Home»Régional»ذنب لا يغتفر

ذنب لا يغتفر

0
Shares
PinterestGoogle+

هذه الدنيا غريبة والأغرب فيها ما يجول في أعماقها..أناس يتحركون بسرعة تاركين وراءهم غبار بصمتهم..يتنقلون من مكان لآخر بأساليب حلزونية وبطرق فنية..يتعاملوا مع بعضهم البعض معاملة الأسياد ولا أحد ينتبه لما يخفيه الواحد للثاني..

يدوسون على قلبي ويمزقون أحاسيسي وددت أم كرهت..يعبثون في فناء صدري دون أدنى حركة مني..وكل هذا لماذا..؟

كل هذا لطيبة قلبي ولتسامحي..ولربما لسذاجتي وعفويتي..قبلتك يا دنياي كما أنت ولم أرد تغيير منهاجك ولا إضافة ملحوظة تزعجك..تماشيت مع أيامك وأحداثك دون أي اعتراض مني..كبرت معي سياسة الحياة لأساير همومك يا دنياي ولأجتنب مشاكلك..

لكن لم يكن في حسباني أن يعارضني حظي في خطواتي ولا أن تهاجمني أيامك بجفاف رحمتها..

عرفت طعم الانهزام مرات ومرات كنت طرفا من أسبابه..صبرت وثابرت حتى أستطيع جمع قواي لمواجهة الباقي..لكن ما خفي كان أعظم..

جعلتني أيامك أتلذذ بما تمده لي من سعادة..جعلتني أصدق كل وقائعها الموجبة ببلادة مني..لم أكلف عناء نفسي في التفكير في سلبية إيجابياتها..قبلت الوضع كما هو و همت مع أحلام الفتاة البدائية..

لم أبحث عن أخبار من هم في نفس وضعيتي ولم أهتم أبدا بالذين نالوا من قساوة الزمن جزءا..فكرت في نفسي فقط دون مبالاة لما يجول أمامي..عشقت الهوى وأغرمت بالحب..ظننتها الدنيا بأكملها..ظننته الوجه الحقيقي للنصف الآخر من الحياة..فما ( كان ) ألذه…!

مشيت على ورود ناعمة وأوراق مدللة..لم أفكر أبدا فيما قد تخلفه رياح الغقلة والخديعة..وهكذا صار..فقد هبت هذه الرياح آخذة معها كل الورود والأوراق الحريرية..و بين عشية وضحاها أصبحت أمشي على أشواك الزمن الغدار..

انقلب قناع الحياة الضاحك إلى وجه واقعي عرفت معه أني عشت أوهاما خيالية..وفجأة تحدث الناس الذين كانوا طيلة تلك الأيام صامتين صمت البرد..أشارت أصابعهم إلى كل ما عشته لحظة صفا مبدين أشد الاعتراض لما سرقته من بقابا دنيا..أخذوا مني كل شيء وسلبوا ابتسامة كادت تنقش بصمتها على شفتاي..

بقيت صامتة ناظرة نظرة استغراب وخوف..لم أستطع مواجهة أناس لم أكن أتعامل معهم من قبل..عجزت وعجز لساني على الدفاع عني..اندهشت لوحشية تعاملهم معي مع أني لم أرتكب أي جريمة أعاقب عليها بمثل هذا العقاب القاتل..لجأت لمن ذاق معي أيامي الوهمية فلم يحرك ساكنا..وجدته يتخلى عني منعكسا علي ومقلدا تعاملات الأناس الآخرين معي..

ترجيته وسألته أن يرحمني من قبضتهم..وفي جوابه كانت صدمتي..لم يكن هو الرئيس ولا هو بالملك..لم يكن يملك سلاحا قويا لتحريري من ظلمهم ولا شخصية منفردة تدافع عن حريتي..لا ينهى ولا يأمر..وجدته مشلول العقل فاقد النطق..جسد بدون حركة..مجرد هيكل يختبئ وراءه ظل إنسان..وللأسف نال مني غيري وكنت فريسة سهلة المنى..ضحية مقدمة على طبق من ذهب لمن يريد التسلية..

هزموني أعدائي وحطمني صاحبي..غدروا بي ورموني في شباك الحياة المميتة..مدوا لي كأش شراب لا يروي عطشا وصحن غذاء لا يشبع جوعا..منحوني حبا وعطفا يندهش له الرائي ويحتار منه المستمع..فقد لمس ظاهره ولم يتعمق في باطنه..ظنوه ماء راويا لا سرابا ضائعا مثل الذي تذوقته..

ثم جمعوا رحيلي وترحالي من موطني ليخلوا سبيلي إلى دوامة الدنيا دون رسم أي إشارة تنير هاويتي ولا كلام يفيد مسيرتي..

حكم قاسي..جريمة لا ترحم..وذنب لا يغتفر..تصرفهم هذا لا ينسى ولا ينتسى لأنه حطم كل أمل يمكن أن يولد من جديد..دمر كل حلم يمكن أن أحلم به..وكسر كل عزيمة كانت ربما ستقاوم كل الأمواج الثائرة..

للأسف ضعت وضاع معي كل معنى مريح…….وذنـبـهـــم ذنــب لا يـغـتـفــــر ما حـيـيـــــت…!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. متتبع
    29/03/2007 at 14:21

    الحياة مسرحية كوميدية وتراجيدية ، والإنسان ملزم بأن يصعد الخشبة وينهي الدور المرسوم له ،ومنا من يبتليه الله في الحياة الدنيا ،( قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) صدق الله العظيم ، وينتقل من حال إلى حال ليس هناك سعادة مطلقة ولاشقاء أبدي فالإنسان يجرب الألم والفرح باختلاطه مع الناس، فمنهم من يسبب له الألم ومنهم من يكون سببا في سعادته هذا هو الحظ كالسائق في الطريق قد يصيبه حادث سير، حتى ولو كان بارعا في السياقة ، وقد يسلم سنوات وسنوات من
    مشاكل الطريق حتى لو ساق في الزحام والأماكن والمنعرجات الخطرة ، لكن الإنسان من يسقط وينهض من جديد فهذا تيمورلنك القائد العسكري الذي هزم في المعركة وكان يتأمل وحيدا في كيفية
    الخروج من المأزق، وشاهد نملة تجر حبة قمح فتصعد بها على صخرة ،وتسقط منها مرات ومرات وهي مصرة إصرارا منقطع النظير وفي الأخير نجحت ووصلت إلى القمة وهي تحمل حبة القمح وأخذ القائد الدرس من أضعف مخلوقات الله وحارب وانتصر، الإنسان من يقف على قدميه
    ويلتمس العون من الله ولايستسلم للشيطان ،(إن الشيطان كان للإنسان عدو امبينا) صدق الله العظيم

  2. شاعر
    29/03/2007 at 21:55

    من الناحية الدينية ومن الوجهة الاخلاقية ومن الجانب التربوي .. ومن كل المناحي على الانسان ان يمضي قدما غير قانط . لست ولن تكون اول او آخر واحد ينبو به الدهر ويجفيه خليل ..
    الهمة الهمة والمواصلة المواصلة
    الا تعلمين ان الله يبدل الاحزان افراحا والافراح اخزانا ولا يقنط من رحمته الا الكافرون وانه يغفر الذنوب جميعا الا ان يشرك به .. هل يامن العاقل مكر الناس ؟ وان مكروا به ، فليقم وليمش ..

  3. نور الإيمان
    31/03/2007 at 22:43

    أخي المتتبع..
    أشكرك أخي على اهتمامك بما كتبته..
    وأشكرك أكثر على هذا المثال الذي راقني بالفعل..
    دمت مهتما..
    تحياتي – نور الإيمان..

  4. نور الإيمان
    31/03/2007 at 22:43

    أخي…..شاعر..
    أشكرك أخي على تشجيعك لي وعلى نصائحك الغالية التي أتشرف بها..
    تحياتي – نور الإيمان..

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *