لهذه الأسباب أعدم صدام.
قبيل كتابتي لهذه المقالة ترددت قليلا لا لشيء ، إلا أني رأيت أن الكثيرين سبقوني وكتبوا ما أريد قوله ، ولأنهم أيضا استرسلوا في الحديث عن النازلة ، لكن وجدت في المقابل انه من غير الممكن أن يمر حدث بهذا الحجم والصدى مرور الكرام دون أن اكتب عليه وأقول رأيي الشخصي فيه .
كثيرون هم اللذين تبادلوا الأسئلة بخصوص إعدام صدام حسين ، بلا شك أن السؤال الأبرز من تلك الأسئلة، هو إن كان هذا الطرف مؤيدا لحكم الإعدام أو معارضا له . شخصيا لو طرح علي هكذا سؤال لكنت أجبت السائل بسؤال أخر ، أو بالا حرى بمجموعة من الأسئلة، سأستفسر منه عن الغرض الذي اعدم من اجله صدام هل أعدم لأنه انتهك حقوق الإنسان ، وقام بجرائم ضد الإنسانية ؟. في الحقيقة المتابع من البداية للمهزلة التي أطلقوا عليها محكمة الجنايات العليا سيتضح له أن الأمر لا يتجاوز أن يكون مدخل تضفى عليه شرعية لتنفيذ عملية الانتقام الكبرى اسميها عملية ا انتقام كبرى لان منفذيها أرادوا لها ذلك .
لو حوكم صدام على خلفية انتهاكاته لحقوق الإنسان، وللجرائم التي أقترفها ، وفي محكمة عراقية ذات شرعية في إطار دولة عراقية موحدة ومستقلة، لكنت أول المؤيدين لقرار المحكمة لكن أن تلفق " السيناريوهات" " الهوليودية" في محكمة صنعها الاحتلال وأمدها بشرعيته المزعومة، وتناوب على رئاستها زمرة من الخونة الذين سلموا مفاتيح بغداد عند أبوابها فحينها لا يتعدى الأمر أن يكون مسرحية ساخرة كواحدة من مسرحيات " سرفانتيس" .
ثم إننا لو أردنا أن نحاكم زعيما ما لاقترافه سياسة معينة فإننا ملزمون بمحاكمة حقبة بكاملها ، لأنه من غير المعقول أن يكون هذا الزعيم هو الوحيد الذي جنى كل تلك الجرائم قد يقول احدهم في حالة صدام انه تمت محاكمة الآخرين أيضا من أعوانه ، لكن هناك أعوان متخفيين لا يعرفهم الكثيرون ، حينها فقط لو تمت لكان أصحاب الحكومة الخضراء وراء القضبان لان في فترة من الفترات كانت عناصر مشاركة حاليا في الحكومة تستعين بصدام وقواته العسكرية على الطرف الأخر للتنازع على الحكم في منطقة كردستان وغيرها .
صدام في الحقيقة لم يعدم لأنه قاد حربا لثماني سنوات ضد إيران أو انه أباد الشيعة والأكراد أو لأنه اجتاح الكويت بعدما قررت هذه الأخيرة تحدي العراق باستخراجها كميات من النفط من الآبار الحدودية والتي طالب بها العراق (الرميلة) وبالتالي أعلن العراق الحرب على الكويت والعراق كان في أمس الحاجة حينها لارتفاع أسعار البترول لتغطية عجزه وتسديد ديونه التي أنهك بسببها خلال الحرب مع إيران.
بل صدام اعدم لأنه بنى قاعدة علمية كبيرة ورسخ مفهوم العلم للجميع وبشكل مجاني وقضى على الأمية بشكل كلي ووفر الأمن الاقتصادي والمعرفي والصحي . لجميع العراقيين، واعدم لأنه يكاد أن يكون الزعيم العربي الوحيد الذي وقف إلى جانب الفلسطينيين بكل تلك الهمة وساهم بالمال والعتاد العسكري ودائما كان يتطلع لتحرير فلسطين من الغطرسة الصهيونية ، بل قدم لكثير من البلدان العربية مساعدات عينية ولأنه الزعيم العربي الذي أطلق أكثر من 80 صاروخا على إسرائيل .
صدام اعدم أيضا لان بوش أراد أن ينتقم لوالده ويفعل في العراق مع عجز عليه الأب لان في أمريكا سياسة الثأر في عقيدتهم مرسخة وينقلها الأب عن الجد.
وأما الخونة فقد كانوا يهابون صدام حتى أخر ثانية واعتقدوا أن بإعدامهم سيشفون غليلهم لكن بالتأكيد فهم فتحوا أبواب جهنم والصورة في العراق اليوم خير دليل ، صاحوا بأهازيج الطائفية لديهم ولم يدركوا أنهم أخر من سيتحدث عليهم التاريخ وبلا شك سيكونون في مزبلته سيتحدث ذات يوم التاريخ ويذكر الرجل العظيم صدام ويذكر بالترتيب الخونة الذين وقفوا مع الاحتلال للنيل من صدام الأسطورة .في الحقيقة صدام اعدم للأسباب التي ذكرناها لا أكثر ولا اقل .
Aucun commentaire