أهمية العدالة الاجتماعية
لاشك أن العدالة هي مطمح كل شعوب المعمورة ليأتمنوا على ثرواتهم وممتلكاته وحتى حياتهم ، وكل القوانين السماوية، والوضعية تحض على مبدأ العدالة وتربط مصير الإنسان بمدى شعوره بأهمية هذا المبدأ الثمين، فهي من أوجب الواجبات على الإطلاق والزمها ، والله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابة العزيز ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى ) – سورة النحل : الآية 90 – والله تعالى خالق هذا الكون ومسيره ، والعادل في خلقه يأمر هؤلاء الخلق بإقامة العدل فيما بينهم كتعبير حقيقي لمفهوم الخليفة التي كرم الإنسان بها ، والإخلال بهذا النظام يحيلنا بلا شك إلى فوضى وإقامة مناهج لا تبث بأي صلة إلى الفطرة الإنسانية أو ما يجب أن يكون عليه الإنسان ، فالعدل بين الناس هو معيار رباني كوني لا يميز بين الناس في انتماءاتهم أو عقائدهم لذلك نرى أن الله يأمر الناس عامة بإقامة العدل فيما بينهم في الآية السابقة .
ولعلنا ونحن نتدارس هذا الأمر شعرنا بضرورة إثارته نظرا لما نمر به من حال معاش مزر ونقص في العدالة الاجتماعية ، وما من شك أن المجتمع يعاني من أزمات متلاحقة لا يقوى على تحملها كلها .. ولا يمكن أن نرجع أسباب ذلك دون أن نمر بالسبب الذي اعتبره الأول ألا وهو: الإخلال بنظام الروابط الاجتماعية ، ليست بمفهومها التقليدي المتعارف لدى الناس أي التي تنظم أحوالهم فيما بينهم، ولكن نقصد تلك الروابط التي تنظم العلاقة بين المواطنين والحكومة التي تنوب على قضاء مصالحهم وتدبير أمر بلدهم .
فلا يعقل أن نرجع أي خلل تشهده مؤسسة من مؤسسات الدولة إلى أسباب تقليدية جزئية طال وقت سماعنا لها ، كنقص في الموارد ، أو عجز ميزانية كذا …الخ ، بل اعتبر أن الخلل الأساسي يكمن في استفحال ظواهر ما يجب أن تكون ، كالزبونية ، والمحسوبية وأباطرة الفساد ، ولا يمكن لأي دولة أن تقطع الطريق على انتشار هذه الظواهر السلبية التي تعيق في الحقيقة نمو البلد دون معالجتها بالطرق الصحيحة عوض الالتفاف والترقيع ، وفي حقيقة الأمر فنحن حسب تصوري لا نمتلك في الوقت الراهن الشجاعة الكافية على الإفصاح وتحديد المسؤوليات . لأننا أيضا نعاني من هاجس متضاد اسمه "قوة" وأخر في الجزء المقابل اسمه "ضعف " وهذه الضادية السلبية إن صح التعبير تروج في المجتمع على أساس نكاد أن نقول أننا نشبه في تحليلنا لها بمفكري الفكر الأسطوري الخيالي ، وأصبح المواطن يغنيها بقاموسه الخاص حتى يفرغ كل مفهوم من حقيقته ، فالقوة في حد ذاتها يرجى منها كل عمل أو مشروع يساهم في نهضة أمة معينة يكون هذا المشروع متكامل الجوانب وقادر على تحقيق مكاسب محسوسة يكون فيها الأساس متسم بالعدالة ، وبالتالي يكون لدينا مفهوم للقوة في إطار ايجابي لا أن تكون القوة كما نرى اليوم رمز للغطرسة، والحد من الحريات ، ومنع الناس من التعبير عن أمر واقع مرفوض .
أما المفهوم الثاني فغالبا ما ندرجه كعوام في سياق الدونية ، والشعور بالهامشية فلا يمكن حسب انتمائنا في المجتمع أن نحقق شيئا !! أو نغير شيئا لاعتبارات أخذناها مسبقا بصيغة المستحيل .
وإذا ما أردنا أن نكون واقعيين ونعالج مشكلة الفساد وأخواتها اللواتي يخللن بالأنظمة التي يجب أن تربط الحكومة بالشعب على أساس المسؤولية فعلينا أولا تعزيز مفهوم هذه المسؤولية وتقديم حدود منهجية للتدبير فيحاسب المسؤول على ما ارتكب ويكشف للرأي العام .
وخلاصة القول أن القوة يجب أن ينظر إليها على أساس التدبير والأحكام في التسيير.. ومهما بلغ الأمر وتعددت الخطط إن لم يكن هناك تعزيز لمفهوم القوة بتصوره الايجابي فلن يكون هناك بالطبع أي انتعاش أو تقدم .
Aucun commentaire