لا غرو أن توحيد الكلمة ورص الصف شرط من شروط النصر في أي معركة نضالية. و إن المنظومة التربوية اليوم في أمس الحاجة إلى توحيد الجهود ونبذ الخلاف والتركيز على القضايا الكبرى للإصلاح وعلى رأسها إرساء قواعد الحكامة الجيدة والتدبير العقلاني للموارد البشرية. أساتذة بكل أسلاكهم، إداريون، مفتشون بكل فئاتهم، نقابات بكل ألوانها، آباء، تلاميذ… الكل ينبغي أن يعي المخططات التي تحاك ضد تعليمنا في هذا الظرف الحرج. إن الفساد ينشب مخالبه وينصب أذنابه في هذا القطاع الحيوي، وتحدث كل يوم اختراقا جديدا إما في البرامج أو في المناهج أو في الأطر. و يؤسفني كثيرا أن ينساق بعض الغيورين الصادقين في معارك جانبية بين مكونات المنظومة التربوية مثل الصراع الأخير بين السادة مفتشي الابتدائي والسادة مفتشي الثانوي أو بين أنصار نفس النقابة ، وهذا بالضبط ما ينتظره خصوم الإصلاح الحقيقي للمنظومة التربوية. إن الدرس النضالي لجهة الجنوب ينبغي أن يستوقفنا جميعا. لقد وقف التلميذ والمفتش والأب والإداري في صف الأستاذ الذي أهين في عيد المدرس باقتطاعات كبيرة من أجرته… و الهدف من الإهانة كان واضحا و يتمثل كسر شوكة التلاحم والتضامن بين جميع فئات التعليم حول مطالب كبيرة واحدة وعلى رأسها هيبة المدرس وكرامته.

وها هو الوزير يخضع لضغط الاحتجاج المنظم وصمود زملائنا في جهة سوس ماسة درعة. هكذا يكون النضج النقابي ! هنيئا لأهل الجنوب بهذا النصر على الخفافيش والوصوليين والعابثين بملف التعليم بالوطن ! كنا نحتج ضد فساد الفيل، فجاءوا لنا بالفيلة لتؤانسه وتؤازره في تخريب الأخضر واليابس، وتسريع وتيرة الإفساد والإجهاز على كل نبتة نظيفة ووأد كل زهرة متفتحة في حقل التعليم بالجهة الشرقية. فمتى يتحد ضحايا التعليم بالجهة الشرقية و يقررون وقفة جادة و مدوية، تزلزل أركان الأكاديمية وتنفض الغبار عنها وتنظف مكاتبها من الجراثيم والطفيليات التي ملأتها فسادا وتعفنا؟