يبدو أن بعض الأدباء أصبح لديهم نظرة خاصة عن القصـــــيدة المؤنثة ، حيث جعلوها في مقابل القصيدة العمودية التي وضع المرزوقي خصائصها وكما هو معروف أن القصــيدة العمودية قصيدة الذكورلذلك يعتبر من يبني أشعاره على هذا النهج شاعرا فحلا والعمودية

صفة الذكور. و الفحولة لا تكتسب إلا إذا أقرت مؤسسة الشعر بذلك لمن يستحقهاحيث كانت الأسواق الأدبية كسوق المربد أو سوق عكاظ مقياسا على رواج البضاعة أو كسادها فالفحولة

لايكتسبها الشاعر مهما كان عطاؤه إلا إذا أجازه المتلقي أو السامع العارف بخبايا الأشعـــــار

لذلك كان من الصعب على الخنساء أن تقتحم مضمارالقصيدة العمودية مضمار الفحولة والفحولة لا تكون إلا للرجال وما الشيء الذي تضيفه الخنساء على موضوعات الشعر المعروفة في تلك المرحلة التاريخية إن بيت الشعر الجاهلي قبل على مضض الشعر المؤنث

المطبوع بعاطفة المرأة وخصائصها الفيزيولوجية ودموعها الغزيرة وبكائها السريع ورقتها الزائدة عن اللزوم ,وعمود الشعر لا يقبل الرقة بل الصرامة والجدية والمواقف الصعبة ولايمكن للشاعر أن يذرف الدموع حتى في أحلك الظروف ونحن لاننتقص من قدر المرأة وكل إناء ينضح بما فيه, لم تغير الخنساء من هيكل القصيدة كما فعلت نازك الملائكة حيث أبقت على الدموع والتحسر والبكاء حينما قدمت قصيدتها عن الكوليرا في مصر ووصفت أوضاع الناس المزرية بعد أن حصد منهم الموت حصادا كثيرا ولم تقف عند هذا الحد بل تمردت على العمود رمز الرجولة وكسرته تكسيرا لم يقم به الفحول من الشعراءعلى مر السنين واختارت نصف البحور التي نظم عليها الرجال دلالة على وضعية المرأة في المجنمع الذي يمنحها النصف ونظمت عليها كما أشار إلى ذلك أحد الأدباء،وبذلك تكسر البناء الشامخ الذي شيده الفحول على مدار الأجيال الماضية وهوت السكاكين على التركة وحل نظام التفاعيل محل البحور وأصبح الجزء هو الكل وأعطيت الإنطلاقة لشعر التفعيلةوسالت أقلام كثيرة وغاب الفحول وربما ستحل القصيدة الخنثى(لاشرقية ولاغربية) محل القصيدة المؤنثة, قصيدة الغموض ابنة التيارات الفكرية الأدبية واللغوية الغربية لكن

بلباس الكامل أو الوافر أو البسيط الحامل عبق الصحراء وأريج العرار .

عكاشة البخيت