الاخـوة فـي الـله حقـوق وواجبـات (2)
لقد اوجب الإسلام واجبات عديدة لإدامة صلة الأخوة الإيمانية بين الموحدين ولزيادة المحبة فيما بينهم هناك مجموعة من الواجبات قد ذكرت بعضها في مقالي الأول ولا ضرر في تلخيصها في بعض النقاط منها : طيب الكلام والبشاشة في وجه أخيك ورد السلام والفرح باللقاء والأمثلة عديدة أما ما يسيء إلى الأخوة في الله فهي أيضا عديدة وتؤدي إلى تمزيق الأخوة الإيمانية وإضعافها والعياذ بالله ومنها :
– الغيبة والنميمة : وقد نهى الله سبحانه وتعالى الذين امنوا أن لا يغتاب بعضهم بعضا لقوله : « ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه »الحجرات 12 والغيبة هي أن يذكر الإنسان أخاه في غيبته بما يكره والغيبة من القبائح الاجتماعية التي يليق باللذين امنوا أن يتركوها ، لما فيها من تقطيع أواصر الأخوة الإيمانية وإفساد المودات وبذر بذور العداوات أما النميمة فهي السعي بين الناس بالإفساد لتحريض الناس بعضهم على بعض والإيقاع بينهم والنميمة قد تكون للإفساد بين صديقين أو شريكين أو زوجين أو قريبين وهي أخبث وسائل التفريق الشيطانية وقد أبان رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النمام لا يدخل الجنة لقوله صلى الله عليه وسلم ( لا يدخل الجنة نمام ).
– الغمز واللمز والتعيير والسخرية : فاللمز هو أن يعيب الإنسان أخاه في وجهه بكلام ولو خفي وهو أعمق جرحا داخل النفس لان فيه بالإضافة إلى الطعن والتجريح بالعيب استغباء الملموز واستغفاله كان اللامز يشعر الذين معه أن الملموز غبي لا ينتبه إلى الطعن الذي يوجه ضده في رمز الكلام واللمز والغمز آفة اجتماعية قبيحة تورث الأحقاد والإضغان وتقطع أواصر الأخوة الإيمانية وهو ظلم وعدوان لقوله تعالى : « ولا تلمزوا أنفسكم » الحجرات 11 أما السخرية فهي تنافي ما يوجبه الحق سبحانه وهي ظلم قبيح وإيذاء للأخ وعدوان على كرامته ومن آثارها أنها تقطع الروابط الاجتماعية القائمة على الأخوة وتولد الرغبة بالانتقام لقوله تعالى :« يا أيها الذين امنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن » الحجرات 11
– الغضب والحسد يحرقان الأخوة :فالغضب شعلة محرقة من النار ومن نتائج الغضب الحقد والحسد لذلك فان الدين نهى عن الغضب اشد النهي ومدح الله سبحانه وتعالى الذين يكظمون غيظهم لقوله :« والكاظمين الغيض والعافين عن الناس » آل عمران 134 أما الحسد فهو من شر معاصي القلوب ومعاصي القلوب اشد إثما.. وعلة داء الحسد ترجع إلى الإفراط في الأنانية وحب الذات مع ضعف في الإيمان الأمر الذي يفضي إلى الاعتراض على الله في حكمته التي وزع على مقتضاها عطاءه بين خلقه ليبلوهم فيما آتاهم وقد نهى النبي عن الحسد فقال عليه السلام في الحديث الصحيح ( ولا تحاسدوا) والحسد يقطع وشائج المودات وصلات القرابات ويفسد الصداقات فيحين أن التربية الأخلاقية الإسلامية تبني المجتمع الإسلامي على أساس الأخوة ذات الأربطة المتينة التي تجعل المجتمع بمثابة جسد واحد .
– العداوة والحقد : والحقد هو العداوة الدينية في القلب والعداوة هي كراهية يصاحبها رغبة بالانتقام من الشخص المكروه إلى حد إفنائه وإلغائه من الوجود ومن مرادفات الحقد كلمة الغل فالغل هو العداوة المتغلغلة في القلب ومن مرادفاتها الضغن والشحناء وقد نهى الشرع الحنيف من البغضاء والحقد في نصوص كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تتباغضوا ولا تتحاسدوا ولا تتدابروا وكونوا عباد الله إخوانا ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ) وهذا نص صريح في النهي عن الحقد والضغينة
– الكبر ورؤية الذات والغرور : الكبر هو إظهار الأخ إعجابه بنفسه بصورة تجعله يحتقر الآخرين في أنفسهم وينال من ذواتهم ويترفع عن قبول الحق وقد جاء الوعيد الشديد في الكتاب والسنة المطهرة على هذا الخلق الذميم لما له من آثار سلبية على نفس المتكبر فالكبر ينشر البغض بين الأخوة وفي ذلك يقول تعالى : « كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار » غافر 35 ويقول الرسول الكريم ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر قال رجل إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنة قال إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم .
والغرور بالنفس ينفخ في صدور المستكبرين حتى يروا أنفسهم عظماء كبراء وهم في الواقع حالهم صغار جدا وان شعورهم حول أنفسهم شعور هوائي صنعته الأوهام لا يصاحبه نماء حقيقي فيما تملكه ذات المستكبر من خصائص وقوى معنوية أو مادية وربما يغشى الكبر على البصائر فيعميها على رؤية الحق حقا والباطل باطلا ومن اجل ذلك تتهادى في طغيانها .
ومن الآفات التي تؤدي إلى التقصير في واجبات الأخوة أمثلة كثيرة ومتعددة منها الهجر ، والجفاء ، والغلظة ، والفضول ، والغيرة، والغدر ، والطمع ، وسوء الظن، والشماتة ، والبيع على البيع ، والخطبة على الخطبة …وغيرها كثير من الأمور التي نبه عليها الشرع في نصوص عديدة ومفادها هو تمزيق الأخوة الإيمانية وإضعافها .
نسال الله أن يجنب الأخوة هذه الآفات ويحققهم بتحقيق أوامر الله تعالى وواجبات الشرع الحنيف اتجاه الأخوة في الله… فالأخوة الإسلامية هي اشراقة الاهية سامية وهي الحبل الذي يجمع القلوب ويعقدها ببعضها وهي النور الذي يسري بين أرواح المؤمنين .
Aucun commentaire