المغرب وأزمة الانتقال الديموقراطي.
منذ عقدين تقريبا كثر الحديث عن مسلسل التغيير الديموقراطي في المغرب وخلق قطيعة مع الماضي بكل إخفاقاته والتفرغ بذلك إلى مشاريع التنمية ونهج أسلوب الانفتاح على كل الأطياف السياسية الداخلية وخلق تواصل مستمر معها . وقد دأبت النخبة السياسة والمثقفة المغربية من كل الشرائح الفكرية وبمختلف الأيديولوجيات على عقد ندوات ومؤتمرات تعالج بالأساس معضلة الانتقال الديموقراطي والياته الممكنة وخلق مخارج متعددة تساهم بشكل أو بأخر على إيجاد حلول للركود الذي تعاني منه البلاد في كل الميادين .
وفي اعتقادي أن مسلسل التنمية وبالتالي ترسي مفاهيم الديموقراطية تستوجب الإيفاء بثلاث نقاط أو كما أردت تسميتها ثلاث مخارج :
1- المخرج السياسي : إن أهم مدخل شرعي للتنمية البشرية هو تنويع الأفكار في النظم السياسية الساهرة على توفير حلول سديدة لأي دولة ، وبالتالي فان نجاح هذه الأفكار، وبلورتها يتطلب الانفتاح السياسي الداخلي بالدرجة الأولى، وهذا ما نفتقده في بلادنا حيث أن علاقة المواطن لحد لآن بكل ما هو سياسي هي علاقة حذر وتربص وخوف أحيانا، وهذا ربما تفسير اقرب إلى حقيقة سير العملية الديموقراطية في البلاد وانعكس سلبيا على وتيرتها .ولا ننسى أن جانبا مهما من المواطنين يعانون من أزمة ثقة بينهم وبين ممثليهم في الأحزاب الوطنية ، فعلى سبيل المثال بعد وصول بعض أحزاب اليسار إلى الحكومة ، وعدم الإيفاء بوعودها خلق ما قلناه بخصوص الثقة بين الأحزاب والمواطنون، و تشير كل الإحصائيات على أن نسبة عزوف الشباب على المشاركة السياسية هي نسبة مؤسفة وتستدعي مراجعة شاملة في هذا الشأن، وكلنا نعلم أن العزوف المستمر ، يعني تكون شريحة قيادية عجوز لا تتوفر على رؤية مستقبلية وتذكي الفجوة بينها وبين الشباب .
2- مخرج المجتمع المدني : وإذا كان دور المجتمع المدني لا يختلف كثيرا عن دور الأحزاب السياسية في خلق مناخ الديموقراطية ، والتوفيق بينها وبين الأهداف الأساسية التي يجب أن تكون من اولوياته باعتباره يسهر على مصلحة المجتمع ، وبالتالي فمصلحته يجب أن تكون في مقدمات الإصلاحات التي يجب أن يعنى به أي جهاز للمجتمع المدني. وتجدر الإشارة أيضا أن تأثير المجتمع المدني يختلف من بلد إلى أخر، ومن المهم أن نعلم بان تأثيره يتم بالتوافق مع إنجازات الدولة .ولكن تبقى سياسة المجتمع المدني تتركز على أساس المشاريع الرعاية الاجتماعية إلا إذا استثنينا بعض المنضمات ذات الطابع الدولي .
وبملاحظة يمكن أن أقول عليها أنها دقيقة فان المغرب يسير حاليا في توطيد العمل الجمعوي ، والتركيز على كثير من الحالات المؤهلة ليشتغل عليها ، كبديل على الدور السياسي المباشر ، ما يعني العمل أكثر على ترسيخ مفاهيم الحرية ، والعدالة الاجتماعية ، وحقوق الإنسان. ومن هنا يجب أن نعيد الاعتبار إلى دور أساسي في هذا الجانب ، واقصد جانب المرآة وان كانت مدونة الأسرة قد جاءت ببعض الحقوق التي كانت في السابق غير ممنوحة لها ، فإننا مازلنا نلاحظ تهميش واضح ، وتمييز مستمر ضدها وقد أثبتت المرآة في كثير من البلدان قدراتها على تحريك عجلة التنمية ، وعلى سبيل المثال فان المرآة في بعض الدول الإسلامية تقلدت مناصب عليا ن ومراكز اتخاذ القرار كما حدث في( تركيا واندونيسيا).
3- مخرج أزمة الصحراء: تمثل قضية الصحراء مصب كل الجهود الأولية التي تبذلها الدولة المغربية الشيء الذي يخلق خلل في توزيع الاهتمام على قضايا لا تقل أهمية على قضية الصحراء . وإن كان مشروع الحكم الذاتي الذي قدم مؤخرا كحل توافقي من الجانب المغربي ، فان رفضه من الطرف الأخر يسبب تعطيل واضح في مسلسل التنمية والديموقراطية . وكحل وحيد وعاجل يجب أن يلتزم الطرفان بمقتضيات الحوار والخضوع لسلطته لأنه هو السبيل الوحيد لهذا المأزق .
Aucun commentaire
سألخص مداخلتي على بعض الملاحظات التي تناولها صاحب المقال÷
– تحليل سطحي للموضوع’ وبالتالي لا يتسم بالموضوعية’ فالأحزاب الوطنية الحقيقية وما راكمته من محن وتجارب هي التي مهدت للإنتقال الديمقراطي ’ سواء في ممارساتها السياسية أو النقابية. كما أن أحزاب اليسار التي تشارك في تسيير الشأن العام لبت نداء الوطن وأظهرت حسن نيتها لأن المغرب كما جاء على لسان المرحوم الحسن الثاني كان سيصاب بالسكتة القلبية , ودخلت الحكم لإنقاذ البلاد ووقف النزيف. فهي لم تقدم وعودا للمواطنين ستنقذهم من سيبسة 40سنة. لذا ألتمس منك الإجابة وبكل موضوعية وبلغة الأرقام عن الوضع الإقتصادي والإجتماعي للمغرب اليوم ومقارنته بالوضع قبل تحمل هذه الأحزاب مسؤولية تسيير الشأن العام , عوض زرع اليأس في نفوس المواطنين والمساهمة في دفعهو إلى النفور من ممارسة مواطنتهم الكاملة والإنخراط في العمل السياسي كحق وواجب ’ أما ان تطلق الكلام على عواهنه والسلام.