Home»Régional»المدونات … منبر من لا منبر له blog

المدونات … منبر من لا منبر له blog

0
Shares
PinterestGoogle+

""""""

أشياء كثيرة تجمع بين العصافير والكلمات

العصافير تأبى أن تتوالد في الأقفاص, حتى لا تورث صغارها العبودية

و الكلمات تأبى أن تبقى حبيسة الظلمات, حتى لا يتوارثها الصمت و يطالها النسيان

العصافير تنظم نفسها في رحلات الصيف والشتاء, فتطير قدر المستطاع لتطلع على جمال الأرض والسماء

والكلمات تنظم نفسها في رحلات أيضا حتى:

تسافر عبر القصائد, لترى العالم بروح فنية, وتجمل كثيرا من القبح السياسي والاجتماعي والثقافي

وتسافر عبر الرواية, لتؤرخ الشؤون الصغيرة, وتضيء بها ظلمة الرداءة

وتسافر عبر الجرائد والصحف, لتفضح الاختلال وتصنع التوازن

العصافير لا تفقد الأمل في الحرية, وتظل إلى آخر لحظة من عمرهاتقاوم لتخترق الحواجز

و الكلمات تظل تقاوم أيضامن جهتها ,وتحاول أن تركب أي وسيلة تجعلها تطير وتحلق عاليا لتسمع صداها للناس أينما كانوا. حتى الكلمات التي يجيئها المخاض في غياهب الظلمة تستطيع أن تهرب بعيدا وهي مخبأة في صدور الصغار وفي ذاكرة الكباروتتحدى أي حاجز أو جدار

ولعل التدوين هو أحدث الوسائل التي تجربها الكلمة في عصر الكومبيوتر والانترنيت. ولمن يريد أن يعرف هده الوسيلة نقول: إن التدوين أو المدونات هي عبارة صفحات للبوحللكتابةللإبداع على شبكة الانترنيتصفحات فردية أو جماعية أراد أصحابها أن يؤثثوا فضاء افتراضيا خلفا لفضاء واقعي تعذر عليهم بتباعدهم الجغرافي, و ضاق عليهم بـإكراهاته ومحدوديته إذن هي ثورة أخرى تحققها الكتابة في توازي مع ثورة الإنترنيت. والتعريف هنا محصور في المدونات النخبوية التي تهتم بالكلمة الإبداعية والفكرية, من أدب وشعر وقراءات نقدية و مقاربات سياسية و تأملات فلسفية . بعبارة أخرى المقصود تحديداهو تلك المدونات التي تخاطب العقول السليمة والنفوس الحالمة والبعيدة كل البعد عن المدونات أو الصفحات الشخصية التي تنطلق من عقول ونفوس مريضة و لا تخاطب إلا نماذج أكثر منها خبثا ومرضا, لا هدف لأصحابها إلا إثارة الفضيحة الأخلاقية والتشهير بأعراض الناس . وطبعا لن يكون لها حيز في موضوعنا أو في اهتماماتنا بل الاهتمام هنا موجه نحو المدونات التي تظهر فيها الذات الإبداعية والتي تفتح لنفسها أبوابا نحو الإبحار بعيدا بعيدالتصل إلى كل المتلقين والمهتمين قصد التجاوب, ومقارعة الفكرة بالفكرة , والرأي بالرأي والإبداع بالإبداع , وتتبادل الهم الثقافي و تحمل على عاتقها أمانة القلم وشرف الكتابة لتساهم في إحداث التغيير :التغيير في الافكار والتغيير في الرؤى والتغيير في عالم الكتابة .فوراء كل مدونة ناجحة هناك كلمة صادقة ووراء كل مدون ناجح هناك فكرة واعيةوكل من جرب هدا العالم اللا محدود والخالي من الحواجز والقيود التحريرية التي قد تفرضها الكتابة الواقعية سيدرك حتما معنى هدا الكلام, فقط تجب الإشارة إلى أن قيد الضمير يضل موجودا, وصدق الكلمة يضل يفرض نفسه ,حتى لا ينقلب الأمر إلى ما هو مبتذل وسطحيوبعبارة اشمل وأوجز يمكن القول أن تحسس الطريق جيدا هو أول خطوة في نجاح أي رسالة تدوينية

وأجمل وصف أثارني وأنا أتصفح هده النماذج من المدونات, هو ذلك التشبيه الرائع والمميز الذي أطلقه احد المدونين على هدا العالم الفريد فسماه بجمهورية مدوستان يقول السيد "مولاي عمر" في مدونته " يوميات الخبز القاسح ":

هؤلاء الذين يتلذذون بقص أعناق القصائد، وتفصيل عباءات اليتم لأفكار الصباح، زرعوا في أقدامنا شهوة الهجرة والرحيل، بعضنا هاجر إلى وطن أكثر أمانا أو حيادا ، بعضنا هاجر في عتمة نفسه وأما بعضنا المؤلم فهاجر إلى معدة البحر على قوارب موت بائسة وأما المدونون فهجرتهم لها طعم آخرفنجان أيامنا مترع بالضحك مع دريد لحام وهو يسخر في فيلم ( الحدود) الرائع بمرارته من تفاهات الصراع بين دولة شرقستان ودولة غربستان، وكلنا يذكر كيف شاد بيته الساخر على الحدودنعيش اليوم فيلما آخر بعنوان ( اللجوء) يتحول فيه كل المواطنين الهاربين من رصاص غربستان، ومن سنابك خيل شرقستان إلى لاجئين في مخيم افتراضي نسميه (المدونات ) واسميه ( مدوستان) … مدوستان جمهورية افتراضية أو قل مملكة افتراضية أو إمارة افتراضية، قل ما تشاء وانتبه إلى أنها لا تضع على قمتها لا رئيسا ولا ملكا ولا أميرا، إنها تضع في القمة عشق البوح ومحبة الكلمة وشغف المشاركة ومجد التواصل…" ويختم قائلا " أخيرا مدوستان ليست بديلا عن أوطاننا التي نفديها بحياتنا، إنها المساحة التي نلجأ إليها جميعا لنكتب مجد أوطاننا في جدرانها بلا خوف من كلاب الحراسة…"

إذن هذه الفقرة الموجزة هي واحدة من تلك الفقرات التي أراد أصحابها التعبير بها عن عالمهم المدهش, حيث كل طائر فيه لا يخاف من بقية الطيور, وحيث ترابها الفضي يعانق البدور, وكل كاتب يمد حبل كلماته قدر ما يستطيع , ليرسم معالم هده المملكة أو الجمهورية الافتراضية الخالية من كل إرهاب أو خوف أو قصف

وأنا أشبهها بالركح الارتجالي المفتوح أمام أي كاتب ليتخذ له منبرا خاصا, شرط أن يمتلك آلية الخطابة و آلية العصر "الكمبيوتري " وصدق الخطاب, حتى تكون مشاركته مؤثرة في فعل التغيير الجماعي و لا تكون مجرد صرخة في واد لا يسمع فيه إلا صداه الشخصي

وهناك العديد من المدونينوفي هدا الحيز الزمني القصير لظهور مدوناتهماستطاعوا فعلا أن يثيروا اهتمام القراء سواء من المدونين أنفسهم أو من الصحافة المعتادة, وأصبح لهم تأثير واضح في فعل الكتابة وفي فعل البوح , حتى أن هناك من ادخلها في سجال يطرح على شكل أسئلة سخيفة:هل المدونات بدأت تسحب البساط من الصحافة ؟ وهل أصبحت تشكل صحافة بديلة ؟ وهل ممكن أن نسمي المدونات إعلاما أو صحافة موازية؟ أقول إنها أسئلة سخيفة وسجال شبيه بالحلقة المفرغة فالأمر لا يحتاج إلى كل هدا الرعب والخوف ومن سيسحب البساط من من ؟ ومن يريد أن ينهي الآخر أو ينتصر عليه أو يزيحه من طريقه؟؟ بقدر ما أرى أن كل هدا ما هو إلا قوالب وطرائق فنية سواء كانت صحافة عادية أو مدونات. فالكل يسير في خدمة الكلمة الصادقة وانتصارها ومن يخافون منها هو أولئك المشغولون بالبشاعة والضلالة فقط وكل عمل إبداعي يستهدف الخير والجمال وحرية الإنسان ما علينا إلا نأخذه بالأحضان ونساعده على تعلم أول درس من دروس التحليق والطيران, لا أن ننتف ريشه في بدايته أو قتله في أولى خطواتهفلنحاول أن نودع جميعازمن مطاردة الكلمة الحرة وخنق صداها في فضاء الأنا اللامحدودونردد مع المدونة والشاعرة سامية فارس في معرض تعقيبها على فكرة "مولاي عمر ":

تعال /نرسم وطنا
من ذكـــــــــــر وأنـــــــــــثى /

وبيتا / بسقف ونافذة
يتسلق عليها الياسمين
يمنع تنصت المخبرين
وحبل غسيل ناصع النظافة
فســـــــــــتان زهري /وسروال رجـــــالي

مرن الحركة
وعلى السطح / برج حمام
حبا وحبا / للقلوب والحمام
وشجرة بلوط وارفة / الظـــــــــــــــــلالوأرجوحة

/ومائدة طعام
وحاكورة بكر
فيها كل الحنون //وعشب الأرض
وطفل يلثغ //بأحلى كلام
وصبايا في الشارع
تميس //تشيع البهجة
وشباب//وأولاد
فيهم روعة البلاد
مسجد وإمام جامع
تراتيل وكنيسة صلاة
إنـــــــــــارة خـــــــــــــافته

تشهد على وجود //حياة
أهذا وطن مستحيل؟
هذا وطن المدوستانـــــــــــــــــــين!!

———————————-


MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *