Home»National»زيارة المعري وأبي تمام لشعراء المغرب الشرقي

زيارة المعري وأبي تمام لشعراء المغرب الشرقي

0
Shares
PinterestGoogle+

زيارة المعري وأبي تمام لشعراء المغرب الشرقي

يا أبا تمام إني سمعت عن أنا س يقطنون الجهة الشرقية من المغرب ينظمون القريض وإني أتوق لزيارتهم. وكيف يا أبا العلاء المعري ؟ إنهم يعيشون في عالم افتراضي، ولا يمكن السفر إليهم إلا عبر محركات البحث ؟ وما محركات البحث هذه ؟ والله إنك تخاطبني بلغة لم أعهدها من قبل إنها محركات تطير بك يا أبا تمام إلى حيث تجدهم أأعقل ناقتي وأتوكل ؟ اعقلها وتوكل…
وينقشع الزمان فيتسللان إلى أحد المقاهي حيث يجدان ضالتهما ؟ وإذا بأبي العلاء يبادر صاحبه قائلا أخبرني يا أبا تمام كيف كان الشعر في زمانك ؟ فيجيب (الشعر موسيقى الخليل، وممتع الخليل ، ودواء العليل، وحصيد اللغة، وعواصف الأيام وأنوار قوس قزح…)
فيصمت أبو العلاء ويبادره أبو تمام قائلا يا سيد المعرة هل أحدثتم ؟ أم اتبعتم ؟ فيضحك المعري ويجيب : حافظتم وأبدعتم ، فكيف لانحافظ وننجب ؟ . وإني مازلت يا أبا تمام أتذكر قولك: يذللها بذكرك قــــرن فكـــر Ω إذا حزنت فتسلس في القــياد
لها في الهاجس القدح المعلىΩ وفي نظــــم القوافي والعماد
منزهة عن ا لسرق المورى Ω مكرمة عن المــعنى المـــــعاد
أخبرني يا أبا العلاء كيف كان الشعر بعدي ، هل سار على الأصول، وأنجب الفحول،؟ أم هوت به الأيام ، وداست عليه الأقدام ؟ لا لا ألم تسمع ما قـــلته بعدك ؟
وإني وإن كنت الأخير زمانه Ω لآت بما لم تستطعه الأوائل
وهل فعلت ؟ أجل لزمت مالا يلزم، وفلسفت الشعر، وجبت رياض البلاغة ونصبت الخيمة وحكمت فأجزت و أذممت ولم أقـتل الخليل…. إن حديثك شيق يا أبا العلاء وإني لأرغب أن أزور هذه المدينة في أقصى الغرب الإسلامي مدينة وجدة، ويضغط صاحب المقهى على أحد أزرار لوحة مفاتيح التحكم ، فإذا بهما يتجولان في شارع محمد الخامس بمدينة وجدة ، ويسألان عن سوق الشعر فيدلهما أحد المارة على مقر فرع اتحاد كتاب المغرب،وبينما هما يستطلعان المكان وقع نظر أبي تمام على لائحة منشورات اتحاد كتاب المغرب لأصحابها الآتية أسماؤهم : عزيز أزغاي- محمد الشركي- محمد عزيز- الحسين قمري- ياسين عدنان –عبد الهادي السعيد- حسن الوزاني- الزبير خياط – أحمد بركات- ثريا ماجد ولين- عبد الدين حمروش- وفاء العمراني- حسن مرصو- أحمد بركات-أحمد بلبداوي محمد بنطلحة…..
وحضر الأستاذ الجامعي يحي عمارة رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بالجهة الشرقية ، وعـــرّفاه بهويتهما فاستقبلهما أحسن استقبال وقدم لهما فاكهة الغرباء ، وبادره أبو تمام بقوله أهذه الفاكهة محلية أم مستوردة ؟ إني أجدها لذيذة لم يسبق لي أن تذوقت حلاوتها فيشكره الدكتور يحي عمارة ويقول له يا أبا تمام إن لكل شاعر حديقته وفاكهته ، وللدكتور محمد بنعمارة حدائق شعر لو دخلتها لن تستطيع محركات البحث المتطورة أن تجدك ، فيضحك المعري ويقول كنت حرّمت على نفسي الفواكه لكن فاكهتك كانت بانتظارنا وأظن أن جولتنا فيها فائدة.ثم يسمعهما من نشيد الغرباء للدكتور محمد بنعمارة وبعض القصائد من أول المنفى للشاعر علي العلوي فيزداد تعلق المعري بمدينة الأحزان،وهو الذي ولد حزينا وعاش حزينا وكتب لخاله عن حزنه قائلا ( إنه وحشيّ الغريزة ، إنسيّ الولادة ) فيقول أبو تمام أخبرنا عن الشعر هل هو عباسي أم حلت به المآسي؟ فيقول الدكتور يحي عمارة : الشعر أعزكما الله أشعار: عمودي ، وحر، ومنثور ، والشعراء ألوان ومذاهب ومدارس ولغات في لغة، كمدرسة آل لقاح على غرار المدرسة الأوسية على حد تعبير الدكتور جميل حمداوي فيقول أبو العلاء ومن جميلكم هذا ؟ فقد كان لنا جميلنا في الأيام الغابرة إنه جميل بثينة من عشاق العرب حجازي المنشأ تغنى بابنة عمه ولوكان لد ينا متسع من الوقت لأقمت أمسية شعرية نيابة عن جميل بثينة بدار السبتي. قيقول رئيس فرع اتحاد الكتاب بوجدة ليس جميلكم فقط من تغنى بهواه ، ألم تسمع قول جميلنا حمداوي، وينشده بعضا من أشعاره :
ظهرت زكية كالغزال جمالا Ω وتسربلت حلل الربيع كمالا
فتبخترت بقوامها وجمالــها Ω وتعـطرت شهدا وفاح دلالا
فتميل حسنا مثل ظبي ساحر Ω يزداد نورا كالهلال خــيالا
قيقول أبو تمام قاتلكم الله لكل زمان جميله وما حسبت أن الغزل يستمر إلى يومنا هذا ، فيحكي له يحي عمارة قصة خطيب الجمعة بوجدة محمد الشركي الشاعر الذي عابوا عليه التغزل ورد عليهم أقوالهم وينشدهما شيئا من أشعاره:
حبيبتي ستذكرين حبنا السجين
وتذكرين يا حبيبتي مساءنا الحزين
وتذكرين حين نمتطي سيارة الحنين
ونقطع الشوارع المئين
وأنت عن يميني تجلسين
تسائلين نظرتي وتسألين ما بال حبنا سجين
تحاورينني بصمتك الدفين
تعاتبين يا حبيبتي عشيقك الظنين…
ويلتفت إلى أبي العلاء فيقول له يا أخا المعرة لو أعدت تصنيف شعراء رسالة الغفران ما كنت صانعا بشعراء المشكاة فيقول أبو العلاء ومن شعراء المشكاة ؟ فيخرج الرئيس من الخيمة قائمة بأسماء الذين كتبوا في المشكاة فيعددهم واحدا واحدا ، وأبو تمام يصغي إليه في استغراب .
فيقول المعري المقياس واحد الخير خير ، والشر شر، فينشدهما قصيدة من القصائد السبع للدكتور حسن الأمراني، ويسمعهما من مزاميره،ويعرج بهما إلى مملكة الرماد حيث الزمان الجديد فيضيفهم شيخ المعرة جميعا إلى شعراء جنته. فيقول أبو تمام أين شعراء
المدينة أو الإقليم؟ فإني اشتقت والله لسماعهم ، فيجيبه الأستاذ يحي سنلتقي بهم قريبا إن شاء
الله بالمركز الثقافي لمدينة جـــرادة ، ويستدعي جميع الشعراء بما في ذلك شعراء الجنة وشعراء النار على شرف الشاعرين العظيمين أبي العلاء والطائي…وكاد ت الشرطة أن تتدخل لفض النزاع الذي حصل أمام المركز الثقافي بين المعري وشعراء جهنم كما وصفهم في رسالة الغفران والذين رفضوا تصنيفاته التي أهملت الجانب الفني وركزت على القيم
و التي بسبب خروجهم عنها وضعوا في النار،فحاولوا الانقضاض عليه لولا تدخل أبي تمام في الوقت المناسب حيث أدخل شاعر المعرة من الباب الخلفي للمركز فهدأت الأجواء ووجدوا في استقبالهم خنساء المدينة الشاعرة الرقيقة حليمة الإسماعيلي.وصاحب رواية سيرة للعته والجنون جلول قاسمي عضو اتحاد كتاب المغرب الذي نبه الحضور في بداية روايته إلى أن الأحداث والأسماء والوقائع من نسج الخيال وأي تشابه بينها وبين الواقع هو محض صدفة…تلك المدينة الافتراضية مدينة الفحم الحجري . أما صاحب من ذاكرة المنفى المداني عدادي الحائز على الجائزة الوطنية للأدب الإسلامي تلا على مسامعهم الإهداء وأي إهداء :
(إلى مصابيح الأمة ومشاعل الحياة..إلى من وهبوا أنفسهم لتنوير دروب التائهين ومسالك الناشئين… إلى جنود العلم وأبطال الخفاء.. إلى المنفيين بلا تهم …شريان الحقيقة وأوردة النقاء والبقاء.. لكم جميعا أهدي شجوني وأنتم الأدرى بعمق المعاناة.)ص3.كما أن حليمة ما تزال سليمة رغم العطش و رغم (أغنية لذاكرة متعبة) والتي أتحفت الحضور بها وأزاحت الستار عن تسلط الرجل وطغيان القيم الفاسدة واستحالة التغيير. و أبانت عن مواقفها الثابتة وعزمها على مواصلة المشوار في زمن القهر والتسلط…وكاد المعري أن يحتج عليها لاعتقاده أنها كانت ترسل رسائل وإشارات خفية إليه لأنه كان متشددا في موضوع حواء، ويفاجئ أبو تمام رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب بوجدة بقوله أين يجلس أمير الشعراء؟ فربت على كتفه وقال له سيكون إن شاء الله للشعر العمودي أميره بعد وفاة أميره، ولشعر التفعيلة أيضا أميره ، ولقصيدة الانكسار أميرها، ويتصارع الأمراء ويتم إسقاط صنم الشعر
في ساحة باب سيدي عبد الوهاب، ويضيف قائلا هذا الموضوع أثير في المؤتمر الأخير لاتحاد كتاب العرب بمصر حيث طرحه الشاعر الكبير سميح القاسم على شكل دعابة. وعادت حليمة إلى عادتها القديمة، ورفع الستار ورحبت بالحاضرين فنثرت على أسماعهم كلمات ليست كالكلمات، أشعار رقيقة تذوب صدقا وتسبح في نسيم العواطف الذي يهز أغصان المشاعر والأحاسيس. ويفجر ينابيع الدموع بإنشادها قصيدة في مدح الرسول (ص) والدفاع عنه، في زمن تكالب الغرب على الأمة الإسلامية إنها أروع هدية تحملها النسمات وتوزعها بالتساوي على الحاضرين.ويقف شاعر المدينة عبد القادر بنهار أمام هواة الشعر وعاشقيه ليرسم بكلماته لوحة زيتية بعنوان طفل ومطرية .ويعلقها على أستار المركز.
في الشارع تحت المطرية
طفل يتأبط أقلاما
يتأبط أوراقا
في تلك المطرية
ثقب..ثقبان.. ربما أكثر
يتسلل منها الماء
ينساب على الاقلام
يحمل صبغتها
يأخذ طلسمها
يتشكل فيها
وعلى أرصفة الشارع
يرسم طفلا تحت المطرية
.ولا ننسى الشاعر الذي أحب أبا العلاء المعري وتمنى أن يزور القرية السورية معرة النعمان للجلوس ساعة إليه ومناجاته، الشاعر الذي قال فيه عبد الناصر لقاح (محمد السعدي شاعر حد الاحتراق، لا يكتب قصيدته حتى يضع قلبه على الطاولة، فهو مرآته التي لا تخونه، مرآة يتشكل فيها الوجه والروح، ومن ثم، فعلى قارئه أن يرصد في المرآة أحزان الشعر ، بكل ما تعنيه كلمة الشعر من جمال الفن ووضوح المبدأ…) وتشاء الصدف أن يلقي الشاعر محمد السعدي قصيدة شعرية من ديوانه أنباء الموجة العظمى، وأخرى من ديوانه الشهيد أمام أبي العلاء وأبي تمام يقول فيها: …
حقـب تلاحق ذ لها وهوانها
وبيان إسرائيل توراة، وإنجيل، وقربان
سقطت سمائي والكسوف خسوف
ضاعت مصابيحي
وفقدت مرحلتي وأعصابي
فركضت خلف الوهم والأحلام
ومدينتي قتلت وكفنها الكسوف.ص66

وسرعان ما يهمس أبو تمام في أذن أبي العلاء ويقول له ماذا يقرؤون ؟ فيسمعه أحد الحاضرين ويجيبه على البديهة الشعر طبعا لكني لم أعهد هذا. إذن أنت من أصحاب عمود الشعر اسمع ياهذا إن ما يلقيه هؤلاء هو قصيدة النثر فيقول أبو تمام وما قصيدة النثر ؟ فيلتفت المسئول يمينا وشمالا ثم يشير بأصبعه إلى أحد الحاضرين فإذا هو عبد الله شريق ويكلفه بشرح قصيدة النثر للسائل فيقترح عليه أن يقرأ دراسته المعنونة ب: في شعرية قصيدة النثر ثم يعود إلى مكانه تاركا أبا تمام يسجل المعلومات التي عرضت عليه . وعلى المنصة وقف الشاعر المبدع عبد السلام بوحجر وفي زحمة الهتاف قـرع ( أجراس الأمل) وقرأ بعض القصائد من ديوانه قمر الأطلس، وختم قراءته بقصيدة جميلة بعنوان محمد رامي الدرة ينهض من رماده :

قبل أن أمضي إلى أعلى مقام
في ركاب الشهداء السابقينا
قبل أن أدخل في ديوان كل الشعراء العاشقينا
قبل أن اغزل خيط الدم مشدودا ‘إلى الفجر
عناقا ويقينا
قبل أن يخطب باسمي بعض الزعماء الخائنينا
كنت أطعمت طيوري
ورأيت القدس فجرا في منامي
وردة حمراء تزهو
في بساتين الغمام
وتقدم بعده الأخ زريويل محمد معلقا على الديوان ،
فأبدع أيما إبداع وتناولت الأخت حليمة الإسماعيلي الكلمة وقالت (أخي زريويل أبدعت نقدا،تماما كما أبدع عبد السلام بوحجر شعرا…. قالوا فيه الكثير وعنه الكثير لأنه نجم في السماء… وعادة نحن نضرب الأعالي التي لا نصل إليها…هذه مأساة النجاح عندنا… من كرس اسمه يصبح عدو الإبداع والشعراء والحياة. دعني أسأل هل الذين يشنون حملات على زملائهم فعلا شعراء؟ الشعر إذا لم ينعكس على تصرفاتنا وأحلامنا ليس أهلا أن نسميه شعرا) وبصوت عذب شجي يقرأ الشاعر محمد لقاح قصيدته عندليب الروح المهداة إلى د.حسن الأمراني فيقول:
إن اليقين طهارة نحـــــــيا بها Ω. وسلامة من كــل ما يتعقــــب
فلم التشكي من دعــــي قاصر Ω هـو بيـــــننا متـــبدل متـــغرب
كتب القصيد فكان أضعف ناظم Ω قد حــنط اللــفظ الذي لا يطرب
باسم الحداثة قد لغى وهو الذي Ω صار السجين لدعــــوة تتعلب
تنظيره شطط ونزوة عاجـــــز Ω يا شاعري إن الحداثة مهـرب
كنا نكــــتّم رأينا ونصـــــــونه Ω والآن نجـهر بالذي هو أصوب
إن الحداثة عادة تحـــلو لمن Ω ساء ت مقاصده فلا يســتعــتب
ضعفت مواهبه فلا هو عمدة Ω وجبت ، ولا هو فضلة قد تطلب
وتحلق حليمة في سماء القريض ثم تخاطب من موقعها الجميع بصوت رخيم ( أيها الأحبة من أقصى القلب أمد نبضاتي لتمتد إليكم نبضا….كم جميل أن نضع القلب على القلب والجرح على الجرح….كم سأكون سعيدة حين أتقاسم معكم رائحة الشاي…).
وخرج الجميع إلى ساحة المركز الثقافي لشرب الشاي، وأخذ قسط من الراحة،والتعارف وتبادل وجهات النظر في الهموم المشتركة،وغـــادر الرئيس يحي عمارة المركز الثقافي إلى مقر اتحاد كتاب المغرب للبث في ملفات السرقات الأدبية المعروضة عليه،والتداول في شأن الخصومات والمنازعات الأدبية بين شعراء الإقليم ، وبينهم وبين النقاد والبحث عن أسباب ركود المهرجانات الثقافية بالإقليم واقتراح حلول وتوصيات للخروج من الدائرة المغلقة.
واتجه أبو تمام نحو عبد الله شريق وشكره على المساعدة التي قدمها له وعن المجهودات القيمة التي بذلها في التعريف بقصيدة النثر خصوصا وأن أبا تمام كان حاضر البديهة ،حاد الذكاء سريع الحفظ، فسأله عن بعض الشعراء الذين كانوا يحيطون به وقدمهم إليه واحدا واحدا مذكرا بإشعاعهم الثقافي وفضلهم الكبير على الشعر والشعراء ومنهم:
حسين القمري ،وجمال ازراغيد صاحب ديوان( بحجم الرؤى)، وبلقاسم جطاري،وجمال حمداوي الغني عن التعريف،ومحمد أديب ، وسعيد الجراري،ومحمد منيب البور يمي،وعبد الله عاصم ، ونزيهة الزروالي ، وبوزيان حجوط وغيرهم فالتقى الدكتور جميل حمداوي بعلي العلوي واعتذ ر عما صدر منه في نقده المتسرع

وقال مازحا :

وحياة رأسك لن أعـــو د لمثلها وحياة رأســــك فــإذا قــتلت أبا نــــــــوا سك من يكون أبو نواســــــــك
فقبل علي العلوي الاعتذار بصدر رحب، ووقف إلى جانب أبي العـــــلاء سيد الأحزان الذي
كان منشغلا في التفكير في إمكانية إدراج بعض الشعراء على لائحة شعراء جهنم السابقين، خاصة وأن نظرة شعراء الاتجاه الإسلامي تلتقي مع وجهة نظره حيث كان يستمع إلى بعض حديثهم أثناء إثارتهم لرسالة الشعر ومناقشتهم لأحد شعراء التيار الوجودي.أو الماركسي.،ومن أبرز شعراء الاتجاه الإسلامي حسن الأمراني ، ومحمد بنعمارة، ومحمد علي الرباوي، ومحمد زروق، ومحمد شركي، ومحمد لقاح وأبنائه ومحمد السعدي وغيرهم ممن سالت أقلامهم في المشكاة. وفجأة يصل محمد علي الرباوي ويسلم على أصحابه، وعلى المعري ،فيقول من الرجل؟ ، فيرد أحد الحاضرين صاحب أطباق جهنم ، ويعتذر عن وصوله متأخرا لأنه كان قادما من الرباط التي لم تستطع أن تملكه كما ملكته مدينة وجدة ، ويفكر المعري مليا في توسيع رسالته السابقة وإدراج بعض شعراء الجهة في لائحة جهنم في حال عدم إعلان توبتهم أمام الملإ وقبل أن يغادر المركز الثقافي صحبة أبي تمام، في حين يُُسأل علي الرباوي عن مدينة وجدة فيجيب:
وجدة!
حبي لك أكبر من كل الأشياء
واسمك أجمل من كل الأسماء
حفرته أصابع كفي الظمآى فوق الصخر
تركته تمثالا يسخر من أمواج البحر
ـــــــــــ
يا من علمت القلب هوى وجـــــــده
أفلا علمت العاشق تحطيم جدار الوحدة
ويعزف على الوتر الحساس للمعري ، شاعر الوحدة ورهين المحبسين ، النادم على نسيانه ذاته التي لم يصنفها لامع شعراء الجنة ولا مع شعراء النار ، وهو الشاعر الكبير المحسود، الذي ظل تائها حائرا متنقلا بين الأزمان والعصور ولعمري أنه أحب مدينة وجدة كما أحبها محمد بوعلي وغيره من الشعراء إنها المكان والزمان في آن واحد.رغم ما أنجبته من أحزان وآلام ويخترق أبو تمام صفوف الشعراء متجها نحو أبي العلاء وبرفقته أحد العروضيين، فيقول للمعري إنهم يكتبون بدون وزن .
فيقول المعري: لا مكان لهم في جنة الرُجّـــز، فيقول أبو تمام وما جنة الرجز؟ فيجيب(يكون فيها أغلب بني عجل والعجاج…. وكل من غفر له من تبارك العزيز الوهاب لقد صدق الحديث المروي.إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها، وإن الرجز من سفساف القريض، قصرتم أيها النفر فقصر بكم ) فيقول أبو تمام صدقت أحيينا الخليل وقتلوا حسن مرصو. إلا أن حسن مرصو الذي كان يرافق أبا تمام خاطبه قائلا(لست أتوخى بهذا العمل الترويج لشكل شعري على حساب شكل آخر فالشعر شعر سواء كان موزونا أو غير موزون ،إلا أن قصيدة النثر ليست دائما الطريق الذي يوصلنا إلى مملكة الحداثة لأن للحداثة شروطا أخرى بل أكاد أقول إن الخروج على الوزن قد فتح الباب على مصراعيه للشعراء (والمتشاعرين) واختلط الحابل بالنابل حتى لقد التبس الأمر على المثقفين أنفسهم…) كان صوت حليمة الإسماعيلي في هذه الأثناء يخترق جدران المركز، و الموسيقى ترتفع شيئا فشيئا و الجميع يتلذذ في صمت، والشريط يعرض (ماأوسع الموت فيك)
حين ينهمر من عيني الدمع
وينهض الحزن والحب والوجع
لا تعترض طريقي بمنديلك
لا توقد أشكال الغيب والغياب
وحين أطرق صمتك
لا لا تفتح العتاب
أهكذا
تغافلني وتدخل روحي
وردة تورق للأبد
أهكذا؟ ترسمني بين الجرح والجرح صفصافة….ويتذكر المعري ما قاله المتنبي عن نفسه
أصخرة أنا مالي لا تحركني Ω هذى الأنغام ولا هذي الأغاريد
وتعود الذاكرة بأبي تمام إلى الوراء وينشد بعض الأبيات التي قالها في عز شبابه:
فلو كان يفنى الشعر أفناه ماقرت Ω حياضك منه في العصور الذواهب
ولكنه صوب العقول إذا انجـلـت Ω سحــائب منه أعــقــــبت بسحائب
فيقول المعري يا أبا تمام إن عنترة بن شداد كان له رأي في شعرك حينما عرض عليه وهو قي السعير. أسمعني إياه يا أبا العلاء ؟
فيقول: ( أما الأصل فعربي, و أما الفرع فنطق به غبي، وليس هذا المذهب على ما تعرف قبائل العرب). إنك خالفت أذواق الناس وهاهم اليوم يتلاعبون بذوقك فسبحان مبدل الأحوال.
ويحاول أبو تمام أن يصرف نظر محاوره عن الموضوع فيقول انظر لديهم جمهور واسع ومثقف فيقول المعري:
ليس كجمهورك الذي وصفته بالغباء والجهل ألا تخجل من قولك:
عليّ نحت القوافي من معادنها Ω وماعليّ إذا لم تفهم البقــــــر
فهذا لا ينطبق إلا عليك، قد صرت لا تفهم شيئا في آخر الزمن، تلهث وراء النقاد للتعرف إلى قصيدة النثر، فأين العجرفة والشموخ ؟ ثم يقوم غاضبا مغيرا مكانه ومبتعدا عن أبي العلاء وجلسائه. فيسأل خياط الزبير صاحب( آدم يسافر في ضفائر لونجة) المعري عن سبب زيارته المغرب الشرقي فيجيب: انقلب الزمان، وتغيرت الأحوال حيث كان الناس يأتون إليّ من مختلف بقاع الدنيا وينشده:
يزورني القــوم هــذا أرضه يمن Ω من البلاد وهذا داره الطبس
قالوا سمعنا حديثا عـــنك قلت لهم Ω لا يبعد الله إلا معشرا لبسوا
ثم يضيف قائلا حضرت لأطلع على الحركة الشعرية بهذا الإقليم، وقد راج عندنا بالمشرق أن الجديد يأتي من المغرب في مجال الشعر، وسلم أحد الجلساء ورقة إلى أبي العلاء بخط أبي تمام والظاهر أنها قصيدة شعرية للشاعر الكبير عبد الرحمان بوعلي وقرأها خياط الزبير نيابة عن المعري:
ينبغي
أن نهاجر
ياصاحبي ينبغي
ينبغي
أن
نعلق أفراحنا
فوق هذا الجدار القديم،
ينبغي أن نصلي
ونصلي
ثم
نأكل أحزاننا
دفعة واحده.
وبينا هو منشغل في التفكير في العرض الذي قدمه أبو تمام إليه ، إذ بصوت الميكروفون يمزق الفضاء ويعلن استئناف الأمسية الشعرية التي خصصت لتكريم أبي العلاء وأبي تمام
وبتكريم شاعر آخر من شعراء وجدة في الندوه العلمية الإلكترونية هذه الندوة التي أشرف على تنظيمها المركز الثقافي لمدينة جرادة بتنسيق مع جمعية ابن سينا واتحاد كتاب المغرب بفرعيه وجدة والناظور. إن الشاعر المكرّم في هذا الحفل هو الشاعر الكبير عبد الرحمان بوعلي صاحب الأناشيد والمراثي ومدن الرماد ، والحاصل على جائزة مؤسسة البابطين عن قصيدته تحولات يوسف المغربي والذي حضره أبو العلاء المعري وأبوتمام حيث أفتتح الحفل بتلاوة القرآن ، وبكلمات الجهات المنظمة وتدخل بعض النقاد لتوضيح مسارات القصيدة المغربية وتحولاتها وعلى رأسهم د محمد قاسمي ، وعبد الله شريق في مداخلته تحت عنوان مقاربة تركيبية لمسارات الشعر المغربي والدكتور حمداوي جمال في مقاربته بنية العنوان ومكوناته الدلالية في شعر عبد الرحمان بوعلي.وألقى الشعراء قصائد شعرية مختلفة الألوان والأحجام والأشكال.مذكرين أنهم يعتزون بهذه الجائزه ويعتبرونها جائزتهم جميعا تكريما للكلمة ،و وقف الشاعر بوعلي أمام المكرّمين وشكرهم على ماقاموا به من أجله وأجل القصيدة المغربية وختم الحفل بتوزيع مجموعتيه الشعريتين الأناشيد والمراثي ومدن الرماد حيث تسلم كل من أبي العلاء وأبي تمام نسخة موقعة من طرف الشاعر وخرجا ولم يدر أحد ما صنع بهما محرك البحث

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. benhar
    28/01/2007 at 20:17

    احييك وسأعود الى هذه الرسالة مرة أخرى إذا تفضلت بنسخة منها علي .
    وقتها يسمون لي قول . لعله يكون جميلا

  2. عبد القادر بنهار
    12/02/2007 at 13:44

    إذا كانت رحلتنا في اتجاه ابي تمام والمعري ميسورة بل تحصيل حاصل فإن رحلة الاثنين الى اقرب مكان مني ، على مرمى حجر من منزلي ، بالمركز الثفافي بالمدينة هي الرحلة الممتعة . والرحلة لا تقدم لي متعة شاعرية فحسب بل تعطيني فوق ضلك شحنة من الجمال والقيم النافعة .. أما القيمة الاسمى فيها انها لطيفة تعطى كل واخد حقه في تلمس الطريق الى الحق والجمال

    مع تحياتي

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *