Home»Régional»الرعوية في شعر عز الدين المناصرة

الرعوية في شعر عز الدين المناصرة

1
Shares
PinterestGoogle+

من يقرأ للدكتورمحمد بودويك، الشاعر والناقد، مؤلفه الجديد: " عز الدين المناصرة : بنياته- إبدالاته- وبعده الرعوي"، الصادر في طبعة أنيقة عن دار للنشر والتوزيع بالأردن ، في (407صفحة) من الحجم المتوسط ، سيقف أولا على الإهداء الذي لا يبدعه إلا الشعراء الكبار، بكل حمولاته ودلالاته الفلسفية ، وعمقه الفكري ، ونبله أيضا. فهنيئا لعائشة ( سكنا ورفيقا) بهذا الإهداء الشاعري الجميل. و سيندهش كذلك لحذره الشديد وخوفه اللامبرر من السقوط في اللغو، وارتعاش القلم بين يديه ، وهوالمتمكن من عتاده وعدته المعرفيين . هل هو إذن تواضع منه ؟. أم مصيدة الكبار للإيقاع بالقارئ في متاهة التشويق؟. لما دخلت إلى عالم المناصرة ببطاقة مرور من بودويك ، أحسست أنني وقعت في مصيدته. ومع ذلك تابعت القراءة ، وكلي شوق للإيقاع بالشاعر- الناقد ، أو القبض عليه متلبسا هنا أو هناك ، في حالة ارتعاش وخوف !. حاولت أن أحاصره فحاصرني، أدهشني بالطريقة التي قدم لنا بها كقراء (تجربة شعرية باذخة، بناء وتحليلا، ورؤية ورؤيا ). لم نكن نعرف عنها الكثير. تجربة لم ينصفها النقد العربي بالاحتضان والمتابعة، كما يقول الناقد نفسه ، رغم غناها وتشبعها بالعمق الفلسطيني ، تراثا وثقافة. لم يكن عز الدين المناصرة محظوظا كغيره من أنداده الشعراء الفلسطينيين ممن (مللنا ) سماع أسمائهم ،كمحمود درويش، سميح القاسم، وأحمد دحبور وغيرهم . وجاءت هذه الدراسة لتنبش في تجربة شعرية غنية ترتبط بتراث حضاري موغل في الثراء، ولتجيب كذلك عن سؤال طرح في أكثر من مناسبة : لماذا هؤلاء دون غيرهم ؟. لم يستأثروا بالدراسة فحسب ، بل حفظت جدران فنادق ( الخمس نجوم ) أسماؤهم ، حتى أصبح اسم محمود درويش ينافس هيفاء وهبي ونانسي عجرم في الظهور على صفحات المجلات الخليجية الموغلة في الثراء!. وجاءت هذه الدراسة لتعيد التوازن أو بعضا منه على الأقل، إلى دائرة الضوء، ووضعت حدا للإقصاء والتغييب الممنهج في حق بعض الأسماء. كما أن هذه الدراسة النصية العميقة والدقيقة ، أنقذت الشعر الفلسطيني من (الحب القاسي) ، كما يقول محمود درويش نفسه، وأبعدت ( القداسة الفلسطينية) كي لا تحمي الرداءة الشعرية . فالناقد محمد بودويك ، وخلافا لكثير من النقاد ، لم ينقد للاستسهال والبحث عن لمعان الأسماء ، فكان الشعر الجيد مقصده بالدرجة الأولى . لذلك جاء اختياره لعز الدين المناصرة صائبا إلى أبعد الحدود. لأن تجربته الشعرية غنية ومتنوعة ، تستوعب اتجاهات وأشكال شعرية متجددة ، كما يقول عدد من النقاد . ومنها الشعرية الفلسطينية ، بكل آلامها وآمالها ودمائها المسفوحة على الجدران العازلة ، سواء كانت اسمنتية ، أو وهمية من خلال الحصار والتجويع . حققت وبنجاح الاعتراف بحداثة الشعرية العربية عموما ، والفلسطينية خصوصا، وأعطتها بعدا كونيا وعالميا . حاول بودويك أن يتهرب قدر الإمكان ، ويتعامل مع هذه التجربة بموضوعية نقدية ، وحيادية بعيدا عن القداسة والإشفاق . لكنه يسقط من حين لآخر، وعن غير قصد فيما حاول الهروب منه . فيبدي إعجابا ( مبالغا) فيه أحيانا بالتجربة المناصرية ، أو امتداح كل دراسة (ذكية منهجيا ) لهذه التجربة !.

اعتمد الناقد النهج اللغوي الشعري ، بعدما تشابهت عليه المناهج ، وتلابست عليه طرقها ، اقتناعا منه بأن هذا المنهج هو الأكثر التصاقا بعالم النصوص ، والأقرب إلى معابرها. هكذا إذن تكونت لدى بودويك قناعته انطلاقا من هذا المنهج المعتمد ، الذي يرى بأن النص الشعري يبقى في كل الأحوال نصا لغويا لسانيا بامتياز، ببعده الفني المرتكز على الأساليب الشعرية في بناء اللغة. وبناء عليه ، يمكننا الحديث عن الطبقات الأسلوبية ، وتعدد مستوياتها داخل البناء الواحد ، دون أن ننسى ( المشهد الرؤياوي ، والمتخيل الشعري والدالي الإيقاعي بالمفهوم الميشونيكي ). كما أنه اعتمد السياق الأسلوبي في مقاربة المتن ، وتحييد العامل التاريخي ، رغم وعيه بأهميته في إنضاج أسلوب الشاعر !. والمتن الشعري المناصري ، كما يرى بودويك ( غني بأسلوبيته ومحاوراته الدافقة والعميقة لمتون شعرية أخرى ، وأساطير وتراثات إنسانية زاخرة) ، دون أن ينسى الأقاويل والصورة الشعرية القائمة على المشابهة – المتابعة لعلمائنا القدامى : كالجاحظ ، قدامة بن جعفر، القرطاجني ، وبن رشيق . عز الدين المناصرة انتبه مبكرا إلى ما به

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *