.

"الشات" العربي بين التوليدية ,والتهجين

عزيز باكوش

كتب الفتى إسماعيل . د. "12 سنة" , وهو بالمناسبة , صديق رقمي جديد , و الابن الوحيد لأحد الزملاء الصحفيين, كنت أضفت عنوانه الى قائمة الأصدقاء الجدد ذات لقاء افتراضي ,كتب يخاطبني عبر "الايميسين" نهار أمس قائلا : ami3 , 3azziz. , ونقر بسرعة:

Koi 2 9؟

قرأت رسالته في رمشة عين, ثم أعدت قراءتها , محاولا تفكيك رموزها , ثم خمنت الآتي:

لابد أن إسماعيل يطلب مساعدة في حل مشكل رياضي..أو مسالة هندسية مستعصية , وأنا الفقير الى الله في ذلك …ترددت ثوان ثم بادرت :

— عفوا إسماعيل.. أنت في حاجة الى مساعدة…عفوا ..لم افهم شيئا مما تحكي ,

جاءني التوضيح على الفور .

— "هل هناك من جديد"؟ يا صاحبي ..

في لحظة ,شعرت أن إسماعيل , يهزني من أذني , ويدغدغ أميتي : عمي..نعم..يبدو انك لم "تشاطي من قبل " ..صمت لحظة ثم أضاف: انتم أساتذة..لا افهم .. هل تربون عقول , أم ….عجول.؟

. شعرت بدوار ..أمسكت ذقني كي لا يسقط..

—-آها… وأنا الغبي.. العجل…..الرجعي ..المتخلف.الذي لا يتقن لغة "الشات" .وهو المنفتح , العولمي, الرقمي..لاباس..

نعم , , شعرت بالغبن لحظتها , وبدا لي أن أمر تبيخيس سرعتي في الاستفسار أمرا ضروريا , إذ كان لا بد من ترك مسافة بين صعقة السؤال , وحيرة الجواب , كما استهجنت حجم الأمية الفادحة التي تشكلني ,وتجعلني غير قادر على في فك لغز عولمي بسيط , لم اكتشف طلاسمه إلا حديثا.

أدركت كالحمار متأخرا , أن العولمة , ومعها , الانترنيت , ثم من خلالها برمجية التراسل الآني "الشات" قد أفرزت , جرفت ,واقتلعت مفاهيم .. , كما خصبت ..وزرعت وانبتت .شتائل هجينة , وولدت معاني مركبة , ومصطلحات تواصلية مبتكرة , عجز المجمع اللغوي العربي بدمشق , وشقيقه , بالقاهرة ,على توليدها, كأنجع وسيلة تواصل بين العرب الأشقاء , رغم آلاف الساعات من الاشتغال الأكاديمي المتخصص والمؤدى عنه.

هكذا , طفت على السطح الانترنيتي في الآونة الأخيرة مصطلحات إعلامية ,ابتكرها على الارجح ,مبحرون شباب مهووسون , وولدتها الحاجة في التواصل السريع .. ابتكار عربي لمصطلحات مندمجة ،قاموس يروجه الانترنيتيون , من الجنسين "صنف المراهقة " .

شكل هجين, لا هو عربي , ولا هو فرنسي,او انجليزي, انه خليط من ارقام ومعاني وصورورموز…. وأحب أن الفت نظر المهتمين والقراء على نحو سواء ,إن ما ينطبق على إسماعيل المغربي ,قد ينطبق بالضرورة على الشات العربي من المحيط الى الخليج.. فما بين الاندفاع, والرغبة في التواصل, تزحف لغة توليدية, تتشكل من صور متخيلة مندمجة تجعل من التواصل هدفا….هنا نموذج على سبيل المثال:

التوليدية الجديدة أقرت أن :

حرف القاف يكتب كرقم 9 : oul9a = أقول.

حرف العين يكتب كرقم3: ma3i= معي حرف الخاء: a5af=أخاف حرف الحاء يكتب كرقم7 o7ibouka= احبك .

الهمزة تكتب كرقم 2 . 2ji = أجي

وبهذا المعني , يصبح Koi 2 , 9؟ أي " هل هناك جديد" تخريجة تركيبية "كودية" تمزج بغير تناغم بين مدلول كلمات, quoi والرقم 9 . بحمولة غير عددية, والهدف من استعمالها هو رغبة فضولية وعشوائية لاستكشاف هوية الطرف الآخر , وشرعنة التواصل معه , و الاطمئنان على سلامة وجهة الخطاب ليس إلا.. . كيف ؟

طيب , والسؤال الان , ما الذي منع إسماعيل أن يكتب الجملة بلغة عربية واضحة مثلا:

هل هناك جديد؟ بدل هده التركيبة المدمجة التي لا مستقبل لها.

عزيز باكوش