Home»Régional»ذاتات أم بثينة والنقد الساخر

ذاتات أم بثينة والنقد الساخر

0
Shares
PinterestGoogle+

"ذاتات" أم بثينة والنقد الساخر

إن السجال الدائر حاليا على صفحات جريدتنا الإلكترونية الغراء حول السلسلة السردية التي تصدرها السيدة أم بثينة عبر حلقات وما أثارته من ردود أفعال متباينة ، يدعونا إلى تسليط المزيد من الضوء على هذا النوع الأدب المعروف بالنقد الاجتماعي الساخر.فهو عبارة عن تحليل شخصية ٍإلى العناصر المكونة لها،واستخراج الناحية أو النواحي التي تبدو بعد تضخيمها والمبالغة فيها مثيرة للاستغراب والسخرية. غير أن بعض الإخوة اختلطت عليهم الأمور فاعتبروا تعرية الواقع وكشف تناقضاته واختلالا ته " سبا وقذفا " ونعتوا صاحبة السلسلة تارة بالحاقدة على المجتمع وأفراده وتارة أخرى بخروجها عن المألوف وعن الضوابط الأخلاقية بل إن البعض اتهمها بعدم الإيمان بالبعث. وما إلى ذلك من النعوت الخارجة عن قواعد وأصول الحوار الحضاري البناء، وكل هذه الزوبعة بسبب التصوير الكاريكاتوري الذي رسمته الكاتبة لبعض مظاهر الفساد الإداري وأوجه الانحلال الخلقي الذي تحفل به مِؤسساتنا التربوية والاستشفائية والإدارية و كل القطاعات بدون استثناء.وهذا لايعني خلو هذه القطاعات من الشرفاء بل هم موجودون ،وهم في صراع مستميت ضدجميع ممثلي الفساد والإفساد.وهؤلاء،أي الشرفاء، هم في أمس الحاجة إلى من ينافح عنهم وذلك بإظهار السلبيات الطافحة التي يقوم بها بعض المحسوبين عليهم.

وتأسيسا على هذه الاعتبارات، أود التأكيد على أن هذا النقد الاجتماعي الساخر عرفه العرب القدامى وقد اشتهر في أدبنا العربي من الوصافين الهزليين الساخرين عمرو بن بحر الجاحظ(تـ 255هـ)وأبو حيان التوحيدي (تـ 414هـ) من الكتّاب،وابن الرومي (تـ283هـ)من الشعراء.ولا ننسى بديع الزمان الهمذاني في مقاماته بخاصة .والمعري في الكثير من أشعاره. كما عرفه الغربيون في عصر الأنوار على يد موليير و مونتيسكيو وجي دي موباسان وإدجار ألان بو،وفي أسلوب تعبير مارك توين، وفي ملامح الصورة التي نحملها عن برنارد شو.فعمل السيدة أم بثينة موصول الروابط والوشائج بحقل تجارب ممتد وخصب.

وما زال هذا الجنس الأدبي حاضرا في عصرنا الحالي في الكثير من الكتب والمجلات والصحف وعلى سبيل المثال لا الحصر هناك زاوية الأستاذ مصطفى المسناوي " يا أمة ضحكت من جهلها الأمم) المتحدة"( وركن الصحفي رشيد نيني بجريدة المساء وقبله كان الشاعر عبد الرفيع الجواهري يطل علينا من نافذته كل أسبوع بجريدة الاتحاد الاشتراكي حيث كان يوجه سلاح نقده الساخر إلى مظاهر الفساد والظلم واختلال القيم وتدهورها وقد لقيت هذه السلسلة إقبالا منقطع النظير من لدن القراء.

ولم يتمظهر هذا الجنس الأدبي في الكتابة فقط بل تجلى في الرسم الكاريكاتوري أيضا وهو أحد الفنون الرفيعة وخصوصا في العصر الحديث،وهو كثيرا ما يتناول بالنقد رؤساء الدول ووجهائها وقادتها دون أن يكون في ذلك حرج. ويكفينا أن نذكر في هذا المقام العديد من الفنانين الذين سخروا رسوماتهم لنقد الواقع الاجتماعي الطافح بكل أشكال الإحباط واليأس والمرارة من أمثال لمهادي وحمودة وغيرهما ، ومن أبرز من جسد هذا النقد الفكاهيأيضا، الفنان أحمد السنوسي – الممنوع من الظهور في الإعلام العمومي – بفضل لوحاته الفنية الساخرة التي كانت بحق مرآة صادقة تعكس كل ما يمور في قاع المجتمع المغربي من تناقضات صارخة على جميع الأصعدة .

هذا هو المفهوم الحقيقي لهذا اللون الأدبي الحامل في ثناياه سلاح السخرية النفاذ ، إنها معركة طاحنة يخوضها الناقد الاجتماعي في مواجهة تفشي الأمراض الاجتماعية في كل الميادين من سلوكات انتهازية وأنانيات مفرطة وانحرافات مما أدى إلى انعدام الضمير الجمعي وغياب المواطنة الحقة .

إن عمق الإحساس بهذه المفارقات والتناقضات كما يقول الراحل الكاتب مصطفى القرشاوي تستدعي من أجل تشخيصها ونقدها اللون الساخر والنمط التهكمي في التصوير.

وفي ختام هذه المداخلة، أهمس في آذان أصحاب الأسماء المشفرة لأقول لهم بالله عليكم كفانا من هذه النقاشات العقيمة التي لا تشرف منبرنا الإعلامي المتألق ولنسع إلى تطوير أسلوبنا النقدي لنرتقي به إلى مستوى الحوار الحضاري المثمر حتى نكون عند حسن ظن موقع وجدة سيتي العامر .

ولا أريد أن أترك الفرصة تمر دون أن أشكر الإخوة جنود مهنة المتاعب على سعة صدرهم ورحابة أفقهم الذين يسهرون على احتضان أحلامنا وإحباطاتنا و شغبنا ، فشكرا لكم وأسأل الله أن يجزيكم خير الجزاء والسلام عليكم ورحمة الله.

وجدة في: 21/02/2007

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

5 Comments

  1. عمر
    24/02/2007 at 13:04

    هلا تعرضت أم بثينة لذات رجل الأمن أو الشرطي أو لذات رجل الداخلية بصفة عامة وبالشكل الذي تناولت به ذات المدرس وامفتش فالتفعل إن كانت كتاباتها أدبية كما تدعي

  2. متتبع
    24/02/2007 at 20:29

    1- كما يعطى الحق للكاتب في ان يعبر كما يشاء ، فان للقارئ حقه في لبداء رأيه في ما يقرأ، ولا يمكن الاعتراض على التعاليق ما دامت غير مخلة بآداب التعامل المتعارف عليها. بل ان التعليق يخدم الكاتب اكثر مما قد يضره بما تحدث من تفاعلية بين ذاتي الكاتب والقارئ، وان دعوتك اخي للكف عن التعليق تنطوي على كبت للحرية في التعبير.
    2- ان ماذكر في المقال عن الكتابة الساخرة غير مجهول لدى كثير من القراء والمعلقين ولا احد يعترض على الأدب الساخر ، وانما يعترض على الأسلوب وزاوية النظر اللذين وظفا في تلك « الذاتات » والتساؤل المطروح هو مالذي تضيفه تلك الكتابات الى ذات المتلقي ؟ وهل جيئ فيها بما يحسب قيمة مضافة الى فكر ووجدان المتلقي ؟ ان ما أثير معلوم ومطروح في الطرقات وعلى واجهات المقاهي ، ولا احد ينفي وجود مثل تلك الحالات في مجتمعنا. اما من استشهد بهم من اعلام الأدب وكتاب الصحافة فان كتاباتهم اخي الكريم لا تنزل الى مستوى الذاتات التي تدافع عنها ، ثم ان بعضها كتابات صحافية ترصد الواقع ولا تدعي الابداع الأدبي. وانه من قك ان تكتب منافحا ومدافعا كما تشاء ولكن ليس من حقك ان تنتقص من اهمية ما يثيره القراء من تعليقات.

  3. متتبع
    24/02/2007 at 20:31

    ان ماكتبته الدكتورة ودافعت عنه تحت مظلة الابداع الادبي وباسم النقد الساخرلايمثل هذه العناوين على الاطلاق فما كتب قديما او حديثا شعرا ونثرا في الادب العربي او الغربي كان يتناول المشكلة الظاهرة وليس المشكلة الشخص اصحاب النقد الساخريعالجون ظواهر عامة يبحث كل قارئ اينما كان عن النماذج التي تنطبق عليها اما كتابات الدكتورة فهي موجهة لاشخاص معينين كان ينقصها ذكر اسمائهم بكل وضوح فقط وفي مدينة محددة وهي وجدة اعتمادا على ذكر اسواقها وابوابها التي تعرف بها فعندما يذكر المبدع الادبي (كما فعلت الدكتورة) صومعة حسان او جامع لفنا لن يختلف اثنان على ان المقصود الرباط ومراكش لماذا لاتكون واضحة وصريحة وتتحدث مباشرة عمن تقصد وهذا من حقها وحينها سينجلي الطرف المقصود ليدافع عن نفسه ولكن السب والشتم تحت مظلة الادب الساخر او النقد الساخر فان كتابات الدكتورة لاعلاقة لها به .

  4. btihal
    26/02/2007 at 16:41

    chere oum boutayna
    vous avez raison de tous ce que vous avez ecrire surtout dans vos dernier article
    courage et bonne chance

  5. أبوسفيان
    26/02/2007 at 22:55

    مرة أخرى أعود إلى هذا المنبر لأوضح للإخوة أصحاب الردود أن الهدف الأساسي من مداخلتي هو الدعوة إلى بناء قاعدة للحوار الحضاري المثمر بغية الاستفادة الجماعية من الآراء ووجهات النظر. أما القول أنني ضد حرية التعبير – حسب رأي المتتبع الاول – فهذا كلام مردود ومجانب للصواب، أما مسألة الدفاع عن صاحبة الذاتات فأظن أن الكاتبة أهل للدفاع عن رأيها . كل ما في الأمر أنني أدافع من الناحية المبدئية عن حق الإنسان في أن يعبر كما يشاء طبعا في ظل الكلمة الصادقة والاحترام المتبادل .
    أما ما ستضيفه هذه السلسلة إلى ذات المتلقي من قيمة مضافة بحكم أن كل المواضيع مطروحة على قارعة الطريق فأعتقد أن ذلك راجع إلى اهتمام القارىء بهذا النوع من السرد ، في حين أذكر الأخ أن الإبداع الأدبي بكل أجناسه يستقي مضامينه من الواقع المعاش ويمتح من قاع المجتمع وليس من الخيال فكتب الأدب العربي قديما وحديثا حافلة بنصوص ملتصقة بقضايا الناس. فما ذا يريد الأخ المتتبع من الكاتب أو المبدع ? هل يتناول تيماته من كوكب المريخ حتى نقول أنه يعالج مواضيع جديدة ?
    فأعتقد أن الجدة هي النظرة الإبداعية للمواضيع الاجتماعية المطروحة في الأسواق والمدارس والمستشفيات وفي كل شبر من هذا الوطن وهي إعادة صياغة وتشكيل صور الواقع وتقديمه في شكل لوحات ساخرة.
    أما القول أن هذه السلسلة هي مجرد مقالات صحفية فلتكن وهذا لاينتقص من إبداعية هذه النصوص التي ترصد الواقع بشكل سردي فكاهي.
    أما المتتبع الثاني فقد اختلطت عليه الأمور ولم يعد يميز بين نقد الظاهرة الاجتماعية من خلال سلوكات بعض الأشخاص وبين التعرض لشخص معين بحد ذاته بالهجاء والتجريح.
    فالكاتبة عندما تناولت الطبيب أو المدرس أو المفتش بالنقد فهي تحاول رصد الظاهرة بشكل عام من خلال سلوكات مشينة متفشية بشكل فضيع داخل القطاعات التي ينتمي إليها هؤلاء الأشخاص وليس الهدف هو نقد شخص بعينه فهدا يدخل في باب المقال المباشر الصريح. أما ذكر الأماكن والمعالم لمدينة معينة فهذا طبيعي فكل ناقد ينطلق من خصوصية محيطه .
    أما الأخ عمر الذي تمنى لو تناولت الكاتبة شخصية رجل الداخلية ، فيمكنني أن أطمئنه أن عهد الطابوهات والخطوط الحمراء ولى وانتهى، فالسيد عمر ربما لايواكب إيقاع التطور الذي تشهده بلادنا في مجال احترام حقوق الإنسان وحرية التعبير بالمقارنة مع الدول العربية.
    أخيرا أشكر الإخوة على مساهماتهم.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *