرى , فقد شاهدوه في شريط فيديو يغط في نومه الشخص الثالث وهو شخص أسمر طويل القامة , معروف عليه ضحكاته مرتفعة الحجم , فهو الحاضر الغائب في كل السهرات فقد عرفت مؤخرا منه أنه غير راغب في حضور أي سهرة, وما يدفعه الى هذا الأمر ضيق المحل الذي يقطنه بجانب والدته وأخوه . صاحبنا هذا والذي يمتلك حدق كبير يجعل منه يكتشف وبسرعة من يحاول التهكم منه من من يحاول التحدث معه ومناقشته , بل قل الى من يحب الاستماع الى حكاياته وخصوصا حكاية محاولة السفر الى الهند.
هناك أشخاص آخرون كنت أبحث عنهم في كل سهرة وأحاول الاقتراب منهم دون لفت نظرهم, فشخص يحمل اسم العاصمة العراقية أضف اليها ياء النسبة كان ينظم سهرة مضافة الى جانب العرفة وتهريجه لو سجل لبيع بأثمان غالية لا ينقصه سوى الوقوف على الخشبة فصدقوني أنه يفوق وبكثير مجموعة من الوجوه الركيكة والتي تحاول اضحاكنا في شهر رمضان عبر التلفزة المغربية لا تنسى وأنت تشاهد العرفة أن تتناول مشروبة غازية من أحد بائعي المشروبات والذي يغطي في برويط مجموعة من القنينات عائمة في سطل ماء ومدعي بأنها باردة كلاصي كلاص , لكن سرعان ما تكتشف بأن خدعت وأن القنينة ساخنة مثل

البويون أو بالتحديد حامية غي روا السهرة ستطول من أجل ذلك يجب توفير كل شيء للجمهور , فمن وراء الجمهور ترى أصحاب الهندية وهم منشغلون في عمليات جراحية , وبالقرب منهم أصحاب الوجبات السريعة , فلا يتوقفون عن نفث البخار بالقاء أجزاء من الشحم في المجمر , محاولين اسالة لعاب الجمهور ,وما كان يثير انتباهي هو أن أحد أصحاب عربات الوجبات الخفيفة كلما مريت بجانبه رأيت كميات كبيرة من المعقودة والسردين المقلي وعشرات الأمتار من الصوصيط , كنت أتسائل عن السبب , هل لا يرتاد عربته أي شخص ؟ لكن سرعان ما جائت الاجابة عندما رأيت الناس ملتفة حوله , فقد قال لي أحد الأصدقاء أن هذا الشخص يقوم بتهييء المعقودة ديال العام ,وفعلا فهو يخزن داخل العربة أكياس من المعقودة والصوصيط , واذا مررت به في الصباح عندما تنتهي التقصيرة تقول بأنه لم يبدأ بعد , الشيء الذي دفعني لأن أغامر بالأكل عنده هو كثرة كلامه فهو يبيعك مئات الالاف من الدراهم كلاما مقا بل خمسة دراهم ثمن رونجي صوصيط مع البويون.
مزويرح عبد الواحد.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *