ذاتَ…طبيب
الحلم رقم:4
ذاتَ…طبيب
لدي حلم آخر هذه المرة رغم أني بت أخاف من الأحلام بسبب أو بفضل خفافيش الظلام.أحلم أن أصبح طبيبا…يا لجمال البذلة البيضاء وهي تغطي ما تراكم من شحم حول جسمي الذي كان منذ وقت قصير يعاني الضمور بسبب سوء التغذية و"قلة الشّي"!
أنام ملء جفوني، فلدي الكاتبة المجازة التي ترضى بالقليل وتقوم بكل شيء وأهم شيء.فهي التي تستقبل المرضى وتوهمهم أني الطبيب النابغة الذي لاتستطيع المصحات الخاصة الاستغناء عن خدماته.هذا تكتيك يعلمه وينفذه كل الزملاء.أعلم أنها ثرثارة وأنها تقدم من شاءت وتؤخر من عكر صفو مزاجها،وأنها تقبل رشاوي المرضى. ولكني لحد الساعة أضمن ولاءها.فثرثرتها خدمتني كثيرا ولمعت من صورتي على الأقل في نظر زبنائي الدراويش. كما أنها هي التي توقظني إذا كانت هناك حالات مستعجلة ،أو امتلأت العيادة عن آخرها.وإلا فإني أترك الفراش الدافئ يمارس سلطته العجيبة علي …النوم يغالبني والصداع يلازمني …فأنا إما أقضي الليل سهرانا رفقة ثلة من الأصدقاء حول طاولة " الرامي" وكؤوس النبيذ.والزوجة البليدة سليلة الحسب والنسب تظن أني كنت بمعيتهم نجري العمليات الجراحية أو نتدارس آخر المستجدات في عالم الطب…وإما أعكف على جهاز الأنترنيت والظن يغلب على الجميع أنني أمخر عباب العوالم العلمية التي تعمق من خبرتي الطبية ،في حين أكون "أتمنظر" في القوامات الرشيقة و…و…اسمحوا لي مازالت لدي بقية من حياء…
أتذكر بداياتي مع هذه المهنة.الحق أني في البداية كنت متحمسا أيما تحمس على ممارسة هذه المهنة الإنسانية،ولكن، تعييني في قرية نائية من قرى الجنوب الشرقي بدون سنتيم في الجيب هو السبب.لست الوحيد من أغرته الأوراق النقدية المطوية بإحكام في يد المسنين والمسنات.فقد كانوا وكن معلمي الأول في هذه الحرفة. فقد كانوا يوهمون الآخرين أنهم يصافحونني بينما تستقر القطع الدافئة في راحتي ثم في جيبي الفارغ.كنت لاأعبأ بحالتهم البئيسة،وبملابسهم المرقعة وبوجوههم الضامرة.فلم أكن أنا الطبيب صاحب الشهادة أحسن حالا منهم.فأفضالهم علي لا أنساها ما حييت…وأشكر أيضا جميع الفقراء الذين مروا تحت يدي…فمنهم من قضى نحبه ومنهم من…المهم فقد كانوا حقول تجارب غنية.أنحتاج في بلادنا إلى فئران تجارب ولدينا كل هذه الخيرات من المعدَمين؟وهل هناك أصلا من يحاسبني؟أنا الدكتور الحائز على شهادته من أوروبا،لايهم إن كانت الشرقية أم الغربية.أنا الخبير في كل شيء،الجهاز الهضمي، والجهاز التناسلي، والجهاز التنفسي و…ربما أيضا الجهاز الحكومي لأني أطمع أن أرشح نفسي في الانتخابات القادمة.المهم ما علي إلا أن أتعنتر وراء نظاراتي الطبية وأرطن بعض الكلمات باللغة الفرنسية.وأجس النبض، وأمرر بخفة أصابعي على البطون العارية .فهذا مريض بالقولون، وهذا بالمعدة وهذه بـ … فأصف لهم جميعا الدواء الصالح standartلكل الأمراض، الموصى به من لدن شركات الأدوية التي لاتبخل علي بالتّدويرات" السخية،بعدما صارت تعاني من حالة كساد بسبب الأدوية المهربة التي تباع بمدخل سوق الفلاح بأبخس الأثمان.شخصيا أفعل عكس ما أنصح به الزبناء المساكين.الذين يعانون من مرضين اثنين هما سيدا الأمراض:الجوع والوهم .أليست المعدة بيت الداء والمرارة حديقته؟بهذه الطريقة وبها وحدها أستطيع تمرير كل الطوابير الطويلة في نصف يوم، ويتبقى لي النصف الآخر للراحة.فإذا فلت مريض وجاء في المساء فأنا غير موجود.وإذا أحضر صورا للأشعة المطلوبة فأنا غير موجود أيضا. لابأس إذا قضى يوما آخر يتألم حتى "تخف ذنوبه قليلا". الويل لذلك المدرس اللعين الذي اقتحم علي خلوتي ووجدني متلبسا بمشاهدة التلفاز منشغلا بـ"التليكوموند"، محلقا في قنوات الجمال بعيدا عن هذه الوجوه الكالحات.فأنا الطبيب المشهور أعاني المرض نفسه "ياك كزار ويتعشى باللفت".ثم هؤلاء المدرسين لايحسنون إلا قول شكرا "حافية".وهل بشكرا يباع الدقيق؟
– السلام عليكم.
– وعليكم السلام.وجهك مألوف لدي .ألم يسبق لي التعرف عليك؟
– نعم فلطالما زرتك في المستشفى العمومي…ولكني لازلت أعاني الآلام نفسها.وبعد نصيحة أحد الأصدقاء قررت زيارتك في عيادتك."بالصحّة" فهي عيادة في المستوى،في الشارع الرئيس مؤثثة من أفخم المحلات، مجهزة بأحدث الأجهزة. لعلك وقعت على كنز علي بابا.
بل أنا الأربعون حرامي. هذا ما أضمره خلف ملامحي التي أصبحت لطول الخبرة مطواعة لي. فمرة أجعلها لطيفة رحيمة،وقد تصبح قاسية حازمة زاجرة.فتمثيلي أحسن من تمثيل كل أولئك الثقلاء الظل الذين تفرضهم علينا القنوات العربية فرضا.لابأس أن "أوسِّع خاطْري"مع هذا الزبون.فأنا الآن في عيادتي لا في …
– دكتور…كم أنت لطيف وظريف! لاأفهم الفرق،أنت أنت الطبيب نفسه؟؟؟؟
ياله من ماكر !يدّعي أنه لايفهم الفرق. هناك الأموال تأخذها الدولة،أما هنا فهي تدخل مباشرة إلى البنك المركزي.فلأبتسم له ابتسامتي العريضة التي طالما حلم بها.ولأطلب منه أن ينزع ملابسه لأباشر الكشف عليه.
الكثيرون خصوصا من زملاء الدراسة القدامى وأصدقاء الحارات التي مازالت تشهد على لعبنا"دينيفْري" و"لَعْظَم" و"كاما" حفاة عراة . لم يراعوا حق الملح والزيت الذي تقاسمناه في "خَلوطَة" فأرى الحسد ينط من عيونهم اللئيمة.ويبادرونني دائما بالقول:"انْت اللِّي بانت عْليك قْرايتك." أعوذ بالله من الحسد.هذا من فضل ربي.أنا عرفت كيف أستغل مواهبي.وهل ذنبي أنهم مغفلون؟ثم لكي يدفعوا لي ثمن فنجان القهوة يسممونني بكلامهم المقيت.ويطمعوا في الفحوصات المجانية "بناقص منهم" لم يبق شيء لوجه الله.
فعلا لقد تعبت من الراحة.ولقد أصبحت أفكر بجدية في أن تصبح لي ضيعة بضواحي المدينة. فقد أصبحت موضة هذه الأيام.أنا المغرم بـ"لامود" يكفي أن أتعاقد مع إحدى المصحات الخاصة فأصدِّر لها بعض العمليات الجراحية.فنستأصل لهذا الدودة الزائدة."ياك زايدة زايدة"ولهذه الرحم، فلسنا بحاجة إلى مواليد جدد فنحن دولة تعاني الانفجار السكاني.ولهذا الدماغ، ألم يبع دماغه منذ مدة للحشيش ولترهات زوجته؟فدعنا نربح قليلا ،ودعنا نستثمر "لافيراي" البشرية لإخصاب الأراضي وتشغيل بعض اليد العاملة …
أم بثينة
وجدة فبراير2007
10 Comments
سردك ممتع ام بثينة اعدك بالمتابعة
شكرا
عزيز باكوش
لقد أصبت من حيث الاسلوب السردي ومن حيث انطباق الفكرة على الواقع وصدقك في المعالجة. لقد أمتعت و آنست أم بثينة. المزيد المزيد. لافض فوك. ي-ب
الى السيد الحسين قدوري اقول هل منرك هذا منبر الراي والراي الاخر او منبر خاص للاصدقاء والمحميين والمشايعين اتتبع كتابات مجموعة من الناشرين على موقعك وكلما خالفتهم الراي امتنعت عن نشر تعليقي هل انت محايد في الموقع او طرف تحمي من تريد حمايته . يا اخي من مصلحة الموقع ان تتعددفيه الاراء لان هذا اثراء له وتاكيد لحياديته . ان الاراء تعبر عن اصحابها فدع الاراء تتقابل فيما بينها . كلما كتبت ام بثينة احتضنت كتاباتها رغم ما تحمله من سب وشتم واستهزاء _تباعا _ من المفتش الى المدرس واليوم الطبيب وسارعت الى نشره وكانك تشاطرها الراي وتجد لذة في قراءته متنكرين جميعا لمن علمكم رسم الحروف وتهجيتها منطبقا عليكم قول الشاعر : ….. ولما قال قا فية هجاني . لقد علقت على ام بثينة بالنسبة لاخر ماكتبت ذات …..طبيب بما يناسب تراميها على هذه المهنة ولم تنشر شيئا كسابقيه واني في انتظار موقفك من هذه الملاحظة والتعليق السابق .
الى الأخ المتتبع ان اي رد فيه سب او قذف او شتم او مس بكرامة الآخرين بطريقة مباشرة لا ينشر فكيف انشر ردك وقد قمت بنعت صاحبة المقال بكل النعوت والشتائم ، ان الرد لا ينبغي ابدا ان يمس لا بكرامة ولا بشخص ولا بأعراض الآخرين …
اما اصحاب المقالات فليكن في علمك ايها الأخ المتتبع انني لا أعرفهم اطلاقا ، ولم يسبق لي ان التقيت بهم ، وكم اتمنى ان اتعرف عليهم ، وانني أخطط لذاك بطريقة ستقوم وجدة سيتيس بتنظيمها
وملاحظة أحرى : ان بعض الأخوة لا يجرؤون حتى على كتابة اسمهم ، ويخافون من ان يعرف اسمهم ، لكن يكون تدخلهم كله سب وقذف ومس بالعرض والشرف … فاسمح لي ايها الأخ تعليقا من هذا النوع لا يمكن نشره …ولك مني اصدق التحيات والأحترام
من نافلة القول أن نعيد إلى الأذهان من جديد أن هناك فرقا بين حرية التعبير والمس بأعراض الناس فقد لام عمر بن الخطاب الحطيئة على تعرضه لأعراض الناس ووضعه في حفرة ععيقة وكاد يقتص منه لولا طلبه الصفح والمغفرة ، إن على الكاتب أن يراعي في كتابته حدود الممكن وإلا انقلب السحر على الساحر خاصة وأن التعميم واتهام الجميع يسيء إلى الكاتب أو الصحفي أكثر مما يعود عليه بالنفع ، إننا لا ننكر الأمراض الإجنماعية السائدة في جميع القطاعات ، والكاتب يضع الأصابع على الداء قصد إصلاح ما يمكن إصلاحه ولايتهم أحدا، ونتمنى أن يرقى الجميع بكتاباتهم ونقدهم إلى المستوى المطلوب ، ونشر الغسيل من أجل التشفي مسألة لايوافق عليها الجميع وان الرأي والرأي الآخر مبدأ أساسي به ترقى المنابر الأدبية والإعلامية ، وحتى لايتحول هذا الموقع إلى ساحة للقتال نلتمس من الإخوة عدم التسرع في إصدار الأحكام وقذف النعوت بدون موجب حق على كتاب الموقع الذين نكن لهم كامل الإحترام ، ونرجو من أصحاب الردود التشطيب على الأساليب المنحطة حفاظا على شرف الكلمة وحفاظا على الأخلاق المتعارف عليها بين النقاد والأدباء وماضاع حق من وراءه طالب . وأن أم بثينة التي لفتت الإنتباه بكتاباتها الصادقة لا يجوز بجرة قلم الإساء إلى قرائها وإليها وقد لاحظنا في الآونة الآخيرة بعض التعاليق المسيئة إلى بعض كتاب الموقع الذين دافعوا عن أنفسهم دفاعا مستميتا وواصلوا الكتابة ولو أننا هاجمنا جميع الكتاب بمجرد ما أن يتحدثوا عن قضايا اجتماعية أو سياسية أو أدبية لكف هؤلاء عن الكتابة ولاختفى الموقع ، إننا نناشد الإخوة بحسن التصرف فالكلمة الطيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء…. ولكم كامل التقدير والاحترام
الحق كل الحق لكل مواطن في أن يقول ما يريد و بالطريقة التي تروقه.لكن هذا النوع من الكتابة يصدق عليه قول الفيلسوف نيتشه:عبقرية النميمة.مر المفتش و جاء الطبيب، فعلى من يأتي الدور غدا؟تحياتي لموقع وجدة
تذكرني كتابة ام بثينة بنوع من الكوميديا الرديئة التي ينشرها بعض من يحسبون على فن المسرح الحي والاذاعي ، وذلك بمباشرة الواقع بشكل فج مليئ بالمتداول من الكلام الشعبي بغية استقطاب الاعجاب والتتبع . ان الكتابة الهادفة – في نظري المتواضع – هي تلك التي تستميل كل او جل ضروب القراء وتعينهم على تجاوز ادوائهم وبشكل سلس ومهذب وراق ، بل وحتى دون ان يشعروا بأي وخز كان. واقترح على السيدة الكاتبة ان تستثمر ادواتها التعبيرية وطاقاتها الابداعية على نحو ينتزع احترام المتلقين لما تكتب، دون ان تتخلى عن اداء الرسالة التي تومن بها، وقد يحتاج هذا الى جهود اضافية ..ولعل بعض ما تعرفه الدكتورة عن جماليات التلقي ان تستطلع انتظارات المتلقين في مشروع الكتابة.. ونرجو ان نقرأ لها احلاما حقيقية والا تروي لنا كوابيسها فقط.
الى السيد قدوري الحسين ورد في ردك اخي ان ما كتبته تعليقا على صاحبة الذوات شتم وسب واقول ان ماكتبته بعيد عن السب والشتم بل ملاحظات على نوعية كتاباتها التي تسميها ابداعا واقول ان ماتكتبة بعيد عن الابداع بل شتم وسب لانواع مجتمعية منتقاة من طرفها بدوافع تعلمها هي . وبامكانك نشر التعليق ليتضح ان كان فيه سب وشتم .اعتقد اخي قدوري انك تميز جيدا بين الابداع الادبي في اجناس القصة والشعروالمقالة و…وبين سب شرائح مجتمعية مقصودة لذاتها المفتش والمدرس والطبيب …. وفي مدينة بعينها عندما نذكر باب سيدي عبد الوهاب…وفيلاج الطوبة وشراء الضيعة خارج المدينة …واشياء كثيرة هل نحن نبدع داخل فن القصة اوالاقصوصة ام نحن نسب مفتشي ومدرسي واطباء وجدة .حسب معرفتي هذا العمل يدخل ضمن موضوع التحقيقات والدراسات الميدانية لقضية ما اما ان نسميه ابداعا فنيا في مجال الادب فهذا تعسف واختفاء وراء المكشوف واعود الى البدء لاقول ان سب الاخرين ليس من شيمنا ولكن نرفض ان نسب تقية وراء شيء اسمه الابداع الادبي ونحن ربما اكثر حرصا منك اخي للحفاظ على مصداقية موقعنا وجدة سيتي الذي اصبح ملكا لنا جميعا والسلام .
قيل لابي تمام لمادا لا تقول ما يفهم الناس أجاب لمادا لايفهم الناس ما أقول…
تحياتي الخالصة والصادقة للكاتبين الرقميين المتميزين عزيز ويحي. وارجو من العلي القدير أن يزيدهما بسطة في العلم وسناء في الرتبة وعافية في البدن،إنه سميع مجيب.وشكرا على التشجيعات وألف شكر على المتابعة.