Home»Enseignement»همسات من شخصية الكاتب العام السابق لنقابة مفتشي التعليم المرحوم محمد راشد

همسات من شخصية الكاتب العام السابق لنقابة مفتشي التعليم المرحوم محمد راشد

0
Shares
PinterestGoogle+

إنني أكتب هذه السطور وقد مرت مائة وعشرون يوما على وفاة أعز صديق عرفته في حياتي,وأنبل رجل شاهدته عيني. انه السيد محمد راشد الكاتب العام السابق لنقابة مفتشي التعليم والذي وافته المنية يوم الاثنين 30 رمضان الموافق 23 أكتوبر 2007 وهو ابن الأربعين من عمره,وفي أوج عطائه وقمة مردوده ,لكن إرادة الله فوق إرادة البشر ولا مرد لقضائه وقدره.

عرفته لمدة أربع سنوات بعد أن كنت أعيش شبه منفرد على مستوى الصداقة الحميمية .كانت هذه المدة كافية لتترك بصمات غيرت الكثير من الأمور في حياتي وقلبت الكثير من المفاهيم وجعلتني أعيد ترتيب أوراقي من جديد و أنحو منحى متميزا , كان شخصية فذة كما سأحول توضيحه من خلال هذا المقال.

إن قلمي عاجز عن الكتابة وعقلي متوقف عن التفكير ,فكيف أتحدث عن شخص كان لا يمر يوما دون أن يهاتفني أو أهاتفه,يكفي أن كلمة المرور إلى بريده الالكتروني كانت بحوزتي .

فهل يستطيع أي منا أن يكون بهذا التفتح والوضوح والشفافية؟

انه شخص مميز منشرح يستقبلك بابتسامة عريضة مليئة بالحب والحنان ,الحب الأخوي الصادق البعيد عن النفاق والرياء والضحكة المزيفة والابتسامة الصفراء الملقمة .كان دوما مبتسما ومات مبتسما متكئا على فراشه يداعب بنته الصغيرة وملك الموت قريب منه ينتزع روحه الطيبة في يوم مبارك ,يوم فيه ولد سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ,يوم هو آخر رمضان شهر التوبة والغفران , بعد صلاة العصر وهي الصلاة التي أوصانا العلي القدير بالمحافظة عليها"حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى" .

ومن خصاله أيضا ألأدب في الحوار ,بحيث لم يكن يتوفر على قاموس لتلك الكلمات النابية والتي عادة ما ننطق بها عندما نغضب ,فإذا وصل به السيل الزبى ووجد ألا فائدة من الحوار معك يصمت أو ينسحب- أرجو أن نراجع سلوكنا في اللحظات الصعبة لحظات الغضب وسترون- وقد شاهدته مرارا وفي أحلك الظروف يتصرف بلباقة وأدب ,أذكر أننا عندما اجتمع المكتب الوطني لنقابة مفتشي التعليم بفاس خلال الصيف الماضي وكان السيد باشا المدينة على وشك تسليمنا وصل إيداع الملف إلى أن تدخل من تدخل وحصل ما حصل فانسحب السيد الكاتب العام المحنك الهادئ اللطيف بكل أدب وسلم على السيد الباشا ,وعندما خرجنا كلمنا بهدوء قائلا القانون سيقول كلمته , صدقوني لو كنت مكانه لقلت ما قلت.وأنه في بعض الاجتماعات عندما يتبين له أن الحوار غير مجدي يأخذ محفظته ويودعنا دون كلمة وفي الغد يعتذر وكأن شيئا لم يحدث .

باله من رجل هادئ …وكم كنا نشد معه الحبل ولا يبالي …..أرجو من الله أن يسامحنا جميعا إن قصرنا في حقه ….وفعلا قصرنا في حقه….

أذكر لكم هنا واقعة حدثت معه ,كنا في اجتماع موسع مع إدارة الأكاديمية لمناقشة إدخال بعض التعديلات على التكوين المستمر وكان جالسا بجانبي ,رن هاتفه فخرج مسرعا ثم رجع مبتسما وشوش لي في أذني قائلا "يا أخي المقدم لقد بدأت بعض مشاكل المفتشين تحل ونحن على موعد الخميس 19 أكتوبر لحضور اجتماع اللجنة العشرية مع السيد الوزير " لكنه لم يستكمل فرحته وتركها لغيره.

ومن الذكريات التي تؤكد على شخصيته المتميزة ,أنه ومنذ سنتين كانت النقابة في صراع مع السيد مدير الأكاديمية وكنا نحتفل بالمديرين المتقاعدين ,حضر من بين المدعوين وطلبت منه كلمة ,والله لقد عامل السيد مدير الأكاديمية بكل أدب ودقة في التعبير واحترام في التقدير ورزانة في الكلام ,حتى تعجب الكثيرون من أمره,لكنني أعطيته الكلمة آنذاك لأنني كنت دائما قريبا منه وأعلم أن شعاره " لكل مقام مقال".

ومن خصاله النيرة عدم مقاطعة المتحدث مهما كان يتحدث , إنكم تعلمون انه وبصفته كان كاتبا جهويا لنقابة مفتشي التعليم وكاتبا عاما فكثير ما كان يهرع إليه كل شرائح التعليم ,فيستمع إليهم ولا يقاطعهم ولا يتركهم ويلتزم معهم ويسجل قضيتهم ويعرضها على المسئولين . فكم مرة كنا في حوار مع الوزارة أو الأكاديمية حتى يفاجئنا السيد الفاضل الأنيق بمشكلة من هنا وهناك ,بل كان يحضر المعني بالأمر ويقدمه إلى المسئولين.

فمن منا يمتلك هذا الصبر ؟ لا أظن نموذجه موجود….

ومن خصاله والتي قلما نجد شخصا يتميز بها كتمان السر , فعندما يتلقى شكوى معينة يحتفظ بملفها ويقدمه للمسئولين بالطبع بكل شفافية ,ولكنه لا يبيح سر المشكلة أبدا لغير أعضاء المكتب – وكم من قضايا دفنت معه ,وكم من اطر بكوا لأنه كان مؤنسهم الوحيد- والله لا نستطيع أن نتحمل مثلما كان يتحمل…..

ومن خصاله أيضا تقديم المصلحة العامة على مصلحته الشخصية ,فكيف يعقل أن يبقى ملف تسويته الشخصية عالقا بينما يدافع عن ابسط الملفات ؟

أيستطيع أحدكم أن يفعل هذا ؟

أتختلون بالمسئولين الكبار وتتحدثون عن ملف المفتشين بالعموم دون تقديم طلبكم الشخصي ,خاصة إن كان الأمر يتعلق بتسوية مالية كان في أمس الحاجة إليها؟

اسمحوا لي أيها القراء الكرام ,الكثير من الأمور تراود فكري لكنني عجزت عن تصريفها في هذا المقال لتبقى ذكريات ولحظات خالدة وأيام لا تنسى قضيتها مع رجل قل مثيله,صديق حميم – عفوا كان الصديق الحميم للجميع- صادق عزيز و لطيف أنيق,بشوش رقيق ,حلو الكلام عذب الحوار, مستمع مؤدب ,ومتحدث مهذب,مرح الطبع ,جواد كريم .

آه يا أخي الكريم فارقتنا ونحن في حاجة إليك,وفارقت أولادك وهم في بداية عمرهم ,وتركت بصمات اعترف بها القريب منك والبعيد,شهد لك الجميع بالنبل والأخلاق الحميدة ,وما تلك الجنازة في ثاني يوم العيد إلا عربون عن اعتراف الكثيرين بفضائلك وما التعابير الخالدة التي فاه بها أستاذنا وشيخنا ومرشدنا السيد مصطفى بنحمزة بالتي تنسى.

أخي في الله محمد راشد تغمدك الله برحمته وأسكنك واسع جنانه وغفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر , اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة وتجاوز عن سيئاته وزد في حسناته,انك على كل شيء قدير وإنا لله وإنا إليه راجعون.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. ميلود بلعاتي
    20/02/2007 at 23:36

    شكرا لك أخي على هده الشهادة المعبرة، إنني أنا كدلك عرفته عن قرب في جمعية مفتشي البتعليم الثانوي وامست فيه نفس الخصال و الأخلاق الحميدة. لدا و احتراما لروحه الطاهرة أتمنى أن يتحرك مكتب النقابة لمواصلة النضال لأنه لم يتحقق إلا القليل القليل مما كان يطالب به وكنا نطالب من أجل المفتشين، بل إن الاحباط هو سيد الموقف حاليا.

  2. لحسن قنوش عضو المكتب الوطني لنقابة مفتشي
    21/02/2007 at 12:28

    كتابتك أخي محمد بلمقدم أعتبرها شخصيا عربون مودة وتقدير ، ودليل وفاء وعرفان في حق زميلنا محمد رشيد تغمده الله بواسع رحمته ، وفي هذا الصدد أقول إنه مهما كتبنا ونكتب عن أعمال وأخلاق ونزاهة وحنكة وشجاعة أخيناالعزيز وصديقنا الحميم ومناضلنا الكبير ، الفقيد محمد رشيد فلن نستطيع أن نمنحه ما يستحقه من الثناء والشكر ، لما يتصف به هذا الرجل الصالح من حميد الخصال ، ونبل السلوك ، ودماثة الخلق ، وحسن المعاشرة وجدية في العمل .
    وإنني لأغتنم هذه الفرصة لأجهر بكلمة حق ، وأدلي بشهادة صدق إزاء الفقيد محمد رشيد :
    إنه شخص قل نظيره بين معارفي ، يجتهد ويجاهد من أجل المصلحة العامة وأكرر من أجل المصلحة العامة وتلك من أعظم مزاياه الشخصية ، يعمل بدون ملل أو كلل خدمة لمختلف قضايا التربية والتعليم وعلى جميع الأصعدة المحلية والجهوية والوطنية ، متحليا بالإستقامة والجدية والإخلاص والأمانة ، مضحيا بكل ما لديه من غال ونفيس ومسخرا كل ما حباه الله به من ضمير مهني وروح وطنية خالصة تستحق كل الثناء والتقدير ولا يستكثر شيئا مما أسداه من خدمات للوطن ، بل كان دائما يتطتع إلى المزيد والأحسن ودليله في ذلك حرصه الأكبر على النهوض بالرسالة التربوية النبيلة ، وتقديره للمهام والمسئوليات الملقاة على عاتقه ، وغيرته الصادقة على مصلحة التربية والتعليم ببلادنا والتي ظلت علقة بباله وكانت بالنسبة إليه شعارا جعته فوق كل اعتبار.
    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمد المرحوم بواسع رحمته ، ويسكنه فسيح جنانه ، وأن يتقبل منه أعماله وتضحياته ، ويثقل بها ميزان حسناته يوم يوفى الذين آمنوا وعملوا الصالحات أجورهم بغير حساب.

  3. عبد العزيز قريش
    22/02/2007 at 14:34

    أخي وسيدي محمد المقدم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    تحية طيبة أبعثها حيث أنتم تناضلون من أجل كرامة هيئة التفتيش وهيآت التعليم بصفة عامة.
    لقد فتحت الجرح ثانية، ونعم الجرح في حضرة المرحوم المشمون بالمغفرة والتوبة إن شاء الله بإذنه الذي لا يبخل به على المؤمنين. أخي الرجل بأعماله وأفضاله النضالية أكبر من أي تعليق. لهذا أدعو له بالرحمة والمغفرة، وأدعو لكم بالصحة والعافية. ولقد ترك في عنقنا جميعا ملفا مازال عالقا ساكنا لا نعرف مصيره لحد الساعة رغم الاتفاق مع الوزارة على الحل الذي نادت به، ونحن ننتظر، لكن متى الانتظار، فهل من سؤال الوزارة ثانيا عن تنفيذ الاتفاق؟ وشكرا.

  4. محمد المقدم
    25/02/2007 at 20:06

    أعزائي الأفاضل الأساتذة الكبار المحترمين السيد ميلود بلعاتي الصديق الوفي للمرحوم والمناضل المستميت شكرا جزيلا على مشاعرك النبيلة الصادقة . اخي الكريم لحسن قنوش كتابتك تؤكد لي سلوكك المعهود الصدق الصراحة الوفاء للعهود وما ذكرته يؤكد ما أحس به تجاهك حياك الله واكثر من أمثالك,استاذي المحنك السيد عبد العزيز قريش كتابتك تتحفني وفلمك يفرحني واسلوبك يريحني ,رجل صادق وكاتب لبق وفي لأسلوب الصراحة ,والله يا اخي العزيز كم كان المرحوم يعزك وأذكر انك لم تتمكن من حضور المؤتمر لمرض مفاجئ ألم بك, فكم تأسف لأجلك وحدثني مرارا عنك وعن صدقك جازاك وجازاكم الله خبرا عن هذه المشاعر النبيلة وسدد خطاكم لخدمة الصالح العام وصالح المفتشين.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *