Home»Régional»الانترنيت.. وضرورة إخصاب الوعي

الانترنيت.. وضرورة إخصاب الوعي

0
Shares
PinterestGoogle+

1 الانترنيت.. وضرورة إخصاب الوعي

ذ: فائزة السباعي

الانترنيت البداية الملموسة بلغة أخرى.

الانترنيت .. هدا الطرح الذي أصبح يثير بحق أكثر من سؤال ,و يوقظ أكثر من قضية من سباتها العميق
الأ سرة في مواجهة علاقات توتر متصاعدة, تجاه مسألة طريقة استهلاك أبنائها لحمولة شاشة الانترنيت العجيبة
موجة التحدي الأكبر للعصر…من أروع الانجازات التي جادت بها قرائح البشر الى حدود وقتنا الراهن
أعظم وسيلة لتراكم كافة ضروب المعرفة الإنسانية والمعلومات والمشاهد عن قرب, بغاية تذويب الحدود الجغرافية الفاصلة بين الأمم و الثقافات , قصد التواصل اللامشروط مع أرجاء الكون والاحتكاك المباشر مع شتى الثقافات
وهنا …و من رحم هده الغايات الراقية على مستوى المبدأ كان الميلاد…ونجحت شاشة الأنترنيت في اختراق جدران البيوت الآمنة في العالم أجمعه لتشغل بزحفها البطيء والمتمكن آفاق واسعة في الأجواء الأسرية بوجه خاص ,ناهيك عن المؤسسات التربوية والإدارية في شتى المجتمعات
جاء الأنترنيت لتكريس البعد الكوني في تدفق المعرفة والتواصل …وهنا يقبع وكر الإشكالات المطروحة بإلحاح على مستوى غايات و طرق تدبير هده الآلية و آثارها و تداعياتها:
فأي بعد معرفي متوخى من الأطروحات الفكرية الكونية الشاسعة التي تؤثث للمشاهد و الخطابات الثقافية والتي تفوق منطق التعداد أو الحصر في هده الشاشة المذهلة بحق?
آي نوع من الاتصال و التواصل تتيحهما بإمكانياتها الهائلة و الاستثنائية و اللذين بإمكانهما العبور بأفراد الأسرة المستفيدين الى المفهوم الراقي للتواصل بغاية الاغتناء الذاتي و توسيع إطارات التعايش مع ثقافة الآخر بالاتصال المباشر والامشروط مع كافة أصناف الكائن العالمي بنجاعة و ايجابية?…أهو السبيل الى تحقيق حلم الانفتاح الذي ظل الى الأمس القريب ضربا من الطوباوية?…العلم قرية صغيرة

وأي حدود زمنية لعقلنة الارتباط الأسري بهده الشاشة و تدبيرها زمنيا و الذي غالبا ما يكون للأسف اعتباطيا و اندفاعيا شاسعا بلا ضوابط و بلا حدود?…


نحن أمة تعشق الانفتاح , مارسته و لا زالت تمارسه بامتياز…لم نكن يوما لنسمح لأنفسنا بالتقوقع وراء قضبان الانعزالية أو نتسيج بقيود الانطواء و النظرة الذاتية الضيقة…
أمة التاريخ المتميز بالعبور الايجابي الى الآخر…
نحمل تاريخا مترامي الأطراف طالما تجاذبته مواقف الماضي العريق , لينساب بملاحمه و حضارته الى الضفاف الأخرى للحوض المتوسطي , و ليمتطي أمواج الأطلسي…و ينساب بقوافله و فكره الى قلب القارة السمراء و آسيا…والمعمور أجمعه…
فلا مجال اليوم و نحن حملة هده الذاكرة الفيحاء الخاصة أن نبقى خارج الدائرة الكونية أ و نتموقع خلف الزمان أو الركب…
فالمد الكوني اليوم يدعو الى العولمة…كمعطى ملزم في شتى أنحاء المعمور… ومن أشد آلياتها هده الشاشة العجيبة للانترنيت…ولا أحد يتوانى في الاعتراف بأن هده الأخيرة ميزة…بل و بصمة عصر بأكمله ونعمته التي تتوج ركبه التكنولوجي.
إن أمر
استدماجها طبيعي جدا في شتى الدواليب المهتمة بتيسير سبل الاتصال و التواصل و نشر المعرفة …ومن أهمها الفضاءات اليومية للبيوت و الأسر.
و لكن كيف السبيل الى استهلا ك خدماتها بمنطق العقلنة دون أن تتحول الى نقمة محتملة تصيب معناها بالانحراف ?
أو لعنة تتسرب الى الأسر بوجه خاص تتهددها
بهذر طبيعة الروابط التعاقدية فيها و التي تقدس مبدأ التماسك و التمسك بموروتها الاجتماعي و مرجعياتها الروحية والأخلاقية و ثوابتها التربوية و منظومة العلاقات السائدة فيها تاريخيا لحفظ شتى التوازنات الأصيلة في بنيتها?
و هل من سبيل ناجع و مسموع أيضا لسن ميثاق حقيقي تحترمه كل الأطراف داخل الأسرة بغاية تقنين الإطار الزمني لتدبير
هده النافدة الكونية الامشروطة بعيدا عن إشكال المبالغة بل و الإدمان أيضا?
فكيف لشبكة الانترنيت إن تصبح فضاء معقلنا و مسئولا للتواصل و ضمان سيولة المعرفة بل وتحفيز الإبداعات الآنسانية دون أي تعارض محتمل مع التوجهات الغائية للفلسفة التربوية النظامية الوطنية أو مع تقاليد و أعراف الأسر و الموروث الحضاري الاجتماعي للأطروحات السائدة في المجتمع و الموجهة الى بناء الفكر و تحديد طبيعة العلاقات الاجتماعية. فيه.. و هي مسؤولية كل المجتمع و في الطليعة مؤسسات التنوير فيه و بالطبع الإعلام المرئي و السمعي بشتى مشاربه في مقدمتها…
وكيف للمعرفة الجاهزة و الواسعة والتي تجود بها ذاكرة الأنترنيت العملاقة بسخاء غير مسبوق أن تترقى الى مستوى الوسيلة الحقيقية المساعدة على بناء المعرفة المنهجية كما هو مصمم لها في الأصل… و التي لاتتجاهل ذاتية المستفيد و إمكانياته الخاصة لبناء المواقف و البحت عن التراكمات المعرفية بفضل مدخل الاختيار و الانتقاء المشروطين بضوابط الانتماء و الهوية مما يمكنه من تنقيحها و تركيبها و تطبيقها في الواقع لممارسة وجوده الاجتماعي الناضج المتوخى?
لاشك في كون المعرفة تلك البدرة الحميدة لتلقيح كينونة الفكر …والفكر تنوير و انفتاح…والانفتاح ارتقاء و قبول بمعطى التنوع و الاختلاف تجاه الاخر وخروج بالذات من بوثقة الانزواء و العزلة…
إلا أن عقلنة هده المراحل و الاندماج في أبعادها بعمق وممارستها بشكل ناضج لا يمكن أن يتم الا بواسطة امتطاء صهوة الفكر النقدي وتمرين الطاقات الخاصة على الانتقاء المعرفي بواسطة البحت و التحليل و التجميع و التركيب…
وهنا تكمن مسؤولية الأسر لتجاوز خطر تنميط المعرفة و استهلاك الجاهز منها من طرف أبنائهم دون الوعي بأبعادها ومفاهيمها و حمولاتها والمنطق الدقيق الناظم لتراكماتها…أودون تحليلها و مقاربتها بواسطة مدخل الفهم و الانتقاء لمفاهيمها و حمولتها …بل و المسؤولية تعود الى المدرسة و الإعلام و المجتمع برمته بكل أطرافه الفاعلة و التنويرية فيه بشكل خاص…
وهي مسؤولية لا تقف عند هدا الحد بل تتعداه الى ضرورة عقلنة اختيار المواقع في شبكة الأنترنيت العريضة بلا حساب عند فلدات أكبادنا…
كما تدعو الى تحديد الغايات من الاندماج في علاقات تواصلية إنسانية كونية بلا حدود انطلاقا من هده الشاشة, بعقلنة واكتساب المستعمل لها لملكة الاختيار الرزين و لفكر التبادل الثقافي دون تقويض للثوابت أو اقتلاع لجذور الانتماء… و كذلك بعيدا عن حمى التهالك على نوع العلاقات المخلة بالتوازنات المبدئية المحتملة من نوع تلك الدخيلة مثلا بالنسبة لموروتنا الحضاري الضارب بشموخ في الأصالة المغربية…
كما أن وضع ميثاق أسري واضح و في جو تحسيسي صريح يمس بجوهر هده الاشكالات كافة بجانب مسألة تدبير الاستعمال الزمني للحاسوب تلافيا للارهاق أو الادمان على حساب الزمن المعرفي التمدرس,أوعلى حساب التماسك الاسري علائقيا… أمر يوجد على مستوى ارتباط أكيد بأسلوب العلاقات المخيم على الأسرة و مدى ايمانها بسلوكات الحوار و منطق المكاشفة و التفهم ودرجة الحميمية بين الاطراف المكونة لمجتمعها الصغير…
بدلك زميلي الفاضل عزيز منحتي الفرصة مشكورا للتفصيل في هدا الاشكال الكبير بجانبك… من أجل بناء منظور جماعي متكامل ومنسجم أكثر عقلانية لبناء العلاقات اليومية مع شاشة الانترنيت بعيدا عن أي انزلاق محتمل او أي افراط أو مغالاة أثناء دمج هده الالية في كيان الأسرة حتى لا تتجاوز الاطار الحقيقي المرسوم لها كتكنلوجيا عالية المستوى تضمن انسياب المعرفة و التواصل الانساني في هدوء رزين لا تنتكس معه مفهوم الداتية و لا تتكسر بسببه العلاقات الاسرية أو التربوية التعليمية بما فيها تراجع مكانة الكتاب في بناء و اغناء الفكر و تحطمها عند قدم الاجتياح العشوائي للانترنيت لحياتنا الآمنة… و حتى لا يتجاوز كتكنلوجيا متطورة مدخل
الوسيلة الى الغاية …
لحقا انه موضوع يستحق أكثر من التفاتة, وأكثر من وقفة تأمل, وأكثر من تحليل…
شكرا لك أيها المواطن و الأب الغيور على وقفتك التصحيحية هده لإخصاب وعي الأسر وتنوير الرأي العام بخطورة هدا الإشكال. …

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. شهرزاد الاندلسي
    07/02/2007 at 20:00

    شكرا لك الاخت والاستاذة الفاضلة فائزة السباعي على هذا الموضوع المهم ..ان الانترنيت اصبح يجتاح كل العائلات سواء منها الغنية او متوسطة الدخل واصبح عبئا على العديد من العائلات ولكن رغم ذلك لا تستطيع الاستغناء عنه اذ اصبح من الضروريات المهمة في البيت ..ولكن كما ذكرت تبقى الضوايط هي اهم دور يقوم به الاباء اتجاه ابنائهم حتى لا تتجاوز هذه التكنولوجيا الاطار الحقيقي المرسوم لها وتبقى وسيلة علم ونفع وليست وسيلة تدمير وهدم لاسرنا …دام قلمك ودمت لنا ..وشكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *